رحيل (صلاح السعدني) يفجر أزمة (باراتزي) مهنة الصحافة الذين أساءوا لحرمة الموت!
كتب : أحمد السماحي
أمس منعت أسرة الفنان الكبير (صلاح السعدني)، بباراتزي الصحافة والإعلام من تغطية مراسم عزاء الفنان الراحل، الذي أقيم مساء أمس الأحد، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد.
وأصدرت نقابة المهن التمثيلية، بيانًا صحفيًا تناشد فيه الصحفيين والمراسليين بعدم التواجد في محيط المكان، واحترام رغبة وقرار عائلة (صلاح السعدني).
وقالت النقابة في بيانها: (تتقدم نقابة المهن التمثيلية بخالص الاحترام والتقدير لجموع الصحفيين ومراسلين القنوات التليفزيونية كافة.
وتعتذر النقابة للسادة الصحفيين والمراسلين وتناشدهم التفضل باحترام رغبة أسرة الفنان الراحل (صلاح السعدني)، بعدم حضور الصحافة والإعلام والمراسلين، حيث إن العزاء قاصر على العائلة والزملاء فقط.
وأعلن الفنان أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية: (أنه سيتم الاتفاق على وضع أسس وقواعد تحدد آليات حضور مراسم الدفن أو الجنازات بين نقابة المهن التمثيلية والصحفيين والمراسلين حتى لا تسئ القلة لهذه المهنة العظيمة).
الحقيقة أنني وكثير من الزملاء الأعزاء رغم حزننا على وفاة نجمنا الكبير عمدة الدراما المصرية (صلاح السعدني)، لكننا سعدنا جدا بما فعلته أسرة الفنان الراحل.
وأيضا ببيان نقابة المهن التمثيلية، رغم أنه تأخر كثيرا، وأتمنى أن يحدث هذا في كل جنازات المشاهير، خاصة وأن كثير من الجرائد والصحف اليومية، تقتصر تغطيتها للوفاة على كلمات بعض النجوم، أصدقاء النجم الراحل، وموعد ومكان الجنازة.
وهذا يمكن أن يقوم به أصغر محرر فني دون أن يتعب نفسه في الحضور، ولدي اعتراض بسيط على البيان، حيث ذكر الجملة التالية: (وتعتذر النقابة للسادة الصحفيين والمراسلين)!.
99% منهم لا ينتمون للمهنة
والحقيقة أن الذين يحضرون مراسم الجنازات والأفراح وأعياد الميلاد وغيرها من المناسبات ليسوا من السادة الصحفيين، و99% منهم لا ينتمون إليها، ولكنهم مجموعة من المتطفلين على مهنة الصحافة، من هواة الشهرة والتراندات!
وما يحدث من هرج ومرج وفوضى وقلة ذوق في جنازات المشاهير حرام أن ينسب لأهل الصحافة المحترمين، لأنه ببساطة شديدة هؤلاء (المتنطعين) الذين يظهرون في كل المناسبات والمهرجانات السعيدة وغير السعيدة لا يمثلوننا.
ولكنهم مجموعة من المصورين (البباراتزي) الذين لا ينتمون إلى أي مؤسسة صحفية محترمة، وكثير منهم يسعون إلى سبق فني لنشره على مواقع الإنترنت للحصول على مشاهدات أو (لايكات)! أو (تراندات)!
وهؤلاء المتنطعين والمتطفليين بحكم تجارتهم المشبوه في نشر الصور والفيديوهات المسيئة لنجومنا الذين نجلهم ونحترمهم، لديهم فريق عمل، فكل (بباراتزي) يذهب لجنازة المشاهير معه على الأقل ثلاثة من (الأرزقية) الذين يشتغلون معه.
وبالتالي تجد في أي جنازة فنية كثير من هؤلاء يقفون بالمرصاد لكل نجم ونجمة يعدون عليه (النفس) حتى يلتقطون له صورة أو حركة أو لفتة لنشرها، وأحيانا بعض النجوم يساعدونهم على ما يقومون به!
ما يحدث من هؤلاء الطفيليين الذين زاد عددهم في السنوات الأخيرة لا ينتمون إلى نقابة الصحافيين، وأساء كثيرون منهم لمهنة الصحافة، ويجب أن يتم وضع أسس وقواعد تحدد آليات حضور مراسم الدفن أو الجنازات بين نقابة المهن التمثيلية والصحفيين، كما ذكر الدكتور أشرف زكي في بيانه.
ويجب أن تضع هذه الأسس والقواعد سريعا، لأن شكلنا العام بالنسبة لوكالات الأنباء العالمية، وكثير من الفضائيات العربية والعالمية أصبح متردي للغاية، حيث يعتقد الجميع أن كل هؤلاء الطفيليين صحافيين ومراسلين وينتمون إلى مهنة الصحافة!
ما يحدث في مصر من هؤلاء المتطفليين و(البابراتزي) غير موجود بهذه الفجاجة وقلة الذوق إلا في مصر، صحيح (البابراتزي) موجودين على مستوى العالم لكنهم ليسوا بالتدني والانحدار الموجود عند المتنطعين المصريين.
لماذا لم تبادر (نقابة لفنانين)
والسؤال: بعدما تكرر حدوث هذه المشكلة في حالات وفاة نجوم كثر من قبل، وامتدت هذه الحالة إلى ما يشبه الظاهرة، لماذا لم تبادر (نقابة المهن التمثيلية) برئاسة الفنان (أشرف زكي)، بالذهاب إلى (نقابة الصحفيين) لعمل بروتوكول ينظم هذا الأمر المسيئ؟.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، لابد من تدخل الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، ومن فوقهم المجلس الأعلى للإعلام لوضع أسس للتعامل مع هذه الأحداث الطارئة، في إطار (كود أخلاقي) ينظم عمل الصحفيين والإعلاميين.
ياسادة: أصبح الأمر خطيرا جراء تصرفات حفنة ممن يسمون أنفسهم صحفيين أو مراسلين للمواقع الإلكترونية غير المرخصة أو حتى المرخصة، وهذا يتطلب إما عمل نقابة للمحررين الإلكترونيين تلتزم بتنظيم العمل المهني، أو عمل كارنيهات من جانب المجلس الأعلى للإعلام الذي يمنح التراخيص لهذه المواقع لأجل المحاسبة الحاسمة.
وأخيرا لم تعد تحتمل مهنة الصحفيين أعباءا فوق أعبائها التي عصفت بالمهنة بعد أحداث 25 ينايرالمؤسفة، التي جاءت لتأكل الأخضر واليابس، وضربت المهنة في مقتل، يوم أن رسخت لإنشاء مواقع (تحت بير السلم) تسعى للفوضى والعشوائية.
ومن الأقوال التي نستشهد بها مقولة: (معظم النار من مستصغر الشرر)، للتحذير من الاستهانة بما يبدو اليوم خطرا صغيرا، لكنه يحمل في أحشائه مقومات النمو التي تجعل منه مهلكة مستقبلية تتوعد الأمة، وتهدد مستقبلها.
ويعود أصل المقطع إلى قصيدة لأبي عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر الدمشقي الشهير بـ (ابن قيم الجوزية) جاء في مطلعها:
كل الحوادث مبداها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت في قلب صاحبها
كمبلغ السهم بين القوس والوتر
والعبد ما دام ذا طرف
يقلبه في أعين العين
موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر.