بقلم: محمد شمروخ
أدركت زمناً كان هناك نوعا من الحنق لدى كثيرين على (العندليب) عبد الحليم حافظ بعدة حجج أولها حجة أنه علم البنات (المياعة)!
ومازالت ذكرى وفاته التى أحزنت الملايين في ربوع مصر كلها ومن أجيال مختلفة، مرتبطة ببعض حالات الانتحار من فتيات فتنهن صوت (العندليب) الأسمر.
لكن (العندليب) عبد الحليم – رحمة الله عليه، الآن هو رمز من رموز الزمن الجميل المحترم ولا تكاد تسمع تلك الاتهامات الحانقة.
لاسيما لدى بعض الرجال وهى غالباً كانت تنفث بها صدور مردديها على سبيل الغيرة من المجاهرة بعشق النساء وخصوصاً الفتيات المراهقات لعبد الحليم حيا وميتا إلى درجة سخرية الشيخ (عبد الحميد كشك) – رحمه الله، من ارتداء فتاة ملابس سوداء حداداً على (العندليب).
وعندما ظهر جيل المطربين ما بعد عبد الحليم، واجه كثير منهم اتهامات من النوعية نفسها حيال (العندليب).
وخلال تبادل الحديث حول الأغانى والمطربين مع أحد الأصدقاء، طرحت عليه سؤالاً على سبيل الجدل عن رؤيتنا للأغنية فيما بعد عمر دياب وجيله.
فهل يمكن أن نحسب أغانى الهضبة القديمة والحديثة أو أي من جيله، بأنها من الكلاسيكيات، تماماً كأغانى (العندليب) وجيله؟!
هل يمكن وصف عمرو بالكلاسيكية
ولكن هناك سؤال أولى من هذا: هل يمكن وصف أغاني عمرو أو بعضها من الكلاسيكيات؟!
فوجئت بتلك الهوة التى تفصل في الفهم بين جيلي خاصة من أمعنوا في نصف الخمسين الثانى، في فهم القديم والجديد أو الكلاسيكي والمودرن أو الدقة القديمة والترند العالى، وهى هوة متوقعة وموجودة بين كل الأجيال.
وتتوالى الأسئلة: لماذا النظر إلى الفنون في طور هذه التصنيفات؟!
ألا يمكن لنا أن نبحث عن معايير أخرى دون ربط بالزمن وتقلب الأمزجة العمرية والموضات المتوالية؟!
لكن الزمن، سواء بدا كحقيقة مطلقة ومستقل بذاته عن المكان حسب الفهم الكلاسيكي لدى علماء الفيزياء التقليدية رغم التباين الشديد تبعاً لتطور العلوم فيما قبل (آينشتاين)، أو كواقع نسبي أو كبعد رابع للمكان فيما بعد (آينشتاين) وحزبه من رواد الفيزياء الحديثة.
نرى أثره واضحاً لا يقبل المراء على القديم فيمنحه قيمة لم نشعر بها عندما كنا نعيش أيامه، بل ربما لم تكن فيه وكانت في حقيقتها إضافة نسميها ببصمة الزمن!
وعندما سألت مثلاً ابنتى مريم (أولى ثانوي) وولدي علي ( أولى إعدادي): عما كانا يريان عمرو دياب كلاسيك، فأجاب علي بدون تردد (طبعاً.. طبعاً) ولم تجادل شقيقته الكبيرة في هاتين (الطبعنين).
كذلك إصرار صديقي سابق الذكر (وهو في نهايات ثلاثينيات العمر أو ربما أوغل قليلاً في عقد الأربعين)، على أن لعمرو دياب كلاسيكيات!
وبالفعل هناك أغنيات للهضبة على نمط يصلح لهذا الوصف وهى من أفضل ما غنى، يحضرنى الآن أغنية (نفس المكان اللى جمعنا سوا)، والذي أداها بصدق خرجت فيه كل إمكاناته، وهى عندي من أروع ما غنى من ناحية الكلمات (مدحت العدل) او والألحان (رياض الهمشري).
لكن الأغنية لم تشتهر كما اشتهرت زميلاتها خاصة الأغنية التى حمل اسمها الألبوم (حبيبي يا نور العين).
فالجمهور أو بمعنى أكثر دقة الجماهير، متقلبة المزاج وقد تقبل بالأقل في القيمة، فالنجم يخضع لما يريده الحمهور ويمتعه، فهو الذي وهبه النجومية ويحرص النجم على أن يلتزم بما يعجبه كأنهما يتفقان على التبادل فيما بينهما، ما بين الإمتاع والنجومية.
ويجز وشاكوش وحموبيكا
وقد نجد مستقبلا من يسحب اتهاماته التقليدية للهضبة بنشر التفاهة ويعود ليعتذر له ولكل مطربي جيله!
والآن من هم الذين لا يوصفون بالكلاسيكية؟!
يأتى على رأسهم (ويجز) ولا أستطيع ان أحكم عليه لأننى لم أصادف حتى الآن سماع صوته أو أدائه في أى أغنية، ولكنى أعرف أنه معشوق الأجيال الصاعدة، كذالك شاكوش الذي (قلب الدنيا) مع عمر كمال وحمو بيكا أو حمو وبيكا، وحتى الآن لا أعرف هل هو مطرب واحد أو أنهما اثنان!
وطالما صار (العندليب) كلاسيكيا حتى مع بقاء صوته يصدح حتى الآن في الآذان، ثم تلاه الهضبة بكل صخبه الماضي والحاضر واحتفاظه بالصدارة السوبر ستارية.
فليس ببعيد في وقت قريب أن تصير أغانى (ويجز) الذي لم أسمعه، أو شاكوش الذي لا أدرى أظلمه اسمه أم كان سبب شهرته، أو حموبيكا (كان واحداً أم اثنين) من التراث الكلاسيكي ونتحسر على أيامهم لانتسابها إلى الزمن الجميل، ونردد كما تعودنا في كل المجالات (ولا يوم من أيامكم يا أولاد).