في ذكرى (عبدالرحمن الأبنودي) نكشف المحذوف من تتر مسلسل (قلع الحجر)
المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة، أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أوحذفه.
كتب: أحمد السماحي
يوم الأحد القادم 21 أبريل نحيي الذكرى التاسعة لرحيل شاعرنا الكبير (عبدالرحمن الأبنودي)، الذي منحته الأقدار السخية طاقة شعرية فذة مفعمة بالتألق والإبداع والخصوصية والسطوع، مكنته من الخلود الفني والأدبي.
فما ترسب في النفس من إبداع (عبدالرحمن الأبنودي) يكفي لأن يظل المرء يتأمله ويمعن في تأمله ودراسته لسنوات طويلة قادمة.
وكلما أمعن الفرد منا في تأمل ودراسة ما تركه (عبدالرحمن الأبنودي) لابد أن يكتشف ما لم يكن قد استكشفه من قبل، ويضع يديه على مزيد من الأبداع والجمال.
وذلك لأن ما تركه (عبدالرحمن الأبنودي) لم يكن مجرد إنتاج فني وشعري غزير يصلح للتداول في كل عصر وأوانه، بل خلف تراثا ثريا غنيا ساحرا يكفي لأجيال وأجيال قادمة، وتمكن بأشعاره الممزوجة باللهب والموهبة أن يصل إلى القلوب ببساطة وعمق.
جدد (عبدالرحمن الأبنودي) لغة الأغنية المصرية، وأضاف إليها مفردات جديدة لم يقدمها واحدا من أساطين الكلمة قبله.
كما أثرى شعر العامية من خلال أشعاره وأزجاله الوطنية التي عكست أصالة المواطن المصري وواقع البيئة المصرية، لاسيما في صعيد مصر، وعبرت عن الوطن في أفراحه وأحزانه، وفي انتصاراته وآلامه.
عبد الرحمن الأبنودي وهيكل
كتب الكاتب الصحفي المبدع (محمد حسنين هيكل) مقدمة ديوان الأبنودي (مربعات) يقول فيها: لا يحتاج (عبدالرحمن الأبنودي) إلى من يقدمه للناس، لأنه حاضر أمامهم طلعة وطلة، وصوتا هادرا وجاذبية مغناطيس يشد ما حوله.
ولا يحتاج (عبدالرحمن الأبنودي) إلى من يحلل الإنسان فيه، فالخلاصة في شأن الأبنودي أنه شراع على النيل جاء من صعيد مصر مرحلا إلى الشمال حاملا معه خصب النهر العظيم الذي ينثره حيث يصل.
ويحول المُرّ بالفن إلى زهر وورد وإلى أشواك أحياناً، وأخيراً لا يحتاج (عبدالرحمن الأبنودي) إلى من يمهد لعمله، فذلك العمل أغنية تتردد صوتاً وصدى في أرجاء الوطن).
عبد الرحمن الأبنودي و(قلع الحجر)
خلال شهر رمضان الماضي كان (عبدالرحمن الأبنودي) هو مفاجأة هذا الشهر بإبداعه الذي لن يموت، حيث عانقت كلماته، ألحان الموسيقار المبدع (وجيه عزيز)، وغناء (ياسمين علي)، وذلك ضمن مسلسل (قلع الحجر) تأليف أحمد وفدي، إخراج حسني صالح، وبطولة محمد رياض، وسوسن بدر.
الأبنودي ووجيه عزيز و(لوحدي)
القصيدة التى وقع اختيار وجيه عزيز عليها، لتلحينها مجددا، لتزين تتر مسلسل (قلع الحجر) هى قصيدة (لوحدي) التى نشرت عام 1967 في ديوان (الزحمة).
ومن خلالها أكد وجيه عزيز أن إبداع (عبدالرحمن الأبنودي) يصلح لكل زمان ومكان، وأنه لم يكن إبداع وقتي ولا راهن ولا موضة.
هذه القصيدة تعرضت بعض أبياتها للحذف والتبديل والتغيير، وهذا الأسبوع نكشف ما حذفه موسيقارنا شديد الموهبة وجيه عزيز، وذلك من خلال باب (محذوفات الأغاني).
بدأ وجيه عزيز تلحين القصيدة من نهايتها حيث بدأ من جملة (يا سلام لو يتوه مني مكاني)، ثم عاد إلى بداية القصيدة التى تبدأ بجملة (وأمشي وحدي ع الجسور).
ومن كلمات بداية القصيدة أيضا، وقع اختياره أيضا على عدة أبيات تبدأ بجملة (أترمي وأرقص وأبكي) لتكون الكوبليه الثاني، واستكملها من أبيات أخرى في منتصف القصيدة.
وقام بحذف أبيات من منتصف القصيدة والتى تبدأ من (نص نايم.. نص صاحي) حتى (غير صوت العبور)، كما حذف بعض الجمل التى كتبت لوقت وزمن نشر القصيدة.
وحتى نتعرف أكثر على ما فعله (وجيه عزيز) دون إخلال بما كتبه شاعرنا الراحل (عبدالرحمن الأبنودي)، سننشر القصيدة كما كتبها الأبنودي، ثم ننشر القصيدة التى غنتها (ياسمين علي) بعد التعديل الذي أجراه وجيه عزيز.
هذه كلمات القصيدة كما كتبها (عبدالرحمن الأبنودي):
وامشي وحدي ع الجسور
طيره هاجه م الطيور
طيره هربانه بجناحها
هاجه م الطير في الطابور
أترامي وارقص وأبكي
واترعش وأنزف وأدور
واتملي بهوا البحور
يا سلام..
لو يتوه مني مكاني
كل ما اخرج منه للتاني
يتوه الأولاني
نص نايم.. نص صاحي
أمشي في أطراف الضواحي
من ورا نخل الكفور
لا صباع شافني وشاور
ولا ناس بيا تشور
وحدي ما يخبر عليا
غير غبار الخطوة
غير صوت العبور
زي ماف ريح الدروب ريحة الكافور
هربانة من شجر الكافور..
يا سلام …لو يتوه مني مكاني
كل ما اخرج من مكان، ما رجعش تاني
………………………………………………………………………………….
كلمات القصيدة بعد الحذف والتبديل والتعديل الذي أجراه الموسيقار (وجيه عزيز):
يا سلام لو يتوه مني مكاني
كل ما اخرج من مكان
ما رجعش تاني
وامشي وحدي ع الجسور
طيره هاجه م الطيور
كيره هربانه بجناحها
هاجه م الطير في الطابور
أترمي وأرقص وأبكي
واتملي بهوا البحور
زي ما ف ريح الدروب
ريحة الكافور
هربانة من شجر الكافور
يا سلام .. لو يتوه مني مكاني.