كتب: أحمد السماحي
كان من الممكن أن يكون مسلسل (كوبرا) واحدا من المسلسلات الجيدة، الممتعة، التى رسمت صورة للشخص الذي تتكاتف عليه الظروف الحياتية، لتجعله يسير في طريق لا يريد السير فيه بإرادته.
فالفكرة التى كتبها السيناريست المتميز (أحمد أبوزيد)، فكرة براقة، وجاءت أحداث المسلسل سريعة متلاحقة مليئة بخفة الدم، وحيوية وطرافة وإنسانية الشخصيات.
(كوبرا) ومعركته مع شيخون
أحداث المسلسل تبدأ بخروج (علي صالح المعداوي) الشهير بـ (كوبرا) من السجن، الذي يأمل في بداية حياة جديدة كصاحب ورشة تصليح السيارات، بعيداً عن المشاكل، ولكنه يجد مُعلمه السابق في عالم الجريمة (شيخون) في انتظاره.
وعندما يذهب إليه (كوبرا) بطلب إعطائه مستحقاته القديمة من العملية التى دخل السجن بسببها، وتبلغ هذه المستحقات 250 ألف جنيه، يربط (شيخون) إعطائه مستحقاته بدخوله معه في عمليه جديدة!.
وهو الأمر الذى يرفضه (كوبرا)، حيث قرر الابتعاد عن الأعمال غير المشروعة، وعدم رغبته في دخول السجن مرة أخرى.
لكن يتأزم الوضع الأسري لـ (كوبرا) بعد أن يقبض البوليس على شقيقته (سماح) بسبب إيصالات أمانة، فيذهب (كوبرا) للمعلم (شيخون) يطلب منه الأموال الخاصة به لينقذ شقيقته.
ويوافق (شيخون) لكنه يشترط على (كوبرا) أن يذهب مع رجالته لسرقة بنك، ويرفض (كوبرا) مجددا، ويقرر الذهاب ليلا لسرقة خزنة (شيخون) لأخذ مستحقاته القديمة.
ولكن يدخل رجالة (شيخون) ومعهم (شيخون)، الذي يريه فيديو من كاميرات المراقبة توثق سرقته، ويأمره (شيخون) أن يذهب مع رجالته لسرقة البنك، وإلا سيبلغ البوليس عن محاولة سرقته، فيوافق (كوبرا) مضطرا.
وهم يسرقون البنك، يقتل أحد أفراد الأمن، ويتفق (حربي) شقيق (شيخون) الذي كان يسرق البنك مع كوبرا، مع رجالته أن يقتلوا (كوبرا)!
ويخبروا شيخون أن (كوبرا) هرب، وأخذ الأموال، وحاول بالفعل الرجالة قتل (كوبرا) لكنه يتخلص منهم قبل أن يقتلوه.
ويذهب (حربي) ويخبر (شيخون) أن (كوبرا) غدر بهم فيتصل شيخون بـ كوبرا، ويأمره أن يعيد له (الهارد) الذي كان في البنك مع الفلوس والمجوهرات.
لكن (كوبرا) يرفض، فيورطه (شيخون) في جريمة قتل!، وبعدها يضطر (كوبرا) للتنقل بين عده مُدن للاختباء برفقة أصدقائه القُدامى الذين كانوا معه في السجن أملاً في إثبات براءته.
محمد إمام.. جيمس بوند
حتى هذا الحد كان من الممكن أن يكون المسلسل إجتماعيا، مغلفا برداء الإنسانية، ولكن كما هو الحال دائما مع الأسف في كثير من المسلسلات المصرية هذه الأيام، يصاب المسلسل فجأة بطعنة في القلب!
فإذا به يترنح ويدور حول نفسه، ويصرخ صرخات النجدة قبل أن يسقط قتيلا أمامنا، بسبب رغبات بطل المسلسل (محمد إمام) الشهيرا بـ (كوبرا) الذي حاول في المسلسل أن يسير على خطى (جيمس بوند) الشهير!
فهو بطل مغوار، شديد الذكاء، سريع الحركة، شديد الفهلوة، يحتال على المحتالين ويكسبهم، ويقف مع المظلومين وينصرهم.
كما أنه زير نساء لا يقاوم، في كل مكان يذهب إليه تجده الفتيات فارس أحلامهم، (منة فضالي) تسقط صريعة هواه منذ النظرة الأولى، و(مريم الجندي) الفلاحة البسيطة لا تعرف سر انجذابها نحوه، والنجمة اللبنانية (دانا حلبي) تحمله في دمها!.
وفي هذا المسلسل يهدهد (محمد إمام) الحلم المستحيل الكامن في أعماق كل مصري فقير، يفتح له باب الجنة ويجعله يعيش حرمانه ثم انتصاره من خلاله هو!
وينقلب المسلسل لخدمة النجم (محمد إمام)، وتضيع كل الأشياء الحلوة التى أحسن رسمها وتقديمها كاتب السيناريو (أحمد أبوزيد)، وأحسن إخراجها المخرج (أحمد شفيق).
مجدي كامل.. شيخون
بعيدا عن رغبات (محمد إمام) المشروعة برع مجموعة من النجوم في أداء شخصياتهم في المسلسل، أولهم النجم الكبير (مجدي كامل) الذي حمل العبء على أكتافه، وصال وجال بتمكن شديد في أداء شخصية (شيخون).
وأضاف من عنده الكثير على الدور فإذا به يتفجر أمامنا كالشهاب الناري مليئا بالموهبة والصدق، مدركا وواعيا بكل أبعاد دوره وإمداداته ليقدم خلاصة تجاربه من خلال دور بدا واضحا أنه مرسوم لأجله بالمقاييس والزواية.
(عبد الغني ومنة).. حضور باهت
أما محمود عبدالمغني فلم يقدم جديدا، وكان دوره تكرارا لأدوار سبق وقدمها، ويبدو أنه لا يحب رفض أي دور يعرض عليه!، لهذا جاء أدائه نمطيا في أداء شخصية الضابط (حازم).
كما لم تقدم النجمة الموهوبة منة فضالي أي جديد في دور (حنان – الممسوسة) من الجن، فكانت أشبه بالدمية الحلوة لكنها لم تضيف للدور، ولم يضيف إليها الدور!
نفس الحال ينطبق على الفنان الكبير (محمود البزاوي) الذي لم يستفد المسلسل من موهبته الكبيرة، ولم يستفد (البزاوي) أيضا من الدور، إلا مساندة (محمد إمام)، وبعض النقود التى حصل عليها نظير قبوله لهذا الدور!
ثروت ومنصور وأوس أوس
من العناصر التى عملت على نجاح مسلسل (كوبرا) وتحقيقه لشعبية، هو تألق مجموعة من النجوم، الذين أجادوا في تقديم جرعة كوميدية متميزة مثل (محمد ثروت، ومحسن منصور، وأحمد فتحي، ومحمد أسامة أوس أوس، وعلاء مرسي، وهشام إسماعيل، ومريم الجندي).
كما تألق أيضا بعض من الشباب الجدد كانوا في منتهى الطبيعية والإخلاص، مثل (أحمد بحر) الذي جسد دور (سيد سيكا) صديق (كوبرا)، وأحمد عبدالحميد الذي جسد دور (حربي)، وتسنيم مطر، وئام مجدي.
ولمع بقوة أشقاء كوبرا (دينا ماهر) التى جسدت دور سماح، و(ألحان المهدي) التى جسدت دور منال، و(معتز هشام) الذي جسد دور (عبدالرحمن).
وكانت (صفاء الطوخي) التى جسدت دور الأم النور الذي أضاء المسلسل بقوة موهبتها.
بقى (أيمن عزب) الذي استطاع من خلال دور (عزيز الخيال) بمواقف قليلة أن يثبت أنه ممثل كفء حقا، وأن بوسعه أن يعبر في نظرة واحدة عن أشياء كثيرة تدور في الخلف، لكنها أوصلها بشكل جيد جدا ودون أي ابتذال!.
موهبة أحمد بدير الطاغية
ونحن نتحدث عن أبطال (كوبرا) لا يمكن أن ننسى النجم الكبير (أحمد بدير) الذي وضعه المخرج (أحمد شفيق) في إطار ذهبي، ولم ينس تصوير أدق خلجاته وكل دموعه.
ومن خلال هذا الدور الذي يتكون من عدة مشاهد قليلة أثبت (أحمد بدير) بموهبته الطاغية أنه معلم وأستاذ ورئيس قسم.
فمن خلال حلقة واحدة هى الحلقة (11) جعل النجم (محمد إمام) يتألق كما لم يتألق في كل حلقات المسلسل.
حيث جسد نجمنا الكبير أحمد بدير دور القبطان (نادي) الذي يعاني من مرض (الزهايمر) والذي تلتمع الدموع في عينيه، ولا يدري حقيقة مرضه.
ولم يكن هناك مبرر على الإطلاق لوجود نجمة كبيرة بحجم (هالة فاخر) في دورزوجة القبطان، فلم يكن لوجودها مبرر إلا لتساعد على شحن العواطف.
نضوج أحمد شفيق
برهن المخرج (أحمد شفيق) أنه مخرج كفء، يعرف كيف يختار مواضيعه التى يقدمها ويعبر عنها بقوة وببساطة، ونجح بامتياز في اختيار فريق عمل من النجوم، واستطاع تحريكهم بشكل متميز للغاية.
محمود طلعت المبدع
برزت الموسيقى التصويرية في مسلسل (كوبرا) بشكل رائع، واستطاع الموسيقار محمود طلعت الموهوب أن يعيدنا من خلال (التتر) الذي قام بغنائه المطرب الشعبي المحبوب (بهاء سلطان) إلى زمن (التترات) التى لا تنسى.
كما قدم موسيقى تصويرية معبرة للغاية، واستطاع أن يقدم من خلال موسيقى التتر، موسيقى داخل الأحداث تتلون بالشجن أو البهجة حسب الحالة النفسية ومود (كوبرا).