أم كلثوم تغني قصة حب وطلاق (بليغ حمدي) من زوجته الأولى (آمال تحيمر)
* أنور منسي كان سببا في التعارف بين بليغ وأمال تحيمر
* مكالمات مجهولة تخرب بيت العاشقين
* سافرت آمال إلى لندن لتنسى، لكن السفر أشعل الذكريات
* وحش مفترس يهجم على آمال عندما فكرت فى العودة لبليغ
* بليغ حمدي يلحن من آجلها ” من آجل عينيك عشقت الهوى”
كتب : أحمد السماحي
منذ بدأ قلب (بليغ حمدي) يتفتح وهو يشبه قطرة الزئبق التي من الصعب أن تقبض عليها يد، فإن حاولت تسللت من بين أصابعك، وهذه الطبيعة هى التى جعلته بطلا لمغامرات عاطفية عديدة لم تصل أي منها إلى نهاية المطاف، وأشهر هذه المغامرات كانت خطبته السريعة القصيرة للفنانة (سامية جمال). لذا بدا غريبا أن يتزوج (بليغ حمدي)وأن يدوم زواجه.
وكان للزوجة الأولى قصة شكلتها حنجرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم لتكون بمثابة مذكرات شخصية لـ (بليغ حمدي) يحكي من خلالها بألحانه وكلمات أغانيه، أوجاعه وأفراحه، فتعالوا بنا نعرف قصة الزواج الأول لعبقري النغم:
عام 1960 فى ضاحية الزمالك الهادئة والراقية معا، استأجر (أنور منسي) عازف الكمان الشهير شقة أنيقة فى العمارة رقم 17 بشارع (يحيي إبراهيم)، حاول أن يجعل منها شرنقة تلتف حول أحزانه وضمادة تجمع قلبه الذى تناثرت شظاياه، فالخيط الذى كان يربطه بالفنانة (صباح) الزوجة الحبيبة تمزق.
ومعه تمزق وتر السعادة فى كمان (بليغ حمدي)، الأنغام المرحة التى كانت تخرجها آلته تحولت إلى أنين، وصراخ مكتوم، وعويل خفيض، وبقدر ما يكون الجرح عميقا، بقدر ما تكون بلسمته صعبة، وجراح (أنور) كانت أكثر من عميقة، كانت غائرة، أشبه بمغارة نرى لها مدخلا ولا نعرف لها مخرجا، وفى الحب الكبير نستعذب حتى الأحزان.
الساحرة الصغيرة
وبمرور الأيام بدأ العازف الحزين أنور منسي يفتح باب شقتة، وباب قلبه، وفى أحد الأيام رأى فتاة جميلة كان يعرفها العازف الحزين من سنين، وتربطه بعائلتها فى الإسكندرية صداقة وطيدة وكان يعتبرها مثل ابنته، أو أخته الصغيرة.
عندما رآها (أنور منسي) بالمصادفة صاح كمن عثر على شيئ ثمين ضاع منه فترة وتزايدت مع الزمن قيمته: آمال ! فردت بدورها : أونكل (أنور)، نزل من سيارته واطمئن عليها وعرف منها أنها تعيش مع خالتها فى القاهرة، وإنها تزوجت وطلقت، وانتهى اللقاء بوعد، أن تزوره فى شقته.
وفى الميعاد المحدد كانت تدق جرس الشقة، وفتح فوجدها بجمالها وعيناها التى بلون الخضرة فى مروج الربيع، ومع موسيقى هادئه تنبعث من فونغراف قديم حكت له قصة زواجها من الأمير العربي (ف) وطلاقها منه بعد شهور قليلة من الزواج، وفتح لها قلبه كما يفعل النادم فى كرسي الاعتراف.
وروى لها وهو يذوب مع الأحزان قصته مع (صباح) المرأة التى لم يحب سواها، وأحست بنبض الآلم فى كل كلمة نطقت بها شفتاه، وشجعها بكلامه على أن تزيح عن مأساتها ثوب التكتم، وأحس “أنور” ببعض الراحة فالذى يستمع إلى بلوى الناس تهون عليه بلواه، لذا كان حريصا وهو يودعها حتى الباب على أن يسجل وعدا بالعودة.
إشاعة حب
انتهت زيارة (آمال) الأولى للشقة الأنيقة التى تجاور شقة ممثلة بدأت يلمع اسمها فى السينما تدعى (سعاد حسني)، وتكررت زيارتها لكوخ الأحزان – كما كانت تحب أن تطلق علي شقة أنور – وفى واحدة منها قالت لأنور والسعادة تتحول إلى فراشات راقصة فى عينيها الخضراوين: بارك لي.
فسألها : على أيه؟ فقالت: سوف أعمل فى السينما، حيث التقيت بصديقي (عادل هيكل) حارس نادي الزمالك فى النادي الأهلي، الذى عرفني بدوره علي صديقه المنتج (جمال الليثي) الذى عرض علي العمل فى فيلم جديد يقوم بإنتاجه إسمه (إشاعة حب) بطولة (عمر الشريف) وجارتك (سعاد حسني).
فقلت أجرب نفسي واشغل أوقات فراغي، فتمنى لها (أنور) النجاح وتركته سعيدة، وانشغلت بتصوير دورها الصغير فى الفيلم، لكن فى المونتاج حذفوا كثيرا من دورها، وابقوا فقط على مشهدين.
وفى العرض الخاص حزنت (آمال) جدا لما حدث لها، وتوجهت بكامل زينتها مباشرة إلى صديقها (أنور منسي) تشكي له وهى قلقة وعصبية، فطيب خاطرها، ولم يتركها إلا وهى ضاحكة، وقال لها وهو سعيد بإنقشاع غشاوة الحزن: تعالي أسمعك مقطوعة جديدة، وتدفقت النغمات.
اللقاء بين آمال وبليغ
دخلت (آمال حسن تحيمر) هذه الساحرة الصغيرة من باب الشقة، وتمنى (أنور) لو أنها دخلت من باب القلب، وفجأة رن جرس الباب فتوقف (أنور) عن العزف، وغاب دقيقة أو أقل وعاد ومعه شاب قصير ممتلىء القوام أسمر وقال لها: صديقي الملحن (بليغ حمدي)، ودى (آمال) يا (بليغ) أو ميمي بنت صديق لي، قالت آمال: تشرفنا، عرفاه طبعا وبسمع ألحانه الجميلة، وراح (بليغ حمدي) يقلب الاسم على شفتيه كأنه يختبر رنين حروفه وقال وهو سرحان ميمي .. ميمي.
كانت البسمة مستقرة على شفتيي (بليغ حمدي) أكثر من الكلمات، وغاب (أنور) عن ضيفيه دقائق أكمل خلالها ارتداء ملابسه، وعاد إلى الصالون ليجد الألفة قد استقرت فى النفسين، كان يناديها : (ميمي).
وكانت ترد: (بلبل)، واندهش “أنور” مما حدث وقال ببساطة : أنا رايح معهد الموسيقى العربية فى رمسيس توصليني يا آمال؟، وردت آمال : طبعا، ثم سألت: معاك سيارة يا بلبل؟ وأجاب: لا، فأضافت: إذن اتفضل معانا.
وهما فى الطريق تكلم (بليغ حمدي) كثيرا وهو سعيد، ودندن بأغنيته الجديدة (حب أيه اللي أنت جاي تقول عليه / إنت عارف قبله معنى الحب أيه؟ لما تتكلم عليه)، هذا المقطع الذى استلهمه الشاعر (عبدالوهاب محمد) حكايته الشخصية، وأيضا من الفنانة (سامية جمال) فى ردها على الأستاذ (مرسي سعد الدين) شقيق (بليغ حمدي)، عندما قال لها: أن (بليغ حمدي) يحبها!.
وصلت السيارة إلى معهد الموسيقى العربية، وقبل أن ينزل (بليغ حمدي) من السيارة سألته (آمال) أغنية مين دى يا بلبل؟ رد عليها بنشوة وسعادة: أغنية الست.
كان (بليغ حمدي) قد تخطى الأسوار العالية، الأسوار التى يعجز عن تخطيها الكثير من العمالقة، ووصل بمجهوده وأنغامه التى تبعث فى القلب رعشة إلى ذلك الصوت السماوي الذى تعجز الكلمات عن وصفه، لقد لحن لأم كلثوم بعد أن لحن لعبدالحليم حافظ، وصباح وشادية، فجأة اقتربت أحلامه من قمة القمم.
حب أيه
فى اليوم التالي بحث (بليغ حمدي) عن رقم تليفون منزل (آمال) وهاتفها وقال لها: طمنيني، وسألته : على أيه؟ وأضاف: على اللحن اللي سمعته ليكي امبارح فى السيارة، فقالت بصدق : جنان يا بلبل، وغاب صوته لحظات ثم عاد يقول: إنتي أول واحدة تسمعه، شعرت آمال يومها أنه أهداها القطفة الأولى من ثمار فنه.
وتكررت الاتصالات التليفونية بين العاشقين، وبعد أسابيع قليلة كانت (آمال) تحتل مقعدا أماميا فى سينما قصر النيل، تسمع الست وهى تشدو برائعتها الجديدة (حب أيه)، وبعد عودتها دخلت غرفتها وخلعت ملابسها، ورن جرس التليفون، وكان المتحدث (بليغ حمدي) الذى قال لها: وشك حلو على، الناس كلها معجبة بالأغنية، فردت: بالتوفيق يا بلبل أنت طيب وتستحق النجاح لأن حياتك كلها ألحان وأنغام، ورد عليها بليغ : وحب أيضا!، تصبحي على خير.
بعدي عن بليغ
فى الصباح تلقت مكالمة من صديقة لها تحدثا فى الموضة والأزياء وقصة شعر (فاتن حمامة) الجديدة، وبعدها رن جرس التليفون وأعتقدت أن صديقتها نسيت تقول لها شيئ، فإذا بها تجد صوت نسائي يقول لها إنتي (آمال)، فقالت لها: نعم، حضرتك مين؟
فردت أنا واحدة يهمها مصلحتك، أنت تعرفي (بليغ حمدي)؟!
آمال: ده صديق عزيز
المتحدثة : أحسن تبعدي عنه.
آمال: مين معايا؟
المتحدثة: واحدة سبقتك واتعذبت وعاوزة ترحمك من العذاب!
آمال: شكرا على نصايحك، ولكنى لا أعتقد إنى فى حاجة لها.
وأغلقت المتحدثة التليفون وهى تقول لها: بكره هتندمي!
زواج في الفجر
حكت (آمال) لـ (بليغ حمدي) ما حدث معها، فنظر إليها وقال لها: قبلك يا (آمال) عرفت ستات كتير بس انتى أول حب حقيقي فى حياتي، وصحبها فى نفس اليوم إلى بيت أسرته وقدمها إلى أمه (ماما عيشة)الست الطيبة التى نشرت جناحي الحب على العائلة حتى كبر كل فرد فيها، وبلغ (بليغ حمدي) مكانة مرموقة.
وعرفها بأخته (صفية) مصممة الأزياء القديرة والمدرسة المحبوبة، وشقيقه (مرسي سعد الدين)، ورحب بها الجميع، ووجدت فى حرارة الترحيب ما أنساها بعاد أسرتها التى تعيش فى الإسكندرية، وبعد أن تناولت معاهم وجبة الغذاء، أوصلها (بليغ حمدي) لمنزل خالتها وذهب هو إلى مسرح (البالون) حيث تتم بروفات أوبريت (مهر العروسة)، وقرب الفجر رن جرس باب الشقة، ودخل (بليغ حمدي) وسط ذهول ودهشة (آمال) وخالتها، وقال لها (تتجوزيني يا آمال)؟!
إذا كان المثل يقول أن (الحاجة أم الاختراع) فآمال كانت محتاجة إلى قطار طائر يسير بأجنحة وليس على عجل، يقطع المسافة بين القاهرة وسيدي جابر فى لمحة بصر، واستقر القطار أخيرا فى المحطة المزدحمة وغادره اثنان لا يحملان حقائب، مسافران بلا متاع، الحمل الوحيد كان موزعا على القلبين بالتساوي، واستقبلتهما الأسرة بفرحة كبرى.
فى قلب الأم جهاز ردار صغير تهتز أسلاكه الدقيقة بسرعة، وتسجل مؤشرة إحساسات الأبناء بدقة متناهية، والأم شعرت أن ابنتها سعيدة، وأن صانع سعادتها هو ذلك الشاب القصير الذكي العينين الذى جاء معها، وانتهت الأمور الشكلية بسرعة، ورنت الزغاريد، وبسرعة تم الزواج.
كان الهناء عنوان العام الأول من زواج العاشقين، والقلق والطلاق عنوان العام الثاني للزواج، والعودة والرجوع والمتاعب حصيلة العام الثالث، وكل هذا بسبب “مود” بليغ الفني، ونجاحه الكبير وعدم استقراره.
مكالمة مجهولة
وسط كل هذا النجاح والصخب تصل لآمال مكالمة مجهولة يقول صاحبها : أتريدين معرفة أين (بليغ حمدي) الآن؟ قالت طبعا، وهمس صاحب الصوت المجهول: أنه يقضي وقتا ممتعا، فعلقت ببرود: هذا شيئ يسعدني!، وضحك المتحدث ضحكة صفراء خبيثة وقال: لا أظنك ستكونين سعيدة لو أنك توجهت إلى شارع عدلي رقم كذا..
الخيانة
أملى المتحدث المجهول رقمين، وليس رقما واحدا، الأول رقم العمارة، والثاني رقم الشقة، فى لحظات كثيرة تفقد المرأة صفاء الرؤية، ويتحول كل ما حولها إلى ضباب، ومن بين هذه اللحظات بالطبع تلك التى تكتشف فيها أن رجلها ليس لها وحدها، وغلا صدرها،.
وأحست كأن بركانا ولد فى داخله فجأة، ونزلت على الجراج بسرعة وأدارات محرك السيارة على عجل، ثم اندفعت الى العنوان المحدد وأمام العمارة توقفت واكتشفت وهى تغادر السيارة أنها حافية القدمين، وصعدت درجات السلم بسرعة، ولم تنتظر وصول المصعد، ودقت الباب بعصبية وجنون.
وفتحوا لها بعد لحظات بدت لها دهرا، ووجدت الزوجة الصغيرة أمامها مشهدا لم تنسه أبدا، كان (بليغ حمدي) يجلس مع شاعر غنائي معروف، وسط فتاتين فائقتي الجمال، وأمام الجميع كانت مائدة عامرة، ووسط المائدة زجاجتي خمر.
غيبوبة طويلة
ولم تقل شيئا!، فالكلمات عصت لسانها وشفتيها، ولم يتكلم أي من الحاضرين، كان الموقف أشبه بمشاهدة التأزم فى أفلام السينما، قاتم، بارد، صامت، وحين عادت إلى منزلها وهى لم تدر أبدا كيف فعلت ذلك، كانت الحمى قد انشبت مخالبها فى جسدها، وحين أفاقت من غيبوبة طويلة وجدت شقيقتيها حول سريرها.
وقالت لها أختها (صافي) أن (بليغ حمدي) لم يجئ ولم يتصل، ورفعت (آمال) جفونا أثقلتها الحمى وأذبلتها الأحزان، وقالت: أنا اتخذت قرارا، وسألتها شقيقتها الصغرى (هدى): خير يا أبله، وأضافت المريضة الشاحبة اللون: مافيش غير الطلاق.
وتم الطلاق، وسافرت المطلقة الحزينة إلى لندن لعلها تذيب أحزانها فى ضباب العاصمة الإنجليزية، أما (بليغ حمدي) فقد فطر مأساته، عصر كل عذاباته فى أغنية جديدة للست أم كلثوم بعنوان (أنا وأنت ظلمنا الحب بإيدينا).
وبعد سنوات ما بين لندن وبيروت ومصر رجعت (آمال) إلى مصر بشكل نهائي، وفى طريق العودة عرجت على بيروت وفوجئت بـ (عبدالحليم حافظ) يتصل بها فى الفندق الذى تنزل فيه، ويرحب بها ويدعوها لقضاء سهرة فى بيت أسرة صديقة بالأشرفية ليسمع الجميع أغنية أم كلثوم الجديدة (فات الميعاد).
وليلتها استمعت آمال إلى مرثية حبها، أحست بكل حرف فيها وقد تحول إلى أبرة مسنونة تنغرس فى جسدها المضني، وحين وصلت أم كلثوم إلى المقطع الذى يقول:
إن كان على الحب القديم
إن كان على الجرح الأليم
ستاير النسيان نزلت
بقى لها زمان
لم تستطع (آمال) أن تقاوم المزيد من وخز الذكريات ونهضت بهدوء واستأذنت الجميع وغادرت المكان وحيدة إلا من دموعها التى حجبت عن العينين الخضراوين رؤى الوجود كله.
وعادت (آمال) إلى القاهرة، وعلم (بليغ حمدي) بعودتها فاتصل بها وقال لها: (يا حياتي لا زلت أحبك، الطلاق انفصال جسدين، وليس قلبين)، وفى يوم ثانى يقول لها: (كيف تتهمينني بحب غيرك، وقد أعطيتك حب الأمس واليوم والعمر كله).
وكانت مقاومتها تنصهر مع الكلمات، تماما كما تنصهر برادة الرصاص الرقيقة فى الفرن الحامي، وفى هذه الفترة تقدم لآمال عريس دبلوماسي من بلد عربي التقى بها فى لندن، وجاء وراءها إلى القاهرة، وطلب نقله إلى القاهرة، وحتى تهرب من كلمات (بليغ حمدي)، وافقت على الخطوبة من هذا الدبلوماسي، وفى أحد الأيام قابلت بالمصادفة (بليغ حمدي)، أو بتدبير من القدر، وما أن مد يده إليها حتى تبخرت فكرة الزواج من الدبلوماسي.
هجوم وحش مفترس
فى عز سعادة (بليغ وآمال) دخل فجأة الميدان وحش مفترس، بدأ عود (آمال) يذبل ويذبل تحولت إلى شمعة تذوب بسرعة حتى مع اللهب الصغير، وكشف عليها الدكتور (فتحي طمارة) طبيب العائلة وقال لها بأسى: سرطان!
ولم يكن المرض اللعين هو الوحيد الذى داهمها بل كان هناك ما هو أخطر، فقد أحست بعد شهور بآلام تمزق أحشاءها أحست كأن نارا قد انسكبت فى معدتها، وامتدت منها إلى جوفها كله، وطارت إلى لندن وقالت لها الدكتورة (شيلا) أشهر أخصائي فى أمراض الكبد، حالتك ليست مطمئنة، فهناك ما ينذر بالخطر فى كبدك.
ورقدت فى الفراش وبدأت الشمعة الذائبة تفقد المزيد من هالات نورها، وفوجئت وهى فى الفراش بزيارة (عبدالحليم حافظ)، وحين انصرف وجدت تحت وسادتها مصحفا من ذهب وهدية قيمة، وفوجئت ببرقية من السعودية تصل إلى المستشفى ويغطى صاحبها نفقات العلاج كله.
ودمعت العينان الذابلتان فقد كانت البرقية من زوجها الأول الأمير (ف)، وعادت المريضة المعذبة إلى أرض الوطن، سافرت يحدوها الأمل فى الشفاء وعادت حطاما آدميا، وأحاط بها الجميع وطلبت أن ترى (بليغ)، وجاء (بليغ حمدي) وبكى بشدة عندما رأها، فمسحت دموعه بإيديها وقالت له: غني لي يا بليغ أغنية فغنى لها (من أجل عينيك عشقت الهوى) قصيدته الجديدة التى يلحنها لأم كلثوم ـ والتى ذهبت فيما بعد لرياض السنباطي ـ.
وذات صباح كئيب من يوليو 1972 انطفأ السراج تماما، ماتت (آمال حسين تحيمر) الزوجة الأولى لبليغ حمدي، وماتت معها أجمل الذكريات.