نساء في حياة العندليب الأسمر (عبد الحليم)!
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
عاش (عبد الحليم) حياة عاطفية مليئة بالغموض والأسرار التي لم يعرفها أحد، ومن يريد معرفة كافة القصص التي تتعلق بحياتة العاطفية عليه أن يستمع إلى ما كان يردده أصدقائة عنه.
والغريب أن هذه القصص متناقضة ومتضاربة، وقد وردت بشكل سطحي، أولها قصة حب في بداية شهرة (عبد الحليم) مع فتاة مريضة كانت تبادله عواطفه، وماتت بشكل مفاجئ!.
ويقال في الحكاوي أن والد الفتاة رفض أن يزوج ابنته إلي (عبد الحليم حافظ) لأنه لا يرقى إلى مستواها الاجتماعي.
عبد الحليم وسعاد حسني
أما القصة الثانية فهي علاقة (عبد الحليم) بسعاد حسني، وقيل أن سبب عدم ارتباطه بها أنها فنانة، وهو رجل متحفظ، وكم من كلام هو أقرب إلى شائعات، ولا يعرف أحد أين الحقيقة؟!
هذه الأمور ساعدت (عبد الحليم) في أن يظل في قلوب المعجبين به باعتباره الأعزب، فبالتالي فإن أغنياته جميعا هى لكل الجمهور خاصة البنات والنساء.
القصة الأولي استوحاها الدكتور رفيق الصبان، وهو يكتب فيلمه (حبيبي دائما)، ويرجي من القارئ مراجعة ما قيل عن قصته مع (سعاد حسني) التي يمكن اعتبارها زميلة مميزة.
ولكن (سعاد حسني) ما لبثت أن تزوجت من أكثر من مخرج وكاتب سيناريو بعضهم عرفناهم عن طريق برامج الحوارات مثلما فعل (ذكي فطين عبد الوهاب).
إذن لا يبقي أمامنا سوي اعتبار أن النجمات الكثيرات الآتي عمل أمام (عبد الحليم) في أدوار عاطفية هن النساء الأبرز في حياته، باعتبار أننا مازلنا نشاهد هذه القصص علي الشاشة.
فهولاء الفنانات هن: (شادية) في ثلاثه أفلام، (آمال فريد) في فيلمين، (نادية لطفي) في فيلمين، (فاتن حمامة) في فيلمين.
ثم مرة واحدة أمام كل من (ماجدة، إيمان، مريم فخر الدين، صباح، ميرفت امين، زبيدة ثروت، لبني عبد العزيز، زيزي البدراوي).
وأيضا ممثلة مجهولة في فيلم (فتي أحلامي)، أي أن (عبد الحليم) حتي في الأفلام فان عدد فتيات الأحلام كان محدودا.
وكان يميل إلى الظهور أكثر معهن بما يعني أنه ظهر مع بنات جيله في السينما.
إذا نحن أمام عاشق وهمي يجيد التمثيل، وتعبر عيناه عن مشاعره الداخلية مثلما يفعل أيضا مع صوته، ليكون بالنسبة لنا هو الحالم، الصادق، العاشق.
ويمكن فهم الغموض من خلال قصص الحب التي كانت تنتهي نهاية سعيدة.
عبد الحليم ونساء أفلامه
يبدو أن (عبد الحليم) كان ناجحا في تقمص شخصية العاشق في أفلام عديدة منها: (أيام و ليالي، ودليلة، وموعد غرام، ليالي الحب، لحن الوفاء، حكاية حب، الوسادة الخالية..
وشارع الحب، البنات و الصيف، يوم من عمري، الخطايا، معبودة الجماهير، وأبي فوق الشجرة).
وفي أغلب هذه الأفلام كانت هناك حبيبة واحدة فقط أمام البطل يكافح من أجل الوصول إليها، وأن يحصل علي إعجابها.
وهناك فيلمان فقط كان (عبد الحليم) حائرا بين امرأتين يفوز بأحدهم في النهاية، وفي أغلب القصص فإننا أمام شاب مطرب في مقتبل حياتة يبحث عن الشهرة والمجد.
وتقابله حبيبته في الطريق، وتوصله الي ما يتمني، ففي فيلم (لحن الوفاء) هو يحب المطربة التي اختارها عمه للغناء، وهذا العم صدم من قبل في تجربته العاطفية.
ويقع في غرام من يحبها الشاب الذي تولي تربيته، لكن الرجل العجوز يتنبه إلى الفوارق، ويترك للحبيبين طريق الارتباط.
وفي فيلم (موعد غرام) هناك عاشقان فقط يتبادلان الحب، والصدود أنها علاقة بين (سمير) الضائع في الحياة، وبين (آمال) الصحفية التي تعرف طريقها جيدا.
لكن على طريقة السينما فان الفتاة تصاب بمرض عضال، ويبقي على سمير أن يسافر معها من أجل العلاج.
عبد الحليم و(حكاية حب)
وفي فيلم (حكاية حب) يكون المرض هو أيضا الاختبار الذي تقاس به درجة الحب حين يسافر (أحمد) الي الخارج لأجراء عملية خطيرة في القلب، وعلي الحبيبة ان تنتظره.
وفي فيلم (معبودة الجماهير) فإن النجمة (سهير) تحب الممثل المبتدئ، رغم الفوارق بينهما، وتظل علي حبها رغم المكائد التي تنجح في فصل الحبيبين لبضع سنوات.
وفي فيلم (أيام و ليالي) فإن الحبيبة تناصر الشاب الذي اتهم ظلما في أحد القضايا، رغم أنها لا تزال في سن التلمذة، وهكذا بقية الأفلام التي تدور حول قصة حب واحدة.
أما الأفلام الأخرى، وهى ثلاثة فإنها تتحدث عن إمرأة شريرة تجابه الحبيبة الطيبة التي تحتفظ بحبها في أعماقها دون البوح به، مثلما فعلت المرأة الثرية مع المطرب الجديد في فيلم (دليلة)، حين تدخل حياتة بعد اختفاء حبيبته البسيطة.
وفي فيلم (بنات اليوم) فان الأخت العاشقة تكتم مشاعرها في قلبها، وتترك حبيبها كي يخطب أختها الصغري عن طيب خاطر.
وفي (أبي فوق الشجرة) فان الطالب بعد ان يصدم في حبه لزميلته، يلجأ الي العاهرة التي تتخذه عشيقا، ورغم وجوده في حياتها فانها لا تكف عن جلب العشاق الجدد العواجيز وسلب أموالهم.
وهناك حالة رابعة مستثناة في فيلم (الوسادة الخالية)، فإن المرأة الثانية في حياة (صلاح) لم تكن شريرة، أو أقل جمالا من (سميحة).
وبالتالي فإن دفة الميزان قد مالت إليها، وهى الزوجة التي اختارها (صلاح) بنفسه باعتبارها ابنة المدير العام.
تقارب أفلام عبد الحليم مع حياته
يمكن أن نقول أن هناك تقارب بين قصص هذه الأفلام، خاصة النساء، وبين الحياة الشخصية للمطرب (عبد الحليم) ففي أغلب أفلامه كان هو الطفل اليتيم المحروم من الأم، يعيش بمفرده أو مع زميل آخر اعزب مثل: (ليالي الحب، بنات اليوم، موعد غرام، يوم من عمري، معبودة الجماهير).
وكانت (فردوس محمد) هى الممثلة التي قامت بدور أمه أكثر من مرة في (حكاية حب، ودليلة).
وفي الفيلم الأول أصيبت الأم بفقدان البصر، وكان الابن بارا بأمه حنون معها، وتوحي هذه الظاهرة بأن هناك تشابه بين الطفل اليتيم والشخصيات التي جسدها (عبد الحليم حافظ) أيضا.
فلا توجد له أسرة في فيلم (شارع الحب)، كما أنه ابن المرأة الخاطئة في (الخطايا)، ومن هنا جاءت نسبة التصديق العالية حين ينظر الجمهور في عيني الشاب اليتيم.
ومن ناحية آخري انعكست الحياة الأسرية في هذه الأفلام من ناحية النساء بشكل خاص فلا توجد شقيقة إلا قليلات في أفلام بعينها تمر عليها القصص بشكل عابر.
مثل (فتحية شاهين) في فيلم (بنات اليوم)، ومثل الراقصة (أميرة) شقيقته في فيلم (أبي فوق الشجرة)، وأيضا شقيقته الصغري (سعاد حسني) في (البنات والصيف).
وأغلبها شخصيات ثانوية تبدو موجودة فقط حين النصيحة، ويعكس هذا أخته (علية) في حياته.
المرأة والحب وعبد الحليم
من المهم القاء النظر على هؤلاء النساء فأغلبهن وقعن في الحب حتى العاهرة، نعم حتي العاهرة!.
فهناك فتاة ليل عابرة دخلت حياته في فيلم (الوسادة الخالية) بعد أن خرجت (سميحة) من حياته باحثة عن الافضل.
وفي هذه الأفلام فإن المرأة سوف تلين لعبد الحليم مهما كانت مشاعرها أو مكانتها مثل الصحفية في (موعد غرام)، والمطربة في (معبودة الجماهير)، وبنت الأكابر في (شارع الحب).
وبنت الليل في (أبي فوق الشجرة) وفي هذا الفيلم بشكل خاص بدا هذا الشاب النحيل أكثر فحولة وقوة من كل الرجال الذين جاءوا الي فراش العاهرة ففضلته عن الجميع.
إلى أن اكتشف الطالب أن أباه قد صعد إلى نفس الشجرة، وسوف يتم ابتزازه مقابل ثمن الخطيئة.