بقلم: محمد شمروخ
– بعد إذن السيادة: ممكن أروج لإشاعة غير بريئة ومغرضة كمان؟!
– اتفضل.. بس لخص وخلص.
– أصلهم بيقولوا ياخويا إنه تم صدور قرار بإنشاء قسم لـ (مباحث الدراما) يتولاه ضابط برتبة عميد على الأقل، لمتابعة ردود الأفعال لدى النقاد والكتاب والصحفيين، وأنه استكمالا للدور المنوط به قيام ذلك القسم ولما تقتضيه ظروف العمل لإتمام الماموريات على أكمل وجه.
فإنه من منطلق الحرص على مصالح الوطن العليا، تم إنشاء وحدة داخل قسم (مباحث الدراما)، تناط به مهام مكافحة النقد، ويكون على رأس تلك الوحدة رائد مباحث يختص بمكافحة جرائم النقد الفنى.
مع متابعة مقالات وبوستات وإكسات والتأكد من التزام كتابها بقائمة الممنوعات المرفقة مع عدم الإخلال بأى ممنوعات صدرت بها تعليمات مسبقة.
مع ضرورة تكليف معاون مباحث من الإدارة العامة التابع لها القسم، بالمرور على النقاد في منازلهم للتأكد من التزامهم بمواعيد المبيت في المواعيد المحددة قانوناً وهى تبدأ من غروب شمس اليوم الحالي وتنتهى بشروق صباح اليوم التالي!
– زودتها شوية؟!
– الصراحة آه.. ولا هو يعنى تضربونا وتحرمونا البكا، ويعني لا ترحموا ولا عايزين رحمة ربنا تنزل؟!
قائمة بتعليمات (غير مكتوبة)
فالحقيقة التى نعيشها تشرحها اللوحة الوهمية السابقة، فالوسط الصحفي والإعلامي في الصحف والمجلات والمنصات والبرامج الحوارية والبوديكاستية، يغلى من الغيظ وهم يراجعون في سرهم.
قائمة بتعليمات (غير مكتوبة) بممنوعات على رأسها (التحذير شديد اللهجة من انتقاد مسلسلات من إنتاج الشركة المحتكرة لإنتاج الدراما خلال شهر رمضان).
اكتب حوارات واعمل تقارير ونزل أخبار بس حسك عينك مسلسلات الشركة المالكة!
س: وما هى الشركة المالكة؟!
ج: حاجة كده زى (الأسرة المالكة).. بحكم دستور 23، ذات مصونة لا تمس!
س: من صاحب هذا الادعاء؟!
ج: هذا ليس من قبيل الادعاء ولكنه واقع ملموس ومحسوس ومشموم، لكنه ممرور وغير مبلوع، وقد استشعر مرارته وغصته كثير ممن لهم صلة بالحقلين الفنى والإعلامي.
بعد أن تم غلق الهويس بأوامر السيد المحترم رئيس (مباحث الدراما)، مع التأكيد بألا يسمح بتشغيل ماكينات ري بتسقى، ولا تعليق سواقى بتنعى، على الترعة الإعلامية، إلا بالأمر المباشر من السيد رئيس المباحث.
بعد استطلاع رأي السيد (مهندز الري)، ومن أجل سقى مزروعات أرض الشركة وحدها دون غيرها!
وهذا الأمر لم يحدث هذا العام ولا حتى الذي قبله، فمنذ أن صدرت (قرارات التأميم الثانى للدراما) واحتكار العقول وخصخصة القرائح، مع استسلام عجيب من السادة المبدعين أصحاب الأقلام الحرة النزيهة (سابقاً)!
والأوضاع منذ تقنيين الشللية الفنية وفرض نجوم ونجمات – بالعافية – على الساحة الدرامية، كان لابد من متابعة ردود الأفعال على سبيل التحوط.
فلا يجوز توجيه النقد إلى مسلسل ولا انتقاد نجم من جانب الفئات التابعة من الكتاب والنقاد وغيرهم من العاملين في الهيئات الإعلامية التابعة للدولة بصفتها المالكة لكل هذه الهيئات – إن جبرا وإن اختيارا – حتى لو على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي!
– هل هذا يحدث؟!
– هل يمكن قبول مثل هذا؟!
– وماذا جرى للكتاب والنقاد والصحفيين حتى يخنعوا قبل أن يخضعوا لأوامر السيد مدير (مباحث الدراما) ومعاونه البيه رئيس وحدة مباحث النقد؟!
– ولا يمكن ماسكين عليهم ذلة مثلاً؟!
(يووووه.. ياما أكتر الذلل.. وعلى رأي الأستاذ (قرنى) في مسرحية (سكة السلامة): (كله على ودنه).
لكن القصة لا ذلة ولا تخويفة، فالركود والإحباط يملأ الصدور، وحتى لا نظلم السيد رئيس (مباحث الدراما)، فهو لا يعبأ بالنقد ولا يهتم به ولكنه اتخذ من مقولة عبد الشكور مساعد المعلم أبو زيد في فيلم (الفتوة):
انتقاد إنتاج الشركة (المحتكرة)
طالما بطيخ مولانا أقرع.. يبقى كمان مولانا أقرع).. فأى انتقاد لأى عمل من إنتاج الشركة (المحتكرة) يعنى انتقاد الشركة.. يعنى انتقاد الدولة المالكة للشركة!
يعني في النهاية على رأي الأستاذ حسان أس 3 في فيلم (بداية ونهاية): (أنت مغلوب مغلوب.. عادة.. محبوسة.. مغلوب مغلوب)!
فقد أعيد إحياء شعار (البطيخ الأقرع) كمبدأ ثبت أنه لا غنى عنه في المنظومة الخاصة بمتابعة الصحافة ومعاملة النقاد وكتاب مقالات وأعمدة الرأى، على أنهم إذا ما انتقدوا عملا من إنتاج شركة الدولة، فهم يحرضون على الدولة وبطيخ الدولة!
فهذه السياسة ثبت أنها الأصلح والأنسب، وبصراحة كده، بتجيب من الآخر، استلهاما من أفكار (عزمى باشا) رئيس البوليس السياسي في فيلم (غروب وشروق)!
لكن مع احترامنا لقوانين (عزمى باشا وكل عزمى باشا) التى يمكن تعديلها أوالتغاضي عنها أو حتى إلغاؤها، الا أن هناك قوانين طبيعية لا يمكن تجاهلها وتمضى بلا هوادة وهى:
(إن الماء لا يقبل الضغط مثل كل السوائل مهما كان ثقل صخور القشرة الأرضية، ويظل يبحث له عن نقطة ضعف في السطح الضاغط، فإن لم يجد فسوف يسلب القوة الضاغطة..
ليصبح هو القوة المتفجرة التى تتفجر منها الأنهار والينابيع والجداول والشلالات، بينما تتحول الصخور إلى مراتع للطحالب، هذا إن لم يقذف بها الانفجار أو يجرفها التيار!).