كتب: أحمد السماحي
المتابع لدراما شهر رمضان الكريم يجد أن كثير من أعمالها تهدم ولا تبني، فكل عام تبث سمومها من خلال تقديم عادات وتقاليد تعمل على تفكيك الأسرة، ولا تعمل على تجميعها، ومنها صراع (الأخوة الأندال) هذا العام.
فرغم أن المارثون الرمضاني هذا العام يشهد تنوعاً كبيراً ما بين الدراما الاجتماعية، والكوميديا، والأكشن، والإثارة والتشويق، ولكن هناك 6 مسلسلات يربطها حدث رئيسي مشترك، هو صراع (الأخوة الأندال)، والأزمات بين الأشقاء.
ولعل صراع ( الأخوة الأندال) موجود بقوة في السنوات الأخيرة في الدراما المصرية، خاصة التى تعرض في شهر رمضان، ففي كل عام نجد العديد من المسلسلات التى تدور حول صراع الأشقاء.
ففي العام الماضي شاهدنا مسلسلات صراع (الأخوة الأندال) مثل (عملة نادرة، جميلة، ستهم، علاقة مشروعة، جعفر العمدة)، وفي رمضان عام 2022 شاهدنا أيضا صراع الأخوة من خلال (أحلام سعيدة، توبة، رانيا وسكينة، يوتيرن، راجعين يا هوى).
وفي السنوات السابقة (خيانة عهد، البرنس، لما كنا صغيرين، ليالينا 80، الفتوة) وغيرها.
لا أحد ينكر أن صراع (الأخوة ألندال) موجود منذ البدء، منذ (قابيل وهابيل)، وبرز بقوة في المجتمع المصري والعربي خاصة في السنوات الأخيرة.
إقرأ أيضا : (الزوجة الخائنة).. آفة تجتاح دراما (رمضان) المصرية هذا العام!
لكن دور الدراما تجميل الواقع، أو تقديمه بشكل راق، لا يخدش العلاقة الرائعة بين الأخوة، ولكن إبرازه وتضخيمه في كل عام، فهذا يعني أن المسئولين عن صناعة الدراما يقدمون بضاعة مستهلكة أو بضاعة أتلفها الهوى كما يقول نجمنا الكبير (يحيي شاهين) الشهير بـ (سي السيد).
فالمتابع بدقة لمعظم أعمالنا الدرامية كل عام يجد فيها صراع (الأخوة الأندال)، وكأنه أصبح ضرورة وحتمية درامية في معظم المسلسلات التى تحرص على تقديم المثال الأسوأ للأخوة الطامعين في إرث والدهم المتوفى من ناحية.
أوالغيرة والحقد من بعضهم من ناحية أخرى، وبذلك يجرح صناع الدراما واحدة من أجمل علاقاتنا الإجتماعية، وهى علاقة الأخ بشقيقه.
فعندما يتحوّل أقرب الناس إلى عدو، ويصبح شريك الطفولة والأحلام واللحظات الحلوة خصماً، كما نرى كل عام يفقد المرء ثقته بالجميع، وبالمجتمع، خصوصاً حين يترصد الأخ لأخيه ساعياً للانتقام! .
سر إلهي
من المسلسلات التى وضح فيها صراع (الأخوة الأندال) بقوة، مسلسل (سر إلهي) فالأخوة في هذا المسلسل أندال بشكل كبير وقوي، وهذه الندالة ليست قاصرة على شريحة معينة في المسلسل.
ولكنها في كل شرائح المجتمع الموجودة في المسلسل فأخوات (نصرة السيد عبدالمولى) أندال بشكل فاق الوصف، حيث شهدوا عليها زور، وأدخولها السجن.
وعندما صفحت عنهم، وضمتهم إلى صدرها، وأرجعتهم إلى بيتها ظلوا على جحودهم وجشعهم وندلتهم، وسرقوها وهربوا لكن ربنا انتقم منهم وقتلوا بعض!
والندالة الموجودة في المسلسل ليست قاصرة على أخوات (نصرة) الذين ينتمون إلى طبقة إجتماعية فقيرة.
ولكنها موجودة أيضا في الطبقات العليا من المجتمع بدليل (بدر هارون/ محمود حجازي) الذي باع شقيقته (شاهيناز/ مي سليم) وأوصلها إلى حبل المشنقة حتى يرضي مزاجه المنحرف!
بيت الرفاعي
ندالة الأخوة وضحت بقوة أيضا في مسلسل (بيت الرفاعي)، حيث جاء الصراع فيه عنيفا شرسا بين الأخوة الأندال: (محمود، والسيد، وعبدالحميد).
لدرجة أن الأخوين (محمود، وعبدالحميد) قتلا شقيقهما (السيد)، كما وضح أمس في الحلقة الخامسة عشر، وليس هذا فقط، ولكنهما لفقا جريمة آداب لحبيبة شقيقهما (السيد).
وعندنا خرجت من السجن، وتزوجت شقيقهما (السيد) عرفيا، أخذا منها ابنها (فاروق) وهو رضيع، وحرموها من رؤيته، وكتبوه باسم زوجة (السيد) الشرعية، وهددوها بالقتل لو تحدثت!
وجاء تتر نهاية مسلسل (بيت الرفاعي) الذي قام بغنائه المطرب (محمد شاهين) يؤكد على الخوف من الشقيق أو القريب وكأننا في غابة، حيث يقول هذا التتر المليئ بالتحريض :
خاف ما اللي منك
حلو على إسمك متسمي
أحنا في زمان مابقاش
في حد على حد بيسمي
لا تقولي أخويا ولا ابن أبويا
ولا حتى من دمي.
بـ 100 راجل
صراع (الأخوة الأندال) في مسلسل (بـ 100 راجل) يغلب عليه الطمع والجشع والإبتزاز، والندالة، حيث نرى (سونة / نانسي صلاح) شقيقة (غالية / سمية الخشاب) تقف مكتوفة الأيدي لا تفعل شيئ.
وهى ترى شقيقتها (غالية) تنفق كل ما تكسبه على مرض والداهما الذي أصيب بطلق ناري يوم فرح (غالية)، ويحرض (ميشو) زوج (سونة) زوجته على المطالبة بحقها في الميراث.
ولا تتوقف ندالة (سونة) عند هذا، ولكنها تغدر بشقيقتها (غالية) وتضع لها بناء على طلب (مهران الشيمي) زعيم العصابة، وبالاتفاق مع زوجها (ميشو) آلة طباعة فلوس، ودولارات المزوة في دولاب غالية ليتم القبض عليها والحكم عليها بالسجن!.
محارب
الخسة والندالة والغدر هو عنوان لـ (إبراهيم / محمود ياسين) شقيق (عزيز محارب) في مسلسل (محارب)، حيث باع شقيقه مقابل الفلوس التي أخذها من المحامي (حسام الجيوشي) لكي يظهر في الإعلام ويعترف أن شقيقه (محارب) قاتل.
حيث يذهب (إبراهيم مع حسام) لبرنامج (الحدوتة) الذي يقدمه الإعلامي (تامر أمين) ليؤكد أن شقيقه محارب قاتل.
العتاولة
حب التملك والسيطرة والسلطة هو الذي يسيطر على الحرامي (خضر / طارق لطفي)، في علاقته بشقيقه حرامي الخزن (نصار / أحمد السقا).
فحب التملك والمصلحة عند (خضر) جعلاه لا يريد أن يبتعد عنه شقيقه (نصار)، حتى لو بعلاقة عاطفية، لهذا يقوم بحرق شقة شقيقة (نصار) حتى يضمن ولائه له، وعدم الابتعاد عنه.
وخلال الحلقات القادمة سنعرف مصير العلاقة بين خضر ونصار، وماذا سيحدث فيها؟ خاصة أنها قائمة على المد والجزر!
حق عرب
الخيانة والغدر هو عنوان أيضا لـ (علي السويركي/ محمد ماهر) شقيق (عرب السويركي)، خاصة أن سلوكيات (عرب) المنحرفة حرمت (علي) من دخول كلية الشرطة، مما يجعله في حالة حقد وعداء لشقيقه (عرب).
ومع توالي الحلقات شاهدنا خيانة (علي السويركي) وعمله مع (رباح أبو الدهب/ وليد فواز) عدو (عرب السويركي)، ومازالنا ننتظر المواجهة بين الشقيقيين، وماذا سيحدث بينهما خلال الحلقات القادمة.
كلمة أخيرة
يا صناع الدراما ارحمونا من صراع (الأخوة الأندال) الذي يتكرر كل عام في العديد من الأعمال الدرامية، وكأن الحياة أصبحت غابة مليئة بالوحوش المفترسة من الأخوة الجاحدين الحاقدين الأندال.
وهو ما يضرب القيم الإنسانية ويؤدي بالضرورة إلى تصدع جدار العائلة التي كانت كانت العمود الفقري في المجتمع المصري طوال السنوات التي ظهرت فيها الدراما الرمضانية الحقيقية التي كانت تعني بالقيمة والتي تحرض على الإيجابية.
مطلوب وعلى وجه السرعة تفعيل (كود) المجلس الأعلى للإعلام، وذلك بمراعاة التماسك الأسري في أعمال الشركة (المتحكرة) لهذه الصناعة، التي أصبحت صناعة ثقيلة يصرف عليها مليارات الجنيه سنويا بلا أي جدوى سوى تمزق وانهيار المجتمع.
ظواهر سلبية عديد تلفت نظر الأعمي في إنتاج مسلسلات الشركة (المحتكرة)، بينما يتشدق مسئوليها بالواقعية والتعبير عن مشاكل المجتمع، مع أن أهم أهداف الدراما بحسب قول أرسطو في كتاب الشعر: (إن التاريخ يكتب الأحداث كما وقعت، ولكن الدراما تكتب الأحداث كما كان ينبغي أن تقع).
ولهذا أهمس في أذن مسئولي الشركة (المحتكرة): راعوا ربنا في أجيال قادمة تنظر إلى علاقة الأخوة بشيئ من التقديس والاحترام، ومن ثم لابد من الحفاظ الأسري الذي يعني تماسك المجتمع المصري برمته، هذا إذا كنا نرغب في تأسيس حقيقي لـ (الجمهورية الجديدة) التي ينادي بها الرئيس السيسي.