كتب: أحمد السماحي
حظيت (الأم) بنصيب وافر في تراث الأمم والأقوام، فمنذ بدء الخليقة وفجرالتاريخ وإلى اليوم تبقى لـ (الأم) منزلة خاصة، ونالت عند العرب حظوة ومكانة.
ولذلك أعطت الرسالة النبوية للمرأة نصيبا كبيرا من الحرية والتكريم، وقد أوصى القرآن الكريم بـ (الأم) لفضلها ومكانتها.
فقال عز وجل: (ووصّينا الإنسان بوالديه حَملته أمه وَهْناً على وهن، وفِصاله في عامين أنْ اشكر لي ولوالديك إليّ المصير).
وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (الجنة تحت أقدام الأمهات)، كذلك عاشت (الأم) في ضمير المبدعين وعلى أسنة أقلامهم عنواناً للبذل والرحمة والوفاء وغيرها من المعانى.
بل إنها كانت وستظل ترجمانا لأنضج مافينا من حس إنساني رفيع موصول، لاتنطفئ منه جذوة الشوق ولايجف منه نبع العطاء الوفير.
فاللأمومة بعد إنساني عميق لم تغفل الأغنية والسينما عن الالتفات إليه والحفاوة به، كنبع لاينضب ومخزوناً عامرا للقيم الإنسانية الرفيعة.
فردوس محمد في عيد الأم
اليوم يحتفل العالم العربي بعيد (الأم)، الذي يأتي هذا العام تزامنا مع شهر رمضان، فيضفي على العيد نوع من الصوفية والروحانية، ومنذ بدأت السينما المصرية و(الأم) حاضرة بقوة فى أفلامها.
وفى البداية لم يكن وجود (الأم) مؤثرا، وكانت تنطق كلمات معدودة ومحفوظة من قبل الجمهور، لكن مع التغييرات التى حدثت للمرأة المصرية بعد ثورة يوليو1952، أصبح للأم كلمة مسموعة.
وشاهدنا العديد من الأمهات الخالدات في السينما مثل (دولت أبيض، فردوس محمد، ناهد سمير، عقيلة راتب، مديحة يسري، ليلى طاهر، زيزي البدراوي، فردوس عبدالحميد، وكريمة مختار) وغيرهن.
لكننا اليوم ونحن نحتفل بعيد (الأم)، سنتوقف عند نوع آخر من الأمهات لم يلدن أولادا وبناتا من أرحامهن، وبالرغم من ذلك أعطين حياتهن وكرسن أعمارهن للفن، وأجادن بشكل مذهل فى دور (الأم).
(أمينة رزق) أشهر أم
أول هذه الأمهات (أمينة رزق) التى قدمت تنويعات كثيرة على دور (الأم) من مختلف الطبقات الاجتماعية التى يغلب علي تعاملاتها مع أولادها الحنان والعطف والرحمة، والقوة إذا لزم الأمر.
كما حدث فى أفلام (بداية ونهاية، دعاء الكروان، الشموع السوداء، أمهات فى المنفى، الكيت كات) وغيرها.
على النقيض قدمت الفنانة (علوية جميل) دور (الأم) القوية، المتغطرسة، التى تنتمي لطبقة غنية وتهتم بالمظاهر، كما حدث فى أفلام (بين أيديك، مع الأيام، عواطف)، وأعطت هذا الدورمن روحها وكيانها لهذا أجادت وتفوقت على نفسها.
تحية كاريوكا.. (خلي بالك من زوزو)
وأثبتت الفنانة الكبيرة (تحية كاريوكا) أستاذيتها وهى تقدم بكل حرفية مجموعة من الأمهات المختلفات فمن منا ينسى لها (أم العروسة، الكرنك، خلي بالك من زوزو، سوق النساء) وغيرها.
وخطفت شادية القلوب قبل العقول وأبكت الجمهور وهى تغنى لإبنها (سيد الحبايب يا ضنايا أنت) فى فيلم (المرأة المجهولة)، وعادت وأبكت القلوب وهى تعاني من جحود بعض أبنائها فى (لا تسألني من أنا).
ونجحت الفنانة الموهوبة (سناء جميل) بقوة في تقديم دور (الأم) التى تعيش في الأرض فسادا فى أكثر من فيلم، منها (المجهول، حكمتك يارب).
كما قدمت سناء جميل دور (الأم) التى تضحي بأولادها نظير القضية الفلسطينية من خلال فيلم (فداك يا فلسطين) حيث تعيش (أم محمود) حياة هادئة مع أبنائها الثلاثة (محمود، يوسف، طارق)، ويقوم الأولاد بزراعة الأرض.
وبعد الاجتياح الإسرائيلي يقررون استمرار حياتهم بلا مشاكل، وأثناء ذلك يقوم الجار (أبو خالد) باصطياد خمسة جنود اسرائيليين في سيارتهم ويأوى في بيت أم محمود.
وبسبب بطش العدوان الإسرائيلي، يبدأ الأبناء في تعلم الثورة، ويموتوا فداءا لبلدهم فلسطين.
نبيلة عبيد.. (العذراء والشعر الأبيض)
أبهرت نبيلة عبيد الجميع وهى تقدم (الأم خاصة فى فيلم (العذراء والشعر الأبيض) وفي هذا الفيلم شاهدناها زوجة تعشق زوجها لكنها تعجز عن الإنجاب، فتقوم بتبني طفلة صغيرة لكي تملأ البيت سعادة وحبا وحنانا.
وتكبر الطفلة الصغيرة، وتبدو عليها مظاهر الأنوثة فتسترعي انتباه الزوج الذي يقع في حبها ويقيم علاقة آثمة معها، تكتشفها الأم مذهولة.
وفي الفيلم تم حذف ما كتبه (إحسان عبدالقدوس) صاحب القصة الأصلية، في قصته، وتم تحويل العلاقة بين الفتاة والزوج الذي وصل إلى خريف العمر إلى نوع من التعلق المجنون.
في هذا الفيلم قدمت (نبيلة عبيد) أداءا رائعا وهى تحس بإحساس الأنثى بتعلق زوجها بالفتاة التى أصبحت وكأنها ابنتها الحقيقية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
عفاف شعيب.. (الشهد والدموع)
أبدعت (عفاف شعيب) فى أكثر من مسلسل وهى تجسد دور الأم، ولعل أشهر هذه الأدوار، دورها في مسلسل (الشهد والدموع) حيث جسدت دور (زينب جعفر) زوجة (شوقي رضوان) الذي رحل وترك لها أربع أطفال.
وضحت (زينب) بشبابها وجمالها، وكافحت في الحياة حتى تربي وتعلم أولادها حتى أنهوا تعليمهم الجامعي.
سعاد حسني ويسرا وإلهام
أجادت كلا من (ليلى فوزي، وسعاد حسني، ونيللي، ولبلبة، ويسرا، وإلهام شاهين) في دور (الأم) العصرية، وقدمن نماذج رائعة للأم العاملة التى توازن بين بيتها، وتربية أولادها.
وقدمت هؤلاء النجمات صورة مشرفة للمرأة المصرية العاملة والأم في نفس الوقت.