كتب: أحمد السماحي
غياب المصداقية، والمنطق، هو أول انطباع تخرج به بعد مشاهدة الـ 9 حلقات الماضية من مسلسل (بيت الرفاعي)، فكما هو معروف أن أول ميزة تمتاز بها أعمال الإثارة والتشويق هى منطقيتها.
وكلما زادت منطقية الأحداث، وزادت تماسكا وإقناعا، كلما زاد عمق التأثير وحجم الإثارة.
ولعل أول من فهم هذه الحقيقة البديهية هو (هيتشكوك) الذي صنع أفلاما دقيقة للغاية، تكاد تذهلك بشدة ترابطها وتماسكها، تأخذك من يدك منذ اللحظة الأولى، وتتحداك أن تجد ثغرة أو خيطا مضادا.
وتقودك حتى تصل بك إلى المفاجأة الأخيرة التى تهزك وتزلزلك في مقعدك، هذه الحقيقة غابت عن صناع مسلسل (بيت الرفاعي) الذي وجدنا من خلاله أحداث غير منطقية حتى الآن!، فضلا عن فكرة تم استهلاكها!.
أحداث (بيت الرفاعي)
تدور أحداث (بيت الرفاعي) حول تاجر مخدرات سابقا، وآثار حاليا، هو (محمود الرفاعي أحمد فؤاد سليم) الذي يتستر بفعل الخير، وتوزيع اللحم على الفقراء، ومساعدة المحتاجين.
هذا التاجر لديه زوجة هى (صفاء الطوخي)، و4 أولاد هم (الدكتور ياسين/ أمير كراره)، و(الضابط يحيى/ تامر نبيل)، و(جمالات/ رحاب الجمل) و(راقية/ ملك قورة) وكلهم لا يعلمون بتجارته باستثناء ياسين.
وعندما شعر الحاج (محمود) بقرب الموت منه، بدأ في كتابه وصيته ليختار للعائلة (كبير) من بعده، وكتب كل ميراثه لأبن شقيقه (فاروق/ أحمد رزق) الذي رباه، وجعله ذراعه اليمين في تجارته المشبوهة!
اجتمع الحاج محمود، بشقيقه (عبدالحميد/ سيد رجب) وأولاده (ياسين، ويحيي، وفاروق)، وأبلغهم بقراره، وعندما اعترض (ياسين) على اختيار فاروق، طلب الحاج (محمود) من الجميع تركه مع (ياسين).
وتبدأ بينهما مشادة كلامية، تنتهي بتعرض (الحاج محمود) لأزمة صحية كبيرة، وعندما يذهب (ياسين) لإحضار كوب ماء، يعود فيجد والده مقتولا.
الإحباط بسبب (بيت الرفاعي)
ويتهم (ياسين) بقتل والده، ويتم القبض عليه، وهو في طريقه للسجن، تحدث حادثة نعرف فيما بعد أنها من تدبير (فاروق)، ويهرب ياسين حتى يثبت براءته، ويذهب إلى الإسكندرية.
وتدور باقي الأحداث في إطار من الميلودراما الثقيلة، التى هى أكثر أنواع الفن جاذبية للجمهور الواسع عندنا، حيث كلما اشتدت درجة المآسي المعروضة علينا تكاثرت المشاهدة.
وكلما ازدادات الصرخات ثقلا، والأحداث تشابكا ازداد عدد المعجبين!.
الشعور الأول الذي يخرج به المشاهد بعد 9 حلقات من مسلسل (بيت الرفاعي) هو الإحباط الشديد! المصحوب بشيئ من الغيظ، والكثير من التساؤلات.
أولا الإحباط سببه أسماء نجوم العمل الكبار الذين يسعون لإسعادنا، من خلال تمثيلهم المتميز، وأعمالهم التى تحترم عقليتنا، لكنهم في (بيت الرفاعي) خذولنا، ليس لعيبا فيهم لاسمح الله، ولكن لأن الأحداث مستهلكة!
والحقيقة أنه يوجد تمثيل متميز للغاية في (بيت الرفاعي) خاصة للنجم أحمد رزق الذي يسجل تفوقا ملحوظا، من خلال أدائه لشخصية (فاروق) الذي رسم أبعاد شخصيته بشكل رائع.
وذلك من حيث الصوت الذي يتحدث به، وحركة جسده، وطريقة أدائه المدهشة، وعرف كيف يتوازن بين القلق والاندفاع، بين خيبة الأمل والدهشة، بين اليأس والأمل، إنه دور يحسب له ضمن أدواره الأخيرة المبدعة.
الغيظ من صناع (بيت الرفاعي)
ثانيا: وبعد أن تحدثت عن سر الإحباط، اتحدث الآن عن سر الغيظ وهو إنه رغم الأداء الجيد لنجوم العمل، جاء أداء الفنانة (ميرنا جميل) التى تقوم بأداء دور بنت البلد الشعبية الجدعة المليئة بشهامة أولاد البلد، باهتا مليئا بالبرودة والاصطناع!.
أداء (ميرنا) ليس له علاقة بالواقعية ولا الطبيعية، ولكن له علاقة بالتمثيل البغبغاني، فهي في كل مشهد تؤكد لك أنها (حافظة ومش فاهمة!) وإنها تمثل دور بنت البلد الشعبية المليئة بالحيوية والشباب والسخونة.
ولا أدري من وراء مجاملتها بإسناد هذا الدور الكبير لها؟!، والذي أخذته وهبطت به إلى القاع!، وجعلتنا نتذكر نجمات رائعات برعن في أدوار بنت البلد منهم (تحية كاريوكا، هند رستم، هدى سلطان، فريدة سيف النصر) وغيرهن.
ومازاد الغيظ غياب الدهشة، حيث أن أحداث المسلسل محفوظة عن ظهر قلب، والتى سبق وشاهدناها في عشرات بل مئات الأعمال العربية والعالمية.
والتى تدور حول المجرم البرئ الذي يهرب ليحاول إثبات براءته، و في رحلة هروبه تتكشف له حقائق مذهلة بالنسبة للشخصيات القريبة منه!.
أسئلة حائرة حول (بيت الرفاعي)
ثالثا: وبعد أن تحدثت عن الإحباط، والغيظ، أتحدث الآن عن الكثير من التساؤلات غير المنطقية، التى طرحتها وأكيد طرحها غيري، وهى لماذا كتب (الحاج محمود) كل ثروته لـ (فاروق)، حتى سيارات أولاده، بما فيهم الضابط يحيي؟!
والسؤال الثاني: لماذا يفعل (فاروق) ما يفعله في أولاد عمه، الذي نشأ وتربى معهم، لدرجة أنه يذلهم، ويطردهم من قصرهم الفاخر دون شفقة ولا رحمة، لمجرد فقط أنه شرير الشاشة.
رغم أنه عاشق صبابه كما يدعى لعمه ووالدهم الحاج محمود ؟! وهذا العشق كان يتطلب منه أن يكون رفيقا بهم؟!
والسؤال الثالث: كيف يطلب (فاروق) يد (راقية) ابنة عمه، وفي نفس الحلقة يتزوج أخرى؟!
والسؤال الرابع: لماذا اصطحب (ياسين) ابنته الطفلة إلى الإسكندرية في رحلة هروبه المليئة بالمخاطر، ألم يكن يعلم أنه سيقابل أهوال ومخاطر؟!، ولماذا لم يتركها لدى والدتها، أو حتى عمتها الطيبة (جمالات)، أو والدته؟!
والسؤال الخامس: لماذا يكره فاروق، أبن عمه (ياسين) كل هذه الكره، رغم طفولتهما المشتركة في بيت واحد، حتى لو كان يريد أن يلبسه التهمة حتى ينقذ نفسه ولا يجد أحد يحاسبه؟!
أسئلة أخرى كثيرة ستظهر خلال الحلقات القادمة، ونتمنى أن نجد لأسئلتنا، والأسئلة القادمة إجابة شافية!
يذكر أن مسلسل (بيت الرفاعي) تأليف بيتر ميمي وهند عبدالله وعمرو أبوزيد، إخراج أحمد جلال، وبطولة ( أمير كرارة، أحمد رزق، سيد رجب، رحاب الجمل، إيناس كامل، صفاء الطوخى، وميرنا جميل، ملك قورة، محمد لطفى، أحمد فؤاد سليم)، وعدد آخر من الفنانين.