بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح
أتابع باهتمام متفائل خمسة أعمال في (رمضان) هذا العام حتي أكتب عنها، فمن البديات أشاهد أعمال جاذبة، وإنتاج ضخم وتمثيل ناضج إلا من بعض مبالغات عند بعض الشباب في الأداء فيصل للنشاز والخروج عن مكنون حدود الانفعال أحياناً.
ولكن واقع الأمر وللإنصاف علينا أن ننتظر.
متفائل هذا العام فمصر العريقة (هوليود الشرق) لا يمكن أن تقف خطوة تنظيم ثم على فترات متباعدة نجد عملاً يستحق التقدير، ويمكن أن يمثلنا في المهرجانات العالمية.
والسوال: لماذا سيطرالاستخفاف وكوميديا الإسفاف على كثير من أعمال؟، لماذا سيطرت أفلام البلطجة وبرامج الإهانه والفضائح مدفوعة الأجر، ولم نجد فيلماً يقدم صورة جيدة لمصر التي تمتلك ثلث آثار العالم ويزيد؟
لماذا سيطر قانون الطفو، ورغم محاولات لبعض أفلام أشاد بها الكثيرون من أمثالي عواجيز المشهد؟.
لماذا تتوه أعمال اعترفنا بالإبداع فيها في (رمضان) مثل (الاختيار، والممر)، وأخيراً (تحت الوصاية) العام الماضي ومتوقع الحشاشين هذا العام؟
لماذا لا تتدخل وزارة الثقافة وتقنن وتفرز الإنتاج حتي يخرج المقاولون وأصحاب السبوبة من المشهد الفني العبثي إلا من قليل وفقط؟،
مهرجانات كثيرة ومعظمها للترضية وتتوه، المهرجانات الحقيقية وسط كثير من سبوبة وحفلات يندس فيها السذج الملابس الفاضحة، ونستمع لهرتلاتهم الساذجة وتحت اسم (مهرجان).
لقد أصبح لدينا مهرجان لكل مواطن كما كافيه لكل مواطن!.. اتقوا الله في مصر التي استلمتم اسمها، وهى تمثلنا في كل مهرجانات العالم، وينتج مبدعوها من مالهم ومعظمهم قابل ربه فقيراً هل أذكركم؟:
فيلم (شيئ من الخوف)
إسماعيل يس مات بعد أن فقد كل ما يملك علي المسرح، وكذلك أنور وجدي، صلاح ذو الفقار الذي أنتج فيلم (شيئ من الخوف) للمبدعة شادية، وقصة ثروت أباظة وإخراج حسين كمال.
و(أريد حلاً) للمبدع سعيد مرزوق وغير في قانون الأحوال الشخصية، كما فعل من قبله فيلم (جعلوني مجرماً) للنجم فريد شوقي، وصدر قانون بالإعفاء من السابقة الأولي وكذلك خمسة أفلام أخرى، وهنا تأكيد لدور الإبداع الفني الواعي.
ولدينا الآن نجوم عظماء من الجنسين، وبعضهم يدرك قيمة الإبداع وأنتج بعض الاعمال الجيدة والتي تستحق الإشادة والتقدير.
لكن للأسف وسط كثير من أعمال طيبة معظمها لنجوم ساذجة لا تبحث إلا على المال والانتشار، ومنهم من لم يقرأ كتاباً ولا حتي جريدة إلا في حال أن كتبت عنه يتباهي بالعربات والطائرات.
إنه عري الفكر قبل عري الجسد، لدينا نجمات لم تقرأ إلا الطالع والحظ والكف في (رمضان)
المهم تمتلئ قاعات المهرجانات بالأهل والعشيرة وتتسابق كاميرات الإعلام الموازي الطيب وفنانات إعلام الموبايل لتقديم هطل وهراء وأسئلة غبية تأني بإجابات أكثر غباءاً.
وتضيع وسط هذا الكم الكبير من التسطيح بالرغم من أعمال جيدة وواعية لنجوم حقيقيين، لكنها تتوه وسط كثير من سذاجة.. اتقو الله في مصر!
هل تعلمون أن الفنون والقوى الناعمة هى قاطرة التنوير والوعي؟، هل قرأتم تاريخ السينما في العالم، وماذا قدمت السينما الأمريكية للمشاهد الأمريكي، وكيف كرست بمقولة بلد الأحلام وبلد القدرات وبلد الجيش الذي لا يقهر وبلد الانتصارات حتي علي غضب المناخ والأعاصير ومشاكل الصراع للسيطرة علي الفضاء؟
كم فيلم عن رؤساء الدول ودورهم وتشريح للسلبيات، وليس فقط إنما بغرض أذكى، وهو تأكيد قيمة العدالة، وأن الصحافه حرة وان المواطن له حقوق وواجبات؟، رغم كثير من سلبيات نراها في الواقع.
لكنه دور الفن التنويري وتسليط الضوء علي كل الإيجابيات في كل مناحي الحياة، وتقديم كل ما يمكن حتي لخدمة السياحة، ومن هنا تسعي الدول الذكية لفتح المجال لتصوير الأفلام الغربية لديها وتسهيل كل العوائق للتعريف بالبلد وخدمة السياحة.
ونجد تأكيد ذلك حين يذهب النجم الأمريكي الشهير (توم كروز) ليصور فيلم (المهمة المستحيلة) في دبي ويجد كل الدعم، إنه ذكاء المسؤلين في دبي.
ونجد ذلك يحدث في المغرب الشقيق ويساعد علي زيادة أعداد السياح، وأتمني من الله أن أجد مصر تفتح أبوابها وتستقبل عروض تصوير الأفلام الغربية فتنتعش السياحة التي تليق بدولة تمتلك ثلث آثار العالم ولديها كل الإمكانيات الجمالية من شواطي وآثار مصرية قديمة وإسلامية وقبطية.
ماذا قدمت (أوبرا وينفري)؟
بعيدا عن (رمضان) هل شاهدتم (جاري أولد مان)، وماذا قدم حين قام بدور (تشرشل)؟، هل شاهدتم ماذا قدمت السينما الأمريكيه من أفلام عن الحرب العالمية الثانية، وبسالة المقاتل الأمريكي؟
هل شاهدتم ماذا قدمت (أوبرا وينفري) للإعلام، وماذا قدمت لأكثر من خمسة وستين ألف فقير تكفلت بتعليمهم منذ أكثر من ربع قرن، ولم يعرف الكثيرون عن ذلك إلا خلال حفل الاعتزال الذي أقامته؟
والملفت أن بعض هؤلاء الفقراء تخرج من (هارفرد) أعظم جامعات العالم، لقد قدمت وبأموالها للسينما وللإعلام من قيم وفنون عبقرية.
هل عرفتم ماذا قدم العبقري (كوينسي جونس) مكتشف أوبرا وينفري وسبب نجومية (مايكل چاكسون) وعظماء الغناء في أمريكا، منذ أن تعامل مع المبدع (فرانك سيناترا)؟
وقد أنتج فيلم (اللون الأرجواني) لستيفن سبيلبرغ، ووضع موسيقي فيلم (في لهيب الليل) بطولة (سيدني بواتيه، ورود شتيجر)، وماذ قدم من مناصرة لقضايا السود ومشاكلهم، ووصلت مجهوداته إلى الأمم المتحدة وحقوق السود ودعم الفقراء في افريقيا.. هكذا الفن والفنانون الحقيقيون.
هل قرأتم كتاب (فيولاديفز) وقصة حياتها، وماذا قدمت بطلة الجوائز وتقدير أكاديميات الفنون والإبداع بعد مشوار من المعاناة، وكتبت فخورة أنها كانت تطرد من المدرسة للرائحة فلم تكن تستحم بالايام فليس لديها مياه ساخنة لتستحم!
وكيف اغتصبت طفلة وكيف سارت علامة في السينما الأمريكية وحاصدة للجوائز، ولم تشتر طائرة ولا أسطول عربات ولا قدمت عاراً تخجل من.٠
وحين نتحدث عن السينما الامريكيه لا نغفل أنها خدمت أمريكا وكرست لمقولة (الحلم الأمريكي، وبلد الأحلام) وسط عرض لبعض السلبيات المقصودة.
فقط لتأكيد المصداقية الفن والإبداع اختيار، ويجب مرعاة ذلك، ومتفائل بالزخم في (رمضان) هذا العام، فلدينا مبدعون عظماء ومصر تنطلق وتستحق.