(ماري كويني).. الفاتنة التى ضحت بجمالها لأجل ابنها نادر جلال
* في فترة بعينها كانت (ماري كويني) علي أغلفة الأعداد الخاصة للعديد من المجلات
* كان يكتب في حملات الدعاية لفترة طويلة أنها (نجمة مصر الأولي)
* كانت أكثر جاذبية وأنوثة من خالتها الممثلة والمنتجة الرائدة (آسيا)، التي جاءت معها من لبنان
* غنت أغنية (ياحبيبي تعالي الحقني شوف اللي جري لي) قبل أسمهان
* في كافة الأفلام كانت امرأة قدرية تأتيها المصادفات في الوقت المناسب
* آمنت كمنتجة بالشباب فساندت يوسف شاهين وحسن الأمام
بقلم الناقد والباحث السينمائي: محمود قاسم
نحتفل هذه الأيام باليوم العالمي المرأة، وبهذه المناسبة نتذكر واحدة من رائدات الفن السينمائي، وفي نفس الوقت من جميلات السينما، وهي الفنانة والمنتجة الرائدة (ماري كويني).
فلو كنت من عشاق جمع أغلفة المجلات الفنية المصرية القديمة مثلما فعلت دوما، فسوف تلاحظ أن هناك حرصا شديدا من المجلات في فترة بعينها بأن تكون (ماري كويني) علي أغلفة الأعداد الخاصة من مجلات عديدة أبرزها (الأثنين والدنيا) و(الاستوديو)، و(الصباح)، و(السينما)، و(الراديو) وغيرها.
وسوف تتأكد أن (ماري كويني) أيضا جميلة الجميلات، التي انتجت الكثير من أفلامها، وكان يكتب في حملات الدعاية أنها (نجمة مصر الأولي) لفترة طويلة.
وهي أيضا من غير المصريات اللائي كسون الجمال سحنة خاصة لبنات لبنان اللائي ملئن الشاشة، ولا شك أنها كانت أكثر جاذبية وأنوثة من خالتها التي جاءت معها من لبنان الممثلة والمنتجة الرائدة (آسيا).
حيث تبدو هذه الأخيرة أقرب للرجال خاصة مع تقدم السن، لكن للحق فان من شاهد جمال المرأتين في أفلام الثلاثينيات، يلاحظ الجمال اللبناني واضحا علي الاثنتين معا.
خاصة ابنة الأخت في فيلم (زوجة بالنيابة) حيث تبدو ماري كويني في قمة تالقها، وهى ترقص وتغني أغنية صارت من أشهر أغنيات أسمهان فيما بعد وهي (ياحبيبي تعالي الحقني شوف اللي جري لي).
(ماري كويني).. البدايات
ماري كويني) – 13/11/1916 – 25/11/2003 – المولودة في تنورين بلبنان جاءت إلى القاهرة مع والدها بطرس يونس، وأختها هند والأم مريم داغر.
والخالة (آسيا داغر) في عام 1923، واستقروا في منزل أحد الأقرباء كان يعمل صحفيا في جريدة (الأهرام) واسمه (أسعد داغر)، وفي القاهرة التحقت ماري بمدرسة (سان فانسان دو بول).
الا أن (ماري كويني) لم تكمل تعليمها باعتبار أنها عملت في السينما مع خالتها وهي في سن صغيرة، فقد عملت ككومبارس، ومونتيرة في أفلام عديدة، منها فيلم (ليلي) عام 1927، حيث عملت أيضا مع اختها هند في فيلم (غادة الصحراء) عام 1929.
كانت (آسيا) أمرأة ذات عقلية تجارية فاسست شركة انتاج بإسم (لوتس فيلم) صارت فيما بعد من كبريات شركات الانتاج، وقد تعرفت (أسيا وماري) علي الصحفي (أحمد جلال) الذي كان يعمل في دار الهلال.
وصار مخرجا يعمل معهما دوما، ومن بين الأفلام التي عمل الثلاثي فيها (عندما تحب المرأة) عام 1932، و(عيون ساحرة) عام 1934، و(شجرة الدر) عام 1935، ثم (بنكنوت) و(زوجة بالنيابة)عام 1936.
(ماري كويني) وناقد الصباح
في فيلمها (زليخة تحب عاشور) عام 1940 قامت (ماري كويني)بدور فتاة تروض الوحوش في سيرك.
وكتب ناقد مجلة (الصباح) عن دورها يقول: (بقدر ماكان دورها غريبا وشاذا، فان تمثيلها كان معقولا يفرض شخصية متلئلئة في سماء الفن السينمائي بمصر..
وأننا نعتقد أن هذه الممثلة الناجحة أصبحت في عداد الممثلات التي نعتمد عليهن كل الاعتماد، ويقينا أن ماري كويني يصح أن توضع بين النجوم المتلألئة في سماء الفن السينمائي في مصر).
الثلاثي (آسيا وماري وجلال)
عندما أسست أسيا شركة (لوتس فيلم) كان لكل طرف من الثلاثي دور محدد، فأحمد جلال بقوم بالتأليف والاخراج، و(ماري كويني) تقوم بالمونتاج والتمثيل، و(آسيا) لها الإنتاج والبطولة.
وعندما تزوجت (ماري كويني) من أحمد جلال، فان الاثنين أسسا شركة إنتاج، وقاما ببناء (ستوديو جلال)، وانفصلا تماما عن (آسيا) التي كان عليها اكتشاف هنري بركات، بدلا من أحمد جلال.
وقدمت (ماري كويني) أفلام مهمة مثل (السجينة رقم 17)، و(الزوجة السابعة)، و(نساء بلا رجال)، و(كانت ملاكا)، وغيرها كما حمل الكثير من أفلامها أسماء نسائية منها (ماجدة)، و(رباب) و(زليخة تحب عاشور) و(أم السعد) و(إلهام).
(ماري كويني).. زوجة بالنيابة
بدت (ماري كويني) في أحسن حالاتها في فيلم (زوجة بالنيابة)، رغم أن البطولة المطلقة كانت للخالة (آسيا)، ففي هذا الفيلم قامت (ماري كويني) بدور فتاة ليل تعمل في احدي صالات الليل تدعي (عنايات)
قدمت (ماري كويني) دور (عنايات) وكان يرتسم على وجهها كل الملامح الجميلة حين تبتسم، أو تحزن، أو تتأثر، ورغم أن الدور قصير فإنها ملأته حيوية وجمال بشبابها الغض.
وغنت (ماري كويني) بصوتها أكثر من أغنية، وكان جمالها يتسم بالاشراق كلما ابتسمت أو ضحكت باعتبار أن ماري كويني قد جسدت دوما دو المرأة الحزينة الكئيبة، المظلومة.
(ماري كويني).. رباب
دور المرأة الحزينة جسدته (ماري كويني) في فيلم (رباب) علي سبيل المثال ففي هذا الفيلم مثلا هي الفتاة الهاربة من اسرتها لا تريد الزواج، وتنزل الي المدينة، وتعمل في وظيفة مؤقتة.
وتكون سببا في أن يموت حبيبها الشاب (إحسان)، وهو ينطلق في السيارة بسبب جنون السرعة، أما هي فتنجو من الموت، وتختفي عن الأنظار لمدة عامين وتعمل مدرسة موسيقى، دون أن تعلم أن طاهر والد القتيل يبحث عنها للانتقام.
وأنه نفس الشخص الذي أنقذها من الغرق، كما أنه صاحب المدرسة التي تعمل بها حتي اذا رآها هناك أمر بفصلها كي يتزوجها!.
وقد اتخذت لنفسها اسما جديدا، وتعيش في قلق أن يكتشفها زوجها خاصة أن (عبد الجبار) الذي يعرف سرها قد خرج من السجن وراح يبتزها وحاول اغتصابها فدافعت عن نفسها.
وهكذا فإن (ماري كويني) كان زوجها يسند إليها الأدوار الحزينة، ولم يكن يميل إلى الكوميديا التي تبدو فيها في أحسن حالتها.
وكان (أحمد جلال) قد أسند لها دور أخته في فيلم (بنت الباشا المدير) ما يعني أنها كانت دوما تأخذ الأدوار المساعدة حين تعمل في أفلام من بطولة خالتها أسيا.
(ماري كويني).. إلهام
في فيلم (إلهام) عام 1950، نرى (ماري كويني) تقوم بالعمل في فيلم له طابع ديني، لمخرج اعتاد هذا النوع من الأفلام، فهي امرأة تعيش في الصحراء، تعثر علي شيخ خرج إلى الحياة ليكتشف سرها.
وقابل (إلهام) التي حكت له سيرة حياتها فهي امراة قدرية، مر في حياتها العديد من الرجال، وبعد أن هربت من بيت أسرتها عقب افلاس ابوها وموت امها، عثر عليها رجل في الصحراء.
واصطحبها إلى قصره، لكنها لم تتعلق به، وبسببه تنهار، وتقابل أكثر من رجل، وتصطدم فيهم، وقد مر هؤلاء الرجال كالسراب في حياة (إلهام) الي أن جاء هذا الناسك الي الصحراء، وحكت له حكايتها، واصطحبها معه الي مكة المكرمة.
كما نري فإن (ماري كويني)، لم تخرج كثيرا عن الأدوار التي كانت تكتب لها، وهي المرأة الهاربة التي تنتقل بين من يحبونها فيما يسمي بقانون المصادفات.
فهي في كافة الأفلام التي تحدثنا عنها امرأة قدرية تأتيها المصادفات في الوقت المناسب، وتخرج من المتاعب الي بدائل ما تلبث أن تنهار من حولها، كأنها ترتكب الخطأ دون أن تلمس الخطيئة حتي اذا افترنت برجل كانت هي البريئة التائبة.
(ماري كويني).. الزوجة السابعة
في عام 1950 أيضا قدمها المخرج إبراهيم عمارة في دور كوميدي جديد عليها أقرب إلى (ترويض النمرة) في فيلم (الزوجة السابعة)، حيث نراها فتاة من أسرة غنية، انهارت أحوال أبوها المالية.
ويتقدم لها عريس، وتتزوجه لتكتشف بأن العريس الذي تزوجته قد سبق له الزواج ست مرات قبلها، فترفضه، وتقرر أن تلقنه درسا من خلال مجموعة من المواقف.
الملاحظ هنا أن (ماري كويني) كفت عن الغناء في الأفلام، وحاولت أن تكون لها صورة مغايرة بعد رحيل زوجها أحمد جلال، وصار عليها أن تختار الأدوار المغايرة.
ولم تكن في أفلام الخمسينات نفس الفتاة البريئة، والجميلة، وقد بدأ صوتها العادي يزداد بحة، وكأن شيئا ما قد حدث، وسوف تبدأ في الاقلال بشكل ملحوظ في العمل كممثلة.
(ماري كويني).. ضحيت غرامي
ففي هذه الفترة كانت (ماري كويني) مسئولة عن كل كبيرة وصغيرة في إدارة ستوديوجلال، وتفرغت للإنتاج، وأخفت جمالها، وضربت المثل في الوفاء.
ووهبت نفسها لابنها الطفل (نادر جلال) الذي دفعته بعد ذلك لاستكمال مسيرة أبيه (أحمد جلال) الذي رحل، وهى في الثالثة والثلاثين من عمرها.
ولم تتزوج (ماري كويني) بقية حياتها، وقد رأيناها تستعين بابنها (نادر) كممثل طفل في بعض الأفلام مثل (ضحيت غرامي)، حيث وضعت اسمه قبل أسماء كل النجوم بشكل بارز ما يعني أنه البطل المطلق.
ودفعت بالسيناريو إلي المخرج (إبراهيم عمارة) كي تؤدي دور الزوجة الوفية التي تحب زوجها الطبيب الذي يتخذ لنفسه عشيقة يفضل صحبتها عن حضور حفل عيد ميلاد ابنه.
وعندما يقرر التوبة عن الخيانة فتدس له العشيقة السم في الطعام وتتهم الزوجة أنها القاتلة.
وفى هذه الفترة كانت السينما تسند إلي النجمات الجميلات نوع معين من الأدوار فلا يجسدن غيره، خاصة راقية ابراهيم، وماري كويني.
ما يوحي أن المرأة الجميلة ذات الملامح الأوربية هي امرأة مخلصة وفية في المقام الأول، وقد أثبتت التجارب صحتها بالنسبة للنجمتين.
ففي فيلم (ضحيت غرامي) فان الزوجة تتقبل أن تكون متهمة بالقتل، دون أن تذيع أن هناك عشيقة في حياة زوجها، لذا فإنها تؤثر الصمت!.
ويقوم المحامي صديق زوجها الذي يحبها من طرف واحد بكشف تفاصيل قتل صديقه للعدالة، خاصة أن الزوجة (سامية) هربت من العدالة، تصبح مشكلتها هى مساندة ابنها الذي لايجد من يعتني به .
وذلك في الوقت الذي تطمع فيه أسرة الزوج الي الحصول علي الميراث، هنا نحن أمام امرأة مثالية لايهمها براءتها أمام الحفاظ على سمعة زوجها.
وعليه فان هناك جمالا إضافيا إلى جمالها، وهو النبل الشديد، فرغم أن الزوج خائن فإن الزوجة تحتفظ بسره والمحامي هو الذي افشي السر دون إرادتها.
(ماري كويني) ونساء بلا رجال
في فيلم (نساء بلا رجال) ليوسف شاهين تبدو التجربة غريبة، ومختلفة مصبوغة بالاستعراضات، والغناء، وتبدو غير مستساغة، وهى الظهور الأخير لماري كويني على الشاشة.
لقد حدث ذلك في فترة مقاربة لإنسحاب (راقية إبراهيم) التي نشبهها بجريتا جاربو، ويمكن أن نقول أن الممثلات في تلك الفترة كن يعرفن متي يقمن بتوقيع العقود؟ ومتي ينسحبن من الأضواء؟
مثلما فعلت (ليلي مراد) عام 1955، أما (ماري كويني) فلم تبتعد عن السينما، ولها في هذا الشأن الكثير من الأفلام الجيدة التي قامت بانتاجها.
(ماري كويني) وإيمانها بالشباب
من حسن حظي أنني قابلت (ماري كويني) عام 1995 في العرض الخاص لفيلم (بخيت وعديلة) من إخراج (نادر جلال)، وبدت رغم السن بالغة الاشراق والجمال.
بما يوحي أن هذا الجمال الراقي، قد نست الأنثي بداخلها من أجل الوقوف وراء ابنها الذي أعتمد عليها بعض الوقت ثم انطلق.
لقد آمنت (ماري كويني) دوما بالمخرجين الشباب، فهي التي انتجت فيلم (ابن النيل) ليوسف شاهين، وكان آنذاك في الخامسة والعشرين من العمر.، كما أنتجت له فيلم (فحر يوم جديد) عام 1964.
وتحمست لحسن الآمام ليقدمها كمنتجة أفلام عديدة منها (ظلموني الناس) و(أنا بنت ناس)، و(أسرار الناس) عام 1951، ثم (قلوب الناس) عام 1954، وكان فيلمها الأخير كمنتجة هو (أرزاق يادنيا) من أخراج نادر جلال عام 1982.