بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
كل عام وأنتم ومصر والأمه الإسلاميه بخير، يهل علينا شهر (رمضان) هذا العام ونحن في صراع مع يوميات الحياة لكسب قوت يومنا.
ننتظر بأمل في تحسن الأحوال، تارة بعد ضخ المليارات في صفقة رأس الحكمة، وتارة بعد تحرير سعر الصرف، وتارة بعد جهود الحكومة للرقابه علي الأسواق، وتارات أخري بإيمانهم العميق بالله وستره.
ومع دخول الشهر الكريم عادت أغاني (رمضان) التراثيه من (مرحب شهر الصوم، وحوي ياوحوي، أهو جه ياولاد، رمضان أهلا، يافرحة رمضان) وغيرها.
وكأننا نعيش علي تراث أجدادنا الفراعنة أثريا وسياحيا وتاريخيا، ونعيش علي ثراث أجدادنا السابقين غناءا وفنا وتراثا.
إقرأ أيضا : 8 مسلسلات (كوميدية) في الماراثون الرمضاني تحاول أن تُنسي الجمهور غلاء الأسعار!
ولم تظهر أغنيه بعد هذا الزخم للشهر الكريم تتعلق بها أسماعنا وقلوبنا وتعيش طويلا معنا كما عاشت أغاني المبدعين من السابقين أجدادنا.
وينطبق ذلك علي مناسبات عديده مثل الأغاني الوطنيه في مناسباتها فما زلنا نعيش علي أغاني (حليم والست ووردة وألحان علي إسماعيل وغيرهم.
وكذلك المناسبات الاجتماعيه كعيد الأم فلم نستطع أن نقدم شيئا يرقي إلى شهرة وإستمرار (ست الحبايب لفايزه أحمد)، وقس علي ذلك إفلاسنا في الأفلام والمسلسلات وحتي المسرح والأوبريتات.
ورغم كل مايتم إنفاقه على إطلاق وإنتاج شركات وشبكات الميديا في بلدنا وهو بالمليارات، إلا أن محصلة الإبداع صفر.
وأصبح جزء من ثقافة وسائل إعلامنا انه عندما تقترب منا مناسبة دينية مثل (رمضان) أو وطنيه أو اجتماعيه نسارع إلي مواد الأرشيف والمكتبات لاستخراج ما تم إبداعه مسبقا لتغطية احتفالاتنا بهذه المناسبة.
ورغم تعدد الجهات الرسمية والخاصة ذات الصلة بصناعة الميديا في مصر، وتعدد لجانها وكثرة تقاريرها، إلا أننا لم نسمع عن لجنة تسمي لجنة (إنتاج المناسبات) تراجع ثراثنا الخاص بالمناسبات، أو تعيد توزيعه أو تعيد تصويره وإخراجه.
خبراء الأغنية والمسلسلات والسينما
كما تنتقي من إبداعات أهل مصر أفضلها غنائيا ودراميا وغيرها وتوصي بإنتاج ذلك بشكل جيد، ويكون في هذه اللجنه خبراء الأغنية، والمسلسلات، والسينما، والمسرح والأوبريتات.
عندها سننتح مايعبر بصدق عن شعبنا ومناسباته كلها بشكل يخرجنا من دائرة العيش علي ما أبدعه أسلافنا.
ومع كل (رمضان) ننادي بضرورة أن نبدع حديثا إنتاجا خاص بنا ولم يحدث، ثم ننادي بدراما (رمضان) من فوازير ومسلسلات دينية، وكذا ابتهالات حديثه غير ما تركه الشيخ نصر الدين طوبار أو الشيخ سيد النقشبندي وغيرهم.
ومع غياب أغاني (رمضان) والفوازير والابتهالات والمسلسل الديني، والتاريخي، والأوبريت وغيرهم أجد نفسي متحسرا على نضوب إبداع أجيالنا، وعلي اعتمادنا علي ما تركه لنا أجدادنا.
إقرأ أيضا : 13 مسلسلا تصاحبنا طوال شهر رمضان مليئة بالأكش والكوميديا والسحر!
ورغم علمنا المسبق بقدوم المناسبه أية مناسبة، إلا ننا لم نستعد لها رغم عظيم الإمكانات المالية والتقنية والبشرية، فبالله عليكم اهل الميديا أجيبونا: ماذا يمنع إنتاج فوازير (رمضان) وأغانيه، ودراماه الدينية والتاريخية والوطنية؟
لقد توقف إبداعنا في الفوازير بعد (نيللي وشريهان) ومن أعقبهم، وتوقفنا عند أغاني عبد المطلب وأحمد عبد القادر، وكان آخر عهدنا بالدراما الدينيه والتاريخيه (محمد رسول الله، والكعبة المشرفة، والقضاء في الإسلام وغيرهم).
فلماذا لم نر أغان بنجاح هذه الأغنيات، ولا ابتهالا بعظمة ما ورثناه، ولا مسلسلا دينيا بصخامة مسلسل (محمد رسول الله) ولاعملا تاريخيا مثلما ازدحم به أرشيفنا الأغر من إبداع السابقين؟
ولما رضينا بالعيش علي تراثنا؟، ولماذا لم نفتش عن الموهوبين منا؟، ولماذا لم ننظم مسابقات للمبدعين في مجالات (أغنية المناسبات، والمسلسل الديني، والابتهالات، والمسلسل التاريخي، والوطني، وأحلى فكرة (فوازير، والمسحراتي)؟
أليس ذلك بعيب نتسم به، وتقصير ينسب إلينا، وإهمال للإبداع نلام عليه، وتواكل علي ماضي يدعنا ورثة كسالي؟!
سباق الدراما والبرامج في (رمضان)
إن الأمر يتعلق بعدم بذل الجهد للوصول إلى إبداع جديد ومبدعين جدد، ولقد بدأ سباق الدراما والبرامج في (رمضان)، ومما سبق التنويه عنه وشاهدنا تنويهاته، فإن البرامج مازالت تافهة المحتوي،غريبة المقصد.
تدور في إطار الشخصنة والحياة الخاصة، والملاسنات والنميمة والفتنة وتسطيح عقلية المشاهد وتهميش ثقافته وروافدها، ومازالت دراما (رمضان) بها الكثير مما لا يصلح وتقاليد الشهر الفضيل من عري وقتل وشرب ورقص.
وكل ذلك لا يتناسب مع شهرنا المعظم ولا مع أعرافنا الراسخه ولا مع ديننا الحنيف، ولست أدري لما لم يتم الضبط الذاتي للمحتوي الرمضاني وألفاظه ومفرداته؟
ولماذا لم يتم الضبط من النقابات ومسئوليتها تجاه مجتمعها؟، ولماذا لم يتم الضبط من لجان أزهرنا الشريف؟، ولماذا لم يتم الضبط من خلال الدوله ومسئوليتها تجاه عقول وافكار وإبداع اهل مصر؟
وماشاهدنا من تنويهات لبرامج ودراما (رمضان) لا يبشر بخير في معظم أجزائه حيث نفس المؤلفين والمخرجين والأبطال من محسوبي الشركه صاحبة الحظ الأفر في كل الإنتاج البرامجي والغنائي والدراما.
إقرأ أيضا : تعرف على (المسلسلات) التي ستعرض في الماراثون الرمضاني مكونة من 15 حلقة
ومع ذلك لم تخط خطا في خطة لأعمال المناسبات في مصر منذ سنوات، ولست أدري هل هم منفتحون علي إنتاج الغير من حولنا؟، وهل يسمعون عن الإنتاج التاريخي والديني من حولنا؟
وهل وصل لأسماعهم البرامج ذات الإنتاج الضخم أيضا من حولنا، وهل انقرضت ظاهرة الفوازير، وهل انتهي كورال الأطفال والمسرح والسينما وفنون أخري كثيرة؟
إن إنفاقنا على عمليات الإنتاج والبث وعلى الحفلات والإعلانات لهو كاف لعودتنا أفضل مما كنا، المهم أن نستمع لبعض، وأن نبحث عن الإبداع، وأن نسير فوق خطط، وأن نراقب من حولنا.
لأن التفوق الإعلامي ليس بضخ المليارات، ولا بكثرة الإعلانات ولا بعدد الشاشات ولا بالقرب من السلطة، إنما التفوق بالفكرة السباقه، ومفردات الإنتاج الجيد، والكوادر المناسبه، والقدره على المنافسة والفائده للوطن وصورته وأهله.
هكذا نخرج من قواقعنا إلى الفضاء الأرحب ريادة وتنافسا وجودة، كل عام وانتم بخير ،وحمي الله مصر، وتحيا دوما مصر.. آمين ورمضان كريم.