بقلم: محمد شمروخ
مع انطلاق أغانى رمضان كما يحدث في مثل هذه الأوقات السابقة لدخول شهر رمضان الكريم، تسمع صوتهن وهن يغنين معا هذه الأغنية من خلال فريق (الثلاثي المرح).
ورغم أن هناك أغانى كثيرة عن رمضان، لكن تبقى بعض الأغنيات في المقدمة بل تشم فيها روائح رمضان ومذاقاته المميزة وتعيش أجواءه بعد أن يرتدى الوجود كله الرداء الرمضانى في مثل هذه الأيام كل عام.
هناك (أهلا رمضان) لعبد المطلب، و(وحوى ويا وحوى) لأحمد عبد القادر، و(أهو جي يا ولاد) لـ (الثلاثي المرح).
وإن كان يمكن أن تضع معهما في المقدمة أغانى أخرى، إلا أن هذه الأغنيات الثلاثة أظن أنها الأكثر التصاقا برمضان من غيرها.
لكنى هنا لا أتحدث عن أغانى رمضان، إلا كمدخل للحديث عن تجربة (الثلاثي المرح) صفاء وسناء ووفاء.
وهى تجربة مميزة في تاريخ الغناء المصري الحديث وبلغ من شهرة هذا الفريق البناتى البديع، أن أصبح الناس يطلقون على كل ثلاثة متقاربين (الثلاثى المرح) بغض النظر إن كانوا رجالا أو نساء أو حتى أطفالاً!
لقد كانت تجربة (الثلاثي المرح).. (وفاء محمد مصطفى، وصفاء يوسف لطفي، وسناء الباروني)، كانت تجربة فريدة في اختيار الأغانى وإعطائها نكهة مميزة تجمع مع اللون الجديد، ما بين الطرافة والعمق من ناحية الموضوعات والكلمات والألحان. وقد لفتت هذه الفرقة الصغيرة منذ تأسيسها سنة 1958 الأنظار حتى لقيت اهتمام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث قدمت العديد من الأغاني وحققت نجاحا مبهرا في الحفلات الحية التى كانت تقام في المناسبات.
ومازالت أغاني (الثلاثي المرح) تغنى حتى الآن، خاصة أغانى رمضان الذي لقى رعاية خاصة من الثلاثى، بإيثاره بعدة أغنيات بحانب (أهو جى يا ولاد) مثل (افرحوا يا بنات يالا وهيصوا، سبحة رمضان، هل هلال الصوم، وحوى يا وحوي).
والأخيرة كانت بكلمات ولحن مختلفين عن الأغنية الأساسية ونجحت نجاحا كبيرا كان سببه الأساس خفة دم وأداء (الثلاثى المرح) التلقائي البسيط.
تفرد (الثلاثي المرح)
إذن فقد تفرد (الثلاثي المرح) بأنهن أكثر من قدمن أغان لرمضان.
والغريب أنه رغم النجاح الهائل لأغانى (الثلاثي المرح)، إلا أن هذا اللون من الغناء الجماعى لم يشهد تجارب حققت مثل أو قريباً مما حققت سناء وصفاء ووفاء، لا في الأجيال المواكبة لهن ولا في التالية.
برغم ترحيب الجماهير في ذلك الوقت بغناء المجموعات، إلا أن التجارب الأخرى كانت قصيرة النفس ولم تترك من الأغاني مثل ما ترك الثلاثى مما يمكن حسبانه من التراث الغنائي الحديث.
فهناك أيضاً أغانى ارتبطت بذاكرة الغناء العربي، بل وبذكرياتنا الخاصة، فمن منا لا يذكر أغنية (الثلاثي المرح) التي تقول: (ضحك ولعب وجد وحب) مع عبد الحليم حافظ في فيلم يوم من عمرى ومن لم تعلق بذاكرته أغنية (حلاوة شمسنا) في فيلم (غرام في الكرنك)، حيث أشهر استعراض لفرقة رضا بصوت (الثلاثى المرح)!
كذلك غنى (الثلاثي المرح) أغنية (التلفزيون) التى شكلت مقدمة فيلم (صغيرة على الحب).
وهناك الكثير من الأغاني.. فقط إحسب معي ولو حسب ما يرد عفو الخاطر على ذاكرتى الآن: “وحوي يا وحوي وسبحة رمضان وأهو جي يا ولاد والعتبة جزاز والبحر بيضحك ليه ومانتاش خيالي يا وله ويا أسمر يا سكر وماما يا حلوة وافرحوا يا بنات وهنا مقص وهنا مقص وهل هلال الصوم)، وكثير من الأغاني التى يضيق المجال هنا عن حصرها!
ومثل ما فعلت (ليلى مراد) وكعادة كثيرات من الناجحين في مجالهم خاصة في الوسط الفنى وهن في أوج النجاح والشهرة، اعتزلت المطربات الثلاثة (سناء وصفاء ووفاء) الغناء وانشغلت كل واحدة منهن بحياتها مكتفية بما قدمت مع زميلتيها.
ولعلها فرصة أن يتم التفكير في إحياء هذا اللون من الأداء الغنائي، على مستوى المطربين والمطربات، فهل ينتبه السادة الملحنون كما انتبه الموسيقار الكبير (على إسماعيل) للبنات الثلاثة وتبناهن فنيا، بل وهو الذي أعطى لهن اسم (الثلاثي المرح)، ليصبح أشهر اسم لأشهر فرقة غناء جماعى.
تجربة (الثلاثي المرح)
وليس العظيم (على إسماعيل) وحده، فإنك ستجد في تجربة (الثلاثي المرح) أغان ألفها لهم شعراء كبار مثل (صلاح جاهين ومرسي جميل عزيز وصالح جودت وعبد الفتاح مصطفى).
كما لحن له من مبدعي ذلك العصر بجانب (إسماعيل)، كل من (سيد مكاوي ومحمد الموجي وحلمي بكر وعبد العظيم محمد وحلمي أمين ومنير مراد وأحمد صدقي وعبد العظيم عبد الحق، كما شارك الثلاثى بالغناء على ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب، في المقطوعة الموسيقية (المماليك).
لقد كانت تجربة رائعة، لكن على روعة ما قدمنه وما تركنه من درر غنائية تزين ذكرياتنا مع الإذاعة والتلفزيون، إلا أنهن لم يلقين من التكريم ما استحققنه، بل ولا نكاد نعرف عنهم شيئا غير معلومات ضئيلة بغد اعتزالهن.
لكن لا يهم.. يكفى التكريم الجماهيري الباقى حتى الآن في إطلاق اسم (الثلاثي المرح) على أى ثلاثة كما سبق أن ذكرت، حتى لو نسي الناس أسماء (سناء وصفاء ووفاء) أشهر وأنجح فرقة غناء جماعى مازالت تشاركنا فرحة قدوم شهر رمضان كل سنة.