بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
أغفل الإعلام المصري مشروع (رأس الحكمة) بمطروح ورأس جميلة بشرم الشيخ، طوال كل هذه المحاولات الحكوميه لتنمية وتطوير مناطق مصر وتحقيق عوائد تعيد إلي اقتصادنا عافيته وإلى مواطنينا الثقه في الغد الأفضل.
معروف أن مصر تعيش أزمة اقتصاديه طاحنه بدأت مع حرب أوكرانيا وما تلاها من أزمات عالمية، وأصبحت الأسعار ترتفع كل يوم بل كل شويه،وإرتفع سعر الدولار وانخفض سعر الجنيه.
وعاني المواطن ما عانى، وسعت الحكومه نحو أي علاج لهذا الوضع، فطلبت قرضا من صندوق النقد، ونقلت مقار وزاراتها للعاصمه الإدارية، لتستثمر في بيع المقار داخل العاصمة.
وقدمت حوافز لمن يشتري أراضي الدولة بالدولار وسهلت خدمات كثيره للمصريين في الخارج مقابل الدفع بالدولار، وفكرت خارج الصندوق لحسن استخدام أراضي مصر لصالح تحسين أوضاع أهل مصر.
ورغم غياب الرقابه على الأسواق، وغياب فلسفه العقاب للمتاجرين بأقوات الشعب، ورغم صعوبة معاناة المواطن وإستمرارها، إلا ان إعلامنا فشل كالعاده في شرح أو تخفيف هذه الضغوط علي المواطن.
لأنه مشغول بنفسه وبما يصنعه من ترفيه وإنتاج لايستحق ما تم الإنفاق عليه، وتركوا الشارع لأصحاب الشائعات أثناء الأزمة الاقتصادية وطوال محاولات الحكومه للاستثمار في مثلث ماسبيرو أوجزيرة الوراق أو الجزر النيليه أو العلمين الجديدة، أو المنطقه اللوجستيه لقناة السويس، أو مشروع رأس الحكمة.
إلا أن إعلامنا اللاهث خلف الأكلات والأحلام والتطبيل الأعمى أفقد الإعلام ثقة المواطن فيه أولا، وهجره ثانية، وعدم رضا الخبراء والمختصين ثالثا، وعدم قبول الحكومه لأدائه رابعا.
ومع حالة الاحتكار وقتل التنافس والإبداع وتسيد مشهد الإنتاج والتوزيع والبث والإعلان وسوق المعدات وكل ما له علاقه بالإنتاج الإعلامي وجريه وراء منتدي هنا وبروتوكول هناك دون أدني بصمه او أثر يعيد لإعلامنا ريادته وسبقه وجودته.
الإعلام أغفل معاناة الشعب
وسط هذه الاهتمامات لإعلامنا القعيد، نسي أو اغفل أو تناسي معاناة الشعب، بل وجهود الحكومه لتحسين الأوضاع، فلم يمهد لمفردات الضغوط الاقتصاديه علي الشعب وحكومته، وارتباط ذلك بمشروع (رأس الحكمة).
ولم يشرح مبررات الأزمه ومضاعفاتها، ولم يبين جهود الدوله والحكومة لعلاج ذلك عن طريق (رأس الحكمة)، ولم يفهم المواطن لماذا تفعل الحكومة هكذا، ولأي سبب، وبأي رؤيه، وإلي متى؟
وماهي العوائد من جدوى مشروع (رأس الحكمة)، وأين ستذهب ولم يهتم إعلامنا بما يبثه أعداء الوطن وكارهوه من سموم وإشاعات مثل إحنا بنبيع أرضنا، أو أن هناك دويلات تتغول علينا، أو ما أطلقه المصريون من نكات حول بيع المناطق والمحافظات بنصف أثمانها.
ولو أن أحد من جهابذة الإعلام وهم كثر، ولو أن شبكة إعلاميه وهم كثر، ولو أن قناة أو برنامجا، وهم أكثر كلف نفسه بدافع وطني أو إلتزام نحو مواطنيه وشرح أو إستضاف من يشرح من الخبراء ليوضح آفاق أزمتنا الإقتصاديه، وأبعادها، وماهى الحلول الممكنه لدينا، بعد إطلاق مشروع (رأس الحكمة).
وماهي الجهود المبذوله منا، ولما اخترنا رؤيه الشراكه في تنمية وتطوير بعض ربوع مصر، وكيف تم الإتفاق؟، وعلي أي أساس ينفذ مشروع (رأس الحكمة)، وإلي أين نتجه، وماهى صورة مصر بعد تنمية هذه الأماكن، وماهي العوائد، وأين تذهب؟
وما هى الفائدة على الدولة والمواطن؟، وهل مايتم بيع أو حق انتفاع أو حسن توظيف للموارد أو استثمار جيد في رأس الحكمة؟، أم أمرا فرضته علينا الظروف أو أو،ولكن لاأحد فعل هذا أبدا.
اللهم تهليلا وتطبيلا بالصفقات دون دراية، وهذا ما جعل المواطن يصدق بعضا من شائعات الشارع بأنه بيع وأنه إفلاس وأنه سوء تصرف أو تخطيط.
لو أن كاميرا ومراسل وهم كثيرون لدي قنواتنا كان قد تجول مثلا في منطقة أبراج (مثلث ماسبيرو) وعرض الصورة قبل التطوير ومابعده، لكان أقرب لفهم وإدراك الناس لرؤي التنمية والتطوير.
ولو أن إعلامنا عرض التصور الماكيتي لمنطقة (جزيرة الوراق) لكان للمواطن أحسن وأوقع، ولو أن إعلاميا حصيفا قدم تصورا لما ستكون عليه منطقة (رأس الحكمة) لكان أدق وأفضل.و
لو أن مواطنينا رأوا أبراج العلمين وخدمات المدينه التراثية والتعليمية والترفيهية لكان أفضل وأوقع، ولكن اكتفي نجوم إعلامنا ببيانات الحكومة أو الرأي الشخصي لمقدمي البرامج دون وعي بحاجة أهل مصر لمن يسد فراغ تساؤلاتهم وقلقهم، وحتي هذه اللحظة.
الإعلام لم يقدم صفقة (رأس الحكمة)
مع أن الإعلام قدم الصفقه الاستثمارية في (رأس الحكمة) على أنها حل سريع لأزمة الدولار والأسعار والضغوط قبل رمضان وهذا لم يحدث، نعم انخفض سعر الدولار ثم ارتفع، ومازالت أسعار السلع في تزايد!
رغم أن بسطاء الناس يسألون التجار: مش الحاجه رخصت أو هترخص فيكون الرد طبعا لا، مين قال كده؟، وهذا ما أخمد فرحة البسطاء بأن تحسننا أو حتى ثباتا للأسعار سيحدث، ولكن لم يحدث شئ.
وواصل الإعلام بعدم فهم نشر أخبار صفقة (رأس الحكمة)، فهذا ملياري دولار وصلت مصر، وهذه ودائع تم فكها، وهذه تكملة العشر مليارات وصلت مصر ونحن في إنتظار بقيه الـ 35 مليار دولار.
وأمسك المصريون بأوراقهم وأقلامهم ليحسبوا 35 مليار دولار في 50 أو 60 جنيه ليجدوا أرقاما من التريلونات تدخل بلدهم.
وبدأت التكهنات: هل هذه المبالغ ستحسن الأسعار أم ستزيد الدخول؟، أم سنسدد بها فوائد ديوننا أو سنبني بها كباري وأنفاق أم ستوزع علينا مثلما شاع في 2011 عن ثروة مبارك المزعومه؟!
ومع انفصال الإعلام عن أهله، ومع تساؤلات المواطن، ومع جنون حالة السوق، ومع دخول شهر رمضان، ومع توالي مليارات صفقة (أس الحكمة)، ومع عدم حدوث أدني تحسين ومع فضول اهل مصر عن كيفية توظيف موارد الصفقة.
شائعات ونكات حول (رأس الحكمة)
يظل الشارع خاليا إلا من شائعات ونكات البيع والرهن وسوء الحال، وأمام هذا المشهد لن أطالب الإعلام بما لايدركه، فقد طالبنا كثيرا وأهل الإعلام لايرون إلا حاشيتهم ولايسمعون إلا صوت من يوجههم ولا يعيرون للوطن وأهله اهتماما.
اللهم مايرضي القائمين عليهم فقط من بعض التنويهات التي تعدد الإنجاز، والتي تكررت بما يكفي لزهق المواطن وكراهيته لهذه المشاهد وسط المطحنه التي يلف داخلها المواطن وكرامته أمام عجزه عن مسئولياته لدى أهله.
ولذا أطالب السيد الدكتور رئيس الحكومه بالخروج علينا بحديث مطول فضفاض لشرح كل ذلك والإجابه علي سؤال: لماذا نفعل ذلك الآن؟، وماهى عوائد صفقة (رأس الحكمة)، وإلي أين تذهب وما فائدة المواطن البسيط؟
وهل نعمل حساب لأجيالنا القادمة أم لا، وأن لم يخرج علينا رئيس الحكومه فليخرج وزير قطاع الأعمال ووزير المالية ليقوموما بنفس المهمة، وإن لم يتح ذلك، فلنعقد جلسة أو ملتقي مذاع جماهيريا حول (رؤي التنميه والتطوير في مصر)؟
وليكن بحضور الخبراء والمسئولين، ولنوضح للشارع كل تساؤلاته، وإن لم يكن فأتركوا الشارع في دوامته أين ستذهب الـ 35 مليار دولار، وما تأثيرها على الأسعار والدخول.
وهل سنفعل نفس التصرف مع (رأس جميلة) وغيرها من أماكن السحر والجذب في بقاع مصر؟، وكم جمعت مصر من مليارات التنميه والتطوير وحق الانتفاع؟، وأين ذهبت هذه المليارات، ولماذا الوضع الاقتصادي ضاغطا؟
وما هى ملامح بكره، وهل الضغوط مستمرة، وهل وهل؟، أرجوكم أفهمونا ندعمكم، ووضحوا لنا نقتل شائعات الشارع، وبلاش يبقي الشعب في واد وحكومته في واد آخر وإعلامه في واد ثالث.
لنجعله واديا وطنيا واحدا يفهم فيه الكل مايحدث، ونمضي بالفهم إلى الأمام.. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.. وتحيا دوما مصر أرضا وشعبا وحكومة وقيادة وقيمة وقامة.. اللهم آمين.