(حلمي بكر): أنا أكبر طفل في الدنيا، وأمي علمتني الوضوح والصراحة !
إعداد: أحمد السماحي
رحل أمس عن حياتنا الملحن الكبير (حلمي بكر) الذي يعتبر آخر شمعة في تورتة ملحنيين زمن العملاقة، والذي أثرى الساحة الغنائية بروائع النغم لكبار نجوم الساحة الغنائية.
ومن هؤلاء (وردة، نجاة، صباح، سعاد محمد، شهرزاد، محمد قنديل، محمد عبدالمطلب، محمد رشدي، عليا، عماد عبدالحليم، ميادة الحناوي، سميرة سعيد، أصالة) وغيرهم الكثيرين.
ورغم روعة معظم ما قدمه (حلمي بكر)، لكن هذه الألحان تم التعتيم عليها إعلاميا لعدة أسباب:
أولها عدم دراية كثير من معدي البرامج بأعمال (حلمي بكر)، وبالتالي عدم الوعي هذا انتقل لكثير من مقدمي البرامج، الذين أصبحوا يتعاملون مع (حلمي بكر) وكأنه ناقد موسيقي، وليس ملحنا رائعا.
والسبب الأهم في التعتيم على أعمال (حلمي بكر)، هو (حلمي بكر) نفسه!، الذى نسى في زحمة الطلب عليه من الفضائيات ـ لأخذ رأيه في بعض الظواهر التى تطرأ على حياتنا الغنائية ـ أنه ملحنا رائعا، واكتفي بدوره كمحلل لهذه الظواهر ونقدها.
(حلمي بكر).. حوار إنساني
هذا الأسبوع في باب (صحافة زمان) نتوقف عند حوار إنساني أجراه معه الكاتب الصحفي مصطفى ياسين في مجلة (فن).
ونظرا لعدم وجود الحوار على (الإنترنت) لهذا نعيد نشره مجددا لأنه يكشف عن جوانب شخصية وإنسانية في حلمي بكر، فإليكم نص الحوار الذي تم إجرائه عام 1997 .
* ما أبرز بيانات بطاقتك؟
** إسمي بالكامل حلمي عيد محمد بكر، من مواليد (مصر الجديدة) بتاريخ 6 ديسمبر عام 1938، حاصل على بكالوريوس تجارة، ودبلوم المعهد العالي للموسيقى.
* ماهي أهم سمات شخصيتك؟
** كما يقول برج (القوس) الذي أنتمي إليه، فأنا واضح جدا، مباغت وصريح لدرجة الوقاحة!.
* هل خسرت بسبب صراحتك؟
** الخسارة أسميها مكسب حتى لو كان الثمن خسارتي لناس يكرهون الصراحة.
* لم تكذب أبدا؟
** لا لدرجة أنني يمكن أن (أغرق) الدنيا بصراحتي.
* تزوجت كم مرة؟
** 6 مرات.
* ماهي كلمة السر في نجاح الزواج؟
** التفاهم في كل شيئ.
* والفيروس الذي يقضي على العلاقة الزوجية؟
** كلمة (أنا) من أحد الطرفين.
* ما الصفة التى تحبها في المرأة؟
** الذكاء الذي أعتبره جمالا ينبع من الروح، أما الجمال الواضح الظاهر فيخفي مشاكل كثيرة خلفه.
* والصفة التى لا تحتملها؟
** الكذب.
* إذا حدث خصام بينك وبين زوجتك فمن يبدأ بالصلح أولا؟
** أنا أبدأ بالصلح إذا كانت ستفهم معنى بدايتي، وإذا كانت لا تفهم أتركها كي تتحرك هى.
* أيهما أقوى في مشاعره الرجل أم المرأة؟
** الأقوى هو من خلق لكي يحب، ومن يحب لا يعرف الكراهية، ومن يكره لا يجب أن يعيش.
* ألم تقترب الكراهية من حياتك؟
** إطلاقا، وأنا من عادتي أن أعلن الخصام إلى أن يتحرك الطرف الآخر الذي أخطأ في حقي.
* هل تستفيد من أخطائك؟
** جدا، وأجعل غيري يستفيد منها أيضا.
* هل هناك إمرأة أثرت على حياتك؟
** أمي التى علمتني الوضوح والصراحة والطيبة.
* والصوت النسائي الذي تصفق له؟
** أصوات كثير، وكي لا أنحاز لصوت معين فأنا يعجبني الصوت الجيد القادر على توصيل الإحساس، وإقناع المستمع بما يقوله كي يصدقه.
* ماذا يؤلمك؟
** إخفاء الحقيقة.
* وماذا يضحكك من القلب؟
** ضحكة طفل.
* هل بداخلك طفل؟
** أنا أكبر طفل في الدنيا!.
* ما هي مساحة الصداقة في حياتك؟
** محدودة، ولكن هناك كلمة أخرى بدلا منها اسمها (الصحوبية)، ونحن عادة نصاحب من يساوي، ومن لا يساوي، وإلا عشنا في عزلة، أما الصداقة فلابد أن لا يزيد من نصادقهم على أصابع اليد الواحدة.
* ما أسوأ صفة في حلمي بكر؟
** أنه يحب تعرية كل شيئ، حتى نفسه.
* وما الذي لا يعجبك فيه؟
** خوفه الدائم من الحديث الشريف (يأتي يوم يكون القابض على دينه كالقابض على جمر من نار).
* هل حلمي بكر دبلوماسي؟
** نعم حتى في الوقاحة التى أنقلها بأسلوب يرضيني، ومغلف بمنتهى الأناقة لمن أمامي.
* متى تزورك لحظة الضعف؟
** إذا رأيت إنسانا يبكي، وإذا سمعت أغنية صادقة.
* دموعك من السهل أن يراها الآخرون؟
** مش عيب، لكني لا أحرص على أن يراها الناس.
* متى تسقط دموعك؟
**عند الإعجاب، وعند الانتهاء من عمل ما، وأمام لحظة النجاح.
* لو كنت آلة موسيقية ماذا كنت تحب أن تكون؟
** أحب أن أكون (نايا) أو (كمانا)، وهما آلتان تعبران عما بداخل عازفهما، وتعتبران من أصدق الآلات، إلا إذا كان العازف لا يجيد العزف عليها.
* هل شعرت بالظلم؟
** لا أسميه ظلما، وإنما جهل من الطرف الآخر، وأنا من عادتي أن لا أشكو، وأعتقد أن الشكوى سلاح الضعيف، وبما أننا في عصر مليئ بالظلم فالشكوى منه لن تنتهي.
* ماهو الخبر الذي يسعدك؟
** أن نصحو فنيا، وقبل فوات الأوان، فالنائمون كثيرون سواء في أجهزة الأعلام، أو الفنانيين أنفسهم، أو الجمهور، فنحن للأسف نعيش حالة من (الشذوذ السمعي) أي عدم تطابق الآذان على بعضها.
* ماذا يكسرك؟
** لا شيئ يكسرني إلا إذا انتهى عمري.
* ما هو (مانشيت) حياتك؟
** قل الحق ولو على نفسك.
* لو ألفت كتابا عن السعادة الزوجية فماذا سيكون أول سطر فيه؟
** دع غيرك يختارك ثم اختاره.
* أيهما صاحب السلطة في قراراتك؟
** عقلي وأعتبره الحارس الأمين لقلبي.
* ماذا تفعل إذا دق الاكتئاب بابك؟
** لا أعترف بالاكتئاب، وإذا جاءني أبتسم في وجهه ليتحول إلى حالات سعادة لي ولغيري.
* ماذا تقول عن هواية (ميكانيكا) السيارات التى تمارسها بعيدا عن التلحين؟
** أقول أن هناك حوارا بيني وبين الأدوات الصماء كالحديد الذي يتكلم بلغة خاصة جدا، وعندما أفهم الحديد فهذا نوع مدهش من الإبداع.
* هل تمارس الكتابة؟
** أكتب الشعر ولي حوالي 5 قصص كتبتها في بداية حياتي.
* لو كنت رساما كيف ترسم حلمي بكر؟
** أرسمه وهو نائم حيث لا يمتلك أدوات تحركه، فيراه الناس كما يريدون.
* هل لك أخوة وأخوات؟
** كثيرون وأنا رقم 9 بينهم.
* هل غيرتك الشهرة؟
** لا بدليل أن معظم أصدقائي من المكيانيكية والسمكرية والسفرجية، وإذا حدث وسافرت زوجتي أحرص على أن أكل مع الشغاليين في البيت رغم كسوفهم مني.
وللعلم هناك نوعان من الشهرة، شهرة تحس بها، وشهرة يطلقها عليك الناس، أنا أفضل النوع الأول لأن الناس أحيانا تمنح الشهرة لمن لا يستحقها.
* هل تحرص على أن تكسب أي حوار تخوضه؟
** إذا كسب غيري فهذا مكسب لي، لا أحب أن أكون الأول كي لا أتعرض للأقاويل، وأفضل أن أكون الثاني أو الثالث لأنني أحول هذا المركز للأول مع نفسي وليس مع الآخرين.
* ما أجمل شيئ فيك؟
** حب الناس لي.
* وأهم شيئ فيك؟
** احترامي لعملي حتى لو كلفني الكثير.
* وأصعب شيئ فيك؟
** إذا بذلت جهدا ولم أجد من يقدره.
* ماذا ينقصك؟
** هناك بيت شعر يقول: (إن أنت أعطيتني كل ما أتمنى حرمتني حرية التمني)، فأنا ينقصني الكثير من التمنيات، وليس الماديات، وأتمنى مثلا أن أزداد إيمانا وثقة بالنفس وبالأصدقاء وبحب الآخرين، لأن ذلك هو الثروة الحقيقية للإنسان.
* ما هو حلمك المؤجل؟
** أن تعود أيدينا تصفق لمن يستحق، وهذا الحلم أعيشه وأنا مستيقظ لأن هناك الكثيرين الذين يريدون أن يباغتوني وأنا نائم.