في ذكراه الـ 19.. (أحمد زكي) يتحدث عن نفسه وعن الحياة والفن
كتب : أحمد السماحي
أجمل شيئ يمكن أن ننشره في ذكرى رحيل النجم المتفرد (أحمد زكي) الـ 19 أن نستحضره يتحدث عن نفسه وفنه من خلال بعض الحوارات التى أجريت معه، فإليكم بعض هذه الكلمات الصادقة التى خرجت منه في لحظة صدق.
** (أحمد زكي): شعرت في عمر مبكر جدا بفقدان حنان الأب والأم، وعرفت معنى اليتم، حتى سكن قلبي شيئ مرير وهو أن أشعر بالحرمان وأمي على قيد الحياة، فقد تزوجت أمي من رجل آخر بعد رحيل أبي، وقضيت أيام حياتي في بيت خالي فهو الذي رباني وتولى رعايتي.
** (أحمد زكي): أمي كانت فلاحة صبية، لا يجوز لها إلا أن تتزوج بعد وفاة زوجها، فزوجوها وعاشت مع زوجها، وكبرت أنا في بيوت العائلة بلا إخوة، ورأيت أمي للمرة الأولى وأنا في السابعة من عمري، فذات يوم جاءت إلى البيت إمرأة حزينة جدا، ورأيتها تنظر إلى بعينين حزينتين ثم قبلتني دون أن تتكلم ورحلت، شعرت باحتواء غريب، هذه النظرة إلى الآن تصحبني.
** (أحمد زكي): زمان كان داخلي طفل جميل، حسن النية جدا، كنت أصدق كل شيئ بسهولة، ودون أدنى جهد من الآخرين، دائما كنت أتوقع الخير، فأصدم بالشر، لهذا أصبحت أتوقع الشر تمهيدا لاستقبال الخير.
** (أحمد زكي): كنت منطويا جدا فى طفولتى ومراهقتي، الأشياء كانت تنطبع في ذهني بطريقة عجيبة، تكوين الناس، ابتساماتهم، سكوتهم، في ركن منزوي أجلس فيه واراقب العالم، وتراكمت في داخلي مشاعر وأحاسيس، وشعرت بحاجة لكي أصرخ، لكي أخرج ما في داخلي، وكان التمثيل هو المنقذ.
** (أحمد زكي): أنا أخذ فترات طويلة بين الأدوار التى أقدمها للجمهور لأنني أحترم (انفعالاتي)، وأقدر جمهوري، فالخروج من شخصية والدخول في أخرى جديدة، ليس بالأمر الهين، هذا يحتاج إلى مجهود نفسي وذهني رفيع المستوى.
(أحمد زكي) في فيلم (الهروب)
** (أحمد زكي): كل شخصية أوافق عليها لابد من أن أقدمها بصدق كبير، وقبل الصدق الحب الكبير، فأنا إنسان لا أعيش فى هذه الحياة إلا لأجل فني وابني فقط، ليس لي أية أطماع أو تطلعات غير مشروعة فى هذه الدنيا غير أن تتاح لي الفرصة كي أقدم الفن الذي أحبه وأعشقه.
** (أحمد زكي): عشقي لبعض الشخصيات فى أفلامي التى قدمتها جعلني أخاطر بحياتي لأقدم مشاهد صعبة، ولم يهمني المرض أو الموت، فمثلا في فيلم (البرئ) إخراج الراحل عاطف الطيب نزلت إلى مصرف مياه راكدة فيها بلهارسيا، وكان ممكنا أن أطلب الاستغناء عن هذه اللقطة،.
ولكنني من قراءاتي للسيناريو، كنت أعرف أهمية اللقطة للدور وللفيلم، فلم أطلب شيئا بل تمسكت بتنفيذ المشهد، وبقيت فى المياة القذرة لفترة طويلة، وفى الفيلم نفسه تم حبسي مع ثعابين كثيرة في الزنزانة.
** (أحمد زكي): في فيلم (الهروب) تطلب مشهد أن (أتطسح) فوق ظهر القطار، وهو يمضي بسرعة كبيرة، وهذه لقطة خطرة لا يقبلها نجم، ولا يمكن أن يقوم بها، خوفا على حياته، ولكنني قبلتها حبا في الفن والأدوار والأعمال الجميلة، لأن هذه الأعمال هى التى ستعيش وتخلد، ونحن راحلون.
أمنيتي أن أحكي في كتاب تجربتي
** (أحمد زكي): في فيلم (إضحك الصورة تطلع حلوة) قفزت في حمام السباحة بملابسي كاملة وفي عز البرد، ثلاث مرات، حتى جاءت اللقطة كما ينبغي، وأنا الذي كنت أطلب من المخرج (شريف عرفه) الإعادة حتى تكون اللقطة مكتملة تماما.
** (أحمد زكي): أمنيتي أن أحكي في كتاب تجربتي مع كل الشخصيات التى صادفتها وقدمتها في حياتي، فبعض هذه الشخصيات لم تكن سهلة ولا بسيطة، بل أن بعضها أطار النوم من عيني تماما، وسوف أهدى نسخة من هذا الكتاب لكل من (شتمني أو هاجمني)، ليس الغرض أن يعرف تعبي أو تعذيب نفسي أثناء تجسيدي لهذه الشخصيات.
ولكن لكي أقول له: إن الشخصية التى تريد هدمها وقتلها بكلمة أو بجملة ساخرة أخذت من التعب والجهد الكثير جدا، فكن رفيقا بي وبغيري من نجومنا المصريين أو العرب، فنحن نعمل في ظروف غير آدامية لإسعادكم.
** (أحمد زكي): لا أغضب من النقد ولا النقاد، ولكنني أغضب من الذبح بحجة النقد، أنا من أصحاب نظرية “اشتمني .. وعلمني”، لكن تشتمني وتتوقف؟!، لا يوجد حد لا يخطأ في فنه، لكن الخطأ لا يكون عقابه التجريح والذبح، البعض قال إنني مثلت دورا أصغر من سني في فيلم (البطل).
وهذا الخطأ مسؤولية من اختاروا زملاء أصغر سنا مني، ووجدت كتابات كثيرة أضحكتني وأنا أقرأها ولكنه الضحك المأسوي، لأن هذه الكتابات ليست نقدا بقدر ما كانت انطباعات.
التمثيل يأتي بالتراكم والخبرة
حيث وصفني البعض بـ (الشايب)، لقد ضحكت على الرغم من وصفي بهذه الكلمة، وقلت إذا كانت هذه النظرة للنجوم عندنا، فالحمد الله أنهم في هوليوود لا يقرأون العربية، وإلا لكانوا أعدموا العباقرة من النجوم الذين تعدوا الستين، ومازالوا يعملون ويبهرون العالم بفنهم ويحصدون الجوائز.
** (أحمد زكي): مهنة التمثيل كل ما أخلصت لها وأعطيتها من وقتك وجهدك وإخلاصك، وموهبتك، أعطت لك مفاتيحها، وهذه المفاتيح لا يعثر عليها النجم الشاب بسهولة، ولكنها تأتي بالتراكم والخبرة والنضج، فأحيانا انظر لأعمالي القديمة وأصرخ قائلا (ايه اللي أنا بهببوه ده)/ وأعتبر نفسي أسوأ فنان في العالم، لكن وقتها أكيد كنت معجب بنفسي أو على القل الناس اتبسطت مني.