سر تربع (شادية) على عرش السينما المصرية، وقلب الجمهور! (3/3)
* أباحت لجسدها أن يكشف عن فتنته في فيلمي (لوعة الحب) و(الطريق)، وبدت الأنثي الجميلة
* كل مخرج من كبار المخرجين كان يقدمها بصورة مغايرة
* تمكن يوسف شاهين أن يبرز لنا شادية بالغة التوهج في فيلم (أنت حبيبي)
* بعد اعتزالها لم تتنكر لفنها، وبدت شادية كأنها تحوط نفسها دوما بالغموض إسوة بالكثيرات من المعتزلات في السينما العالمية.
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
سيبقي المشوار الفني للنجمة الجميلة (شادية) مثل لكل من يبحث عن التربع على عرش الجماهير، وستظل سيرة حياتها باقية لا تخضع لقانون النسيان بل تنبض دائما بالحب والمرح والتوهج، والألم.
خلال الحلقتين الماضيتين تعرضنا لأهم أفلام (شادية) السينمائية، وفي الحلقة الثالثة والأخيرة نستكمل المشوار حيث امتزج الجمال بالخصوبة، ليس فقط في السينما بل أيضا في الاذاعة.
ففي سنوات المجد الدرامي الإذاعي قامت (شادية) بدور البنت الضائعة في مسلسلات عديدة منها (لانحن لانزرع الشوك)، الذي قامت ببطولته أيضا في السينما في فيلم من إخراج حسين كمال.
ومن المسلسلات التي قامت ببطولتها في الإذاعة والسينما أيضا (الشك ياحبيبي) تأليف سمير عبد العظيم.
وأذكر أنها عقب انفصالها عن زوجها النجم صلاح ذو الفقار كانت قد أدت (شادية) مشهدا عاطفيا أمامه في مسلسل (صابرين) إخراج محمد علوان عام 1974.
وعندما سألوها عن انطباعها وهى تردد كلام الحب إلي رجل كان زوجها قالت بكل صدق أنها كانت تنطق الكلمات ببرود شديد لكنه التمثيل!
(شادية) ولوعة الحب
في المراحل الثلاثة الأولي المليئة بالخصوبة عملت (شادية) مع أساطين الإخراج، وعلى رأسهم صلاح أبو سيف في (لوعة الحب).
وفي هذه الفترة كانت قد أباحت لجسدها أن يكشف عن فتنته في بعض المشاهد، وبدت الأنثي الجميلة في هذا الفيلم.
وفعلت الشيئ نفسه بقوة في عام 1964 في فيلم (الطريق) لحسام الدين مصطفي، وبدت لنا بثوب مفاجئ ومغاير تماما لما عرفناه عنها.
بما يعني أن كل مخرج من كبار المخرجين كان يقدمها بصورة مغايرة، فالفتاة ابنة الأسرة البسيطة في (شباب امرأة) تختلف عن الزوجة الخانعة التي تقع في حب صديق زوجها في (لوعة الحب) رغم أن المخرج واحد وهو صلاح أبو سيف.
(شادية) وتوهج مع يوسف شاهين
تكرر الأمر نفسه مع يوسف شاهين في فيلمين متتاليين، أمام المطرب فريد الأطرش هما (ودعت حبك) عام 1956، ثم (أنت حبيبي) في العام التالي.
وقد تمكن يوسف شاهين أن يبرز لنا (شادية) بالغة التوهج في الفيلم الثاني، وهى العروس التي لاتحب عريسها، وتضطر الي الزواج منه لأسباب اقتصادية عائلية، ويقضيان شهر العسل كأنهما في فترة نقاهة.
وقد لعبت (شادية) هنا أفضل أدوارها الضاحكة علي الإطلاق، وهى تعاند في مشاعرها، وتنافس الراقصة على قلب زوجها، وتشارك في عرض أزياء فيتساقط فستانها.
كما أن (فريد الأطرش) يضربها علي مؤخرتها! إيمانا أن ضرب الحبيب مثل التهام الزبيب، وهناك مشهد المعبد الذي لاينسي، وهى تحاول تنبيه زوجها إلى العصفور، والعصفورة المتناجيان بالحب عبر التاريخ فيظهر العزول مرددا: ها أنذا.
(شادية) والمرحلة الرابعة
لقد ملأت المرأة الشاشة بالشخصيات الجميلة التي لاتنسى، حتي بدأت المرحلة الرابعة في عام 1970، وهى المرحلة التي تلت عرض فيلم (نحن لانزرع الشوك).
فبعدها مباشرة ذهبت (شادية) إلى سوريا أسوة بالكثير من الفنانين والفنانات، وقامت ببطولة فيلم أقل أهمية من أخراج حلمي رفلة باسم (خياط للسيدات)، بطولة النجم السوري الكبير (دريد لحام).
وفي العام التالي قدمت (شادية) فيلما سوريا أيضا بإسم (لمسة حنان) إخراج بركات، وعندما عادت الي مصر لتعمل في فيلم (أضواء المدينة) لم تكن في الألق نفسه.
وبدت بشكلها الجديد مختلفة الشكل تماما، وأن لم تفقد ألقها مثلما رأيناها في دور امرأة مزدوجة الوجه في فيلم (ذات الوجهين) إخراج حسام الدين مصطفي عام 1972.
إقرأ أيضا : (شادية) عملت تحول في حياتها السينمائية، وتوهجت بسبب الأعمال الأدبية (2 /3)
وبدت أدوارها تتغير بشكل ملحوظ، فهي تلتقي بزميل عمرها كمال الشناوي في فيلم (الهارب) لكمال الشيخ، ويقوم الشناوي هنا بدور الزوج رجل السياسة المرموق.
وهو شخصية منفرة بشكل ملحوظ، وهى تساعد أحد خصومه في الهرب معه، بدت كأنها تركت أمرها لأمر المخرج الشاب (أشرف فهمي) الذي رأي أن (شادية) الدلوعة لم يعد لها وجود فقدمها في دور زوجة تقع في غرام ابن زوجها وتعاشره.
وتقف ضد زواجه حتي يقتلعهما الحب في فيلم (امرأة عاشقة) عام 1974، ثم قامت بدور إمرأة عاهرة في فيلم (أمواج بلا شاطئ) عام 1976.
هذه العاهرة يلتقطها الشاب (نادر) من عند كورنيش البحر، وردا علي صدمته في علاقة أمه بصديق أبيه الراحل، فانه يتزوج من العاهرة، ويأتي بها لتعيش في الدار بين أمه وعشيقها بعد أن اكتشف أنهما متزوجان.
وفي أفلامها الأخيرة كان الممثل المفضل للعمل أمامها هو (حسين فهمي)، وقد صدمت (شادية) أن فيلمها مع أشرف فهمي، وحسين فهمي المعنون (رغبات ممنوعة) لم يعرض تجاريا ربما حتي اليوم.
وقد قيل أن السبب رقابيا، لكن السبب كان خاصا بالمنتج، لذا كانت تشعر بلا جدوي من الاستمرار في العمل السينمائي.
(شادية) لا تسألني من أنا
وجدت (شادية) نجاحها المنقطع النظير مع مسرحية (ريا وسكينة)، وفي الفترة نفسها قامت ببطولة فيلم (لاتسألني من أنا) عن أقصوصة لإحسان عبد القدوس.
وهو فيلم ملئ بالبكائيات حيث وجدت (شادية) نفسها تقوم بدور أم لمجموعة من الشباب سوف يتصدرون ساحة التمثيل في السنوات التالية.
وعلي رأسهم (يسرا، والهام شاهين، وفاروق الفيشاوي، وهشام سليم، وطارق الدسوقي) وغيرهم، ما يعني أن الزمن تغير تماما وأنه آن وقت الاعتزال.
(شادية) والاعتزال
في هذه الفترة، ووسط تغيرات في المناخ الفني والا جتماعي ووسط تيار قوي جاء إلينا عبر الصحراء، كانت قد بلغت سن الخامسة والستين.
وفي ظروف لم تنكشف إلا عبر السنوات اختارت (شادية) أن تبتعد تماما عن التمثيل، وقد تأكد ذلك في عام 1997 حين اعتذرت عن حضور تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي.
وبدت (شادية) كأنها تحوط نفسها دوما بالغموض أسوة بالكثيرات من المعتزلات في السينما العالمية والعربية مثل (ليلي مراد، وجريتا جاربو، وراقية إبراهيم).
وإن كانت الأسباب هنا مغايرة بعض الشئ، ومن يرجع إلى التحقيق الذي نشره أحد المواقع يتضح له بعض هذه الأسباب، فـ (شادية) التي قررت الاعتزال على يدي الشيخ شعراوي لم تلتفت مرة أخرى إلي تاريخها الفني.
وكرست حياتها للعمل الخيري، والتعبد والتطهر الدائم، وتبدو التائبة التي سارت في طريق الله بلا تردد، لاتنفي عن نفسها مسيرتها التي أسعدت الناس في الوقت الذي تلعب دورا اجتماعيا مع أسرتها،وأبناء عائلتها فترتفع مكانة جمال الروح، وهى في النصف الثاني من ثمانينيات عمرها.