بقلم: مجدى صادق
فى 6 أغسطس 1945 كانت القنبلة التى غيرت وجه العالم !.. عندها وقف روبرت (أوبنهايمر) ليقول: أنا القاتل المدمر للعالم!
عشرات الكتب والأفلام مابين وثائقية ودرامية ومسلسلات حول جريمة (هيروشيما وناجازاكى) اختار منهم الفيلم التليفزيونى اليابانى (هيروشيما).
والفيلم الفرنسى (هيروشيما حبيبتى) الذى تم ترشيحه لجائزة أوسكار لأفضل سيناريو أصلى على 1961، وهناك المسلسل التليفزيونى الامريكى (مانهاتن) الحائز على جائزة (إيمى).
وأحداثه تدور فى (لوس ألاموس) فى (نيو مكسيكو) عام 1943، حين شرعت أمريكا العمل على مشروع (مانهاتن السري) لإنتاج قنبلة ذرية قبل انتصار النازيين بالحرب العالمية الثانية.
وكانت (نيو مكسيكو) أول من اختبر تلك القنبلة قبيل إطلاقها على ثلاث أماكن مرشحة باليابان، والتى سميت بالطفل الصغير أو (ليتل بوي) رغم أنها تزن 4 أطنان ونصف متفجرات، إذ تحوى 67 مليون اصبع ديناميت!
(أوبنهايمر).. هل هى رسالة لقادة العالم النووية؟
ويبقى سؤال مطروح على (طاولة) النقاد وهو: لماذا عاد المخرج الكبير (كريستوفر نولان) ليقدم فيلمه الثالث عشر (أوبنهايمر) فى ظل هذه الظروف التى يلوحون بها من حين إلى آخر
سواء على الجبهة الإسرائيلية فى حربها ضد (حماس غزة) أو الجبهة الأوكرانية وتهديدات بوتين إلى العودة لقنبلة (روبرت أوبنهايمر) إيذانا بحرب عالمية ثالثة؟!
وهل قصد (نولان) أن يرسل عبر فيلمه رسالة لقادة العالم النووى الذى يلوحون باستخدامه من حين إلى آخر؟
(أوبنهايمر).. قصة واقعية
بكل تأكيد إن عودة (نولان) هذه المرة تختلف، إذ نجح أن يدخل إلى فيلمه من بوابة الفيزياء النووية والحرب العالمية الثانية، وماهى حجم فاتورتها عبر قصة مجرد وثائقية وسيرة ذاتية نجح بامتياز إلى دراما ليست من نوع الأكشن.
فقد اقتبس الفيلم قصته من كتاب السير الذاتية الحائز على جائزة بوليستر لعام 2006 (بروميثيوس الأمريكي) لكاتبه (كاى بيرد ومارتن شيرويد) أسطورة (برومثيوس) اليونانية القديمة، هو ذلك البطل الأغريقى الذى سرق سر النار من الألهة فعاقبوه بتقييده بالأغلال وتعذيبه إلى الأبد.
قصة الفيلم السينمائى الأمريكى قصة واقعية اعتمدت على شخصيات تاريخية حقيقية ووقائع للتاريخ والتوثيق، وهى وإن كانت تمثل (برومثيوس) الأمريكى نقلا عن الميثولوجيا الإغريقية حول البطل الإغريقى الذى سرق سر النار من الآلهة بتقييه بالاغلال وتعذيبه إلى الأبد.
فقد أعطى البشر (الحياة) لحياة أفضل، بينما روبرت (أوبناهيمر) أو (برومثيوس الأمريكي)، فقد أعطى البشر (الموت) لإبادتهم ودمارهم!
لماذا كان اختيار (نولان) قصة فيلم (أوبنهايمر) الآن ؟!
إقرأ أيضا : محمود حسونة يكتب: أوبنهايمر .. إبهار فني ورسائل سياسية
وقد أخرج (نولان) قصة فيلم (أوبنهايمر) ليقدمها من خلال سيناريو كتبه بنفسه وصنع فيلما ليقول أن القنبلة الذرية لـ (أوبنهايمر) هى التى انهت الحرب العالمية الثانية ولولاها لحصدت الحرب الملايين.
وأفلام المخرج (نولان) تمثل الحصان الرابح إذ بلغت أرباح أفلامه العشرة بمايتجاوز 4,7 مليار دولار أمريكى وأكثر من 26 ترشيحا لجوائز الأوسكار حصل على 7 جوائز منها.
ولاتنسى وأنت تشاهد هذا الفيلم أن خاله الذى كان يعمل فى ناسا فى بناء انظمة توجيه لصواريخ أبولو أرسل له بعض لقطات إطلاق الصواريخ، والتى استخدمها (نولان) فى فيلمه (حرب الفضاء).
فمنذ الحادية عشر تطلع (نولان) أن يصبح صانع أفلام محترف!، يجمع بين الخيال الجامح والمهارة السينمائية فى مزج المشاهد والأحداث بتقنيات حديثة مبهرة!
(كرستوفر نولان).. ورحلة أجيال!
وجاء النجوم الذين شاركوا فى العمل (كيليان مورفي) الذى لعب دور (روبرت أوبنهايمر)، وهو ممثل ايرلندى قدم العديد من الأفلام والمسلسلات وقدم مع المخرج (كريستوفر نولان) من قبل فيلمين من ثلاثية.
(فارس الظلام) وفيلم (استهلال) ومسلسل (بيكى بلايندرز)، وأخيرا هذا الفيلم إلى جانب (إميلى بلانت) بدور زوجته (كاتى) مع (مات ديمون) لدور (ليزلي جروفز جونيور) مدير مشروع مانهاتن أو مشروع القنبلة الذرية الأمريكية.
إقرأ أيضا : بهاء الدين يوسف يكتب: أوبنهايمر .. سم اليهود وعسل الإنسانية
أما بالنسبة لدور(لويس شتراوس) فكان لروبرت دوانى جونيور بالإضافة الى مشاركة (جارى أولدمان)، الذى قدم شخصية (هارى ترومان) و(كيسى أفليك) والممثل الامريكى المصرى (رامى مالك)، الذى أدى شخصية (ديفيد هيل) و(جوستاف سكارسجارد، وجورجى جبارة) وغيرهم!
والموسيقى لـ (لودفيج جورانسون)، وهو ملحن وقائد أوركسترا سويدى حصل على (جائزة جرامي) لأفضل موسيقى تصويرية وجائزة الأوسكار لأفضل موسيقى أصلية.
فى الوقت الذى رشح لجائزة (جولدن جلوب) لأفضل موسيقى أصلية ومدير تصويره الدائم (هويت فان)، وهو مصور سينمائى سويدى شارك (نولان) من قبل فيلم (انترستلر) عام 2014، و(دونكيرك) عام 1917.
وقد ترشح مرتين لجائزة أفضل مصور سينمائى من الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتليفزيون (بافتا) عام 2011 وآخر عام 2014.
قدم (أوبنهايمر) نفسه لفاوست كى يبع نفسه لخراب العالم !
الآن جاء دورك لمواجهة عواقب إنجازك؟
(أوبنهايمر) و(ألبرت آينشتاين)
قالها عالم الفيزياء الشهير (ألبرت آينشتاين) لصديقه (روبرت أوبنهايمر) فى واحدة من المشاهد الختامية لفيلم (أوبنهايمر)، حيث كان يعملان معا بمعهد برينستون.
فقد قدم (أوبنهايمر) ذات الأصول الألمانية نفسه لفاوست كى يبيع روحه لشيطان صناعة القنبلة النووية، حيث ينطلق المخرج من قاعة المحكمة التى يحاكم فيها (روبرت أوبنهايمر) بعد أن جردته المحكمة من كل امتيازاته.
بعد أن تسلمت القيادة العسكرية القنبلتين النوويتين وألقتهما على (هيروشيما وناجازاكي) فى اليابان، رغم أن معادلة (آينشتاين) هى مفتاح قوة الأسلحة النووية والمفاعلات النووية.
فهل الذى أطلق المارد القاتل للطاقة الذرية قتله الندم!، لدرجة أنه كرس حياته المتبقية فى الحد من انتشار الأسلحة النووية، بعد أن حصدت قنبلته على هيروشيما 70 الف قتيل ومثلهم مصاب و40 ألف قتيل بناجازاكى ومثلهم مصابون وذوى عاهات!
لكن حينما آفاق من غيبوبته كانت المخابرات الامريكية (سى آى ايه) أسرع فى اتهامه بعلاقته بالحركة الشيوعية، خاصة وأنه تزوج مرتين من زوجتين شيوعيتين إحداهن ماتت؟!
وتذكر (أوبنهايمر) شطرا من نص (بهاجافادا جبتا) الهندوسى التى كان يعرفها كلغة يقول: علمنا أن العالم لم يعد كما كان سابقا، بعض الناس ضحكوا، وآخرين بكوا، وبقى الأغلبية صامتين، فهل كان (أوبنهايمر) مجرم حرب علينا اليوم محاكته أم أنه بطل قومى تكرمه هوليوود؟!