كتب: محمد حبوشة
تبقى الموهبة مهما تأخرت الفرص، ومهما تصدر أنصاف الموهوبين فلابد من أن يأتي يوم تتجه الأنظار نحو المواهب الحقيقية، ويثبت تلك الحقيقة الفنان (رشدي الشامي) الذي قدم لسنوات طويلة العديد من الأدوار الفنية، دون التفات لحجم موهبته.
حتى واتته الفرصة في مسلسل (واحة الغروب)، فقدم شخصية (الشيخ صابر) بأفضل ما يكون، وجاءت الفرصة مرة أخرى في مسلسل (طايع) ثم (تحت الوصاية)، ليثبت كل مرة أنه فنان من طراز فريد، وبدا نضجه واضحا مؤخرا في مسلسل (جولة أخيرة).
ويبدو الصدق أكثر وضوحا في أداء (رشدي الشامي) من خلال عدة مسلسلات تليفزيونية على مدار السنوات القليلة الماضية عبر طريقة أدائه التي تبعد تماما عن الانفعال الزائد عن الحد أو الاستغراق في هذا الانفعال، سواء كان زائفا أم حقيقيا.
المهم دائما عند (رشدي الشامي) هو ما يقترن بالإحساس، ويرتبط بأفكار وتعبيرات جسدية وصور، وهذه الصور تحتاج إلى أن تنمو بالتفاصيل وتصبح أكثر ثراء، لكن ذلك شريطة يكون الممثل مسيطرا على صوته وجسده.
ولايفوته ملاحظة أهمية تكامل الممثل جسدا، وعقلا، وروحا، ووجوب امتلاك الممثل المقدرة والتمكين والتحريك والتأثير.
وفوق كل ذلك لابد من الاعتراف بأن يكون التمثيل مسعى روحانيا يتطلب سموا روحيا، بالإضافة إلى كونه مجموعة من المهارات، وظني أن التمثيل في حالة (رشدي الشامي) تمثل سموا روحيا منطقع النظير في جيله من الممثلين.
يعرف (رشدي الشامي) أن الانسان الذي يعاني شعور الغضب أن يضم قبضته ويرفع حاجبيه، لكن ماذا تفعل في هذه الحالة عيناه فمه، كتفاه، رجلاه وجذعه؟، ذلك لأن العضلات كلها عنده تشارك بشكل صادق وصحيح.
ويستطيع التعبير بهذا الفعل عن شعور الغضب، ولكن بشرط أن تعيش قدماه هذه اللحظة، فاذا كذبت رجلاه أو أي عضو من جسده، فإن المتفرج لن يدق يديه أو أي عضو فيه.
ولأن الفنان القدير (رشدي الشامي) هو واحد من عملاقة المسرح الذين يمتلكون القدرة على استثارة التوتر والحماس وصهر انفعلاته على المستوى الجسدي والنفسي والموضوعي والذاتي، من خلال معايشة كاملة للشخصية التي يجسدها على الخشبة.
مهارات (رشدي الشامي) الأساسية
تعلم (رشدي الشامي) المهارات الأساسية التي ينبغي أن يكون عليها الممثل المسرحي، مثل خلق الشخصية والإحساس بالحدث أو بالفعل الدرامي، ودمج الايقاع الداخلي، والتنبؤ فيما يتعلق بالحركة، والقدرة على التعرف، وعلي التصوير، والصراع.
ويدرك (رشدي الشامي) فهم اللغة الدرامية، فالتمثيل لديه كما قيل هو فن الأساس الفعل، الذي يعتمد على الصدق، ولهذا أستطيع القول بأن (رشدي الشامي) من القلائل الذين يدركون جيدا أن علم التمثيل هو رحلة التكوين أو التشكيل الشخصي.
ولقد بدا لي من خلال متابعته أن (رشدي الشامي) يدرك الفرق بين حياة الممثل وحياة الإنسان الممثل هو أن الأول (الممثل على المسرح)، فهو يقدم لنا نماذج معدة ومرسومة ومتخيلة سلفا وفق ما تصورها المؤلف وفسرها المخرج وخلق شخصياتها الممثل نفسه.
إن (رشدي الشامي) يمتلك في الحياة ذاتية مستقلة لها أبعادها المحددة وسلوكها المميز، ولهذا فالممثل يشكل عنصرا أساسيا في عناصر الحياة على الشاشة، حيث يتفاعل فيها كما يتفاعل الانسان في الحياة ضمن واقعه الملوس، كما جاء في (جولة أخيرة).
لذا يجب أن يكون كل ما يحدث على الشاشة مقنعا للممثل وللجمهور إلى حد أن تنسى شخصية الممثل الحقيقية وتتفاعل مع الشخصية التي يجسدها، كما حدث له في دور الشيخ صابر في مسلسل (واحة الغروب)، والعمدة (أبو مهجة) في مسلسل (طايع).
ومن أبرز الأعمال الفنية التي شارك فيها رشدي الشامي منذ بداية مشواره الفني كان: مسلسلي (بوابة المتولي، أم كلثوم)، ومسرحيتي (الملك لير، وأهلا يا بكوات)،
وشارك الشامي أيضا في (رمانة الميزان، الجماعة، الزناتي مجاهد) ثم عرفه الجمهور من (واحة الغروب، طايع، أيام، إلا أنا، نصيبي وقسمتك.
فضلا عن (رشدي الشامي) ظهر أيضا في (أبو العروسة، قمر هادي، ما وراء الطبيعة، في كل أسبوع يوم جمعة، الاختيار، حرب أهلية، ختم النمر، القاهرة كابول، أزمة منتصف العمر).
(رشدي الشامي) وعم ربيع
ولقد خلف (عم ربيع) أشهر شخصيات مسلسل (تحت الوصاية) لافتة ذهبية مرصعة بالجهد والدأب والولع بالتمثيل، 120 مسرحية تنوعت أدواره فيها بدءا من الكومبارس، تلك الكلمة التى يعتز بها ويفخر.
وظهر (رشدي الشامي) في دور شيخ في إحدى القبائل البدوية الموجودة في (الواحة)، وبرع في تقديم الشخصية، حتى بدأ الجميع يتساءل عن هذا الممثل الرائع الذي تمكن من أداء الدور بشكل كبير.
ليفاجئ (رشدي الشامي) الجمهور بكونه قد بدأ التمثيل منذ أكثر من عشرين عاما، إلا أنه لم يحصل على الشهرة إلا في وقت متأخر.
في عام 2018 بدأ عرض الجزء الثاني من المسلسل العائلي (أبو العروسة) بطولة النجم سيد رجب والنجمة سوسن بدر، وأطل علينا رشدي الشامي خلال أحداث الجزء الثاني، كواحد من أصدقاء (عبد الحميد) الذي لعب دوره سيد رجب.
وكذلك كان لافتا جدا عبر إطلالته المهمة في مسلسل (ختم النمر) الذي حاز على اهتمام المصريين بسبب موضوعه الجيد وفكرته المميزة، وبرع الفنان (رشدي الشامي) في تقديم دور الصعيدي في هذا المسلسل.
وظهر (رشدي الشامي) في دور شيخ في إحدى القبائل البدوية الموجودة في (الواحة)، وبرع في تقديم الشخصية، حتى بدأ الجميع يتساءل عن هذا الممثل الرائع الذي تمكن من أداء الدور بشكل كبير.
في عام 2018 بدأ عرض الجزء الثاني من المسلسل العائلي (أبو العروسة) بطولة النجم سيد رجب والنجمة سوسن بدر، وأطل علينا رشدي الشامي خلال أحداث الجزء الثاني، كواحد من أصدقاء (عبد الحميد) الذي لعب دوره سيد رجب.
وكذلك كان لافتا جدا عبر إطلالته المهمة في مسلسل (ختم النمر) الذي حاز على اهتمام المصريين بسبب موضوعه الجيد وفكرته المميزة، وبرع الفنان (رشدي الشامي) في تقديم دور الصعيدي في هذا المسلسل.
وعلى الرغم من أن مساحة الدور لاتتعدى خمسة مشاهد فقط، فقد أطل علينا النجم (رشدي الشامي) خلال الماراثون الرمضاني 2020 من خلال العمل الأفضل لهذا العام وهو (الاختيار).
(رشدي الشامي) وماير هولد
ونلاحظ أن (رشدي الشامي) في تعامله مع كل تلك الشخصيات السابقة سار على نهج (ماير هولد) الذي يقول: لابد للممثل من أن يعمل على تطويع جسده لكي يستجيب بسرعة الأوامر الصادرة إليه.
وإن وعي الممثل بجسده يجعله حتى وهو في حالة جهود أن يحتفظ بأهميته، شأنه شأن الممثل العظيم الذي يحتفظ بهيبته حتى في لحظات صمته، فمن خلال التدريب الذي اعتاده (الشامي) في المسرح أصبح على دراية بالتوترات الزائفة والتشويش المعتاد.
وتعلم كيف يحافظ على طاقته، فمرونة جسده تساعده على اختزال مزيد من طاقته، فحين ينطلق باتجاه الحركة من الداخل للخارج، ومن الخارج للداخل، فإن الجسد يتراجع ويعطي فرصة للخيال.
ومن ثم يقوم (لرشدي الشامي) بترجمه مشاعر الشخصية على أكمل وجه ووفقا لتعليمات المخرج باعتباره حاملا لخاصية المسرح التي يطبقها على الشاشة، تماما كما بدا لنا في تجسيد الطبيب الذي يعاني من مرض (ألزهايمر) في (جولة أخيرة).
وأيضا ظهر من قبل في مسرحيات (الملك لير، الجريمة والعقاب، الست هدى، بيت لحم، المطعم، الساحرة) وغيرها، بالإضافة إلى إخراجه 10 مسرحيات.
كذلك فإن (رشدي الشامي) يعرف كيف يستخدم صوته وجسمه للحصول على التأثيرات المطلوبة لأشكال من الانفعالات الداخلية والخارجية، مثل الكراهية، الغضب، والتعجب، والرعب، والبهجة، والحنان، وعذاب الضمير، وتوقع الشر.
وسائل (رشدي الشامي) الخاصة
ولعل الأسلوب الذي يستخدمه (رشدي الشامي) بواسطة وسائل تعبيره الخاصة يشكل بحد ذاته حرفية الممثل على مستوى البراعة والخيال، وكذلك صوته الذي بدا واضحا وقويا ومسترخيا ومؤثرا.
بل إن يلفظ مخارج الحروف بشكل صحيح وسليم، وبالتالي يملك القدرة على توصيل معنى الكلام بشكل واضح في حالات البطء أو السرعة، وأن يوصل ويجسد الأفكار والمشاعر التي يفرضها الموقف.
فممارسته للتكنيك الخارجي من قبله يروض صوته وجسمه بغية إمداده بأداة فعالة من أجل إيصال معنى الموقف الدرامي إلى الجمهور، فيما التكنيك الداخلي يدرب نفسه دوما لاستخدام خبرته الحياتية الخاصة كوسيلة لإيجاد وفهم ما هو معنى الدراما الحقيقية.
وبما أن الشخصية في المسرح هى إحدى العناصر الأساسية للعرض، فإن للعاطفة والانفعال جانبين مؤثرين على بقية الجوانب الأخرى، والممثل إنسان من لحم، ودم، وفكر، وعاطفة، وانفعال.
ومن خلال كل ذلك يجسد هو الآخر الشخصية في عواطفها وانفعالاتها، لهذا وظف (الشامي) كل أجهزة جسده التي تجسد العواطف والانفعالات على شاشة التليفزيون بحرفية المسرح.
كما اتضح ذلك جليا من خلال صوته وحركته وإيماءاته وانفعالاته الشخصية، فلا يوجد موقف متخيل لا يحتوي عنده على قدر معين من فعل الفكرة المجسدة (جسديا) عند (رشدي الشامي).
كما كان ولازال يأتي دوما في أداء الفنان القدير (رشدي الشامي) – متعه الله بالصحة والعافية – وأطال في عمره كي يجلب لنا دوما المتعة والبهجة.
كشف الفنان (رشدي الشامي) عن أسرار كواليس مشاركته في مسلسله الجديد (جولة أخيرة)، وتحدث (الشامي) عن تفاصيل تحضيرة لمسلسل (جولة أخيرة)، قائلا: إن إجادته في تجسيد شخصية مريض بألزهايمر، جاءت من خلال مذاكرة السيناريو جيدا قبل التصوير.
إذ أنه لم يواجه أي صعوبات طوال فترة التحضير، وإتقانه في التعبير عن حالة المريض، سواء على المستوى النفسي أو حتى الشكل الخارجي.
(رشدي الشامي) وجولة أخيرة
وأكد (رشدي الشامي) أنه لم تواجهه أي تحديات خلال تصوير (جولة أخيرة)، وذلك بعدم وجود أي تحديات أثناء تصوير المسلسل، حيث أشار إلى أهمية للممثل لدراسة الجوانب النفسية اللازمة لإعداد الشخصية التي يقوم بتجسيدها.
وعندما نتأمل أعمال الفنان (رشدي الشامي) نجد أن أرشيفه الفني يضم مجموعة من البصمات الخالدة، التي يصعب أن تسقط من ذاكرة المشاهد العربي، مهما مضت الأيام وتعاقبت السنوات.
واستطاع هذا الفنان الاستثنائي، جذب أنظار الجمهور من خلال مشاركته في مسلسل (أزمة منتصف العمر) ليؤكد للجميع أنه صاحب موهبة ويستطيع العبور للجمهور مهما كان حجم التحديات، كما عبر نفس التحديات في (جولة أخيرة).
(رشدي الشامي) مؤمن بعقيدة أن ربنا سبحانه وتعالى عندما يختار إنسانا ويكتب له الشهرة والنجاح يتحقق كل ذلك، قائلا: أنا إنسان بسيط، اجتهدت كثيرا، وكنت أترك كل شيء على الله، وحمدا لله تحقق ما تمنيت.
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للفنان القدير (رشدي الشامي)، الذي يمتلك مسيرة فنية خاصة، وقدم شخصيات عديدة تأثر بها الجمهور سواء على خشبة المسرح أو فى الدراما التلفزيونية.
ومن هنا انطلق في عالم الفن، واستطاع أن يترك بموهبته الفنية الكبيرة التي حصل عليها بفضل عمله لسنوات بالمسرح، أن يترك بصمة كبيرة بين الجمهور، وتألق فى العديد من الأدوار المهمة.
لم ينل حظه الكامل من الشهرة وتسليط الأضواء خلال الفترة الماضية، إلا أن ظهوره عادة ما يكون نقطة ضوء جاذبة للانتباه، وخلال السنوات الأخيرة بدأ الجمهور يعرفه عن قرب بعد أن تألق نجمه من خلال الأداء المتقن وسحر الأداء والتعبير.
كل دور وشخصية قدمه سواء مسرح أو تلفزيون أحبها حقيقة، لأنه لو لم يحب الدور لم يكن يوافق عليه ويقدمه، كما لم يكن ليخرج بشكل جيد ويحبه الجمهور فى حالة عدم اقتناعه به وإيمانه بما أقدمه ودفاعى عنه.
ولهذ فإن كل ما قدمه من شخصيات كان عن قناعة، وكذلك كل ما سيقدمه سيكون عن قناعة أيضا، فاختيار الدور والشخصية أمر مهم للغاية بالنسبة للفنان فى مسيرته، ومدى قناعته بما يقدمه هو معيار النجاح والقبول لدى الجمهور والمشاهد.