بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
تعد (الدراما) كما عرفها الإغريق وأرسطو محاكاة للواقع، ومعبرة عنه، ومجملة له، وهذا مايدرسونه طلاب الفن والميديا حتي الآن.
وقد تطورت تعريفات ومفاهيم (الدراما) علي مر العصور، وأصبحنا ندرس طلابنا تصنيفات (الدراما) من حيث التراجيدي والكوميدي، والمونولوج، والفارس، هذا من حيث الموضوع.
ومن حيث الشكل تجد المسلسل والسلسلة والسهرة والسيت كوم والسيمي دراما، ولـ (الدراما) مدارس، ولها وظائف من أهمها التوثيق، والتنميه، والتطوير، ونقل الخبرات،غيرها.
ولـ (الدراما) مصادر كثيرة واقعيه وتاريخيه وأدبيه وغيرها، ولأن مقالنا هنا ليس ملخصا لمحاضرة أو حصة دراسية، ولكني فضلت أن أتذكر بديهيات الدراما وقواعدها.
وبناءا على ماسبق، استخدمت دول العالم الدراما استخداما وطنيا صحيحا، فالدراما الأمريكيه قدمت مجتمعها على أنه مهد الحريات وهو ليس كذلك.
وأنه موطن القوة وهو ليس كذلك، وقدمت (الدراما) صورة الأمريكي القوي ،المتقدم،وهو غير ذلك تماما، وأصبح شباب العالم يتمني السفر إلي جنة الحقوق والحريات في العالم وهي ليس كذلك أبدا.
ولكنها طوعت (الدراما) لخدمة أهداف أمريكا وصورة الأمريكي حول العالم، وهكذا فعلت الصين في دراماها حول حرب الأفيون وغيرها حيث قدمت وحشية الغزو الياباني ثم قدمت بناء الصينيون لو طنهم ثم عكست معالم الصين ومازالت.
أما الدراما التركيه فقد قدمت المعالم التركيه والمبادئ التركيه وأحلام السلاطين والخلافة، وغيرهم من دراما دول العالم التي قدمت لبلدانها الكثير على مستوى دراما التاريخ، والطبيعة، والبشر والأفكار.
وقدموا لنا مشهدا مهما ينبغي ان نراعيه لصالح وطننا وأهله، فمعظم من سافر لأمريكا كان متأثرا بدراماها، وصورتها في الدراما ومعظم من زار تركيا كان تحت تأثير دراماها وصورها الخلاب.
وهكذا الصين ودول العالم المنتجه للدراما الموظفه بشكل وطني خالص، وهذا حال دراما العالم، أما دراما مصر فلقد كانت قديما تسوق لمصر سياحيا وبشريا تاريخيا، حتي أصبحت مصر قبلة السياحه والتعليم والتداوي والاستثمار أيضا.
ونحن نستعد لموسم (الدراما)
وأصبحت عاداتنا وتقاليدنا ولهجتنا هى السائده في دول منطقتنا العربية، وأرست قواعد نفوذ القوة الناعمه لمصر طيلة عقود، أما دراما مصر الحديثة التي كان واجبا عليها أن تقدم دراما وطنيه حول ثورات وتحركات شعب مصر بدلا من طرحها علي استحياء وتردد.
وأن تقدم دراما اجتماعيه حول الأسر المصرية وتفكك بعضها وحوارات البيوت ومايشغلها أو دراما سياحيه عن معالم مصر ومناطقها الجديده ومقوماتها الفريدة، أو دراما عن فرص الاستثمار وأماكنه وأنشطته في مصر.
أو دراما عن البشر وطباعهم وملامحهم، أو دراما الغد عن مصر الجديدة ومفرداتها، ودراما ترسم ملامح مصر غدا، ولم نجد معظم ذلك، ووجدنا دراما الجنس والمخدرات والبلطجه والآثار والاستفزاز الطبقي ونشر القاموس اللفظي السيئ لدي النشئ.
واليوم ونحن نستعد موسم (الدراما) الرمضاني القادم الذي ملأت تنويهاته جميع الشاشات المملوكه للشركه المنتجة، والتي يتضح منها بعضا من مضامين هذه المسلسلات.
وحتي لانخالف قواعد إبداء الرأي قبل المشاهدة نتمني أن تتنوع هذه الأعمال في التعبير عن مصر وسعيها نحو غد أفضل، وتنقل بصدق صورة واقعيه تحاكي المجتمع المصري شعبا وقيما ومعاناة وأحلاما؟
فمصر تجتهد في جذب السائحين ولديها أماكن وشواطئ ومدنا ومعالم ونظم معمارية تستوجب إظهارها في أعمال دراميه تسوق لمصر، كما فعلت دراما الأتراك في بلدهم مثلا.
ومصر حاربت العشوائيات والتسول وهى تستحق إظهار ماتم من بدائل العشوائيات التي أساءت كثيرا لمصر وأولادها في الخارج، ومصر لديها صروح تعليميه عديدة وجديدة وصروح طبيه ومراكز بحثيه حديثه تستحق أن تظهرها (الدراما) حتي يعود لمصر راغبي التعليم والتداوي بعد ان إنصرف الكثيرون عن هذه المجالات لدول حولنا شقيقه أو صديقة.
ومصر أيضا بها مايشرف من شباب وفتيات ونوابغ الأطفال مما يستحق إظهاره في أعمالنا الدراميه بدلا من الصور السلبيه التي جسدتها دراما الفترات السابقة، ومصر بها فرص للاستثمار وخرائطه، مما يستلزم طرحه من خلال حوارات المسلسلات وخلفيات المشاهد التي تسوق استثماريا لمصر.
ومصر بلد القيم والتسامح والاعتدال وهذا لابد من ترجمته في أعمالنا الدراميه لتصحيح ما أفسدته دراما الفترات السابقه، ومصر لابد لها من دراما دينيه تعيد إليها ريادتها كمهد للدراما الدينيه الرائده.
الدراما تلائم مجتمعنا المصري
ولابد لها من دراما تاريخية تجسد جذورها الضاربه في عمق التاريخ، ولابد لها من دراما وطنية خالصة تعظم رموزها وأحداثها وتدعم انتماء شبابها لوطنهم.
ومصر تستحق صنوفا درامية تعكس كل مجالات التقدم والتنميه فيها حتى نرى دراما مصر الحديثه وصورة مصر الجديدة.
وتقدم براندا جديدة لمصر يصلح ما أفسدته دراما الفترات السابقه من تهميش لقيمة مصر وقامتها، وإساءة لفتياتها وسيداتها، وإهانة لبسطائها، وإحراجا لأبنائها في الخارج.
وما تضمنته هذه (الدراما) من أفكار لاتلائم مجتمعنا المصري، وألفاظا لاتتسق ومبادئ أهل مصر، وحان وقت ان تعبر دراما مصر عن مصر وطبائع أهلها، وأن تعكس ملامح الغد المصري.
وأن يتشرف بها أبناء مصر في الداخل والخارج، وعليه ينبغي على المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام أن يراجع المحتوي الدرامي وصورة مصر فيه قبل البث، وعلى النقابات دور هام في هذا المجال أيضا.
وعلى لجان (الدراما) بالشركه المنتجة أن تراجع صورة مصر ورسائل هذه المسلسلات لصالح مصر وشعبها قبل البث.
وقد طالبنا من قبل في موقعنا هذا بضرورة تشكيل لجنة قومية عليا للإنتاج الإعلامي بما فيه الإنتاج الدرامي تراجع النصوص والرسائل وتحدد مجالات محتوي المسلسل حتي لانغفل مجالا علي مجال آخر كما تعيد النظر في تكرار الموضوعات والنجوم.
حتي تتيح الفرصه لكل مجالات العمل الوطني ولكل خبرات التمثيل في مصر دون إحتكار أو إقصاء أو تسفيه.
على هذه اللجنه القوميه أن تتابع تصوير هذه النصوص لضمان إلتزام المشاهد بالمحتوي المنشود وبعد المونتاج وقبل العرض حتي نضمن دراما مصريه المضمون و وطنية الهدف وليست دراما تجاريه كالعروض السينمائيه التي تراعي شباك التذاكر.
لأن (الدراما) تدخل كل بيت دون استئذان، وطالما أن مصر تنفق المليارات علي إنتاجها الدرامي لابد إذن أن يكون العائد خيرا علي مصر وأهلها.
كما تفعل دول العالم والمنطقه من خلال الدراما التي تعبر وتسوق وتدعم توجهات هذه الدول،ولان المنافسه حولنا شرسه ولأن المستقبل يحمل منافسة أشد شراسة في مجالي الدراما والفنون سعيا وراء سحب البساط من تحت أقدام الرائدة مصر في مجالات القوه الناعمة.
حمي الله مصر، وكل عام والجميع بخير، وتحيا دوما مصر، رائدة طموحة سباقة واعية.. اللهم آمين.