بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد
لم تتوقف ماكينة (أبو السعود الإبياري) الإبداعية عن هديرها المتواصل.. و تخصيص معظم إنتاجها من السيناريوهات لإسماعيل ياسين مكونا معه ثنائيا يصعب تكرار نجاحه كما و كيفا، و تأثيرا في الوجدان، وضخا لجرعات السعادة البسيطة النقية في الوجدان العربى المتشقق بعوامل عدة اقتصادية و سياسية.
يستمر (أبو السعود الإبياري) فى تثبيت ركائز مملكة الكوميديا العربية تحت امارة إسماعيل ياسين، ومنحه مفاتيح القلوب العربية ليصبحا من مكونات بهجة البيوت جميعا.
اصبح (إسماعيل) يتنقل في اليوم الواحد بين خمسة الى ستة استوديوهات حتى أن (فريد الأطرش) حينما أراد الاستعانة بإسماعيل في دور ثان في فيلم له اضطر إلى وقف الإنتاج لثلاثة اشهر منتظرا حتى يجد له إسماعيل متسعا من الوقت للمشاركة في تمثيل الفيلم.
(أبو السعود الإبياري) و(الفانوس السحري)
يؤكد (أبو السعود الإبياري) على البطولة المطلقة لإسماعيل ياسين فى متوالية من الأفلام كتب له منها عام 1960 فيلم (الفانوس السحري)، حيث مصطفى الفراش البسيط طيب القلب الذى يعمل في شركة المنسوجات.
ويعانى من اضطهاد مديره المتكبر (مرسى) الذى لا يرتاح عند ذروة عصبيته إلا بصفع مصطفى على وجهه ..
(مرسي لمصطفى): وشك وشك وشك .. طرااخ خ!
ورغم غطرسة (مرسي) في العمل إلا أنه كامل الخضوع لزوجته (ميمى/ شريفة ماهر) التي تعشق المال و مظاهر الثراء.
يشترى (مصطفى) فانوسا قديما في رمضان لينظفه في البيت فيخرج منه جنى محبوس منذ آلاف السنين بجسده العملاق شبه العارى و شاربه الصينى وصوته ذو الصدى (محمود فرج).
عفركوش ابن برتكوش
حوش يا رب حوش
عفريت من الجن الأخضر
أخضر؟.. سادة ولا مقلم؟، لامؤاخذه احنا واخدين على كده في محل القماش.
يحقق (عفركوش) لمصطفى أحلامه ببذلة أنيقة.. و بمطر غزير من أوراق البنكوت تغطى حجرته وأرض غرفته.. وجعل مجلس إدارة الشركة يصدر قرارا بتعيين (مصطفى) مديرا بينما يهبط مرسى إلى وظيفة فراش ليبادله الانتقام.
مصطفى لمرسي: وشك وشك وشك .. طراخ خ
إلا أن مرسى يستطيع معرفة سر الفانوس والحصول عليه وعكس الدائرة مرة أخرى إلى نصابها الأول.. و تستمر الأحداث.
(أبو السعود الإبياري) و(ملك البترول)
في عام 1962 يكتب (أبو السعود الإبياري) لإسماعيل ياسين فيلم (ملك البترول)، ليقوم بدور (حسونة) الطبيب البيطرى الذى ورث عن أبيه فدانين أرض في قريته.
وحسونة يحب (سلوى/ زهرة العلا) ابنة الاقطاعى (عبد المتعال/ ستيفان روستى) الذى يرفض تزويج ابنته من الفقير (حسونة).
لكن (حسونة) لا ييأس ويهتدى مع صديق له الى حيله حيث سكب صفيحتين من الجاز في الساقية التي تسقى أرضه لتنبعث رائحة الجاز في كل الأرض.
ينتشر الخبر في كل القرية ليترامى إلى مسامع (عبد العال).. يصدق (عبد العال) أن أرض (حسونة) بها بئر ضخم من البترول فيسارع بالبحث عنه ويعرض عليه الزواج من ابنته (سلوى) بالإضافة إلى مائة فدان مقابل تنازله عن الفدانين له.
بات (عبد المتعال) يحلم كونه أصبح ملكا للبترول، ويستدعى شركة التنقيب لكنهم لا يجدون للبترول أثرا، ليطرد (عبد المتعال حسونة) شر طردة لكن مهندس الشركة بعد قليل يخبره بعثورهم بالفعل على بئر ضخم للبترول يتنازل عنه (حسونة) لعبد المتعال – ملك البترول – مقابل أن يتزوج سلوى.
يكمل (أبو السعود الإبياري) دأبه في تثبيت ركائز مملكة (إسماعيل ياسين) الكوميدية.. يكتب له عام 1963 فيلم (المجانين في نعيم)، حيث يخرج (قنديل) من مستشفى المجانين بعد أن قضى فيها عشر سنوات ليبدأ البحث عن عمل.
كلما طالبه صاحب عمل بإبراز ما معه من شهادات أخرج له شهادة المستشفى بأنه عاقل.. ترك والد قنديل له 500 جنيه ورثا ليفتتح به مكتبا لعلاج مشاكل الناس.
يبدا (قنديل) في البحث عن عملاء داخل الكباريهات حيث أصحاب المشاكل يحاولون الهروب منها.. يتعرف قنديل على (شريف/ رشدى أباظة) العاطل الوسيم الذى يحتال على الناس و بخاصة النساء.
منهم راقصة الكباريه (عزيزه تويست)، ىو يستمر (قنديل) في الانخراط في شرور البشر وخبثهم و توريطه في مصائبهم دون وازع من ضمير.
ليفضل قنديل في النهاية العودة الى مستشفى المجانين راجيا حارس بوابتها أن يفتح له ليلجها هاربا من جحيم العقلاء!
(أبو السعود الإبياري) و(الفرسان الثلاثة)
أما في فيلم (الفرسان الثلاثة) فقد كتب (أبو السعود الإبياري) عن ثلاثة فرسان للأخلاق أولهم هو (طاهر عبد الظاهر/ إسماعيل ياسين)، وهو صاحب جريدة (أنوار الفضيلة) التي لا يشتريها أحد، والتي يحارب فيها الفساد باعتباره العدو اللدود للهلس.
و(طاهر) يعيش مع زوجته (صالحة) التي تعانى الديون وشظف العيش نتيجة ضياع كل أموال طاهر على جريدته، وابنته التي تتوق الى عيش حياة المودرن.
أما الفارس الثانى فهو (فاضل الحنبلى/ عبد السلام النابلسى)، وقد جاء من الإسكندرية لحضور (مؤتمر الأخلاق والفضيلة)، ونزل ضيفا عند طاهر ليعجب بابنته ويتزوجها.
اما الفارس الثالث فهو (جمعة الأرندلى/ محمود المليجى) زوج خالة طاهر (جمالات شيكا بوم)، التي توصى عند موتها بثروتها وإدارة الكباريه الخاص بها لطاهر ابن أختها.
يغير (طاهر) اسم الكباريه إلى (كباريه الحشمة والأدب)، كما ألبس الراقصات الحبرة واليشمك وقدم بديلا للخمور العرقسوس و الخروب لكن الراقصة (عواطف كونتاك) تنجح في الكيد له وجره إلى خارج منطقة الأخلاق وتغييره لكل مفاهيمه ومبادئه وتستمر الأحداث في رحلة بحث طاهر عن نفسه مرة أخرى.
وقد كان فيلم الفرسان الثلاثة من آواخر الأفلام التي كتبها (أبو السعود الإبياري) لاسماعيل ياسين، حيث انشغلا بعد أن اشتركا سويا في فرقة (إسماعيل ياسين) المسرحية.