رسالة رثاء لـ (مجدي نجيب) يخص بها موفق بهجت (شهريار النجوم)
كتب: أحمد السماحي
منذ حوالي ثلاثة أسابيع وعندما علمت من صديقي الموسيقار المبدع زياد الطويل، خبر دخول شاعرنا الكبير (مجدي نجيب) المستشفى، كتبت تقرير عن حالاته الصحية.
وأثار هذا التقرير ردود فعل واسعة، وجاءتني اتصالات عديدة من كثير من الشعراء والملحنيين والمطربيين، فضلا عن بعض الزملاء.
وكان من بين هذه الاتصالات، اتصال جميل مليئ بالوفاء من مطربنا الكبير (هاني شاكر)، الذي تعاون مع شاعرنا (مجدي نجيب) في العديد من الأغنيات الرائعة التى قدمها له في فترة البدايات.
وطلب مني أمير الغناء العربي عنوان المستشفى التى يعالج فيها شاعرنا الكبير (مجدي نجيب)، والذهاب معه، وبالفعل قام مطربنا الكبير بزيارة شاعرنا الراحل.
وطوال مدة مرض شاعرنا (مجدي نجيب)، لم أخبر صديقي المطرب السوري الكبير (موفق بهجت) بالخبر، بحكم معرفتي بصدقته وحبه الشديد لـ (مجدي نجيب)، وحتى لا أثقل عليه، خاصة أنه هو الأخر كان يمر بظروف مرضية صعبة.
(موفق بهجت) وخبر الرحيل
عندما علمت بخبر رحيل شاعرنا الكبير (مجدي نجيب)، يوم الأربعاء 7 فبراير الجاري، أخفيت الخبرعن مطربنا (موفق بهجت)، لكنه بحكم عشقه لمصر ومتابعته لأخبارها، عرف الخبر.
واتصل بي أول أمس معاتبا، وأرسل لي (ع الواتس) رسالة رثاء رائعة مليئة بكل الحب والود والدفء، والشجن.
وقررت نشرها لأنها تحمل كلمات رقيقة من صاحب (صوت الغربة المتفائلة) كما أطلق عليه شاعرنا (مجدي نجيب).
حيث بدأ موفق بهجت رسالته بغناء جزء بسيط من أغنية (قولوا لعين الشمس ما تحماشي، لأحسن حبيب القلب صابح ماشي)
بعدها قال بصوت حزين: تعازينا القلبية لكل مصر، والعالم العربي، في رحيل صديقي (مجدي نجيب) الذي أحزنني رحيله، ولست وحدي الذي حزن لرحيل هذا الفارس النبيل، الجنتلمان.
ولكن مس موت (مجدي نجيب) كل قلب عرفه، لأنه كان إنسانا طيبا، شفافا كدمعة، رقيق كنسمة، أصيل كشجرة صبوح، عطاء، عطاءا ثريا مكثفا، لا تحده حدود محبة أو صداقة أو قرابة.
صوت الغربة المتفائلة
كان (مجدي نجيب) رفيق الحياة، وصديق السمر، وشريك مشاريع أغاني بشرت بلون جديد، وطالما اعتبرني صاحب لون جديد على الغناء العربي يستطيع النجاح ويساير طموحه.
وقد تلاقينا في زهوة الشباب، ونحن عند بداية الطريق ينصبانا الأمل الحلو، والطموح اللذيذ، وكل ما هو إنساني وجميل.
حيث تعرفت عليه بعد استقراري في القاهرة مع مجموعة كبيرة من الشعراء والملحنيين والإذاعيين والصحافيين الذين تشرفت بمعرفتهم، وربطت بيننا صداقة وطيدة.
من هؤلاء (مجدي نجيب، عبدالرحيم منصور، بليغ حمدي، محمد ضياء الدين، منير مراد، حلمي بكر، حلمي أمين، محمد الموجي، بخيت بيومي).
والمذيع الشهير جلال معوض، وكامل البيطار، وإيناس جوهر، والكاتب الصحفي فؤاد معوض الشهير بـ (فرفور) وغيرهم.
ولقد تعاونت مع (مجدي نجيب) في أكثر من أغنية منها أغنية (علنا حبيتك) التى يقول مطلعها:
علنا، علنا حبيتك يا حبيبي، ووهبتك قلبي يا حبيبي
علنا، علنا، يا حبيبي
كل ما أنعس، كل ما أسهر، ما بنام
يجيي قلبك، يهدي قلبي الإبتسام
تسهر معاه يا حبيبي للبداية، للنهاية
علنا، علنا يا حبيبي.
كما كتب لي أيضا أغنية رائعة أخرى يقول مطلعها :
ليه الحب ملامة، ليه العشق ملامة
ياللا نعشق ياللا نحب، ياللا نرسم وردة حب
وتبقي فوق الدنيا علامة
وقد أطلق على في هذه الفترة صوت (الغربة المتفائلة) وقال عني: (موفق بهجت صوت فيه غربة متفائلة، وفيه جرأة ذكية مستمدة من إحساسه الناضج بالريتم الداخلي (السريع) لإنسان هذا العصر.
وهو باهر في أدائه الاستعراضي، مقنع فيما يؤدي لأنه يعرف كيف يغني ما يناسبه كصوت وكحركة متميزة على المسرح، فهو لا يجعلنا نشعر بإقليمية الكلمة ولا إقليمية اللحن والحركة).
ما يميز أشعار (مجدي نجيب)
يواصل موفق بهجت رثائه قائلا: كانت أشعار (مجدي نجيب) شديدة الحيوية، متدفقة، مليئة بالألوان، لا تخاطب عقل المستمع ولا وجدانه، أنها تصوب تأثيرها على حواسه، وفي حواسه تستقر، ومن هناك تمضي لتأتي مفعولها الفني لأبعد مدى.
عاش مجدي نجيب بشعره أيام النكسة معبرا عن آلام هذا الشعب ومعاناته، وأيضا عن صموده وصبره وتضحيته، وأذكر أنه كتب للعظيمة شادية أغنية رائعة تقول (يا طريقنا يا طريق، يا طريق خليك صديق) وغيرها.
وعندما حدث أكتوبر العظيم كان من أكبر المعبرين عن هذا الحدث المصري العربي الكبير الذي استردت به الأمة العربية شرفها وكرامتها كأعظم انتصار في تاريخ العرب المعاصر.
وعبر عن روح شعبنا العربي ونصره في أشعاره منها رائعته مع نجاة الصغيرة (النهاردة كل شئ يا بلادي/ أصبح له معنى/ كلمة سلاح يا بلادي/ إيد ع الزناد يا بلادي/ عزم الرجال يا بلادي / أصبح له معنى) وغيرها.
والتى تعتبر وثائق تاريخية لهذه المرحلة ذات التأثيرات البالغة والتحولات العميقة في مصر وفي العالم العربي وفي العالم كله.
موفق بهجت.. زفرة قلب مجروح
يختتم موفق بهجت رثائه قائلا: (مجدي نجيب) صديق عمري في مصر الحبيبة، سوف يعيش معي دائما بطلعته الودودة، وابتسامته الحنونة، وفرحته الصادقة بلقاء الأصدقاء.
وسوف تصاحبنا دائما موهبته السخية، وعطاؤه الجزيل، وآثاره الحية في مجالات الفنون المختلفة سواء في مجال الفن التشكيلي كفنان بارع، أو في مجال الشعر كأحد فرسانه.
ما أشد حزني على فقد (مجدي نجيب)، وليست هذه الكلمات رثاء وتأبين يا صديقي الغالي، ولكنها زفرة قلب مجروح، ينبض بالحب لك أيها الإنسان النبيل، ولا أقول وداعا (مجدي نجيب)، ولكن أقول إلى اللقاء يا صديقي.