إبراهيم رضوان يكتب: عنبر البسابس في (طرة) (2)
بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان
اخترت عنبر (ن.م)، رغم تحذيرات الجميع لى بأن هذا (العنبر) مكدس (بالبسابس)، و(البسابس) جمع (بسبس)، و(البسبس) في المعتقل هو الذى يقوم في الخفاء بكتابة التقارير للإدارة عن زملائه من المعتقلين.. كما حذرونى من أهل غزة الذين يسيطرون على العنبر.
عطيات الشافعى:
مالك يا أمى بتبكى ليه ع الغالى
أنا زى ما انتى شايفه مَلْو هدومى
إبنك مازال راسُه لفوق فى العالى
رغم الليالى الضلمة.. رغم همومى
………………………………….
جايبالى إيه يا أمى.. آه وحشتنى
أكله وسخنه من إيديكى الطاهرة
أنا كنت جايلك.. والديابة حاشتنى
لكن هاجيلك.. أيوه لازم بكره
………………………………….
يا حبيبتى.. دمعك فوق خدودى بيألم
أرجوكى ما تبكيش .. فؤادى بيتعب
الدمعه فوق دنية (طرة) بتعلم
مع إن ناسنا بره قاعده بتلعب
………………………………….
يا أمى.. كل بلدنا فى الزنزانة
ولا حد بره غير جناب الوالي
كل الخلايق صفرة.. ماشية حزينة
والبدر أصبح ع البلد مش عالى
………………………………….
سامحينى ع المشوار يا أم التسعة
وادعيلى أرجع تانى بيتى الفاضى
ما عادتشى مصر يا أمى أبدا واسعة
ولا عاد فى ساحة الحكم أبدا قاضى
هاتسافرى تانى ازاى لطلخا يا أمى
وياكى أبويا .. والإله بيساندك
مين اللى يقدر تانى يسرق دمى
يا اللى علىّ صعب جدا بُعدك
………………………………….
الضغط عالى يا أمى ليه.. قالها لى
دكتورنا (صفوت) سيسبان العنبر
أستاذ فى (قصر العينى) قال يا ليالى
إزاى جموع الشعب تانى هاتُصبر
………………………………….
إزى حال فيصل.. محمد .. مجدى
عادل.. سمير.. فريال وسامية وناهد
كل (الصور) موجودة دايما عندى
يا أغلى شيئ.. والرب هو الشاهد
………………………………….
يا امه.. يا شايلة الحمل شيلة تقيلة
ومفيش أمل باين عشان يتخفف
حتى ولو صبحوا العيال رجالة
مين اللى يقدر جوه عاصفه يقدف
………………………………….
قتلونا يا أمى الحبيبة بسيفهم
لكن لابد لروحنا ترجع تانى
الناس دى.. ليه العسكرى خوفهم
ليه رضيوا بالعيشة فى دور تحتانى
………………………………….
يا ابه.. مفيش داعى تشوفنى مِغَمى
والمخبرين قافلين علىّ السكة
أخدونى لاجل الدنيا سمعت نغمى
حرمونى حتى من بقايا الضحكة
………………………………….
محمود يا رضوان الحبيب احضُنى
شجعنى أكون العزم فى مواجهتهم
محمود يا رضوان الحبيب زاد حزنى
لما لمحت صديقى فوق سكتهم
………………………………….
يا امه يا شايلة الحمل فوقك دايما
أنا لسه واقف فى الصفوف بادعيلك
ما انساش بكاكى وانتى وحدك أبدا
ما تحزنيش يا حبيبتى بكره هاجيلك
………………………………….
وحياة عنيكى الطاهرة راجع ليكى
أحميكى من كل الليالى الغادرة
تطلع على سطح الأمانى ديوكى
علشان تهنى الفجر بطلوع بكره
………………………………….
يا حبيبتى طول العمر باحلم أشوفك
واقفه (إمامة) والطابور اخواتى
عمرى ما شفت بقلبى أبدا خوفك
ويوماتى كونتى بتقلقى لسكاتى
مكان للمبيت في عنبر (البسابس)
كان الشيوعين في عنبر (واحد) قد علموا بحضورى.. حضروا لاستقبالى.. أخبرونى في ترحاب بأنهم قد أعدوا لى مكانا للمبيت في عنبر (البسابس).
معلش.. أنا مش داخل عنبر الشيوعين؟
ليه يا إبراهيم؟
لأنى مش شيوعى
رد الكاتب الصحفي الكبير (صلاح عيسى): (حتى لو انت مش شيوعى.. أهو انت دلوقتى محسوب علينا.. صممت على عدم دخول عنبرهم
كان على أن أختار بين عنابر أخرى غير عنبر الشيوعيين المكدس بـ (البسابس)!
عنبر اليهود.. كان عنبرا مميزا خالي تماما من (السابس).. فهم يتبعون دولة منتصرة.. ودول قوية ترسل مندوبيها كل يوم للاطمئنان على أحوالهم.. لذا يأكلون أشهى الطعام، و يرتدون أفخر الثياب.. و يلحقون بعنبرهم ما يشاؤون من مساجين خدم يتمرغون في نعيمهم ..
أو عنبر (النشاط المعادى) ويرمزون له بعنبر (ن. م)، و يضم بين جنباته الفئة الدنيا من المعتقلين، فمنهم من أتى في نكتة ألقاها على مقهى أو حتى في جلسة عائلية.
ومنهم من أرسل لـ (جمال عبد الناصر يشكو له ضيق الحال ليكون رده سيارة البوكس تسحبه من بيته لينتقل من ضيق الحال إلى جحيم المعتقل.. ومنهم من أتى بشكوى كيدية من واحد من أهل الثقة الذين كان لهم اليد الطولى في المعتقل.
اخترت عنبر (ن.م).. رغم تحذيرات الجميع لى بأن هذا العنبر مكدس بـ (البسابس).. و(البسابس) كما قلت: جمع (بسبس).. و(البسبس) في المعتقل هو الذى يقوم في الخفاء بكتابة التقارير للإدارة عن زملائه من المعتقلين .. كما حذرونى من أهل غزة الذين يسيطرون على العنبر.