حوارأجراه: مجدى صادق
لمع نجم المخرج المصري الأمريكي ابن محافظة سوهاج (بيتر تكلا)، في سماء هوليوود مؤخرا، وذلك بعد براعته في كتابة السيناريو والحوار لأفلامه والإخراج – تخصصه الأساسي – والتي بدورها حصلت على الجوائز القيمة في أمريكا.
هذا المخرج الأمريكي من أصل مصري (بيتر تكلا) لم يكن بزوغ نجمه في سماء هوليوود سهلا، فقد كان الطريق صعب وطويل على (صيدلي) عمل في بداية هجرته لأمريكا في مجال تخصصه الدراسي، لكن شغفا ما بالسينما شغل عقله ووجدانه طوال الوقت.
تجارب عديدة خاضها (بيتر تكلا) في مجال السينما، حيث اهتم في البداية بسينما المهجر، ورويدا رويدا دخل من بوابة هوليوود الملكية بثقة أكسبته نضجا فنيا يؤهله للمنافسة في اجتياز الصعب في الفن السابع الذي بدأ يحقق فيه حلمه الذي ظل يطارده عبر السنوات.
تساؤلات عديدة ارتسمت على طاولة حوار عن بعد مع (بيتر تكلا) بعد نجاح فيلمه الأخير (عريس للبيع)، وهو فانتازيا كوميدية ترصد فى إطار من (التراجيكوميدي) ظواهر ظهرت بين المغتربين المصريين والعرب مثل قضية الطلاق وعلاقة الأباء بالأبناء، وغيرها.
** سألت (بيتر تكلا) في البداية: هل هذا الفيلم الناطق بالعربية ومدبلج بالإنجليزية بداية لانطلاق مايسمى بسينما المهجر، وهل تمثل امتدادا للسينما المصرية فى الخارج؟
ولنلتقط بداية الخيط: لو عملنا – فلاش باك – بلغة السينما، كيف كانت البداية؟ ولماذا هذا الاختيار وقد هاجرت كمصرى إلى أمريكا منذ أكثر من 14 عاما؟
* (بيتر تكلا): بعد التخرج من كلية الصيدلة اشتغلت بكل تأكيد فى مجالى كصيدلى بمحافظتى سوهاج بجنوب الصعيد، لكن كان ولعي وشغفي الكبير بالتمثيل حيث كان مسرح الجامعة هو البداية لتحقيق بعضا من طموحى.
وعندما هاجرت إلى الولايات المتحدة رغم أنى عملت فى مجالى كصيدلى إلا أن هواية التمثيل بدأت تطاردني من حين إلى آخر، فلم أتخيل أن شغف الفن سيعود مرة أخرى فى الملاحقة.
وبالفعل اشتركت فى عدد من المسرحيات وكذلك السينما، وحينها قررت إخراج أول فيلم روائى طويل يعرض فى السينما الأمريكية، وهو فيلم عريس للبيع الذى حقق نجاحا غير متوقع، خاصة أنه أول تجربة إخراج لى وفى عقر دار هوليوود!
جينات أفلام (بيتر تكلا) أمريكية
** قدمت أفلام تحمل (جينات) المجتمع الأمريكى مثل فيلم (أمر بالقتل)، وهو من نوع الدراما الأكشن، بينما قدمت أفلاما أخرى تحمل (جينات) المصريين بالخارج، وهو فيلم (عريس للبيع) و(الدور الأخير)، وهما من نوع الكوميديا الاجتماعية، فأين تجد نفسك كمخرج يتطلع أن ينافس في هوليوود؟ وهل من تجارب أخرى قادمة؟
* (بيتر تكلا): بكل تأكيد فى بداية انطلاقتك فى ظل وجودك فى مدينة تمثل (صناعة السينما) فى العالم وهى هوليوود عليك بالتنوع، وهذا ما أردته مابين الدراما والأكشن مثل فيلم (أمر بالقتل).
ومثلما تفضلت: كروموسومات أمريكية فهو فيلم باللغة الإنجليزية، أمريكى خالص حول ضابط بالجيش الأمريكى أصيب بمرض لازمه بعد خروجه، حيث كان دائما مايشاهد عمليات القتل تسبب له فى تغيير شخصيته.
إذ كان القتل هو وسلته لحل المشاكل، والكوميديا الاجتماعية مثل (عريس للبيع) تحمل أهم قضايا المهاجرين، سواء عرب أو مصريين فى (وجبة كوميدية) تحمل (وجعا)، فهى قضايا ملحة وعلينا معالجتها بالطابع الكوميدى لا المأساوى أو التراجيدى.
أما فى فيلم (الدور الأخير)، فأحداثه تدور عن شاب بسبب الضغوط الاجتماعية وانفصال الأب الذى كان يعامله معاملة قاسية عن أمه فيلجأ إلى الانتحار حلا، وهى قصة حقيقية حدثت هنا بأمريكا وكثيرا ماتحدث فى مجتمعاتنا الشرقية.
لكن ياتى فيلم (عريس للبيع) فهو من نوع الفانتازيا فى أطار من الكوميديا لطرح قضايا تمس جالياتنا العربية وتصيبها فى مقتل!
فهذا التنوع أفضله طبقا لـ (تيمة) الموضوع وما يحدثه من صدمة للمشاهد، وعلى حسب شغفي للقصة، خاصة وأنا أيضا كاتب سيناريو!
(بيتر تكلا).. كاتب ومخرج
** كثيرون من مخرجى هوليوود هم أيضا كاتبوا القصة والسيناريو مثل (كريستوفر نولان، وكوينت جيروم تارانتينو) على سبيل المثال، وأنت تسير على ذات الدرب، فأيهما أقرب إلى قلبك علي مستوى الكتابة السينمائية أو الاخراج؟
* (بيتر تكلا): كاتب السيناريو يحمل دائما عمقا للقصة ورؤية فى تشكيل سرد القصة وهو مع المخرج تتكامل مع العناصر الأخري ديناميات السرد الحدثى لقصة الفيلم.
ولأنى أجمع بين الاثنين فدائما يكون الخيار: إما كتابة السيناريو والإخراج مثل فيلم (عريس للبيع)، أم الإخراج فقط مثل فيلم (أمر بالقتل) حسب شغفى للقصة والفكرة، رغم أننى أفضل أكثر على الإخراج فقط مستقبلا!
وبالمناسبة ارحب بالمشاركة فى إنتاج أو إخراج فيلم مصرى، فهذا أملي في المستقبل المنظور أو القريب.
** السينما المصرية.. هل هى بعافية اليوم فى ظل استنهاض ونهوض للفن السينمائى فى دول أخرى عربية قفزت بها عالميا اليوم مثل السعودية؟ ألم يشجعك هذا لعمل انتاج مشترك معهم؟
* (بيتر تكلا): السينما المصرية هى صاحبة الفضل الكبير وهى (الأم) لكل سينمات المنطقة، وعلي الرغم ما تمر به من ظروف إلا أنها بدأت تستنهض من جديدد فى ظهور الكثير من الأفلام والمخرجين.
ومايسعدنا أيضا أن دولة مثل السعودية فى ظل الرؤية الجديدة لولى العهد السعودى الأمير (محمد بن سلمان)، أن تقدم السعودية سينما ونجوم عالميين..
لذا فكما أتشرف بالمشاركة فى إنتاج مصري، أيضا أى دولة أخرى مثل المملكة العربية السعودية، وظني أن كل نجاح لأى فيلم من أفلامي هو بالتأكيد نجاح مصرى لأنى أفخر بكونى مصرى، ويبقى الهدف صناعة سينما للجاليات المصرية والعربية.
** هل يمكن لسينما المهجر – إن صح هذا التعبير – أن تعوض مافات السينما المصرية اليوم وتصبح امتدادا لها؟
* (بيتر تكلا): أعتقد أن هذا هو الهدف الأكبر بالنسبة لي، وهو أن يكون للجالية المصرية فى أمريكا صناعة سينما تكون امتدادا طبيعيا لصناعة السينما المصرية.
خاصة ونحن موجودون فى قلب صناعة السينما العالمية فى هوليوود، وهو تحدى كبير لنا كمصريين، خاصة إذا كن لديهم الموهبة والإبداع والابتكار والعزيمة على أن تتواجد وبقوة.
(بيتر تكلا) والهموم العربية
** هل فكرت فى ظل النجاح الكبير لكم فى تقديم عمل عربى أمريكى يرصد بعضا من الهموم العربية والقضايا الإنسانية ومايحدث على أرض غزة أوغيرها؟
* (بيتر تكلا): هذا مايحدث فعلا، فأنا أعمل على أفلام تناقش قضايا وهموم مصرية وعربيه فى المهجر، على سبيل المثال قدمت فيلم قصير بعنون (بورتريه) عن فنان مصرى يهاجر لأمريكا ويحاول العمل فى الفن.
ولكنه يصطدم بالكثير من الإحباطات لتحقيق طموحه، وأن يصل بفنه وإبداعه إلى هنا لكن بمسانده زوجته ودعمها وتشجيعها، والأهم هو الإيمان بفنه وإبداعه يتحدى كل العوائق حتى يصل لهدفه.
** وأنت على مقربة من (المطبخ) السينمائى الهوليوودى، ماهى (الخلطة) التى يمكن أن تصنع بها فيلما مصريا يذهب الى العالمية ؟
* (بيتر تكلا): أعتقد أن (الخلطة) قد تكون فيلم مصري بإنتاج قوى من صناع مصريين ويناقش مشاكل مصرية وعربية فى العالم كله، وليس مجرد فيلم للمتعه فقط. فالفن وصناعة السينما سلاح ذو حدين، ويفضل أن يكون الفن هادف فبعض الأفلام فى مصر غيرت قوانين، لذا أتمنى عمل فيلم مصري أمريكي على نفس الطريق.
** من المؤكد أن تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل (الذكاء الاصطناعي) والرقمنة وغيرها، انعكست كثيرا على صناعة الفيلم السينمائى اليوم، كيف ترى هذا مستقبلا؟ وماذا يجب على السينما المصرية أن تأخذ من خطوات نحوه؟
* (بيتر تكلا): الذكاء الاصناعي مفيد فى بعض الحالات، واليوم يمكن عمل وتنفيذ مشهد سينمائى كان من الاستحاله عمله مسبقا.
وأرى أن عصر الرقمنة وأدوات الثورة الصناعية الرابعة تدفع بنا إلى أن نواكب مايحدث فى العالم، خروجا من التقليدية لعرض الأفكار السينمائية بما يتناسب وجيل الثورة الصناعية الرابعة وأفكارهم!
** هل ترى أن وجود المهرجانات السينمائية المصرية بالخارج ربما أحد الوسائل التى تنعش السينما المصرية؟، وهل فكرت أن تقدم أفلامك فى مصر للمشاهد المصري والعربي، أو غيرها من دول المهجر أم ماذا؟
* (بيتر تكلا): لاشك أن وجود المهرجانات السينمائية مهم ومفيد جدا، وخصوصا لو كانت مصرية فى المهجر، وبالفعل قدمت أحد أفلامى للمهرجان المصرى الأمريكي للسينما بنيويورك وحصلت على جائزة العمل الأول.
** أخير: ماذا عن مشروعاتك القادمة؟، وماذا عن اكتشافاتك لكثير من المواهب المصرية فى المهجر؟
* (بيتر تكلا): أعمل على عدد من المشروعات القادمة المتنوعه فى الأفكاروالقصص، وبالفعل أقوم باكتشاف المزيد من المواهب المصرية فى المهجر.