جمال وحضور وخفة ظل (شادية) جعلها على القمة (1 /3)
* أغلب ماقامت به من أدوار في السنوات العشر الأولي من حياتها ينتمي الي الكوميديا الغنائية في المقام الأول
* حرص المخرجون أن يسندوا إلى صاحبة الوجه الجميل، دور البنت المظلومة، أو اليتيمة التي تعيش ظروفا قاسية لاتتناسب قط مع ما تملكه من مواهب
* بدت (شادية) كأنها تنطلق أسرع من القذيفة مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين
* لم تكن ظاهرة كثرة ظهور (شادية) في الأفلام قاصرة على عام واحد، ففي عام 1952 قدمت 13 فيلما، وفي سنة 1953، ارتفع العدد إلى ستة عشر فيلما
* فيلم (حمامة السلام) كان بداية لقاءها بالوجه الجديد كمال الشناوي، ليكونا أشهر ثنائي متألف، أكثر من أي ثنائي آخر في السينما
بقلم الباحث والناقد السينمائي : محمود قاسم
هذا الأسبوع سنتحدث في باب (الجميلات) عن معبودة الجماهير (شادية)، والجميل أن يصادف أن نتحدث عنها، ونحن نحتفل بعيد ميلادها الموافق يوم 8 فبراير.
وجميلات هذا الجيل ومنهن (شادية) ظهرت عليهن ملامح الأنوثة الطاغية، والدلال في سن مبكرة تماما، وقام مكتشفوا المواهب بسرعة تقديم كل منهن.
وهن في منتصف العقد الثاني من العمر وعلى رأس القائمة (شادية، وليلي فوزي) وكانت جذور الكثيرات منهن أجنبية، خاصة من الأتراك.
حيث الجمال المبهر بشكل خاص مقرون بالموهبة، وبدت (شادية) الأكثر حظا وموهبة، فقد توج جمالها كفتاة أيضا لديها قدرة فائقة علي الدلال.
وأنها صاحبة صوت غنائي متميز جعلها فوق قمة الهرم الذي يؤدي الأغنية الخفيفة، وهو النوع الذي تحمست له كثيرا السينما الغنائية، أو ماعرف بالكوميديا الموسيقية
جمال اسم (شادية)
فاطمة أحمد شاكر، المولودة في 8 فبراير1929 محظوظة أيضا بالاسم الفني (شادية) الذي تم اختياره لبنت تغني وتشدو الأغنيات بصوت جميل.
وذلك لإنه اسم فني ينطبق علي صفاتها التي عرفها الناس علي الشاشة، وفي الإذاعة، فلا شك أنها كانت تمتلك مالم يهبه الله لغيرها من نجمات عصرها من جمال، وسمات، وخفة ظل.
لذا سرعان مادخلت (شادية) قلوب الناس، وبدت وهى تمثل للمرة الأولي في سن السابعة عشر، ذات سحر خاص، وشقاوة ملحوظة جعلت الأسماء تتعدد من حولها، أبرز هذه الأسماء (الدلوعة).
طبيعة أدوار (شادية) الأولى
حرص المخرجون أن يسندوا إلى (شادية) صاحبة الوجه الجميل الصافي، دور البنت المظلومة، أو اليتيمة التي تعيش ظروفا قاسية لاتتناسب قط مع ما تملكه من مواهب.
فهي سهلة البكاء، وتغني الأغنيات التى تعبر عن الحالة التعيسة التى تمر بها، أو ظروفها المرتبكة، لكنها أيضا تغني الاغنيات الخفيفة التي تعبر عن البهجة، وحب الحياة.
بالإضافة الي الأوبريتات الغنائية الوطنية مثل (أوبريت مصر والسودان) الذي انشدته في فيلم (بشرة خير) عام 1953.
وأغلب ماقامت به (شادية) من أدوار في السنوات العشر الأولي من حياتها ينتمي إلى الكوميديا الغنائية في المقام الأول.
حلمي رفلة الذي اكتشف (شادية)
كانت (شادية) محظوظة أن المخرج الذي اكتشفها، وتحمس لها لسنوات طويلة، هو أبرز من قدم الأفلام الكوميدية الخفيفة، وهو الذي منح فرصا مشابهة لنجوم عصرها.
وعلي رأسهم (إسماعيل يس، ومحمد فوزي)، وقد جمع بينهم كثيرا، إنه (حلمي رفلة)، صاحب فيلمها الأول (العقل في أجازة) إنتاج وتمثيل محمد فوزي.
وفي العام نفسه جمعها مع الوجه الجديد (كمال الشناوي) في فيلم (حمامة السلام) ليكون ذلك بداية مشوار طويل من الأفلام المشتركة كأشهر ثنائي متألف معا، أكثر من أي ثنائي آخر في السينما.
إذا لم يكن غريبا أن نجد هذه المجموعة كثيرة التواجد والتعاون معا من فيلم لآخر، وهذه المجموعة هي (شادية – اسماعيل يس – كمال الشناوي – وحلمي رفلة) وأحيانا محمد فوزي.
و(حلمي رفلة) هو الذي استلم المغنية خفيفة الروح والظل، ذات الجمال التركي الأصيل، كي يخرج لها في السنوات الأولي من حياتها أفلام منها (الروح والجسد) عام 1948، و(ليلة العيد) 1949، و(البطل) 1950.
وفي الوقت نفسه بدأت تعمل شادية مع مخرجين آخرين لم يسندو إليها البطولة المطلقة لكنها كانت الإسم رقم اثنين، فمثلا كانت بعد النجمة (كاميليا) في فيلم (صاحبة الملاليم) لعز الدين ذو الفقار.
وأيضا بعد (عزيزة أمير) في فيلم (نادية) لفطين عبد الوهاب، و(فوق السحاب) إخراج محمود ذو الفقار، في آواخر الأربعينيات.
(شادية) و16 فيلم في العام
بدت (شادية) كأنها تنطلق أسرع من القذيفة مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين، وانهالت العقود عليها كما لم يحدث مع أي فنانة أخري، لتنافس اسماعيل ياسين في الظهور.
ففي عام 1951، عرض لها ثلاثة عشر فيلما، وهو عدد ضخم أكبر من عدد شهور السينما!، بما يعني أن الجمهور كان يجد إسمها في صالات العرض، أينما نزل للبحث عن فيلم جديد.
ولم تكن هذه ظاهرة مؤقتة ففي العام التالي قدمت العدد نفسه من الأفلام، وفي سنة 1953، ارتفع العدد إلى ستة عشر فيلما، بما يعني أنها لم تكن تذهب إلى بيتها من كثرة العمل والإقبال عليها.
ولك أن تتصور فتاة صغيرة عليها أن تحفظ الألحان الجديدة وأن تؤديها في كل هذه الأفلام فلم تكن قادرة علي التفرغ للتمثيل وحده كما فعلت فيما بعد.
كانت (شادية) في حالة من النشاط غير المسبوق لممثلة ومطربة، لم تتكرر من قبل، في أفلام يتزاحم الناس لمشاهدتها، بما يؤكد أنها قادرة علي جذب انتباه ومحبة الجماهير.
سر توقف (شادية) عن السينما
الغريب أنه بدون أي سبب ظاهر فانها توقفت عن العمل تماما في عام 1954، وفي العام الذي يتلوه عملت في فيلمين فقط!.
ولعل السبب في ذلك أنها تزوجت من نجم المرحلة (عماد حمدي)، لكن لم يكن هذا سببا رئيسا، كما نعرف عن نوع العلاقة الجميلة.
هذه الأرقام تعني أنه خلال هذه السنوات الثلاث فإن (شادية) تركت في رصيدها اثنين وأربعين فيلما، وأن هذا الأمر لم يتكرر بعد ذلك قط .
كما يمكن أن نقول أن أغلب هذه الأفلام خفيفة، وليست مسلوقة، وأن الناس كانت حريصة علي رؤية الثنائيات التي كانت تمثلها، مع كل من (كمال الشناوي- اسماعيل يس – عماد حمدي – شكري سرحان).
وقد تم اختيارها للوقوف المضمون أمام المطربين الجدد، ومنهم عبد الحليم حافظ، وكمال حسني، حيث ظهرت في فيلمين متشابهين تماما هما (لحن الوفاء)، و(ربيع الحب) من إخراج إبراهيم عمارة عام 1955.
نستكمل مشوار الجميلة شادية الأسبوع القادم.