(أحمد سامي عبد الله).. الممثل القدير الذي لا نذكر له سوى (عم مجاهد) !
بقلم: محمد حبوشة
ربما لا يذكر كثيرون للفنان القدير الراحل (أحمد سامي عبد الله) سوى دوره في تجسيد شخصية (عم مجاهد) في فيلم (الكيت كات)، الذي تعاطف معه كثير من المصريين لتجسيده الدور بثقة وكفاءة وخبرة ليس لها مثيل.
لكني من ناحيتي أعتبر الفنان (أحمد سامي عبد الله) واحدا من عمالقة التمثيل الموهوبين الذين قدموا دور الرجل الطيب في السينما المصرية؛ حيث كان أداء هذا العظيم غالبا مايشتمل على قدرة نفسية غير عادية وعلى وعي بالجسد وعلى طاقة روحية.
فضلا عن أنه كان ذا حلم بالغ القوة، وهذه هي الطاقات الخاصة أو العتاد الذي يجعل المرء قادر على الإطلال على مشارف كل ماهوغير مادي، هذا بحسب (ويلسون)، أما بحسب (ستانسلافسكي) فإن التمثيل عند (أحمد سامي عبد الله) هو تجسيد الحالة النفسية والجسدية.
وذلك بتعايش لا بصورة آلية ومن دون مبالغة، فلكي يحقق الأداء التمثيلي أهدافه، يبقى على الممثل أن يندمج في الشخصية ويعيش أفكارها دون أن يكون الاندماج هدفا في حد ذاته، وهكذا كان (أحمد سامي عبد الله) في كل أدواره التي لم تحظى بكثير من المشاهدة.
فن الأداء في مظاهره الأولى لدى (أحمد سامي عبد الله) مهتم بدرجة كبيرة بعمليات الجسد التي يطلق عليها (حركات، أحداث، أداء) وأشياء متنوعة ومظاهر أخرى عادية وغير عدية لمادة الجسد.
فجسد الفنان (أحمد سامي عبد الله) يتحول إلى موضوع والمحرك للعمل، حيث يصبح الطفل والموضوع شيئا واحدا، وتصبح معدات المشاعر أوتوماتيكي لديه هى نفسها معدات الفعل.
ولقد لاحظت من متابعتي لأعمال الراحل الكبير (أحمد سامي عبد الله) أن التمثيل عنده عبارة مجموعة من التقنيات التي تساعد على الإيحاء بذوبان وتلاشي الممثل الإنسان في الشخصية.
معروف أن الممثل الجيد هو الذي يستطيع أن يعي الحركات والسكنات، أي يعرف متى تأتي الحركة ومتى يكون السكون، فالمساحات الخالية من الحركة ومن الكلام، هى صورة تعبيرية ذهنية كان يعيها جيدا الممثل (أحمد سامي عبد الله)، حسب النص وتعليمات المخرج.
ولهذا يتضح أن عمل الممثل (أحمد سامي عبد الله) يبدو متكاملا عندما نحس القدرة الانسجامية له ما بين الحركة والسكون وأداء الممثل الواعي على الشاشة) وهذا الأداء البصري له الحضور الأول لدى المتلقي.
قدرة (أحمد سامي عبد الله)
لقد كان الممثل (أحمد سامي عبد الله) ذا قدرة خاصة، فهو لايستطيع أن يعزل نفسه عن المحيط، إنه يتأثر ويتفاعل مع ما يراه وما يحدث وما يزخر به الواقع من نماذج وعادات وسلوكيات ردود الفعل التى عادة تكون عفوية وسريعة عند الفرد.
لكنها كانت عنده كممثل تصبح مدروسة وخاضعة للتحليل وذلك بالتركيز عليها وتمديدها ومنحها خاصية استثنائية، فهم ممثل لايكف عن تأمل الآخرين، دراستهم تحليلهم، ومحاكاة حركاتهم وأصواتهم إذا اقتضى الأمر.
كان للممثل (أحمد سامي عبد الله) طريقته فى التحضير للدور وإعداد نفسه لتجسيد الشخصية، فهم ليس ثمة ممثل لايكتفي بقبول الدور المرسوم كما هو فى النص، بل يحلل الشخصية ويحاول اكتشاف منبعها.
وذلك على مستوى (خلفيتها ثقافتها، أسلوب حياتها، رغباتها، مخاوفها، دوافعها، ماضيها، حياتها العائلية، نوعية الملابس التى ترتديها، الاشياء التى تقتنيها، الأماكن التى ترتادها، حركاتها المميزة، طريقتها فى الكلام، وجهة نظرها فى أمور عديدة).
كان (أحمد سامي عبد الحليم) يفعل هذا، حتى وإن لم يكن هذا متضمنا فى النص أو أنه مطروح عبر إيحاءات وإشارات عرضية، انه يقوم بإجراء بحوث فى طبيعة وسلوك وعلاقات الشخصية.
(أحمد سامي عبد الله) مذيعا
ولد الفنان (أحمد سامي عبد الله) في عام 1930، كان يحلم بأن يكون مذيعا لكن القدر جعله ممثلا قديرا لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال لما قدمه للسينما والدراما المصرية، حيث كان من كبار الفنانين المصريين.
درس (أحمد سامي عبد الله) ليسانس آداب وعمل مدرسا للتاريخ، وأُحيل للمعاش وهو في عامه 51، وبعدها تفرغ للفن، حيث اتجه للتلفزيون وعمل كمعد لبرامج الأطفال التي كانت تعرضه سميحة عبد الرحمن.
ثم تدرج بعد ذلك من مساعد مخرج ولغاية مخرج، وبعدها تولى إدارة برامج الأطفال في حين أن اكتشفه المخرج (أحمد النحاس) وأشركه في أفلام عدة كانت هى بمثابة بداية الفنان السينمائية.
بعد ذلك استعان مجموعة من المخرجين بالفنان (أحمد سامي عبد الله)؛ لمشاركة بعض الفنانين أدوار مهمة في كثير من الأفلام حيث كان يتمتع بكفاءة وخبرة عالية جداً في التعامل والتمثيل على الرغم من كبر سنّه، وكان يقوم بتمثيل دور الرجل العجوز كما في الحقيقة تمامً.
عمل الفنان (أحمد سامي عبد الله) مع مخرجين وممثلين ومؤلفين عدة، فأعماله لا يمكن حصرها بأي شكل لأنه عاشر وعمل مع الكثير من الفنانين على مدار أكثر من ثلاثين عاما.
ورغم حزنه وعتابه لبعض الفنانين الذين حبسوه في دور الرجل العجوز، فكانت كلماته تتكلم عنه حيث أكدّ أنه يشعر بالرضا والسعادة لكل عمل يقدمه وأنه مميز ومختلف عن غيره من الفنانين والممثلين سواءً بسبب سنه أو بسبب أداءه في التمثيل، وأيضاً أنه لا يوجد عجوز غيره، ولا يستطيع أحد عمل دور التمثيل كما يفعله هو .
وكان قد بدأ الفنان الكبير (أحمد سامي عبد الله) رحلته الفنية في الخمسينات من خلال تقديم فقرة بعنوان (ذكريات الغرفة 117) في برنامج (حول الأسرة البيضاء) بالمشاركة مع المذيعة سامية صادق.
(أحمد سامي عبد الله) والإذاعة
وكانت بدايته في الإذاعة ومن خلالها تعرف على الكثير من أصدقاء الوسط الفني ومنهم (محمد محمود شعبان) الذي شاركه في برنامج (بابا شارو)
في الستينات التحق بالعمل في التلفزيون من خلال إخراجه لبرامج الأطفال وواصل العمل حتى أصبح المدير لبرامج الأطفال فقد كتب وأخرج الكثير من المسلسلات للأطفال.
وشارك (نجوى إبراهيم وسامية شرابي و فريال صالح بعض البرامج، كما أنه شارك بأداء صوتي في مسلسل (بوجي و طمطم).
اقتحم عالم السينما في السبعينات وعمل بالعديد من الأفلام منها: أفلام (الكيت كات، الساحر)، إنذار بالطاعة)، ومن أعماله الدرامية مسلسلات (زيزينيا، عباس الأبيض في اليوم الأسود، أين قلبي) وآخر أعماله فيلم (حسن ومرقص) مع الراحل عمر الشريف، والزعيم عادل إمام.
بعدها مرض وابتعد عن الوسط الفني، وعرف في الوسط بتأدية دور الشخصية الطيبة والبسيطة، ولازمته هذه الشخصية حتى آخر عمل له وجميع أدواره تميزت بتلك الصفات.
وعلى الرغم من ذلك كان يريد أن يغير منها لأنه شعر أنها لم تعطيه فرصة للخبرة والتميز أكثر.
مرض الفنان (أحمد سامي عبد الله) في آواخر أيامه حتى وافته المنية في 12 ديسمبر عام 2011، عن عمر يناهز الـ 81 عاما.
وصرح ابنه المهندس (ماجد سامي) بخصوص وفاة والده وعن بعض الشائعات التي نشرت عنه أنه عانى من الفقر في آواخر أيامه وأن المستشفى حجزته ولم تكمل علاجه بسبب الظروف المادية السيئة.
قائلاً عن تلك الشائعات: (أنه لا يعرف من أي مصدر تم نشر هذا الكلام وهو غير صحيح ولم يحدث أبدا، وأن والده قد تلقى العلاج على أكمل وجه وفي أفضل المستشفيات، وأنهم كانوا قادرين على دفع كل التكاليف للعلاج.
وحكى (ماجد) عن أدواره ونجاحاته وشهرته، وأنه أنجز وحقق الكثير من الأعمال المشهورة، وهذا يؤكد عدم صحة كل هذا الكلام، لذلك أطلق تحذير لكل من ينشر تلك الشائعات أن يعرف الحقيقة أولا.
وهذا أمر بسيط يمكنهم أن يتأكدوا منه من أي شخص من الأسرة، وطلب منهم حذف كل ذلك الكلام وإلا سوف يأخذ حقه وحق والده بالقانون، وقال أنهم ينشرون كل تلك الشائعات بهدف شهرتهم وعمل تريند على حساب الحقيقة.
برع (أحمد سامي عبد الله) في الدراما
ولمن لايعرف سجل أعمال الفنان (أحمد سامي عبد الله) نرصد أهم أعماله: حيث شارك في مسلسسلات: (حكايات وبنعيشها، وعايزة أتجوز) عام 2010، حيث قام بدور حسين.
مسلسلات (متخافوش – 2009، قام بدور عم سليمان، أدهم الشرقاوي، وناصر – 2008، رجل غني فقير جداً – 2007، قام بدور سحتوت جد محروس، حياتي إنت – 2006، من غير ميعاد – 2005، أحلام هند الخشاب – 2004.
كما شارك (أحمد سامي عبد الله) في مسلسلات (المرأة في الإسلام – 2003، لدواعي أمنية – 2002، للعدالة وجوه كثيرة – 2001، تدابير الدنيا – 2000، شملول – 1999، قام بدور أبو نقرة، الحساب – 1998.
وأيضا شارك (أحمد سامي عبد الله في مسلسلات (الوتد – 1996، قام بدور الحاج محمود، مجنونة – 1995، عزبة القرود – 1994، دموع صاحبة الجلالة – 1993، قام بدور عم معروف، مبروك ألف مبروك – 1992.
ومن قبل شارك (أحمد سامي عبد الله) في مسلسلات (النوة – 1991، قام بدور درويش، يحكى أن – 1989، لا إله إلا الله (ج4) – 1988، سفر الأحلام – 1986، رسول الإنسانية – 1985، محمد رسول الله (ج4) – 1984، الإمام مالك – 1980، أبناء الإسلام – 1979، على هامش السيرة – 1978.
لمسات أحمد سامي عبد الله) في السينما
(أحمد سامي عبدالله) له رصيد كبير في السينما أهمها أفلام (يوم ما تقابلنا – 2009، قام بدور مراد، دكتور سيلكون – 2009، قام بدور سيلكون، هى فوضى – 2007، قام بدور سيد، قصة الحي الشعبي، ووش إجرام – 2006.
وشارك أحمد سامي عبد الله من قبل في أفلام (خالي من الكوليسترول – 2005، قام بدور أحمد جميل، النعامة والطاووس – 2002، قام بدور عم مرسي، أولى ثانوي – 2001، الإمبراطورة – 1999، عفريت النهار – 1997، قام بدور والد منير.
ومع عادل إمام شارك (أحمد سامي عبد الله) في فيلم (بخيت وعديلة 2 (الجردل والكنكة) عام 1996، وقبله شارك في أفلام (الرجل الثالث – 1995، قام بدور عم كمال، الجراج – 1995، قام بدور بدوي، دماء على الثوب الأبيض – 1994.
له مشاركات متميزة في أفلام (خلطبيطة)عام 1994، قام بدور عم فتحي، مرسيدس – 1993، دنيا عبدالجبار، وحالة اشتباه – 1992، قام بدور ربيع، يا ناس يا هووه – 1991، قام بدور العم كريم، الشيطانة – 1990، قام بدور يوسف أبو العطا.
قدم (أحمد سامي عبد الله) نهاية الثمانينيات أفلام (أنا والعذراء والجدي – 1989، المولد – 1989، قام بدور إدريس، السجينتان” عام 1988.
وفي منتصف الثمانينيات شارك في أفلام (قاهر الزمن – 1987، قام بدور المستشار عبد المجيد، دقة زار – 1986، قام بدور العم درويش (أبو معزوزة)، الأوغاد – 1985، قام بدور مسعد.
كما كان لـ (أحمد سامي عبد الله) أعمال أخرى مثل فيلم قصير بعنوان (انتظار) عام 1998، فوازير (ما نستغناش) – 1998، فوازير “عمو فؤاد – 1993، فوازير (عمو فؤاد ويا الأجداد – 1983، أوبرا رمضان كريم – 1970، قام بالتقديم.
الرجل الطيب بالسينما المصرية
رحم الله الفنان (أحمد سامي عبد الله) الذي برع في أداء دور الرجل الطيب بالسينما المصرية، الذي تعاطف معه كثير من المصريين، إلا أنه كان يشعر بالحزن بسبب تضييق الحلقة عليه.
وجدير بالذكر أنه ظلم حيا بحصره في دور الرجل المسن، إلا أنه كان يتغلب على هذا الشعور بسبب قدرته على تقديم الدور بكفاءة وحنكة، وظلم أيضا ميتا حيث لا يتذكره البعض، وهو الذي عاش في سلام ورحل في هدوء لا يوازي حجم موهبته.