(أيمن سلامة).. كاتب نصوص تسلي وتعلم وتلهم الجماهير!
بقلم: محمد حبوشة
السيناريو من وجهة نظر الكاتب المبدع (أيمن سلامة) مهمته تقتضي تحويل الأفكار والأقوال التي ينطلق منها الكاتب، إلى أفعال وحركات درامية معاشة، بحيث تجسّد أمام الكاميرا، أو تحويل ما هو أدبي إلى ما هو بصري·
من هنا يفترق السيناريو عند (أيمن سلامة) بين نوعين، الأول هو السيناريو الذي يحول الأعمال الأدبية العظيمة إلى السينما أو التلفزيون أو الإذاعة، والثاني هو السيناريو المشغول من أصله للمرئي أو المسموع·
لقد قيل الكثير عن السيناريو في محاولة لتعريفه بشكلٍ دقيق، من قبيل: فيلم على ورق، أو رواية سينمائية أو تليفزيونية، لكنه لدى (أيمن سلامة) يعد التعريف الأشد اقترابا من كنه السيناريو الذي يقول إنه: (صورنة الكتابة) أي تحويل الكتابة إلى صورة.
من هنا تأتي أهمية توصيف (لويس هيرمان) للسيناريو حيث رآه أنه عبارة عن (خطةٍ وصفية تفصيلية مكتوبة في تسلسل جامع بين الصورة والصوت، تقدم إلى المخرج الذي يحولها إلى واقع مرئي سمعي).
وقد يكون السيناريو في خيال (أيمن سلامة) هو أكثر نوع من أنواع الكتابة يحتاج إلى تكنيك إعادة الكتابة، أي إنه (بروسترايكا) لفظية تتم فيها إعادة هدم وبناء للمكتوب أصلاً أو المقررة في الفكر على الأقل.
وحتى أن الكثيرين ومنهم (أيمن سلامة) يرون أن السيناريو الضعيف هو سيناريو لم يرجع إليه صاحبه كما يجب لتخليصه من شوائبه ومعوقاته التي تعيب بناءه الفني، كالتكرار أو الأخطاء اللغوية أوالأفكار السمجة أو المعادة.
مما تقدم، نخلص إلى أن أهمية السيناريست كما يرى (أيمن سلامة) لا تقل مطلقا عن المخرج والممثل والروائي والشاعر وغيرهم ممن يحظون باحترام خاص.
وهنا لا بد أن أستند إلى نظرية تداخل الفنون وتقاطعاتها الجمالية في دوائر تتسع أو تضيق، مهما اشتد الاحتراف والتخصص، فلا بد أن هنالك مساحة مشتركة يتقاطع فيها على سبيل المثال السيناريست والمخرج والممثل للوصول إلى رؤية مشتركة.
(أيمن سلامة) مدفوع بهاجس داخلي
الكاتب الحقيقي مثل (أيمن سلامة) لا يستطيع إلا أن يكتب مدفوعا بهاجس داخلي لا يمكن له مقاومته أو فهمه، ولا يكتب من أجل المال، أو المجد والشهرة، الكتابة الحقة عنده تنبع من داخل النفس، ولا تفرض من الخارج.
كما أن الكتاب يعرفون أن الكتابة في موضوع معين بناء على تكليف هذه الجهة أو تلك، ليس عملا مملا فقط، بل يلحق الضرر بقدراتهم الإبداعية لأنه يقحم في عالمهم شيئا غريبا. وبعد تكرار مثل هذه الكتابات يلاحظون هبوط قدراتهم الأبداعية في التخييل وخلق الصور النابضة بالحياة.
أما في حالة الكاتب المبدع (أيمن سلامة)، فيعني انغماسه في حوارات داخلية صامتة بينه وبين نفسه أو الحديث في بعض الأحيان إلى نفسه بصوت مسموع، قد ينظر البعض الى هذا الأمر على أنها علامة مبكرة من أعراض الاختلال العقلي والنفسي.
ولكن الحوار الداخلي بالنسبة للكاتب (أيمن سلامة) إحدى الطرق الرئيسية لإنشاء النص وتفسير ذلك، أن أفكار الشخص البالغ تتشكل عن طريق الكلمات أولاً، ومن ثمّ الصور.
والكاتب (أيمن سلامة) حين يحدث نفسه بالحوار الداخلي ويصف المشاعر والأحاسيس إنما يصوغ انطباعاته بالكلمات، التي قد تتحول الى صور فنية حية خاصة أنه يمتلك مهارة الكتابة الإبداعية.
إقرأ أيضا : أيمن سلامة : “بنات ثانوي” يجسد هوس البنات بـ “السوشيال ميديا”
مع الحوار الداخلي ترتبط عادة أخرى مفيدة للكاتب (أيمن سلامة) وهى السعي للحصول على التعريف الصحيح الدقيق لما يحدث، والبحث عن الكلمة التي تصف الواقع بأكبر قدر ممكن من الدقة.
وهذا الإحساس المرهف بالكلمة وإيقاعها في سياق الجملة، قد يكسبه طابع الوسواس القهري، لأن ما لا يمكن وصفه بالكلمات لن يكون له وجود قطعا.
ان النص الفني الذي نقرؤه في سهولة ويسر لدى الكاتب المبدع (أيمن سلامة) شديد الصعوبة في كتابته، فالكاتب هنا يتخير كل لفظ بدقة ليؤدي معنى معين يحيث لا يمكنك أن تحذفه أو تكتب لفظا آخر بدلاً عنه.
لذلك قد يكتب (أيمن سلامة) الجملة الواحدة مرات عديدة حتى يصل إلى اللفظ المناسب الذي يتطلبه المعنى، بمعنى آخر أن النص الفني الحقيقي يتميز بطلب الحتمية والدقة والوضوح فيما يكتبه.
(أيمن سلامة) يتميز بحب الاستطلاع
حب الاستطلاع خاصية يتميز بها الكاتب المبدع (أيمن سلامة) الذي يتلهف لرؤية أماكن جديدة وتسجيل انطباعاته عنها، وبعد كل زيارة يعود ليكتب بطاقة جديدة مدفوعا بما تركت الزيارة في نفسه من آثار قوية.
من أهم صفات المبدع في أي مجال رغبته القوية في تحقيق الأهداف والاستراتيجيات التي يريد الوصول لها مهما كلفه ذلك العمل من مجهود ووقت في القراءة والتحضير.
يقول الكاتب والفيلسوف (فرانسيس بيكون): (القراءة تصنع إنسانا كاملا، والمشورة تصنع إنساناً مستعدا، والكتابة تصنع إنساناً دقيقا)، وهذا هو المفهوم الحقيقي للكتابة عند (أيمن سلامة)، ما يعني هو تحويل الأفكار والمعلومات إلى نصوص مكتوبة بإبداع لغوي وصفة إبداعية.
ومن هنا يستطيع بها الكاتب (أيمن سلامة) الوصول إلى روح القارئ ويداعب مشاعره لأن ماتعلمه من تجارب وثقافة وأفكار يجب أن يعكسه من خلال مقالته كون الإبداع عادة يمارسها بكل شخوصها، وبكل تجرد!
إن الذاكرة الجمعية للكاتب المبدع (أيمن سلامة) يحب أن يسخرها في خدمة هدفه من المقالة كونه يقدم الأفكار والرؤى والتجارب ويحبكها بقلم رشيق وفكر متقد وبدون تمرد على المفردات مع عدم خروجه عن دائرة الوعي والتفكير الايجابي.
وإيصال الأفكار الإبداعية للقارى يتطلب مجهود كبير واستعداد للتطور وعدم تجاهل النقد كون الكاتب المبدع (أيمن سلامة) يجب أن يكون أكثر ثقة في نفسه وقلمه لكي يكون مع القارئ وليس ضده.
(أيمن سلامة) كاتب أفكار جديدة
إن الكتابة فن وإبداع، ويحتاج الكاتب (أيمن سلامة) فيها إلى أفكار جديدة، كي لا يقع فريسة شبح الورقة البيضاء، ولذلك مسالك وسبل، تقود إلى هذه النتيجة المرضية، فالكتابة رحلة على امتداد الحياة.
وكاتب السيناريو (أيمن سلامة) هو محترف مبدع متخصص في صياغة النصوص والحوار لمقاطع الفيديو والمسلسلات، إنه من وجهة نظره يلعب دورا محوريا في تشكيل سرد القصة وهيكلها.
وذلك من خلال كتابة حوار جذاب وحقيقي، فإنه يجلب الشخصيات إلى الحياة ويساعد في نقل المشاعر والدوافع والتفاعلات على الشاشة.
بالإضافة إلى الحوار، يتحمل كتاب السيناريو (أيمن سلامة) أيضا مسؤولية هيكلة الأحداث في مقطع فيديو أو مسلسل تلفزيوني، إنه يخطط بعناية ويتسلسل المشاهد، مما يضمن انتقالات سلسة وذات مغزى تدفع القصة إلى الأمام.
يعد هذا الاهتمام الدقيق بترتيب المشهد وسرعته أمرا بالغ الأهمية لدى (أيمن سلامة) في إنشاء سرد آسر ومتماسك يحافظ على تفاعل الجمهور.
إقرأ أيضا : أيمن سلامة لـ (العرافة) : اللجان الإلكترونية .. مافيا تقود الرأي العام !
يعمل كتاب السيناريو (أيمن سلامة) بشكل وثيق مع المخرجين والمنتجين والأعضاء الآخرين في فريق الإنتاج لتحقيق رؤيتهم في الحياة.
في جوهره، كاتب السيناريو (أيمن سلامة) هو أحد رواة القصص التي يستخدم مهاراته في كتابة وفهم ديناميكيات سرد القصص المرئية لصياغة نصوص تسلي وتعلم وتلهم الجماهير.
وكاتب السيناريو (أيمن سلامة) إنسان يسند إليه عمل محدد يكتبه بتوجيه من المنتج أو الممثل فيكتب ما يريدان له أن يكتب، بخلاف كاتب الرواية أو القصة؛ لا أحد يملي عليهما ما يكتبه.
إنه باختصار مهندس السرد، المسؤول عن تطوير الشخصيات، وخلق الحوار، وتنظيم تدفق الأحداث لإنشاء تجربة فيديو أو مسلسل جذاب.
(أيمن سلامة) ولد فى ظرف تاريخى
عن حياته يقول (أيمن سلامة): ولدت فى ظرف تاريخى 1967، كونى ثقافيا بمركز دسوق محافظة كفر الشيخ، ووالدى كان بيدهن البيت باللون الازرق وسالت قالى عشان الطيران والحرب.
وفي أثناء نومى وقت أذان المغرب صحيت على صوت نواح الرجال والسيدات وسالت قالوا لى أن عبد الناصر مات، وبدات أسال مين عبد الناصر؟، وكثرت الاسئلة بداخلى.
ثم دخلت المدرسة ويومها ذهبت على الساعة 3، عرفت من الراديو أن الحرب قامت وبعدها بساعة كان منادي القرية يذيع الخبر، وأن الدراسة تعطلت أسبوعين بسبب الحرب .
والدى كان حريص على أن يأتي بجريدة (الأهرام) يوميا، واستوقفنى مقال (من مفكرة الدكتور يوسف إدريس)، واستهوانى شكله فسألت (هو بيشتغل ايه؟)، قالو لى (مؤلف) فقلت نفسي أطلع مثله.
وكان عمرى حينها لا يتجاوز السادسة وبدأت أقطع مقالات (يوسف إدريس) وأحفظها وأعيد كتابتها وأدخر من مصروفى وأشترى كتب له حتى اكتملت مكتبتى بكل كتبه.
وبدأت أقرا لكتاب آخرين أمثال (نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس وطه حسين)، ثم بدأت فى كتابة القصص فى المرحلة الابتدائية والإعدادية.
وكان النضج فى الثانوية، حيث انتهيت من قراءة كل كبار الكتاب وترددت على قصر ثقافة دسوق حيث الأنشطة المسرحية والأدبية.
بعد ترددى على قصر الثقافة وكان مديره الشاعر الكبير (إبراهيم غراب) ومحاولاتى القصصية التى كنت أقدمها له نصحنى بالتقدم لمعهد الفنون المسرحية، وبالفعل قدمت بقسم النقد والدراما، بعد جدال كبير مع الأسرة.
(أيمن سلامة) الأول في المعهد
ولكنى صممت وقدمت وتم قبولى من ضمن 10 طلاب وسط 10 آلاف متقدمين وأصبحت الاول على الدفعة وتخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف.
ومن المفارقات أثناء وجودى بالمعهد يوم النتيجة قابلت الأستاذ (محمد مشعل) أكبر مخرج فى الاذاعة المصرية وعرفنى عليه الدكتور (أشرف ذكى) و قال له إننى الأول على الدفعة وكاتب قصص وسيناريوهات فعرض عليا العمل بالإذاعة.
إقرأ أيضا : أيمن سلامة : فيلم (رابعة جامعة) ليس له علاقة بـ (بنات ثانوي)
ويضيف (أيمن سلامة): قام الأستاذ (محمد مشعل) المخرج بالاذاعة بتقديمى للأستاذ (حسنى غنيم) فى إذاعة الشرق الأوسط والأستاذ (عصمت حمدى) فى صوت العرب، وتم اعتمادى بالإذاعة.
وكتبت العديد من المسلسلات والخماسيات والسباعيات والسهرات وعملت بكل الشبكات ومع كل المخرجين وتعرفت على الاستاذ النجم (محمود مرسي) وقدمت معه عدة مسلسلات.
فقام بتقديمى للمسئولين بالتليفزيون والمنتجين فى الدول العربية لأنه كانت هناك أزمة واجهت جيلى وهى أن التليفزيون متمثل فى قطاع الإنتاج وشركة صوت القاهرة كان تقدم أعمال مقتصرة على كتاب بعينهم وممنوع اختراقهم.
فقدمت العديد من الأعمال فى الخليج حتى ظهرت القنوات الخاصة، وبدأنا العمل، لكن لا أنكر أننى نشأت فى وسط زخم ثقافى مع عمالقة وكبار الكتاب والأدباء، وحتى أثناء الدراسة بالمعهد درس لى الأساتذه (عز الدين اسماعيل والدكتور فوزى فهمى والدكتور لويس عوض) وآخرين.
بعد انفراجة القنوات الخاصة (دريم والمحور والحياة) طلب منى كتابة عمل لقناة (الحياة) مسلسلات فقدمت مسلسل (ليالى) للنجمة زينة ثم (قضية صفية، ومع سبق الاصرار، مريم، حكاية حياة، ضد مجهول، أوراق التوت، ولد الغلابة، وامراة فى ورطة، ومؤخرا لما كنا صغيرين، يوتيرن، جميلة).
كما قدم (أيمن سلامة) فيلم (بنات ثانوى)، وكان تحديا له أن الدراما تكون هى البطل وأن يقدم بوجوه جديدة وبتكلفة بسيط، وقد كان والحمد لله الفيلم حقق 12 مليون جنيه وقت الكورونا، وقد كان تجربة مميزة.
(أيمن سلامة) وحياة حسني مبارك
وربما لايعرف كثيرون أن (أيمن سلامة) قدم مسلسل إذاعي عام 2001عن قصة حياة الرئيس المصري الراحل (محمد حسني مبارك) حيث يتناول قصة الرئيس السابق (نور الشريف).
واستعرض من خلاله حياته منذ أن كان ضابطا صغيرا وزواجه من السيدة سوزان مبارك (ميرفت أمين)، ورحلة صعوده واشتراكه في الحروب المختلفة، وترقيته في الحياة السياسية كنائب لرئيس الجمهورية، ثم رئيسا للجمهورية.
إقرأ أيضا : (أيمن سلامة): فوجئت بجائزة (ديرجيست) وريهام حجاج مفاجأة (صدفة)
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للكاتب المبدع (أيمن سلامة)، الذي يمكنني القول بأنه فارس من فرسان كتاب الدراما حفر اسمه بحروف من نور وسط عمالقة الأدب كتب العديد من المؤلفات تذخر المكتبه بإصدارته كتب للإذاعة والتليفزيون.
وحصل (أيمن سلامة) على العديد من الجوائز داخل مصر وخارجها يقدم عمل كل عام فى الموسم الرمضانى يجذب الانتباه ويشد الجمهور حول المسلسل.
كما يبدو ملحوظا أن أعماله تحدث الضجة ويحدث الجدال حولها، فهو يتعمق فى مشاكل الأسرة والمجتمع يتناول الأزمة ويقدم الحلول، وبسبب ما يقدمه تتغير بعض القوانين وقد حدث هذا في غالبية أعماله الأخيرة.