هامش:
كان فى إيديا.. كلبش السلطة
وكان حواليا.. كلاب مسعورة
شفته فى زاويه بعيد م الصوره.ة
باصص ليا
كان قلقان وأنا قاعد بينهم..
مخنوق جدا
قاللى..أكيد وحياتك عندى..
بكره ها يصبح..
رغم الظالم.. أحلى و أحسن
وأما وصلت لأمن الدولة..
فى نص لاظوغلي
قاللى أنا عايزك..تفضل راجل
إوعى تخاف م الزيت المغلى
إوعى تخاف صمت الزنزانة
جنبى.. بنفس.. كلبشى.
بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان
كان معتقل طرة يضج بآلاف من الإخوان المسلمين.. وفي عنبر (2) كان أبرزهم يجتمعون سويا، يقبع في إحدى الأركان (شكري مصطفى).. والذى كان متعاطفا مع الإخوان المسلمين.
أسس (شكري مصطفى) فيما بعد جماعة التكفير والهجرة الذى قتل عام 1977 الشيخ محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف.. رأيته شابا هادئا.. منطويا على نفسه.. يرسم للفاكهة لوحات ويبيعها لنا لنهديها تذكارا لمن يزورنا.
كان (شكري مصطفى) يرفض أن يرسم أي مخلوق له روح لمعتقداته في كونها حرام.
في ركن آخر الشيخ (عبد الله السماوي).. صاحب جماعة (السماوى التي اشتهرت فيما بعد في الثمانينات بحرق أندية الفيديو، وقتها كان يتبنى فكرة الانسحاب من المجتمع.
لم يكن (السماوى) يتكلم سوى باللغة العربية الفصحى.. كان محترف اعتقال.. فقد قضى داخل المعتقلات أكثر مما قضى خارجها حتى أن أول عهده بالاعتقال كان في الخامسة عشر من عمره.
رأيت الشيخ (السماوى) يربى دجاجا وبطا وديوكا رومية أمام زنزانته.. دعانى ذات يوم لتناول الغذاء معه.. و قد لبيت دعوته رغم تحذيرات عدة لى من كونه قد يدس السم لى في الطعام .
قابلت بين جنبات طرة غير (شكري مصطفى) و(السماوي) الشاعر (محمود الماحي).. كان يقول الشعر في موالد الإمام الحسين والسيدة زينب والإمام الشافعي والسيدة سكينة والسيد البدوي.
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: رائحة (الخبيزة).. (1)
عندما قدمه الإعلامي (أحمد فراج) في برنامجه التليفزيوني (نور على نور) ألقى قصيدتين، وقد شاهدت (أم كلثوم) البرنامج فأرسلت إلى الشاعر (محمود الماحي) ليذهب لمقابلتها أم كلثوم.
وطلبت منه قصيدة لتغنيها في عيد ثورة 23 يوليو والذي سيحل بعد شهرين فكتب قصيدة بعنوان (الفجر الجديد) ولحنها رياض السنباطي وغنتها أم كلثوم عام 1966.
جاء إلى (الماحي) ليرحب بى.. عرفت منه أنه سجن بسبب قصيدة لأحمد فؤاد نجم الذى ادعى أنه مؤلفها وسلم نسخة منها لمدير مكتب (عبد القادر حاتم)، وهو أحد مؤسسى المخابرات فتم القبض عليه.
رأيت غير (شكري مصطفى)
رأيت أيضا غير (شكري مصطفى) والسماوي والماحي، هناك (أحمد رائف) وهو من قيادات الاخوان صاحب الكتاب الشهير (البوابة السوداء)، وكتاب (سراديب الشيطان)، تم اعتقاله بعد قرار حل جماعة الإخوان المسلمين مع بقية أعضائها.
كذلك (على محمود)، وهو مدير وكالة (الآسوشيتدبيرس) الأمريكية، وهي وكالة أنباء أسسها 6 من رؤساء تحرير الصحف الأمريكية ليشتركوا في تكلفة الحصول على الأخبار و توزيعها على صحفهم.
كان (على محمود) متهما بالجاسوسية، ورغم أن المحكمة برأته إلا أنهم أحضروه إلى طرة.
أيضا غير (شكري مصطفى) وهؤلاء، تعرفت إلى الوزير (عبد الفتاح باشا حسن)، كان وزيرا وفديا مشهود له بالكفاءة، قضى فترة من عمره مديرا لمكتب وزير الداخلية فؤاد باشا سراج الدين.
واستمر في منصبة أثناء وزارة أحمد ماه، ووزارة النقراشي، و كان له دور مشهود في مساندة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإنجليزي في منطقة القناة.
وحينما أراد عبد الناصر أن يعينه وزيرا في عهده اعتذر مما أضرم العداوة بينهما، بالإضافة إلى خشية عبد الناصر من شعبيته، فسارع إلى اعتقاله تحفظيا.
عبد الفتاح باشا حسن) ضمن المعتقلين
وبالمناسبة فقد كان (عبد الفتاح باشا حسن) ضمن المعتقلين مرة أخرى بأوامر السادات فيما بعد في اعتقالات سبتمبر هو وفؤاد باشا سراج الدين أيضا .
كنت أراه في المعتقل مشغولا دائما بلعب الطاولة مع شاب يتعمد إهانته كلما حبسه في خانة اليك، كان هذا الشاب – وهو حاصل على دبلوم صنايع – اسمه (ربيع).. اعتقلوه لأنه رسم حمارا و كتب عليه عبد الناصر.
وأرسل الصورة في خطاب إليه، كان يتابع دور الطاولة شاب آخر اعتقلوه لأنه كان يقف في طابور الجمعية التعاونية وأخبره موظف الجمعية أن الأرز غير موجود فرد متسائلا: (يعنى إيه.. نعمل المحشى بالاشتراكية؟.. ليجد نفسه ملقى في طرة بين الألوف.
تعرفت على (صالح أبو رقيق)، وهو من رفاق حسن البنا الأوائل، وقد كان له الدور الأبرز في ترشيح (الهضيبى) مرشدا للاخوان عقب مقتل حسن البنا.
و قد عرفنى بالفعل على الشيخ (حسن الهضيبى)، والذى قمت بزيارته فيما بعد في مستشفى المعتقل .
كان هناك شاب فلسطيني اسمه (على أبو حصيرة)، ظهرت عليه أعراض متأخرة لكتابة الشعر، أقنعته أن يرسل أشعاره لأم كلثوم.
إقرأ أيضا : إبراهيم رضوان يكتب: (رائحة الخبيزة).. سيبى الفقير يا مصر يخرج بره
وقد سربها بالفعل مع بعض من أفراد عائلته أثناء زيارتهم له والتي كانت تمتلك محلا كبيرا لبيع الملابس في السيدة زينب.
وفي كل زيارة لهم كنت أسمعه يتشاجر معهم لأنه لم يسمع (أم كلثوم) إلى الآن و هى تغنى أيا من أغانيه.
داخل (عنبر النشاط المعادى)، اتخذت ركنا قصيا، و داخل بطانية طرحتها على قوائم بشكل خيمة اتخذت منها حجرة خاصة، وضعت أمامها قفصا تعلوه علبة تحوى أشيائي التي استعملها يوميا.
تكاثرت الحشرات في المكان ومنعتني من النوم ليلا، لدغاتها وتحركاتها القميئة على الجلد ما ظهر منه وما بطن.
أمسيت الليل كله أتجول في أركان المعتقل حتى ألمح خيوط الفجر، وقد استلمت عهدة النهار من ظلمة الليل فأذهب داخل الغرفة البطانية محاولا النوم.
بطانيتين لمعتقل غزاوى
سلمت بطانيتين لمعتقل غزاوى فحشى ما بينهما طبقات من القش المضغوط وحولهما الى مرتبة، كما قام آخر بتوضيب بدلة المعتقل مقابل بضعة سجائر والتي هى عملة التداول في المعتقل.
في الصباح يقوم من يصيبه الدور (النباطشى) بتوزيع الأرغفة المقررة، و كذلك طبق الفول البارد وقطعة من جبن هى حصة الإفطار والعشاء.
أما الغذاء فقد كان من الأرز والخبيزة و في بعض الأحيان قطعة من اللحم الكاوتشوكى المختبئة في أرتال من الدهن الصلب.
تعرفت على (حتحوت) – صيدلى الإسكندرية – الذى كان متهما بصناعة قنبلة من الجاز والماء والميكروكروم، كان يتميز بخفة ظل متناهية.
كان يمسك بقطعة اللحم الكاوتشوكية في غيظ ليخاطبها (أقسم بالله لولا أنك كبيرة في السن لكنت ضربتك بالجزمة).
سألت حتحوت): قريت في الجرايد عن التركيبة العجيبة اللى بتعمل منها القنبلة (جاز و ماء وميكروكروم.
كلامهم صح
طب اشرح لي:
الجاز علشان يولع، والماء علشان يطفى الولعة والميكروكروم علشان يعالج أى حد يتعور
وانفجر في الضحك.. شاركته الضحك بأعلى الصوت .
في بعض الليالى كان اليهود يضعون لنا تليفزيونا لنشاهد عليه فيلم السهرة، أثناء العرض وعند أي مشهد به قبلة أو عرى أو رقصة ينتفض أحد الاخوان ليطفئ التليفزيون.
فيعترضه أحد الموجودين بفتح التليفزيون ثانية ليشتبك الجميع في عراك واسع، يتسلل اليهود من بينهم اليهود ويحلون تليفزيونهم ويهربون به سليما إلى عنبرهم .
الكلبش:
قالولى يوم بهمسه..
الساعه كام يا جار
أنا قلت كلبشى لسه..
فى إيديّه ليل نهار
……………………………..
فى المنفى (سوهاج) خدونى..
ورحلونى ليكى
جيتلك يا نور عيونى..
أمسح دموع عنيكي
……………………………..
فى (لا ظوغلى) جف ريقى..
فى الأوضه الضلمة جدا
يا مصر.. كان صديقي..
فى طريقى .. ديك بيدن
……………………………..
يا كلبش.. لسه خانق..
إيديّه.. هَوىِّ حبه
السجن طعمه حادق..
زى خيانة الأحبة
……………………………..
فى القلعه الإبليسيه..
الحبس الانفرادى
لا شايفه شئ عنيّه ..
ولا ماسكه حاجه إيدى
……………………………..
كلبشى.. يا كلبشى ..
بينى وبينك حواجز..
وياك مش قادر أمشى..
وحاسس إنى عاجز
……………………………..
آه يا (طرة) اللى لسه ..
مستنيّه الصحابهة
إمتى تحضُنا مرسا..
بعيد عن الديابة
……………………………..
(نشاط معادى).. أحسن..
لىّ .. من أى يافطة
صوتهم خلانى أحزن..
بيحول ريقى شطه
……………………………..
علقت البطانية..
فى الزاويه أدارى نفسى
تنزل دموع عنيّه..
ويزيد فى القلب يأسى
……………………………..
يا كلبش لسه باين..
وضاغط ع الوريد
عمرى ما كنت خاين..
علشان أعيش طريد
……………………………..
متقيِّد .. نفسى أعيِّد..
بره الزنزانة يا ابه
لو يبقى الشعر (جيد)..
بيقلق الديابة
……………………………..
(حرامى فراخ) يا طاهرة..
جنبى بيبص لىّ
راكب قدامى مُهرة..
وانا راكب ( 100 ) قضية
……………………………..
يا مصر.. فهمينى..
إزاى تِكلبشينى
وانت العزيزة دايما..
والضىّ بين عيونى
……………………………..
صعبان علىّ إنى..
متقيِّد غصب عنى
راعى يا مصر إسمى..
راعى يا أمى سِنِّى
……………………………..
على كل حال باحبك..
مهما الخنزير عداني
لو حتى قتلتى قلبك..
هارجع م القبر تانى
……………………………..
من كتاب (مدد.. مدد)
سيرة ذاتية لبلد