بقلم: بهاء الدين يوسف
تابعت طوال الأيام الماضية الجدل المثار على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بخصوص الظهور النادر للفنانة الكبيرة (نجاة) في حفل فني ضمن مهرجان Joy Awards بالعاصمة السعودية الرياض.
حيث تم تكريمها، كما غنت بعضا من أغنيتها الشهيرة (عيون القلب) خلال الحفل الذي شهد أيضا تكريم الفنان عادل إمام.
أغلب التعليقات التي تناولت حدث (نجاة) منح أصحابها لأنفسهم حق الحكم على تصرفات الآخرين والتفتيش في نواياهم، وسجلوا استغرابهم من قبول نجاة الصغيرة الظهور في الرياض، وإنهاء عزلتها الاختيارية.
تلك العزلة التي استمرت ما يزيد قليلا عن 22 عاما، وتحديدا منذ صدور ألبومها الأخير (أنا حظك) الذي لم يقابل من الجمهور والنقاد بما يستحقه تاريخ (نجاة) الفني الطويل من حفاوة.
إقرأ أيضا : نكشف: عودة قوية لصوت (نجاة) في 2024 بلمسات سامي الحفناوي
لكن أحدا من (المستغربين) لم يقف لحظة ليسأل نفسه بضعة أسئلة بسيطة ربما تفسر له أسباب الهروب الكبير لقوة مصر الناعمة إلى الخارج.
فما هو سبب عزلة الفنانة الرائعة (نجاة) لسنوات طويلة لم نسمع عنها خلالها سوى مرة واحدة في صفحة الحوادث وليست أخبار الفن حيث يجب أن تكون.
وكان ذلك بعد أن تعرضت البناية التي تقطن فيها في حي الزمالك لمشاكل هندسية وشروخ بسبب أعمال الحفر الخاصة بمترو الأنفاق.
وقتها نشرت المواقع والصحف صورة النجمة (نجاة) وهي تجلس في مدخل عمارتها وحيدة حزينة، وهى ترى تاريخها الفني كله غير مقدر لا من الجهات الرسمية ولا من الجمهور الذي تركت أغانيها بصمات رومانسية حالمة لا تزال حاضرة في ذكرياته.
الفنانة المنسية (نجاة)
ورغم ذلك لم يحرك الموقف أحد ليسأل عن الفنانة الكبيرة المنسية (نجاة)، لكننا الآن نمنح أنفسنا حق محاسبتها هي وغيرها من الفنانين على هجرتهم الفنية إلى الرياض.
كما يستنكر بعضنا حجم الحفاوة السعودية بهم في وقت يعانون فيه من أجل الظهور سواء في حفلات فنية أو في وسائل الاعلام في مصر.
وهو ما ينفي تماما فكرة أن مشاركة الفنانين المصريين في مواسم الرياض وغيرها من المناسبات السعودية تمثل إهانة أو تقليل منهم بل على العكس يحظى كل من يشارك في تلك المناسبات بحفاوة وتكريم لا يجدهما في بلده.
ولعل آخر الأدلة على ذلك ما حدث مع (نجاة) نفسها حين قابلها الحضور في المهرجان السعودي بتصفيق متواصل والوقوف تحية لها رغم ان الاغنية التي شدت بها كانت مسجلة بطريقة (البلاي باك).
لكن الفكرة كانت في توصيل الشعور للفنانة بأن هناك من يقدر فنها وتاريخها حتى لو لم تعد قادرة صحيا على الاستمرار في تقديمه.
هل فعل الأشقاء في السعودية ما فعلوه مع مطربتنا الكبيرة (نجاة الصغيرة) وقبلها وبعدها العديد من المطربين والفنانين الآخرين بهدف سحب القوة الناعمة المصرية وإضفاء مسحة سعودية عليها؟!
ربما وهذا تصرف لا يمكن لومهم عليه بل اللوم يمكن أن يوجه إلى من لم يدرك أهمية امتلاكه تلك القوة او ربما يدركها لكنه تقاعس او تجاهل استغلالها لأسباب غير معروفة.
هل يعيب الفن المصري أن يتم تكريم نجم بقيمة (عادل إمام) في المهرجان السعودي جنبا الى جنب مع فنانين عالميين أمثال (كيفن كوستنر وانتوني هوبكنز) وآخرين؟!
وهل رفض الزعيم للتكريم لو حدث كان سيحمي الفن المصري من الذوبان في المد الفني السعودي كما يراه البعض؟!
تجاهل ذكرى فاتن حمامة
هل يدرك المنتقدون أن الفنانين يبحثون في الخارج عن تكريم يستحقونه بعد أن فقدوا الأمل في الحصول عليه من أهله، بعد أن وصلنا في تجاهل تاريخنا الفني والثقافي درجة أن تمر ذكرى رحيل فنانة بقيمة (فاتن حمامة) مرت في السابع عشر من شهر يناير الجاري دون أن يكتب عنها خبر في أغلب وسائل الإعلام، ولا أقول طبعا أن يتم الاحتفاء بها بشكل رسمي أو حتى من نقابة الممثلين؟!
هل يعرف المصريون كم فنانا وفنانة ابتعدوا عن الأضواء سواء طوعا أو كرها؟! وهل تكلف الصحف والمواقع الفنية نفسها مشقة البحث عن هؤلاء الفنانين وإعادة تقديمهم للجمهور أو على الأقل الاحتفاء بتاريخهم؟!
الاجابة بالنفي طبعا لاننا في زمن الجري وراء الترند الذي يدفع الصحفيين لنشر مئات الأخبار التافهة عن طلاق فلان أو فضيحة فلانة بحجة أن هذا ما يريده الجمهور، وبينما نغرق في هذا الوحل الإعلامي نغضب من أشقائنا الذين يحاولون صناعة تاريخ فني لهم باستخدام القوة الناعمة المصرية.
وبدلا من البحث عن الاسباب وعلاجها تحول انتقاد الفنانين المصريين الذين يشاركون في الحفلات التي تقيمها المملكة إلى عادة لدى البعض ممن يعيشون بمبدأ الرجل في النكتة القديمة التي تقول أن عفريتا ظهر لرجلين تائهين في الصحراء.
ومنح كلا منهما طلبا واحدا لتحقيقه، فطلب الأول من العفريت أن يحمله لكي يرى أمه، وعندما جاء دور الرجل الثاني لم يطلب شيئا لنفسه وإنما طلب من العفريت ألا يدع الأول يرى أمه!!