بقلم: مجدي صادق
رسمت عدسة (أحمد طاحون) بكاميرته ولقطاته الكلاسيكية لوحات فنية لليل الرياض الذى خطف قلوب المشاهدين لفيلم (مندوب الليل).
لعبت الإضاءة والألوان والظلال بعدا فنيا رائعا عند عرضه فى (مهرجان تورنتو) دورته 84، وهو العرض الأول فى قسم (ديسكفرى) والذى كان مولد لمخرجين عالميين كثر!
هكذا كان الفيلم السعودى (مندوب الليل)، للمخرج الشاب المبدع (على الكلثمي)، والذى أدار بحنكة وإحساس عال للمدينة التى عاش فيها حياته، رغم انه من مواليد 2 سبتمبر 1983 بمدينة خميس شيط بمحافظة النماص.
أن جعل من مدينة الرياض بطرزها وشوارعها وحتى أهلها الثمانى ملايين ضمن أبطال فيلمه الطويل الذى تم تصويره بالرياض على مدى 55 يوما ليخرج الفيلم فى 110 دقيقة!
دارت الكاميرات في فيلم (مندوب الليل)، لترصد الواقع للكثير من الطبقات الشعبية فقد نشأ (على الكلثمى) فى كنف أسرة محدودة الدخل بحى الوزارات بالرياض.
واستطاع أن ينضم لمجموعة (إم بى سى) مشرفا لنظم المعلومات فى مكاتبها بالرياض وبدأ فى وضع مقاطع كوميدية ساخرة على اليوتيوب، فالسعوديون من أكثر شعوب العالم مشاهدة لمقاطع الفيديو على اليوتيوب.
بعدها استقال ليؤسس شركة (تلفاز 11) لدعم المبدعين والهواة واكتشاف المبدعين وذوى المهارات ورعايتها وهاهو (مندوب الليل) باكورة أفلامها الطويلة.
إقرأ أيضا : مجدي صادق يكتب: مسامير (مالك نجر) !
لم يفكر يوما أن يصبح (الكلثمي) خريج كلية التربية – قسم الحاسب الآلى بجامعة الملك عبد العزيز أن يكون مخرجا ومؤلفا وممثلا وأن يصبح حديث الإعلام العربى والدولى والمهرجانات الدولية.
مثل مهرجان (ويليامزبرج السينمائى) فى نيويورك بفيلمه القصير (وسطى) كأفضل فيلم أجنبى وجائزة أفضل مخرج وكذلك معرض (جيل فى الانتظار، أو الريزوم ببينالى البندقية أو فينيسيا).
والذى اثار شهية المشاهد الايطالى فى أن يعرف الكثير عن تلك المدينة التى أغلقت على نفسها!، مثلما نجح فى العديد من أعمال الدراما الاجتماعية الساخرة مثل (خمبلة)، و(الخلاط) !
(مندوب الليل).. ومهرجان البحر الأحمر
فمن رحم مهرجان البحر الأحمر السينمائى خرج (مندوب الليل)، والذى قدم للمهرجان منذ ثلاث سنوات ليعرض فى دورته الأخيرة بعد ان دعمه المهرجان ضمن القصص التى لم ترو بعد (!) من بين 10 أفلام سينمائية سعودية هذا العام!
فى حين أن بعضا من مشروعاته تعثرت ولم تر النور مثل (تقريبا)، وهى تجربة مشروع مشترك حول 4 مراهقين يعيشون فى الرياض من بينهم صديقه (فهد البيرى) الذى تعرف عليه خلال عرض (ستاند آب كوميدى) أقيم بالبحرين، ولا تعرف لماذا تعثر هذا المشروع ؟!
لم تكن موسيقى (فابيان ومايك كوتزير، وتوزيع محمد الحمدان أقل بطوله من أحداث فيلم (مندوب الليل)، بل هى من حركت الكثير من المشاعر ضمن مزيج مؤثر مع ايقاعاتها التى تعزفها بعذوبة ساحرة مع ليل الرياض وعذابات بطل العمل محمد الدوخى.
الذى جسد دور (فهد القضعاني) بسيكودرامية عالية، فهو فيلم صنع خصيصا للمشاهدة فى دور عروض السينما !
يعمل (فهد القضعاني) فى إحدى شركات الاتصالات بخدمة العملاء، ولان راتبه لايجعله كاف لتحسين وضعه الاجتماعى البروليتاري، علاوة على علاج والده المسن المريض، لتضاف له حاجة أخته للعيش بعد طلاقها ومسؤوليته عنها.
ظروف صنعت من (فهد) شخصية متمردة غاضبة متشائمة كارهة شخصية مركبة سينمائيا وهو ما انعكس على (عمله) وتصرفاته، مما أوقعه فى الكثير من الأخطاء ليتم إقالته وطرده من العمل بعد ان اعتدى ضربا مبرحا لمديره !
أحداث فيلم (مندوب الليل)
تدور أحداث فيلم (مندوب الليل)، ليصبح فهد مندوب توصيل عبر تطبيق (مندوبك) وتبدأ مرحلة جديدة فى حياته وهو يرى ليل الرياض ليعرف أسرار شوارعها وحاراتها وناسها حتى يبحث عن وسيلة اخرى للثراء السريع.
وذلك عندما اشتد المرض على والده وذلك بسرقة زجاجات مشروبات كحولية من مصنع سرى غير قانونى يعمل على تقطيرها وبيعها سرا، لكن كانت عواقبه أشد كثيرا مماتصور!
نعم نجح الكلثمي أن يشرح بفيلمه (مندوب الليل)، الذى شاركه فى الكتابة (محمد القرعاوى) المجتمع السعودى والطفرة الكبيرة التى حدثت به، فـ (مندوب الليل) مثلما قال على الكلثمى (يشبهنا)، لذا (لمس) الفيلم مشاعر الجميع !
ورغم أن الكلثمي قدم اسكتشات كوميدية ضاحكة فى بدايه انطلاقه على اليوتيوب إلا أن (مندوب الليل) نوعا من الدراما السوداء التى نجح فيها باقتدار بعيدا عن الضحك وعلى حد قوله ان تكرار الضحك يميت الضحك !
ومثلما قال (شارل شابلن): (لكى تضحك بعمق عليك أن تتعلم كيف تتعامل مع أوجاعك الخاصة وتلعب بها)، هكذا كان (مندوب الليل) لعلى الكلثمي !