(مطربون) لا يذكر لهم الجمهور إلا أغنية واحدة رغم كثرة إنتاجهم (2)
كتب: أحمد السماحي
بعد نشر الحلقة الأولى من (مطربون) لا يذكر لهم الجمهور إلا أغنية واحدة رغم كثرة إنتاجهم، التى تحدثنا فيها عن بعض (مطربون) من الذين قدموا أغنيات، وأعمال غنائية كثيرة سواء في السينما أو المسرح.
لكن الجمهور في الشارع المصري لا يذكر لهم إلا أغنية واحدة، حقق الموضوع انتشارا كبيرا، وردود فعل رائعة من القراء، وأيضا كبار نجوم الغناء والتلحين.
وطلب بعضهم منا أن نستمر في ذكر باقي الـ (مطربون) حتى نصل إلى نجوم الغناء في عصرنا الحالي!.
وبعضهم طلب أن ننشر حلقات أخرى عن (المطربون) الحاليين الذين حققوا نجاحات كبرى، ولهم أغنيات كثيرة ناجحة، حتى نعطي لكل ذي حق حقه.
وأحدهم انتقد الموضوع، وذكر أننا لم نعش في العصور الماضية حتى نحكم على الأغنيات التى رددها الشارع المصري.
خاصة في ظل عدم إذاعة كثير من الأغنيات القديمة لكبار الـ (مطربون) من نجوم الغناء، باستثناء أصوات معينة مثل (أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ، وفايزة أحمد ، ووردة، ونجاة، وصباح، وشادية) .
وذكر أن هؤلاء هم الذين تذاع أغنياتهم بصفة منتظمة، أما باقي المطربيين فلا تذاع لهم إلا أغنيات قليلة جدا وعلى فترات متباعدة، وبالتالي فهم من مظاليم الغناء.
ولا يجب مساوتهم بالـ (مطربون) الذين تذاع أغنياتهم بصفة مستمرة ومنتظمة، وغيرها من التعليقات والاقتراحات التى أسعدتنا وسنعمل بها جميعا.
لوردكاش .. (أمنت بالله)
هذا الأسبوع نسكتمل رحلة (مطربون) لا يذكر لهم الجمهور إلا أغنية واحدة رغم كثرة إنتاجهم ، ونتوقف مع المطربة والملحنة اللبنانية (لوردكاش).
تلك التى كانت أول مطربة تأتي إلى مصر في الثلاثينات، حيث دعتها شركة (بيضافون) عام 1931 إلى مصر.
حيث غنت على قبر الزعيم سعد زغلول أغنية تقول (يا روح سعد قد سكنت قلوبنا)، ثم عادت مرة أخرى إلى لبنان، لكن سرعان ما عادت إلى مصر.
وفي يوم 30 أكتوبر 1937 ظهر صوت (لوردكاش) لأول مرة أمام الميكرفون، حيث غنت من ألحانها أغنية (ميعاد ليلة الأحد) كلمات الشاعر صالح جودت.
بعدها تعاونت مع عدد كبير من الملحنيين منهم فريد الأطرش الذي لحن لها (راح يجيي يوم وتجيني)، كما لحن لها موسى حلمي (سوء التفاهم)، وعبدالعزيز محمد لحن لها (ثورة عاطفية) كلمات صالح علي شرنوبي.
ومن أجمل أغنياتها (من أول وجديد) تلحين عبدالعزيز محمود، و(ودعت دنيا الغرام) ألحان أحمد صدقي، و(نسيتك ياللي نسيتني) ألحان حسين جنيد، و(الحب نعيم) ألحان محمد الموجي.
وأشتهرت في الأربعينات كملحنة مع مجموعة أخرى من زميلاتها الملحنات نذكر منهم (ملك، نادرة، مفيدة أحمد، ثروت كوجاك) وغيرهن .
وفي هذه الفترة لحنت لنفسها العديد من الأغنيات منها (طلوع الفجر) كلمات الشاعر اللبناني بطرس معوض، و(المستحيل، صوت شبابك) كلمات صالح جودت.
و(ذكرى غرام) كلمات الشاعر محمود حسن إسماعيل، (هذا الحجيج أقبل) كلمات جبران كويني، وغيرها.
ورغم كل ما قدمته (لوردكاش) من أغنيات جميلة إلا أن الشارع المصري والعربي لم يردد لها إلا أغنية (أمنت بالله نور.. جمالك ايه) تأليف محمد مصطفى، ألحان فريد غصن، وقامت بغنائها عام 1939.
وبسبب نجاح هذه الأغنية شاركت في فيلم (الموسيقار) عام 1946، إخراج السيد زيادة، وعاشت (لوردكاش) طوال حياتها في مصر، ومنحتها مصر معاشا استثنائيا، وتوفيت في 11 أكتوبر عام 2005.
عبده السروجي .. (غريب الدار)
أحب الطفل (حافظ أحمد حسن) الذي عرفناه باسم (عبده السروجي) الغناء وهو طفل صغير في العاشرة من عمره، فكان سببا في فشله في الدراسة، ونظرا لعشقه للغناء التحق بالمعهد الملكي للموسيقى، وحصل على الدبلوم.
وكان مطربه المفضل عبدالوهاب، لهذا كان يردد أغنياته بصفة منتظمة، واستمع إليه متعهد بيع الصحف (ماهر فراج) فكأفأه بإلحاقه بالعمل معه كمشرف على مكاتب التوزيع التابعه له في أحياء القاهرة.
وأحب (عبده السروجي) المهنة ونجح فيها، وظل يمارسها طوال عمره، وكان من أوائل المطربيين الذين غنوا في الإذاعة، ونجحت أغنياته ولفت سمع كوكب الشرق أم كلثوم، فقامت بالثناء عليه.
وكانت شهرته وقتئذ هى الدافع وراء استعانة أم كلثوم به ليغني ضمن أحداث أول أفلامها (وداد) عام 1936، حيث قدم أغنية (علي بلد المحبوب وديني) كلمات أحمد رامي، وألحان الموسيقار رياض السنباطي.
وحققت الأغنية نجاحا كبيرا في الشارع المصري، مما جعل أم كلثوم تطمع في غنائها، وطلبت من ملحنها رياض السنباطي أن تسجل الأغنية بصوتها.
وتطبعها على اسطوانات خاصة بشركة (كايرو فون)، لتنال الأغنية شهرة إضافية بعد غناء أم كلثوم لها بصوتها، بعدها توقفت الإذاعة عن إذاعة الأغنية بصوت (عبده السروجي).
لكن الله رزقه بأغنية أخرى في نفس الوقت حققت نجاحا كبيرا، ورددها الشارع المصري، وهى أغنية (غريب الدار) كلمات علي الشيرازي، ألحان محمد قاسم، والتى يقول مطلعها:
غريب الدار عليا جار زمانى اسى وظلمنى
مشيت سواح مسا وصباح ادور علي راح منى.
كما غنى رائعة أخرى وهى (ياريتني أنسى الحب ياريت) كلمات محمود جاسر، ألحان محمد القصبجي في شهر يونيو عام 1937، لكن هذه التحفة الغنائية أعطاها القصبجي للمطربة الصاعدة ليلى مراد.
واشتهرت من خلالها، ونسى الجمهور أنها كانت في الأصل للمطرب (عبده السروجي)، خاصة أن الإذاعة أيضا توقفت عن إذاعاتها بصوته.
وكان عبده السروجي أول من ساند المطرب والملحن (فوزي الحو) الذي عرفناه باسم (محمد فوزي)، حيث غنى له وهو باسمه الأول (فوزي الحو) أغنية بعنوان (من فينا الحق عليه)، كلمات علي الشيرازي.
وخلال مشوار (عبده السروجي) تعاون مع كثير من الشعراء والملحنيين، وقدم أغنيات أخرى جميلة مثل (خصام الأحبة) كلمات إبراهيم رجب، ألحان عبدالعظيم محمد.
و(غنيت على عودي)، كلمات إبراهيم شحاته، ألحان محمد الموجي، (لوكنت غالي) كلمات أحمد منصور، ألحان فؤاد حلمي، (النوبادي سماح) كلمات إبراهيم البهلوان، ألحان أحمد عبدالقادر.
و(دنيا الهنا) كلمات إبراهيم رجب، ألحان حسين جنيد، (أنا مالي) كلمات علي الشيرازي، ألحان محمد قاسم، و(الله يصونك يا فلسطين على الدوام لينا).
و(يا بدر تحت ضياك) و(مين يقول أن جمالك يشبه البدر) و(ليه يا حبيبي كتر الأسية)، ورغم كل ما قدمه عبده السروجي إلا أن الشارع المصري لم يردد له إلا (غريب الدار)، وتوفى يوم 6 يونيه 1987، وهو جد النجم أحمد السقا.
إبراهيم حمودة .. و(الدندرمة)
ورث المطرب (إبراهيم حمودة) جمال الصوت من والده الذي كان يتمتع بصوت عذب جميل، وفي صباه وشبابه البكر تأثر إبراهيم بالموسيقار محمد عبدالوهاب، فكان يردد أغنياته باستمرار.
هذا الحب لعبدالوهاب لفت سمع ملكة المسارح (بديعة مصابني) فقامت بضمه إلى مسرحها، فكان يغني أغنيات معشوقه محمد عبدالوهاب بين فصول الروايات التى تقدمها الست بديعة.
وحقق (إبراهيم حمودة) شهرة كبيرة في الوسط الفني بسبب جمال صوته، وغنائه لمحمد عبدالوهاب، مما جعل (أم كلثوم) تذهب إلى مسرح (بديعة مصابني) متخفية لتسمع المطرب الجديد.
وما حدث مع (أم كلثوم) حدث لرائدة السينما (بهيجة حافظ) التى كانت تبحث عن مطرب شاب يغنى أغنية في فيلمها الجديد (ليلى بنت الصحراء) عام 1937، فإستعانت به وقدم أغنية (ليت للبراق عينا) ألحان محمد القصبجي.
بعدها شارك في أكثر من فيلم منها فيلم (عايدة) مع أم كلثوم، وغنى معها أكثر من ديو غنائي، كما شارك سندريلا السينما الغنائية (ليلى مراد) فيلمها الضائع (شهداء الغرام).
وغنى معها أيضا أكثر من ديو مثل (رايح تفوتني والوقت بدري)، و(نايمة بين الضلوع والزهر حواليكي)، وتوالت أفلامه منها (نور الدين والبحارة الثلاثة) مع علي الكسار.
و(ليلة الجمعة) مع أنور وجدي، و(معروف الإسكافي) مع مديحة يسري، وغيرها من الأفلام التى حققت نجاحا كبيرا بفضل صوته الجميل.
ونظرا لتمتعه بصوت درامي لهذا شارك في العديد من الأوبريتات الغنائية منها (شهرزاد) لسيد درويش والذي غنى فيه (أنا المصري كريم العنصرين) و(أحسن جيوش في الأمم جيوشنا) و(آدي الشمس والقمر) وغيرها.
كما شارك في أوبريت (يوم القيامة) لزكريا أحمد، والصورة الغنائية الإذاعية (الدندرمة) ، وغنى واحدة من أشهر أغنيات حرب 1956 وهي (إلى المعركة) ألحان محمد الموجي.
وتوفي في مثل هذه الأيام وبالتحديد يوم 16 يناير عام 1986.
……………………………………………………………………………………………
في الأسبوع القادم نستكمل باقي الرحلة والغوص في عالم الغناء ومطربيين الأغنية الواحدة.