بقلم: مجدى صادق
غريبة أن يكون الفيلم الإيرانى (برسبوليس) للمخرجة الإيرانية (مرجان ساتراى) هو من منح رحيق الإلهام الأولى للمخرجة والكاتبة السعودية الشابه (سارة الغنيم)، وأخرج أول إبداعاتها (أنا وعيدروس).
وهو فيلم قصير حصد العديد من الجوائز فى مهرجانات دولية مثل (مهرجان كليرمون فيران للأفلام القصيرة، ومهرجان أسبن للأفلام القصيرة) بأمريكا، وقد شارك فى الدورة الثالثة لـ (مهرجان البحر الأحمر) الذى أقيم تحت عنوان (قصتك بمهرجانك!).
هذا المهرجان الذى منحه (قبلة) الاستدامة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وقد كان واقع دعوة المهرجان أن يكون (منارة للقصص التى لم ترو من قبل)، ورصدوا دعما لإنتاج 250 فيلما عالميا من القصص التى لم ترو بعد !
فى حين أن (سارة الغنيم)، لم تتلق أى دعم إنتاجى مثلما تقول حتى الآن، لكنها على وعد ربما أمل!، وقد جاء فيلم (برسبوليس) الإيرانى وهو فيلم إنيميشن من ثقافة مختلفة وواقع مغاير!!.
إلا أن السرد الإنسانى والحسى كان بمثابة كلمة السر فى مغارة (سارة الغنيم)، خاصة وهى تملك الكلمة ولديها مخزون من (الشيطنة) مثلما قالت، والتى تمر بحياة أى إنسان فى أى مجتمع، فمابلك من مجتمعات محافظة !
(سارة الغنيم) من الأجيال المحظوظة
ولأن (سارة الغنيم) كانت من الأجيال المحظوظة فكان لقرار ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، بالسماح للمرأة بقيادة السيارات بمثابة (الطلقة) التى أطلقت وهى تكتب وتخرج (سارة الغنيم) فيلمها القصير (أنا وعيدروس).
لتصنع نجوميتها وتفتح لها طريق الإبداع والانطلاق، وهى تدرس الكتابة والإخراج السينمائى فى جامعة نيويورك، وهو فيلم من إنتاج (رائد السماري وسلمان المساعد) والمنتج المشارك (خالد السديري)، ويشارك البطولة (آيدا القصي) !
وكانت (سارة الغنيم) قد تعاونت قبل دراستها كمساعدة مخرج مع (هيفاء المنصور) وفيلمها (المرشحة المثالية)، ومع المخرج (فيصل العامر) وفيلمه (الجرذة)، بل ولعبت دور البطولة فى الفيلم القصير (الدنيا حفلة) لمخرجه السعودي (رائد السماري).
إقرأ أيضا : السينما السعودية .. قفزات ملموسة نحو مستقبل واعد
الذى فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مهرجان (سندانس السينمائي) الأميركي منافساً لواحد وخمسين فيلماً، وهو نوعا من الكوميديا السوداء، أو التراجيكوميدى لم تزيد عن 13 دقيقة.
وهو أول فيلم سعودي يرشّح ويفوز بهذه الجائزة وكان الفيلم قد شارك فى أكثر من 40 مهرجانا سينمائيا !
فصناعة السينما بالمملكة شهدت ومازالت تشهد نموا و(بنية تحتية) أكثر تحديا فى ظل وجود شغف كبير بأن تنافس السينما السعودية عالميا وان تكون (حاضرة) باستمرار فى المهرجانات العالمية.
وعليك أن تعرف أن الفيلم الأول الذى عرض بالمملكة فى لحظة استثنائية فارقة فى تاريخ المملكة حصد إيرادات قاربت المليار والنصف مليار دولار لصالة عرض لاتتعدى 500 أو 600 شخص.
فى الوقت أنه مع 2030 ورؤية المملكة سيكون هناك 100 صالة عرض بأحدث التقنيات العالمية، فشباك التذاكر تجاوز اليوم 30,8 مليون تذكرة بما يقارب من 238 مليون دولار.
(سارة الغنيم) واحدة من المبدعين
فقد أصبحت (صناعة السينما) من الصناعات الثقيلة والتى فجرت فى ذات الوقت الأسماء الفنية الكبيرة التى تنافس عالميا اليوم ونهر من المبدعين والسينمائيين !
وإذا كانت (سارة الغنيم) واحدة من هؤلاء، وهى ترى أن التمثيل نوع من أنواع الكتابة والممثل البارع لا يطبق النص كما هو، وأعتقد أن الممثل هو أيضاً كاتب للقصة ومن المفترض أن يضيف إلى الشخصية من تجاربه وخياله.
إقرأ أيضا : السينما السعودية تسجل حضورا مميزا في مهرجان (كان)
وقد اكتسبت (سارة الغنيم) الكثير من الخبرات والمهارات والمخزون الدرامى من حكايات بنات جيلها، والتى جعلها تكتب وتخرج (أنا وعيدروس)، وهى بالسنة الثانية الدراسية الثانية من برنامج الدراسات العليا فى الاخراج والكتابة فى جامعة نيويورك.
لترصد به واقع عاشته ونوعا من العبثية الرومانسية فى ظل مجتمع محافظ وقد قدمت شخوص الفيلم وأحداثه فى شكل كوميدى ساخر من خلال مواقف لفتاة تريد لقاء حبيبها بعيدا عن رقابة (عيدروس) سائق العائلة الذى يلازمها كظلها !
وكان الفيلم الذى تم تصويره بالكامل داخل سيارة صغيرة، وهى التى أصبحت تمثل العالم الخاص لأغلب الفتيات فكان على (جود).
وهى الفتاة المدللة التى تبحث عن طرق أخذت فى بعض الأحيان أشكالا كوميدية للتخلص من (سائقها) لقضاء بعض الوقت مع رفيقها !
الطريف أن بطل الفيلم كانت هى التجربة الأولى له فى مجال التمثيل وهو (بلة محمد الفاضل) أو (العم بلة) كما كانوا يسمونه !
لم تفكر (سارة الغنيم)، وهى تقدم باكورتها الأولى سوى أن تطلق لجمهورها (وجبة دسمة) من الضحك على واقع أليم عاشه، أو لايزال يعيشه وترفع فى وجهه علامة استفهام كبيرة (طب ليش) !