كتب: محمد حبوشة
على مر السنين، أخذت هوليوود على عاتقها مهمة إبهار الجماهير بأعمال سينمائية ترتكز على فكرة سرقة البنوك، حيث أصبحت هذه القصص مصدرا للإلهام والتشويق والتسرية الكوميدية، على غرار ما جاء به فيلم (عصابة عظيمة).
وقد انبثقت هذه القصص من قلوب أشهر الممثلين شخصيات سارقين استطاعوا ببراعة فائقة أن يخطفوا الأنظار ويخضعوا الجماهير لسحرهم، كما فعلت النجمة الكبيرة (إسعاد يونس) بحسها الكوميدي الكبير في (عصابة عظيمة).
إن تفنن النجمة الكبير (إسعاد يونس) في تجسيد شخصية (عظيمة) زعيمة العصابة الكفيفة، أضاف إلى الفيلم لمسة من التشويق والإثارة تجعل المشاهدين لفيلم (عصابة عظيمة) على أطراف مقاعدهم.
فقد صاحبت كل خطوة لهؤلاء اللصوص توترا يتنامى تدريجيا، لتصل إلى ذروتها عند لحظة الجريمة المنتظرة، تعزز القصص الذكاء الاستراتيجي لهؤلاء الأبطال العاديين، فنجاحهم في تفادي المواجهات مع شر (قابيل) يضاف إلى سحر القصة.
فكرة (عصابة عظيمة)
تمتاز فكرة (عصابة عظيمة) بأنها تتجاوز حدود العادة، حيث يعجبنا ذكاءها وتفردها، فبعض هذه الأفكار تنسجم مع أحاسيسنا وتجعلنا نتعاطف مع السارق، حتى نجد أنفسنا نتمنى له النجاح في هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر.
ومن ناحية أخرى، يظهر رجال الشرطة في هذه الأعمال مثالا للإصرار والتصميم في مواجهة اللصوص، حيث يكشفون أسرار الجريمة ويروجون لعبقريتهم في ربط خيوط القصة.
إقرأ أيضا : إسعاد يونس.. صانعة السعادة في مصر
تتوالى الحيل والمطاردات في فيلم (عصابة عظيمة) مروجة لنا تفاصيل التحقيقات والتفكير الاستباقي الذي يجسد مهارة (عظيمة/ إسعاد يونس) في التخطيط لسرقة البنك، وتكنشف أن ما سرقته ليس سوى فلوس مزورة.
ولكنها بالتخطيط المتقن تنجح في سرقة فيلا (قابيل/ محمد ثروت) شقيق زوجها الراحل الذي استولى على ميراث أبنائها بحيلة أنه الأقوى والأجدر في تدوير ميراث أبناء أخية معتمد على طيبة (عظيمة).
ربما تدور أحداث فيلم (عصابة عظيمة) في فلك قصة الثنائي الإجرامي الشهير (بوني وكلايد)، الذي اشتهر أثناء الأزمة الاقتصادية في أمريكا، وكانت الصحافة تتبع جرائِمهم.
حيث جابوا الولايات المتحدة لسرقة البنوك من أجل سد احتياجاتهم الأسرية حتى تم اغتيالهم في النهاية نتيجة خيانة أحد أصدقائِهم، وحصد الفيلم العديد من الجوائز مثل: جائزة أوسكار لأفضل ممثلة مساعدة، وأفضل تصوير سينمائي.
سذاجة التنفذ في (عصابة عظيمة)
لكن فكرة فيلم (عصابة عظيمة) تختلف من حيث الهدف وطريقة التنفيذ، فعلي سذاجة التنفيذ، الذي عمد إلى خلق مواقف كوميدية، إلا أنه كان موازيا لفكرة فيلم الثنائي الإجرامي الشهير (بوني وكلايد).
ورغم أن هذا الفيلم يعتبر من أقوى الأفلام التي تناولت فكرة سرقة البنوك، ونال إعجاب الجماهير، حيث تدور أحداثه حول مجموعة من اللصوص الذين قاموا بسرقة بنك مرتديين أقنعة عليها أوجه رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية السابقين.
وعلى غرار فيلم (Heat، جاء فيلم (عصابة عظيمة) مشابها لفكرته، فهو فيلم جريمة وإثارة يحكي قصة مجموعة من اللصوص المحترفين يقودهم السارق الرئيسي (نيل ماكولي) – المقابل الموضوعي لعظيمة – والذي يخطط لسرقة بنك في لوس أنجلوس.
إقرأ أيضا : إسعاد يونس تتأمل وتسخر وتبدع في (حلم الحريم كلهم)!
ولكن الفرق هنا أنهم يتعرضون لمطاردة شرسة من قبل الشرطة بقيادة المحقق (فينسنت هانا)، الذي يعتبر (نيل ماكولي) هدفه الأول، لكن الشرطة في (عصابة عظيمة) تختفي تقريبا من مشاهد المطاردة.
يتميز فيلم (عصابة عظيمة) بأداء مميز من قبل النجوم الكبار (إسعاد يونس، محمد محمود، محمد ثروت، كريم عفيفي، عنبة، رنا رئيس، أحمد عزمي، عارفة عبد الرسول) ويتميز بتصوير مذهل وموسيقى رائعة تضفي على الأحداث المزيد من الإثارة والتشويق.
يبدو لي شيئا غريبا من خلال مشاهدتي لفيلم (عصابة عظيمة) هو أنه عند مشاهدتك لبعض أفلام عن السرقة وهو التعاطف الكبير والإعجاب بمرتكب أو مرتكبين العملية (الجريمة).
هذا الإعجاب و التراخي الأخلاقي لم يأت من فراغ بل من شخصية متقنة وغالبا ما تكون فائقة في الذكاء قادرة على جذب المشاهدين لها وجعلهم ينسون العواقب الأخلاقية ويبدؤون بالتشجيع لجعل السارق ينجح بعمليته.
(عصابة عظيمة) فيلم سرقة ناجح
لذا جاء فيلم (عصابة عظيمة) فيلم سرقة ناجح حيث توجب على الكاتب أن يمتلك قصة شيقة جدا عبارة عن دهاء خالص فيما يتعلق بالتخطيط لعملية السرقة وتنفيذها.
لطالما كانت أفلام السرقة هى الأفلام الأكثر روعة بين أفلام الجريمة، وذلك لابتعادها عن خطف الأرواح وانشغالها بخطف الأموال، أنا لا أتحدث أن ما تفعله هذه الشخصيات في الأفلام أمر جيد ولكنه بالفعل مثير للإعجاب.
فالمجرمون يتمتعون بذكاء كبير يفوق ذكاء الإنسان العادي، فليس من السهل مخالفة القانون و الهروب من عقابه، وهذا ما تمثل في أفلام عديدة كانت عبارة عن إبداع حقيقي و عرض للذكاء البشري.
إقرأ أيضا : (أفلام) إجازة (نصف السنة) تتنوع ما بين الكوميديا والدراما الإجتماعية
تعد أفلام السرقة واحدة من أكثر وأفضل الأفلام انتشارا بين الناس وبين المشاهدين، وهى الأكثر تشويقا في أفلام الجريمة الأجنبية، والسبب في انتشارها بهذا الشكل هو بعدها التام عن اختطاف الأرواح.
لكن الهم الشاغل فقط للبطلة في فيلم (عصابة عظيمة) هو العمل على خطف الأموال، وعلى الرغم من ذلك فيجب أن نعلم أن ما يفعله الأبطال ليس بأمر جيد أو ناجح، بل هو فقط مثير للجدل.
وعلى الرغم من وجود آلاف الأفلام، إلا أن هناك بعض منهم مازال يخطف قلوبنا عندما نراه، مثلما حدث في فيلم (عصابة عظيمة)، حيث غلب عليه كوميديا الموقف، من جانب (محمد محمود، ومحمد ثروت)، رغم استنكار (إسعاد يونس) للإفيهات.
ظني أن فيلم (عصابة عظيمة) واحد من أفضل أفلام الأكشن والسرعة في هذا الموسم، حيث أنه يتحدث عن بعض المحاولات التي من خلالها كان يتم التخطيط إلى سرقة بنك، ثم فيلا (قابيل).
وبالتالي فهو فيلم مشوق، يجعل لديك رغبة مستمرة وملحة من أجل معرفة مضمون الخزينة في بيت (قابيل)، ويجب العلم أيضا أن المعلومة التي سوف تصدمك بشكل فعلي سوف تظهر في نهاية الفيلم.
واقعيا، وكما هو معتاد، هنالك خصوم لابد من خوض الصراع معهم والفوز فيه، أما ما عدا ذلك فلن يصمد الفيلم في الذاكرة متزاحما مع العشرات من الأفلام التي تنتمي إلى نفس النوع، في نفس موسم (أفلام نصف العام الدراسي)، وكثرتها نابعة من قربها من الجمهور العريض.
ولقد نجح المخرج (وائل إحسان) في تقديم فيلم حركة ناجح ومتميز، زج فيه كل عناصر التشويق المتاحة على الرغم من وجهات النظر النقدية التي تشبه الفيلم بالوجبات السريعة التي تعزز الطاقة لكنها لا تغذّي بما فيه الكفاية.
فالفيلم نجح في التصعيد والتشويق ومشاهد حبس الأنفاس ومشاهد المطاردات التي وقدم مغامرات كثيرة في مقابل مواقف مختلطة فيها ما هو إنساني ومؤثر وفيها ما هو على درجة عالية من الكوميديا.
(عصابة عظيمة).. وعناصر الحركة
وحشد (عصابة عظيمة) أغلب عناصر فيلم الحركة الناجح سواء على صعيد التصوير أو من ناحية الخدع السينمائية ومشاهد الحركة والمونتاج والانفجارات وغيرها، وبذلك قدم توليفة مشوقة حملت معها أيضا نمطية على صعيد الثيمة والموضوع.
القاعدة الثابتة في فيلم (عصابة عظيمة)، تؤكد أنه تحولنا أفلام السرقة، نحن المشاهدين، إلى شركاء في الجريمة، لمشاهدة هذه الأفلام علاقة كبيرة بالمتعة المستمدة من مشاهدة أشخاص يتصرفون بخبرة ومهارة.
تطلب منا قصص السرقة، بخاصة سرقة المصارف، نبذ الأخلاق التي نلتزم بها في حياتنا اليومية، الشخصيات الرئيسية مجرمون، يسرقون شيئا ليس لهم في البداية.
ولكنهم أبطالنا، نحثهم لارتكاب الجريمة، إنهم ساحرون، أذكياء، ماهرون، وسيمون، محترفون، ولأننا نتعاطف معهم، نشعر وكأننا منهم، نرى الأشياء كما يرونها، نضع أنفسنا مكانهم.
نحن الآن أعضاء في العصابة، ونريد إنهاء المهمة، ولاعجب أن نستمر في الاستمتاع بأفلام السرقة، قصص السرقة والعصابات وحدها تعطينا مساحة من التشويق غير المشروط وغير المباشر.
قد لا يكون لدينا جرأة سرقة قطعة حلوى من متجر صغير في الحياة العادية، ولكن عندما ندخل عالم أفلام السرقة نشعر كيف سيكون عليه الحال حين نعيش ونعمل كمجرمين.
جدير بالذكر أن فيلم (عصابة عظيمة) يشهد عودة الفنانة إسعاد يونس للسينما منذ عام 2010، حيث إنها على مدار تلك المدة لم تظهر في السينما إلا في أدوار شرف بشخصيتها الحقيقية، وكان آخر ظهور لها كمشاركة في بطولة العمل من خلال فيلم (زهايمر) مع الفنان عادل إمام عندما قدمت شخصية مديرة دار المسنين.
والفيلم من تأليف هاجر الإبياري، وإخراج وائل إحسان، وبطولة (إسعاد يونس، كريم عفيفي، رنا رئيس، محمد ثروت، محمد محمود، عنبة، وفرح الزاهد).
وقد استطاع صناع (عصابة عظيمة) أن يجلبوا لنا نوعا من المتعة والبهجة والتسرية، علاوة على التشويق الإثارة، فضلا عن التخفيف من حدة مشاهد الدمار والقتل الذي تمارسة الآلة العسكرية الإسرائيلية في فلسطين المحتلة.