(صدقي صخر) .. نجم (الأوف سيزون) بجدارة الموهبة
بقلم: محمد حبوشة
عندما نقول أن هذا الممثل (حقيقيا)، فهذا يعني أن يكون صادقا مقنعا، قادرا على عدوى المشاهدين بمشاعره، وجعلهم يصدقونك ويتابعونه، والفنان (صخر صدقي) الذي تألق مؤخرا في مسلسل (صوت وصورة) هو واحد من أولئك الممثلين المجدين.
(صخر صدقي) يتمتع بفطرة يمارسها الناس في حياتهم اليومية، فهو يملك القدرة على العيش والتأقلم الاجتماعي والإنساني مع الآخرين، والظهور بشكل يناسب شخصياتنا ضمن الجماعة.
فالناس في سلوكهم اليومي وشؤونهم الخاصة، يكذبون عادة، ليس بالمعنى السلبي فحسب؛ بل بالمعنى الإيجابي غالبا، يقلدون ويتمثلون، قليلا أو كثيرا، شخصيات أخرى تناسبهم، تمام كما يفعل (صخر صدقي).
ولعل (صخر صدقي) من الممثلين الذين لديه ملكة إخفاء شخصياتهم وأهدافهم وأسرارهم ودوافعهم الحقيقية، بدءا من مظهره ومكياجه وسلوكه البسيط، مرورا بمشاعرهم الأصلية الحميمة المعقدة.
كما أن (صخر صدقي) من أولئك الفنانين الذين يصلون إلى غاياتهم العميقة وأهدافهم الكبرى الخاصة بهم، لدرجة أن الناس كلهم، إن لم نقل جلّهم، يحتاجون إلى طبيب نفسي.
لذلك، قيل إن الحياة مسرح كبير وإن الناس محض ممثلين يقومون فيها بأدوارهم!، فهل ثمة فرق بين التمثيل في متاهات الحياة وفن التمثيل على خشبة المسرح أو على الشاشة؟
نعم هناك فرق بالتأكيد، ومن هنا فإن (صخر صدقي)، قد ظهر مؤخرا مثل الفنان التشكيلي الذي يجسد كتابة أو وصف أو رسم، وهى بالمعنى المهني: فن رسم المكان؛ أي البيئة المكانية/ الزمانية، والدرامية، سواء كان ذلك بواسطة الديكور أو الإضاءة أو الأغراض الفنية الأخرى.
إقرأ أيضا : صوت وصورة.. دراما فائقة الجودة تتصدى لمخاطر الذكاء الاصطناعي
أما فن التمثيل عند (صخر صدقي)، فهو جد الجميع بلا منازع؛ إنه – كما أسلفنا – يتوفر لديه فطرة أو سليقة، ولدت معه كولادة البشر، وتطورت معهم، إنه يجيد اللعب والتقليد والإشارة والبوح والهمهمات التي استخدمها الإنسان/ الطفل، قبل اللغة والعقل وقبل الحضارة والفن.
وأقول الطفل لأن الأطفال الصغار يراقبون، ويقلدون الكبار بالفطرة، ويتعرفون الأشياء من خلال (تمثّلها) وتجريبها (معرفة).
ولأن لكل فن – كما نعلم – أداة وموضوع ومادة يستخدمها المبدع في إبداعه؛ وهى مستقلة عنه تماما؛ ونحن لا نستطيع طبعا، استخدام أداة في مكان آخر، كأن نعزف بالإزميل على العود، أو ننشر الخشب بقوس الكمان.
خصائص فن التمثيل عند (صخر صدقي)
وهذا ينطبق كذلك على المادة، التي يستخدمه (صخر صدقي)، فلكل فن مواد خاصة به ولا يمكن استخدامها في فن آخر، أما موضوع الفن فهو واحد في الفنون كلها.
لذا تجد (صدقي صخر) هو ذلك الفنان الممثل الإنسان في همومه وشجونه وصراعه مع الطبيعة ومع أخيه الإنسان، وفن التمثيل لديه هو الفن الذي يكون فيه جسد الممثل هو الأداة، وهو المادة، وهو الموضوع معا.
هذه هي أولى خصائص فن التمثيل عند (صخر صدقي)، كما أن هذا الفن يتميز عن باقي الفنون الأخرى، بأنه فن جماعي مركب، تحيط به وتخدمه فنون أخرى.
وهو الفن الوحيد كذلك، الذي يولد ويموت مع (صدقي صخر) في كل عرض على شاشة التلفزيون ، لأنه عرض حي (مباشر) ولأن أداء الممثل يتغير بين مرة وأخرى، كما أن الجمهور يتغير بدوره كل مرة.
(قمة الصدق) لدى (صدقي صخر)، هى (قمة الكذب)!، أي أن تكذب كي تكون مقنعا، ويصدقك المشاهدون!، والكذب هنا ليس أخلاقيا أو محرما، بل هو كذب مهني مشروع لمن امتلك المهارة الفنية.
فـ (أعذب الشعر أكذبه) كما قال العرب، وهذا ما نطلق عليه مصطلح (الصدق الفني) أو (الإيهام)، وجعل الآخر/ المشاهد، يتورط في لعبتك ويصدق ما يراه ويسمعه، كما لو كان حقيقة لا شك فيها؛ لهذا، يخلط الناس بين التمثيل كفن إبداعي، و(التمثيل) الذي يعني الكذب، كسلوك أخلاقي ديني واجتماعي كما يفعل (صدقي صخر)!
تحت قميص (صدقي صخر)، لو لم يكن مفهوما يميل في أدائه العذب إلى الغيبية الغامضة، ويشي بنظرية (الحلول) عند الصوفية، ناهيك عن أنه حدث ميتافزيقي يأتي من خارج الوعي والجسد (ليحل) فيه عنوة، دون إرادة من صاحبه.
وهذا ما يجعل (صدقي صخر) خارج دائرة الإبداع الفني، على عكس الحكواتي فهو يعتمد على الحكي (الصوت) وهو لذلك أقرب إلى فن الخطابة والإذاعة والتعليق على الحدث، والسرد بواسطة الصوت.
لاشك في أن الدراما موجودة في شتى النشاطات البشرية، موجودة في الشعر والموسيقا والأغنية والرقصة واللوحة والمنحوتة والعمارة؛ أي أنها موجودة في الكلمة والصورة والصوت، وقبل ذلك، موجودة في الوعي واللاوعي لدى (صدقي صخر).
وكذلك الحال في الجسد والرغبات ودوافع النفس البشرية المتضاربة، وهى أفعال ليست جسدية بحتة، ولا ذهنية منفصلة عن الجسد.
(صخر صدقي) ولبنى عبدالعزيز
بل هى عند (صخر صدقي) متظافرة متراكبة ومتسقة معه، في فعل واحد: (خوف، شوق، أمل، غدر، شجاعة، خيبة، انتظار، مواجهة، حب، غيرة، خيانة..إلخ).
والجدير بالذكر أن وحدة الفعل هذه لا يجسدها إلا (الفاعل) بكيانه كله، وبما يختزنه من معرفة وتقانة بدنية وروحية (مشاعر وخبرة وأحاسيس وحضور ورهافة وذاكرة وانتباه).
ولد الفنان (صخر صدقي) بالقاهرة، درس في كلية الهندسة قسم الإتصالات ، لكنه لم يعمل في مجال الهندسة كثيرا، وبعد فترة من العمل في مجال الهندسة قرر الاتجاه نحو الهواية المفضلة له وهى الفن .
بدأ (صدقي صخر) مشواره الفني من خلال برنامج راديو مع (لبنى عبدالعزيز) من خلال إعلانات الجمهورية اليوم، وكان عمره وقتها 15 عاما، وشارك في كثير من الأفلام القصيرة والطويلة لمخرجين مثل (كاملة أبو ذكري)، و(شريف البنداري) و (إيمان النجار).
وشارك في مسلسل (الجامعة) ثم شارك في فيلم (طرق الأبواب)، ومسلسل (مريم) ورويدا بدأت مساحة أدواره تزيد وشارك في عدة أعمال، وشارك (صدقي صخر) أيضا في مسلسلات درامية مثل (زي الشمس، الجماعة 2).
وبالرغم من كونه ممثلا موهوبا هو أيضا موسيقي ناجح في مشروع (الكورال)، وهو عبارة عن سلسلة من ورش الكتابة وأداء الأغنية، أيضا كان فردا مؤسسا لفرقة (يسرا الهواري) الموسيقية منذ 2012، وهو متمكن من العزف على آلة (الهارمونيكا).
إقرأ أيضا : محمود حسونة يكتب: ريفو.. حكاية جيل وأزماته
ومن الأعمال التي شارك (صدقي صخر) فيها مؤخرا ولاقت تفاعل كبير من رواد التواصل الإجتماعي، مشاركته في مسلسل (بـ 100 وش – رمضان 2020)، من بطولة الفنان (آسر ياسين) والفنانة (نيللي كريم) وكان (صدقي صخر)، يقوم بدور (أيمن) صديق عمر (أسر ياسين).
وشارك أيضا في عام 2020 في مسلسل (أنصاف مجانين)، وشارك في أعمال كثيرة أخرى مثل (زي الشمس، وليه لأ، في كل أسبوع يوم جمعة، منعطف خطر)، وفي عام 2022 شارك في مسلسل (ريفو) بطولة (أمير عيد وملك الحسيني، وتامر هاشم وسارة عبدالرحمن وركين سعد، ومن إخراج يحيي إسماعيل.
في فيلم (الحفرة) شارك (صدقي صخر) مشاركة مميزة، ويعتبر الفيلم هو أولى التجارب الإخراجية للنجم عمرو عابد، ويقوم ببطولته الممثلان (صدقي صخر، وأحمد بنهاوي) وهو من إنتاج النجم كريم قاسم .
(صدقى صخر) حقق نجاحا ملحوظا
استطاع الفنان (صدقى صخر) أن يحقق نجاحا ملحوظا من خلال تجسيده لشخصية المحامى (لطفى عبود) وهى الشخصية التى يلعبها فى مسلسل (صوت وصورة) تأليف محمد سليمان عبدالمالك وإخراج محمود عبدالتواب، وبطولة الفنانين (حنان مطاوع ونجلاء بدر ومراد مكرم وولاء الشريف ووليد فواز وآخرون).
ومنذ عرض الحلقات الأولى للمسلسل وظهور (صدقي صخر) بدور (لطفي عبود) المحامي، وتصدر اسمه التريند، وذلك بعد إشادات واسعة من الجمهور على أداءه التمثيلي .
ويقول الفنان صدقى صخر: (لطفى عبود) دور مميز جدا، تفاصيله مكتوبة بوضوح، الشخصية عميقة، جوانبها قماشة غنية تغرى أى ممثل، والعمل نفسه قوى بالمواضيع التى يناقشها، بتطور الأحداث وكتابة الورق، ومخرج العمل.
ويضيف: هذه الأدوار المركبة المليئة بشحنات الاكتئاب، تكون ثقيلة ومرهقة، خاصة أن الشخصية بدأت من مرحلة اكتئاب وانعزال عن الحياة والعمل، حتى أننى أصبح حريف اكتئاب.
أحاول أن اتصل بالمأساة الحقيقية للشخصية، فلطفى عبود شخص يعيش فى صدمة، فقد الإيمان بالعدالة وجدوى عمله ووجوده، وأحاول جاهدا أن أضع نفسى مكان الشخصية وأتأثر بكل ما بها من أحداث (بلبس الشخصية).
ويستطر (صخر صدقي): جميعنا فى حياتنا لدينا جوانب من شخصية (لطفى عبود)، من منا لم يتعرض لموقف فقد الثقة فى الحياة وفى نفسه وجدوى حياته، جميعنا مررنا بتجربة فقد، وليست مرتبطة بفكرة الموت فقط، وإنما الفقد فى حد ذاته مؤلم جدا.
هذه المشاعر أصلها وجذرها واحد، فمن وجهة نظرى بمجرد الاتصال بهذه المشاعر تستطيع أن تخرج منها أداء حقيقيا ويظهر ذلك بصدق للمشاهد.
كنت اشاهد مرافعات حقيقية على اليوتيوب، من عدة محامين مختلفين، وأخذت منها، فضلا عن أن هناك تفاصيل غير مكتوبة من طريقة الحركة ونبرة الصوت، وخاصة (زربنته)، وبدأنا نكتشفها من أول أيام التصوير.
(صدقي صخر) فى سياق المزاح
ثم بدأت تفرض نفسها، وفجأة أصبح (لطفى) يتحدث بطريقة معينة، وكأنه فى حياته عبارة عن مرافعة، وكل ذلك وجد مع سياق الأحداث وطريقة الكلام، وهذا ما قمت بإضافته، وساعدت فيها كل تفاصيلها المكتوبة، كل ذلك صنع (لطفى عبود).
وأخير يقول (صدقي صخر): إذا كان الموضوع فى سياق المزاح ومكتوب كتنويه عن ذلك، أهم شىء أن يتم كتابة (تم صنع هذا الفيديو بالذكاء الاصطناعى)، ولكن إذا كان بشكل جارح.
هنا يجب أن يتم أخذ موقف واعتقد أن هذا هو الفيصل، وبالتأكيد إذا كان هناك طرق لتقنينه، سيصبح كأى شىء تكنولوجى دخل حياتنا، على سبيل المثال التصوير الفوتوغرافى، فكرة التصوير وصنع أكثر من نسخة.
فى الوقت الحالى متعارف على ذلك، ونستطيع الفصل بين الأصل والصورة، وهذا ما يحدث فى العالم وتاريخ البشرية، أى شىء فى البداية يقاوم وبعد ذلك يتم الوصول لصيغة تستطيع التعامل معها بدون قلق.
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للفنان المتألق، نجم (الأوف سيزون)، الذي يقول أنه (غاوي) مزيكا منذ الصغر، (طول ما أنا قاعد بلعب مزيكا، العازف اللي مش بيتمرن كل يوم مستواه بيقل.
(أنا بسعى ألا يمر يوم من غير ما ألعب مزيكا بشكل مستمر، وآلة الهارمونيكا هى المفضلة لي، وبلعبها دائما، المزيكا هتساعدني في الفن من حيث الاختيار والتذوق والإحساس.
ومن هنا يحلم (صدقي صخر) بتقديم السيرة الذاتية التي يعتبرها نوعا من أنواع التشخيص، قائلا: هو تمثيل فى النهاية، ولست ضد ذلك تماما، وإن جاء ذلك مع شخصية مثل (محمد صلاح) فهذا يسعدنى، وخاصة أننى شبهه.