(روبي) تكشف ضعف نقابة الموسيقيين التى أصبحت رقيبا على الابداع !
كتب: أحمد السماحي
(روبي).. فنانة معجونة بالموهبة، هى (لوليتا) الأغنية المصرية، التي أغوت أجيالا، وأغضبت أجيالا، وأثارت الرغبات واللعنات بأغنياتها ورقصاتها، التي تبدو اليوم محملة بالنوستالجيا والمشاعر اللطيفة.
وبدت لنا (روبي) ممثلة من طراز رفيع المستوى حيث أدت أدوارا متنوعة عزفت فيها على أوتار مشاعر كل كفتاة مصرية عادية من حي شعبي تنتمي للطبقة الوسطى، بمفرداتها ولهجتها وإيماءاتها وآراؤها التي تنتمي لهذه الطبقة.
فضلا عن الهالة الأسطورية التي كانت تحيط بها في الأداء الصعب، وكأنها قادمة من كوكب آخر لتجسد الفتاة البسيطة اللطيفة، السمراء ذات العيون الفرعونية، صاحبة الجمال المصري الأصيل، التي تجيد التمثيل والغناء، والتي تختلف عن كل النجمات.
وكل الفنانات.. ليس لها طبيعتهن ولاهوايتهن.. إنها تفضل أن تبقى وحدها تسمع موسيقى أو تقرأ كتابا، على أن تلبى دعوة حفل، أو تذهب فى زيارة ما، وكأنها تربأ بنفسها عن المجتمع، وهى فى الحقيقة أسمى وأرقى من المجتمع كله.
طرحت النجمة والمغنية (روبي) مساء أول أمس الأحد أحدث أغنياتها التى جاءت تحت عنوان (3 ساعات متواصلة) كلمات وألحان عزيز الشافعي، توزيع توما.
وبمجرد طرح (روبي) للأغنية أثارت جدلا واسعًا على صفحات السوشيال ميديا، وطالب الجمهور بالتحقيق في كلمات الأغنية التى رأى فيها البعض أنها خادشة للحياء وتحمل ايحاءات جنسية!.
وانقسم الجمهور كالعادة حول الأغنية منهم من طالب بالقبض على صناعها!، ومنهم من طالب نقابة المهن الموسيقية بالتحقيق مع (روبي) وعزيز الشافعي.
والبعض علق على تشابه لحن عزيز الشافعي بلحنه السابق لروبي (نمت نينة)!، وآخر قال لا يوجد تشابه بين (3 ساعات متواصلة) و(نمت نينه)، ولكن التشابه بين الأغنية الجديدة، و(حتة تانية) لروبي أيضا.
وأحد الظرفاء قال : (روبي عاملة أغنية 3 ساعات متواصلة.. ساعة هروقك، وساعة هشوقك، وساعة هدوقك، دي أغنية +18.. للأسف نعاني من غياب الرقابة!) وغيرها من التعليقات، واللغو التافه!.
(روبي) تتصدر الترند
وتصدرت (روبي)، خلال الساعات الماضية بأغنيها الجديدة، مواقع التواصل الاجتماعي وتريند الـ (يوتيوب)، وأصبحت الأغنية حديث القاهرة، وأصبحت (روبي) نميمة كل بيت مصري!.
ولأننا نعيش عصر (السوشيال ميديا) التى أصبحت تهدد الإبداع حقيقة، لهذا انتفض (مصطفى كامل) نقيب المهن الموسيقية، وعقد اجتماعًا طارئًا عبر تطبيق (واتس آب) مساء يوم الأحد الماضي.
وطرح نقيب الموسيقيين الأمر على أعضاء مجلس النقابة، لتداول الآراء حول أغنية (روبي) الجديدة، واتخاذ الإجراء اللازم!.
والحقيقة أنني بعد الاستماع إلى الأغنية مرارا وتكرارا، لم أجد فيها أي كلمات خادشة!، ولكن فيها بعض الكلمات الجريئة التى لم يوفق شاعر الأغنية وملحنها عزيز الشافعي في توظيفها توظيفا صحيحا!.
وهذه الجمل مثل: (ما تيجي حبة نستريح من العناء، نطفى نار الاشتياق، عندما يأتي المساء)، والجملة الثانية هى: (أول ساعة هروقك، تاني ساعه هشوقك، تالت ساعه هدوقك، ازاي قلبي بيعشقك).
وهذه الجمل كلها ذكرت في كثير من أغنياتنا التى نعتز بها لكبار مطربينا، لكن عزيز الشافعي دفع بها جميعا في أغنية واحدة، وربما هذا ما أثار حفيظة البعض من الجمهور.
وبعيدا عن هذه الجمل الجريئة بعض الشيئ، أرى من وجهة نظري الشخصية أن الأغنية مبهجة، ودمها خفيف ولذيذة، و(روبي) قامت بتأديتها بشكل متميز للغاية به دلع أنثى تريد أن تبعد بحبيبها لمدة ثلاث ساعات متواصلة عن عيون الناس الحاسدة الغيورة، أصحاب القلوب السوداء.
وصاغ عزيز الشافعي هذه الكلمات في لحن جذاب، عذب النغمات يدخل القلب سريعا، ووفق (توما) كموزع في توزيع بسيط بعيدا عن فرد العضلات والفذلكة.
نقيب الموسيقيين ضد الإبداع
لكن ما استفزني في كل هذا الموضوع ليس الأغنية الجميلة إطلاقا، لكن دور نقابة المهن الموسيقية التى تخلت عن دورها في الدفاع عن أعضائها، والحفاظ على كرامتهم، وأصبحت تلعب دورا رقابيا، وتنساق وراء مواقع التواصل الاجتماعي.
والسؤال الآن: ما الذي جعل نقابة المهن الموسيقية تنتفض وتعقد اجتماعا طارئا وسريعا على (الواتس آب) بسبب بعض المأجورين على (السوشيال ميديا) أو حتى بعض الأراء الغاضبة (بلاش المأجورين)! .
ألا يعلم السيد (الرقيب) أقصد (النقيب) مصطفى كامل أنه يوجد العديد من المستخدمين سواء كانوا أشخاصاً عاديين أو مؤسسات أو حكومات يقومون باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التضليل، وذلك من أجل تحقيق بعض الأغراض الخبيثة، وإبعاد الجمهور عن الحقيقة.
حيث يمكن لمجموعة من الكتائب الإلكترونية تكوين رأي مضاد أو شاذ، وطرحه على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الفنان أن ينصاع لهذه الآراء المهووسة، ويستمع إليها ويعمل بما تمليه عليه، وهذا يعد حجرا على الإبداع.
ولهذا نحتاج في هذه الظروف الصعبة لنقيب قوي لا يتصيد الأخطاء لأعضاء نقابته!، نقيب رأيه من دماغه وليس من رأي السوشيال ميديا، نقيب يدافع ولا يدين، نقيب يدفع للأمام ولا يسحب للخلف!
ففي زمن الخطر تضع اللحظة التاريخية عبئا ثقيلا من مسئولية المقاومة والتنوير على كاهل الفنان، لكن ليس أي فنان، ولكنه الفنان الواعي المثقف الذي لديه رسالة، خاصة إذا كان على رأس نقابة الموسيقيين.
كلمة حق وسط العتمة
ومن ثم لابد أن تصبح ضرورة حياة أن تتكاتف الضمائر الحية، والعقول الحرة لتقول كلمة حق وسط العتمة، وتبنى سدا منيعا ضد أعداء النجاح والمأجورين والجهلة الذين أصبحوا كالذباب يحيط بنا من كل حدب وصوب.
هؤلاء هدفهم الوحيد القضاء على الإبداع، بمجموعة من القيود ضد حرية الإبداع، منها ممنوع اللمس، ممنوع القبلات، ممنوع الأحضان، وغيرها من الممنوعات التى قضت على جمال وبهجة السينما المصرية.
وبعد أن قضوا على بهجة السينما، جاء الدور على الغناء يريدون حبسه في قمقم لا يتنفس ولا يستنشق طعم الحرية والتجديد.
لا نريد القيود التى كبلت السينما تنتقل إلى مجال الغناء (لأنه مش ناقص حقيقي)، ويكفي أن المسئولين في وزارة الثقافة يتخلون الآن تماما عن صناعة الأغنية، ولا يوجد دعم حقيقي لها.
والعجيب في الأمر أن (الرقيب) أقصد النقيب جاء بانفعاله الشديد والعصبي، ليزايد الطين بلة، وذلك على الرغم من أنه هو المعني بالدفاع عن الأغنية في المقام الأول والأخير.