(هاني فرحات).. موهبة موسيقية فذة أنقذت كثير من المطربين في ليالي الغناء في السعودية

كتب : أحمد السماحي

يؤكد إبداع الموسيقار (هاني فرحات) أن المواهب الموسيقية هى القدرة على تعلم وتنفيذ الموسيقى بمهارة واحترافية، تشمل المواهب الموسيقية العديد من الجوانب مثل القدرة على العزف على آلة موسيقية أو التلحين أو الغناء.

و(هاني فرحات) هو واحد ممن يملكون القدرة على تأليف الموسيقى، والقدرة على قراءة وفهم النوتات الموسيقية والقدرة على الإحساس والتعبير بشكل فني من خلال الموسيقى الإيحائية المعبرة بصدق.

يمكن أن تكون هذه المواهب موجودة بالفعل لدى (هاني فرحات) منذ الطفولة، أو يمكن أن تنمو وتطور مع ممارسة وتعلم الموسيقى، بحسب رؤية البروفسير (لوتز جانكى) من قسم علم النفس العصبى فى جامعة زيوريخ فى سويسرا.

فالموهبة Giftedness عند (هاني فرحات) هى تلك اللؤلؤة الثمينة التى وضعها الله داخل كل إنسان، ولكن هذه اللؤلؤة تحتاج لمن يكتشفها، وتعد عملية الاكتشاف مهمة خطيرة وأساسية والتى قليلا ما يقوم بها المرء من ذاته.

إقرأ أيضا : ليلة (روائع السنباطي).. كثير من الطرب قليل من السلطنة !

ولكن غالبا ما يناط بها البيئة المباشرة للطفل فى طفولته المبكرة، والتى تتمثل فى الوالدين، من خلال الملاحظة  للطفل والتشجيع المستمر له وتوفير البيئة الملائمة له إظهار موهبته التى يتميز بها، كما يبدو لي في حالة (هاني فرحات).

(هاني فرحات) أحد نجوم الموسيقى والغناء الذي أصبح في السنوات الأخيرة تميمة حظ بالنسبة لكثير من المطربين في مصر والعالم العربي.

كل مطرب قبل أن يتعاقد على حفل يسأل عن قائد الفرقة التى ستصاحب فقرته، وعندما يعلم أنه (هاني فرحات)، يوقع عقده على الفور، وهو سعيد للغاية.

 وبعد انتهاء المطرب من فقرته لابد أن يشكر المايسترو (هاني فرحات)، حيث اتفق عليه الجميع، ولم يختلفوا حوله أبدا، وأسلموا له أسماعهم، وأرهفوا له آذانهم طوال فقرتهم الغنائية.

ومنحوه الحب كله، كأنه زعيم انتخبوه بالإجماع، أو وطن حملوا جنسيته بالإختيار، وحقق هاني فرحات مكانته في قلوب زملائه، وقلوب الجمهور، نتيجة مثابرة دؤوبة على احترامه لنفسه وللمهنة التى يمتهنها.

 والسؤال الذي نطرحه الآن ما هو سر سعادة المطربيين تحديدا بـ (هاني فرحات)؟! ولماذا يشكرونه تقريبا بعد غنائهم؟!

(هاني فرحات).. وشارع الحب

للإجابة على هذا السؤال أحب أن أعود بكم إلى الوراء حوالي 65 عاما، وأسئلكم هل تذكرون فيلم (شارع الحب)؟!، بطولة (عبدالحليم حافظ، وصباح، ومنيرة سنبل، وحسين رياض).

 وهل تذكرون عندما قامت (ميرفت، ورشدي) بتخدير المايسترو (عزيز)، ولم يحضر الحفل الذي سيغني فيه (منعم)، أثناء ذلك ارتبك منعم، وارتبك الجميع.

 وسألوا الأستاذ (حسب الله السادس عشر) عن إمكانية قيادتـه للأوركسترا، فنفى إمكانيته للقيام بهذه المهمة لإنها تعتمد على النوتة .

وكادوا أن يلغوا الحفل، وبدأ (منعـم) ينسحب، إلى أن ظهر المايسترو القديم (جادليو) قائلا عبارته الشهيرة: (إنت اللي هاتغني يا منعم!).

(هاني فرحات).. وأهمية المايسترو

نفهم من هذا المشهد الأهمية الشديدة لدور المايسترو، خاصة لو كان هذا المايسترو مثل (هاني فرحات) على درجة كبيرة من العلم والثقافة.

حيث أنه درس فى معهد الكونسرفتوار، وقام بالتوزيع الموسيقي لألحان معظم مطربين ومطربات الوطن العربي ببراعة مطلقة.

قاد (هاني فرحات) في السنوات القليلة الأخيرة خاصة في (موسم الرياض) في السعودية مجموعة كبيرة من الحفلات استطاع بمهارته الشديدة أن ينقذ بعضها من عدم النجاح، وجعل الجمهور يصفق ويهتف لكثير من المطربين.

خاصة في الحفلات التى كانت ألحانها موزعة (polyphonic)، يعني لها أكثر من خط لحني، وتحتاج لقائد فرقة متمكن.

إقرأ أيضا : في ليلة (بليغ حمدي) تعرف على من أخفق ومن أبدع، وتألق

فضلا عن امتلاكة ناصية معرفية عريضة وعميقة بالموسيقى بدءا من (السولفيج) إلى التكوينات الموسيقية المختلفة، والفنون الصوتية المختلفة أيضا.

والحقيقة أنه رغم كثرة عدد أعضاء الأوركسترا الذي يقوده (هاني فرحات) إلا أنه وبحكم حضوره الدائم للبروفات يتذكر أن فرقته أو الأوركسترا يتكون من أفراد لهم أرواح وأنفس متعددة تحلق في سماء فضاء الفن الفسيح.

وربما كانت متباينة، وأنه يجب عليه توحيد الاتجاهات الروحية لهؤلاء العازفين، وأنه يجب عليه إبداء المشاعر الإنسانية المخلصة لأفراد فرقته التي تعزف في انسجام بديع بقيادته.

 لهذا ستجد نفس هؤلاء العازفين مع مايسترو آخر لكنهم ليسوا على نفس المستوى التقني الرائع في العزف، ونفس الحال بالنسبة لكثير من المطربيين، تجد مستواهم قل عندما يصاحبهم مايسترو آخر غير (هاني فرحات).

وعلينا أن نرجع ونشاهد حفل (ليلة محمد منير) والأداء المذهل للعازفين المختلفين، خاصة الأجانب منهم، والذين أنقذوا الليلة ومعهم (هاني فرحات) وقيادته الناجحه لهذه الليلة.

أسلوب (هاني فرحات) الإيحائي

نجاح العازفين مع (هاني فرحات) يرجع لعدة أسباب أولها روح (هاني فرحات) البسيطة المرحة والحازمة في نفس الوقت، لأننا يمكن أن نسمع عمل واحد لكن بقيادات مختلفه نكتشف إن روح الأداء والحلاوة مختلفة من قائد للثاني، حسب إشاراته الإيحائية.

والتى تأثر بالطبع على أداء العازفين، ويطلع منهم ما يريده، وبسبب هذا نلاحظ أن عين العازفين، عين على النوته، وعين علي المايسترو.

ثانيا: إلمام (هاني فرحات) بتكنيك الآلآت الموسيقية، فكل آلة لها تكنيكها، وطبقتها الصوتية، و طابعها الخاص بها، يعني تختلف مفاتيح التدوين حسب طبقة الآلة، ولكل آلة مصطلحات خاصة بها في التدوين لإخراج إمكانتها التعبيرية

 ثالثا: أن (هاني فرحات) ماهر جدا في ( score reading) أي قراءة المدونة الكاملة، الجامعة لكل الآلات الموجودة في العمل بشكل رأسي.

ويبدو منغمسا حتى أذنيه فى فهم معانى المؤلفة الموسيقية للدرجة التى تجعله قادرا على توصيل المعنى الموسيقى للآخرين، لهذا تحقق قيادته للحفلات نجاحا باهرا، آخرها حفل روائع السنباطي.

في هذا الحفل الصعب المليئ بالمطبات الموسيقية التى تحتاج لقائد عاشق لمهنته، وملما بكل تكنيكات الآلات ليس عزفا ولكن أسلوبها.

لكل هذه الأسباب كان من الطبيعي أن تختاره الهيئة الملكية السعودية التي تشرف علي إكسبو 2030، منذ أسابيع قليلة لقيادة أضخم أوركسترا موسيقي من مختلف قارات العالم في قلب العاصمة الفرنسية من (Hungar. y) المكان الثقافي الضخم الذي أقيم به أول إكسبو بباريس.

وهى المرة الأولي التي  يتولي فيها مايسترو عربي هذه المهمة بحضور رؤساء وزراء أوروبا من خلال مشروع حمل اسم (رسالة سلام من السعودية للعالم). 

(هاني فرحات) وعصر من العمالقة

أخيرا (هاني فرحات) يذكرنا بعصر من القادة العمالقة الذين حققوا في قيادتهم للأوركسترا أدائا رائعا، ورفيعا للغاية، لكن هؤلاء العمالقة تعرضوا لظلم شديد حيث لم يكتب عنهم بشكل لائق، ولم يشرح أحد أسلوبهم للجمهور العادي.

ولم يوضح أحد مميزات كل قائد، ومدى إختلافه عن زملائه الآخرين.

من هؤلاء العمالقة (إبراهيم حجاج، عزيز الشوان، على إسماعيل، فؤاد الظاهرى، أندريا رايدر، مصطفى ناجي، يوسف السيسي، أحمد الصعيدي، حليم الضبع، عبد الحليم نويره، حسين جنيد.

و أحمد فؤاد حسن، صلاح عرام، صلاح غباشي، عبد العظيم حليم، محمد حسن الشجاعي، سليم سحاب، يسري قطر، عمر خيرت.

ومن الأجيال الموجودة حاليا (شريف محي الدين، أمير عبدالمجيد، وليد فايد، ناير ناجي)، وعلى رأسهم بالطبع (هاني فرحات).