رسالة الجونة: حنان أبو الضياء
فى (Family Portrait)، ينحدر الفيلم تدريجيًا إلى عالم يفقد فيه الزمان والمكان قبضتهما، مما يحول صورة العائلة إلى طقوس انتقالية مهيبة وغامضة.
بعد عرض (Family Portrait) فى مهرجان لوكارنو السينمائي، تشاهده ضمن افلام مهرجان الجونة فى دورته السادسة. مقدما رؤية درامية لفكرة التقاط الصور فى المناسبات كذكريات بصرية.
وكأنها تجمعات أو أحداث أو مجرد لحظات مجنونة من الضحك والفرح تذكرنا بحياتنا. تلك الصور العائلية، هي دليل على الروابط والعلاقات العائلية التي من المفترض أن تنتقل عبر الأجيال.
يستمد فيلم (Family Portrait) للمخرجى (لوسي كير) حبكته من هذه الممارسة ذاتها ثم يصطدم بها بلحظات من التأمل النفسي العميق والقلق الغامض. والنتيجة مثيرة للاهتمام للغاية ومقلقة.
إقرأ أيضا : حنان أبو الضياء تكتب: زراعة الإنسان ليصبح شجرة فى (سماء بلاستيكية)
أنه بمثابة لمحة سينمائية للم الشمل المكسور.. يعد (Family Portrait) أول عمل للكاتبة والمخرجة لوسي كير من بطولة ديراج كامبل، حيث تلعب دور امرأة شابة تعود إلى المنزل لحضور تجمع عائلي تعاني من كارثة تلوح في الأفق.
تدور أحداث (Family Portrait) في فجر كوفيد، حول عائلة في صباح يوم خامل عندما خططوا لالتقاط صورة جماعية، بعد اختفاء الأم وتصبح إحدى الابنة يائسة للعثور عليها وجمع عائلتها المترامية الأطراف.
إن (Family Portrait) أحد الأفلام المستقلة، حيث يقوم العديد من المخرجين الجدد بتوجيه الكاميرا نحو حياتهم الخاصة وعائلاتهم لإنشاء أعمالهم الدرامية الأولى. أنه فيلم مليء بالقلق يفتقد الى الحبكة.
السرد الأساسي حول اجتماع عائلة معًا لالتقاط صورة جماعية سنوية.
لوسي كير التى أنتجت العديد من الأفلام القصيرة، منهاCrashing Waves، وهو فيلم وثائقي عن امرأة.
جانب سريالي لـ (Family Portrait)
فى فيلمها الحالى تركز كير على عشيرة ممتدة في تكساس تنتظر الجلوس لالتقاط صورة تظل مراوغة لهم ؛في الواقع، هناك جانب سريالي لـ (Family Portrait).
على الرغم من أن الفيلم يبدو أيضًا واقعيًا للغاية في بعض الأماكن، حيث يقوم مصممي الصوت (نيكولاي أنتونوف، وأندرو سايدنبرج) بإنتاج المزيج في اللحظات الرئيسية.
عندما حفيف الأوراق، يبدو الأمر مثل موجة مد تغمر الأرض فجأة، وفي أحيان أخرى ينقطع الصوت تمامًا، ويغرق المشاهد في فراغ مقلق.
بطلة (كير) هي كاتي (الممثلة والمخرجة ديراج كامبل )، وهى ابنة عادت إلى المنزل مع صديقها الجديد أوليك (كريس جالوست)، من أجل الصورة السنوية، ويبدو قلقًا للغاية.
من الثانية التي يلتقي بها، يمتلئ المنزل بما لا يقل عن اثني عشر شخصًا ينغمسون في المحادثات ويتبادلون المعلومات، هناك والد كاتي، تشارلز (روبرت سالاس)، والدتها باربرا (سيلفانا جاكيتش).
بالإضافة إلى أخواتها وأبناء عمومتها والعديد من الأصهار، إصرار (كاتي) على التقاط صورة عائلية أثار استياء عدد من الحضور.
إقرأ أيضا : حنان أبو الضياء تكتب: رياح الحظ الساخرة التي لا يمكن التنبؤ بها فى (برج بلا ظل) !
تجري معظم الأحداث من وجهة نظرها؛ فهي تعلم بوفاة أحد أقاربها بسبب عدوى غامضة في الرئة، ثم يبدو أنها الوحيدة التي تبحث عن والدتها المفقودة.
ليكون السؤال الذى يتبادر الى ذهن المشاهد :هل كاتي شديدة الحساسية أم أنها ترى شيئًا لا يراه الآخرون؟
المشهد الافتتاحي غارق في الأصوات الهادرة والمشوشة التي يصعب فهمها لاحقًا، عندما تتفكك الشخصيات، يحافظ العمل الصوتي لنيكولاي أنتونوف وأندرو سايدنبورج على التوتر في كل محادثة.
تتكشف معظم أحداث الفيلم كسلسلة من اللقطات الثابتة، مثل الصور الموضوعة، حيث لا تتحدث العائلة الكبيرة عن أي شيء، ولكنها تقول كل شيء عن هويتهم.
أحداث فيلم (Family Portrait)
هناك قصص عن الحرب العالمية الثانية، وأفراد الأسرة المرضى، والتطعيمات، وكلها تتم بأسلوب أكثر تهذيبًا ولكنها تغلي تحت السطح بنوع من الغضب الذي نعلم ا أن الحجر الصحي الناجم عن فيروس كورونا (كوفيد – 19) الذي يلوح في الأفق قد تسبب في غليان الكثيرين.
يبدو نهج كير في بعض الأحيان غريبا بعض الشيء، ولكن إذا كانت تهدف إلى أن تكون غامضة مثل المشاعر التي يمكنك تفسيرها من صورة ثابتة، فإنها نجحت.
اجتمعوا في منزل عائلي بالقرب من بحيرة ريفية هادئة في تكساس، حيث تجلس العائلة لتناول وجبة طعام والتقاط صورة عائلية سنوية قريبًا.
تجري أحداث فيلم (Family Portrait) خلال فترة ما بعد الظهر، ويمزج بين المشاهد غير الرسمية للمناقشات العائلية مع حالات القلق الزاحف بينما تحوم الكارثة في الخلفية.
إقرأ أيضا : حنان أبو الضياء تكتب: (في يومنا هذا).. عندما يصدمك المخرج من أول مشهد
في أحد المشاهد، يروي والد كاتي (روبرت سالاس) قصة طويلة عن صورة مميزة لوالده تم التقاطها في المحيط الهادئ في نهاية الحرب العالمية الثانية، ثم تم استخدامها بعد سنوات كدعاية خلال حرب فيتنام.
إنه يعكس عدم موثوقية الذكريات المضمونة والموجودة في الصور.. يبدو أن كير تحذرنا من أن أي صورة يمكن التلاعب بها، حتى تلك التي من المفترض أن تصور واقعًا غير متغير.
عملت كاميرا (ليديا نيكونوفا) على تصوير هذه الصورة متعددة الطبقات للمناقشات المتداخلة بشكل فني، عندما تتجمع العائلة وتبدأ في اللحاق بالركب، ينصب التركيز على تعبيرات الشخصيات.
سواء أكانوا غير مهتمين أو مرتبكين، يسلط الضوء على انفصالهم الطويل عن بعضهم البعض.. مع تقدم صورة العائلة ، يبدأ واقع كاتي في التلاشى أيضًا.
(Family Portrait) مزيج من المواقف
يبدو الأمر كما لو أنها تتجه نحو الهاوية، وهو شعور يوضحه المشهد الذي تختفي فيه تدريجيًا، بينما تغوص المصورة السينمائية ليديا نيكونوفا في الماء بجانبها.
يعد عمل الكاميرا بالتأكيد أقوى مقومات الفيلم، حيث يتم التبديل بين لقطات الكاميرا الثابتة المذهلة، خاصة في المشهد الافتتاحي، واللقطات الثابتة حيث نشاهد الدراما من زوايا غريبة ومن مسافة معينة.
إن تأثير التباعد يجعل من الصعب الارتباط بصورة العائلة بأي طريقة عاطفية، كما هو الحال مع غياب القصة الملموسة.
ومع ذلك، فإن ما يظهر من عمل كير الأول هو صورة مقربة وحميمية نوعا ما ، أو أشبه بسلسلة من اللقطات المجزأة حيث تستمر كاتي وأحبائها في الالتقاء معًا ثم الابتعاد، مثل الصور المجمعة في مجموعة دون أن تشكل صورة كاملة على الإطلاق.
رغم أن (Family Portrait) عبارة عن مزيج غير رسمي من المواقف واللقاءات بين أفراد الأسرة الذين يجتمعون بعد فترة طويلة.
ومع ذلك، فإن عن الدراما العائلية أكثر غموضًا في البنية السردية وتصميم الرقصات البصرية.
بطلة فيلم (Family Portrait) ديراج كامبل هى ممثلة ومخرجة أفلام كندية. وهي معروفة بأدائها المشهور في السينما المستقلة الكندية.
فازت كامبل بأوسمة تقدير لعملها، بما في ذلك جائزة (جاي سكوت) من Toronto Film Critics Association وأفضل ممثلة في فيلم كندي من دائرة نقاد السينما بفانكوفر.