كتب: محمد حبوشة
أثبت (مهرجان الجونة) السينمائي الدولي في دورته السادسة التي انطلقت أول أمس (الخميس) أنه على قدر المسئويلة المنوطة بها في دعم القضايا العربية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية في كوبتها الحالية.
وفي الوقت نفسيه يلتزم (مهرجان الجونة) – الذي يحاول غسل سمعته في هذه الدورة – باكتشاف الأصوات السينمائية الجديدة، ويتحمس ليكون محفزا لتطوير السينما في العالم العربي، خاصة من خلال ذراع الصناعة الخاصة به (منصة الجونة السينمائية).
وهى فعالية موجهة لصناعة السينما، خلقت بهدف تطوير وتمكين صناع الأفلام المصريين والعرب، ومساعدتهم على إيجاد الدعم الفني والمالي اللازم. تتكون المنصة من منطلق الجونة السينمائي.
و(جسر الجونة السينمائي) اللذين يقدمان الفرص للتعلم والمشاركة، وهو مختبر لتطوير المشروعات وتنفيذ الإنتاجات المشتركة
والإضافة الأحدث إلى منصة الجونة السينمائية هو (سوق الجونة السينمائي) الذي يضم معرض الجونة للأفلام القصيرة حيث يتفاعل صناع الأفلام الواعدين مع السينمائيين المخضرمين.
ولابد لي من الإشادة بإدارة (مهرجان الجونة) في إقامة دورته السادسة وسط ظروف مأساوية يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في غزة وباقي المناطق الفلسطينية، ومن خلال مشاهدتي لحفل الافتتاح أسطيع القول بأنه مهرجان ناضج لاينبغي غيابه ثانية.
حسنا فعل (مهرجان الجونة) في هذه الدورة، عندما أرادها دورة استثنائية بكل المقاييس، حيث استبدل هذا العام السجادة الحمراء الشهيرة، وفرشها لاستقبال النجوم والضيوف، بسجادة بلون الرمال.
(مهرجان الجونة).. (نافذة على فلسطين)
ومن أبرز فعاليات (مهرجان الجونة) أن جعل محوره الرئيسي (نافذة على فلسطين)، يقدم المهرجان من خلالها قسما خاصا بهذا العنوان، والذي يعرض مجموعة من أهم الأفلام التي تتعمق في قلب القصص الفلسطينية.
حيث تم اختيار أفلامه بعناية بهدف تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الفلسطينيين كمحاولة لدعوة الجمهور نحو فهم أعمق للتجارب الإنسانية هناك.
كذلك يلخص (نافذة على فلسطين) بشكل مثالي جوهر هذه الرحلة السينمائية حيث يدعو المشاهدين لإلقاء النظر على الحياة غير المرئية والقصص التي لم تروَ، ومن خلال هذا القسم والذي تم تنسيق معظم أفلامه بالتعاون مع مؤسسة الفيلم الفلسطيني.
ويهدف (مهرجان الجونة) التركيز على القصص التلقائية التي تستحق أن تسمع، مانحا فرصة لتلك الأصوات التي تم تجاهلها منذ زمن طويل، ويؤكد هذا القسم الخاص التزام المهرجان بدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني، وهو ما عبرت عنه النجمة العربية (فسطينية الأصل) نسرين طافش في إطلاتها المميزة حيث ارتدت الشال الفلسطيني الشهير.
إقرأ أيضا : مهرجان الجونة : تضامنً مشْروط .. وعودة مطلوبة
من جانبه أكد انتشال التميمي مدير (مهرجان الجونة) السينمائي على أهمية قسم (نافذة فلسطين)، قائلا: (من خلال تلك الأفلام المدهشة نهدف إلى فتح نافذة على نسيج الحياة الفلسطينية المركب والغني.
ونأمل أن تجد هذه القصص صدى لدى الجمهور مما يعزز التعاطف والتفاهم، ومن خلال توفير منصة لهذه الأصوات، فإننا نساهم في إجراء نقاش أوسع حول التجارب الإنسانية المشتركة التي تربطنا جميعا.
وأردف: (ستضم الحلقة صناع الأفلام المرموقين رشيد مشهراوي، ونجوى نجار، وخليل المزيان، أحمد المنيراوي، وهو ممثل من غزة، حيث يشرحون تجاربهم المباشرة.
ويسلطون الضوء على التحديات الفريدة التي يواجهونها أثناء عملية التصوير، وسيدير حلقة النقاش محمد المغني، وسيعرض صورة عميقة حول صمود وإصرار صناع الأفلام الذين يتغلبون على الشدائد ليقدموا رواياتهم القوية إلى الشاشة.
(مهرجان الجونة).. وفيلم (يرقة)
هذا ويحصل الفيلم اللبناني القصير (يرقة) للمخرجتين (ميشيل ونويل كسرواني) على عرضه الأول في العالم العربي ضمن فعاليات النسخة السادسة من (مهرجان الجونة) السينمائي الدولي.
وكان الفيلم اللبناني قد فاز بجائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم قصير في (مهرجان برلين السينمائي الدولي) ليصبح أول فيلم عربي يفوز بهذه الجائزة.
وينافس الفيلم ضمن مسابقة الأفلام القصيرة في المجموعة 4، ويحصل على عرضين الأول يوم الثلاثاء 19 ديسمبر الساعة 9 مساءً في سي سينما 1، والثاني يوم الأربعاء 20 ديسمبر الساعة 8:30 مساء في سي سينما 1.
يخوض فيلم (يرقة) حاليا جولة مشاركات في المهرجانات العالمية، حصل خلالها على 9 جوائز دولية أخرى من بينها جائزة لجنة التحكيم في (مهرجان مالمو للسينما العربية) وجائزة الجمهور في (مهرجان الشانزليزيه السينمائي).
وتنويه خاص من (مهرجان كينماستيك الدولي للأفلام القصيرة) في مالطا، وجائزة التاج الفضي في (مهرجان لو كري دي كورت)، وجائزة لجنة التحكيم في (مهرجان ميزنة للفيلم العربي).
وجائزة أفضل سيناريو في (مهرجان الفيلم اللبناني) في فرنسا، وجائزة أفضل تمثيل وأفضل سيناريو في (مهرجان ميريس السينمائي في إسبانيا)، كما ترشح لجائزة أفضل فيلم قصير من قبل أكاديمية الأفلام الأوروبية.
(مهرجان الجونة).. دورة اسثنائية
أشهد أن دورة (مهرجان الجونة) السادسة، هى دورة اسثنائية بمعنى الكلمة، وجهتها إدارته من أجل الأشقاء في الأرض المحتلة، 10 أفلام تتعرض للقضية.
فضلا عن إلغاء كافة مظاهر الاحتفال، ودعوة صناع الأفلام السينما الفلسطينية، مع إقامة حفل عشاء لجمع التبرعات بعد أن تبرعت إدارة المهرجان بخمسة ملايين جنيه.
بدأ مراسم حفل الافتتاح متشحة باللون الأسود، أو الملابس ذات الألوان الداكنة في إشارة واضحة لدعم الإنسانية المعذبة في أرض فلسطين، وتألقت النجمات بإطلالات مميزة في هذه الدورة من (مهرجان الجونة)، والتي تشهد طابعا استثنائيا هذا العام.
وعلى الرغم من خروج البعض عن المألوف للدورة الحالية، إلا أن أغلب إطلالات افتتاح مهرجان الجونة تمتعت بلمسات ناعمة أنيقة، ميزتها فستاين باللون أسود الشفاف بأكمام طويلة، وتسريحات شعر مرفوع منسدل خصلتين من الجانبين
إقرأ أيضا : مهرجان الجونة .. البكاء على اللبن المسكوب لايكفي وحده يا (ساويرس) !
فضلا عن إطلالات كلاسيكية ناعمة جمعت فيها بين اللونين الأبيض والأسود، واختارت بعض النجمات لمسات أعادت بها إلى الأذهان لمسات الزمن الجميل حيث اختارت قفازات لليد سوداء ولمسات ناعمة.
تألقت النجمة (يسرا) بلمسات ناعمة باللون الأسود، وكذلك النجمة الأردنية صبا مبارك، وحرص كل الحضور على دعم القضية الفلسطينية سواء بلمسات بسيطة في إطلالاتهم مثل محمد فراج والذي وضع علم فلسطين على بدلته.
أو برفع علامة النصر مثل (صبا مبارك) أو بالتصفيق الحار لكلمات النجوم عن دعم فلسطين في حفل الافتتاح.
صدق الفنان القدير (محمود حميدة)
أعجبني جدا صدق الفنان القدير (محمود حميدة) في كلمته الافتتاحية لـ (مهرجان الجونة) في دورته السادسة، حيث قال: (أقف أمام اليوم لأتكلم عن المسئولية التي نتقاسمها جميعا، وهى مسئولية تسليط الأضواء على أكثر أوقات الإنسانية ظلاما..
فنحن كصناع ومبدعين ومحركي مشاعروناقلي حقيقة نمتلك هذه القدرة، وعلينا واجب لأننا رواد القصص غير المروية، ولسان حال الأصوات الصامتة، وحاملوا الحقائق غير المريحة، ومن قصص اليأس نستطيع أن نسلط الضوء على جوهر إنسانيتنا المشتركة في عالم أصبح يغض النظرعن الفظائع.
لدينا القدرة على أن نكون محفرين للتغيير، لأن القهر ليس مجرد فصول تاريخية، ولكنه روح حية تتطلب الاعتراف والفهم من أجل الشفاء، فلتكن أفلامنا شهادة على صمود الروح الإنسانية وأملا في وجه الظلام.
السيدات والسادة أشكركم على الحضور، وأنا في هذه الكلمة كما هو مكتوب هنا أن أطلب من حضراتكم أن نقف دقيقة حدادا، ولكني لن أن هذا الطلب، لأن الحداد كما نعبر به عن الحزن فهو دافع للنسيان، وأنا لاأريد أن أنسى، ولا أريدكم أن تنسوا).
(مهرجان الجونة) وباب الشمس
ويعرض البرنامج الذي ينظمه مهرجان الجونة مجموعة من الأفلام عن الواقع الفلسطيني وصمود الشعب ومن بين هذه الأفلام: (الواقي الرصاصي، فيلم التحريك المؤثر، الرسم من أجل أحلام أفضل) للمخرجة مي عودة.
يسلط الفيلم الضوء على نضالات الأطفال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، كذلك فيلم (باب الشمس) ليسري نصر الله، وأيضا فيلم (ليست فقط صورتك)، إخراج (آن باك ودرور ديان).
يتناول الفيلم رحلة مأساوية لأشقاء ألمان – الفلسطينيين يسعون لتحقيق العدالة لعائلاتهم بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة، فضلاً عن فيلم (الأستاذ) إخراج فرح نابلسي يتناول بعمق الإحباطات اليومية وحالة الغضب الذي يعيشه الفلسطينيون.
وغيرها من الأفلام الأخرى التي تعكس الكثير من الجوانب التي يعيشها الشعب الفلسطيني المحاصر حاليا في الأرض المحتلة، ويعاني القصف العنيف في حرب إبادة ضد اإنسانية.
كما أعلنت إدارة (مهرجان الجونة) أنها ستعرض أفلاما في سينما زاوية وكشفت عن المواعيد قائلة: (لأن السينما لا بد أن تصل للجمهور في كل مكان… سعداء بالإعلان عن أفلام مهرجان الجونة السينمائي التي سيتم عرضها في سينما زاوية.
انضموا إلينا وكونوا على موعد مع تجارب سينمائية مميزة وقصص نابضة بالحياة لنستمتع معا بتجربة مهرجان الجونة السينمائي 2023، من قلب القاهرة.. برنامج مهرجان الجونة السينمائي في سينما زاوية من 17 إلى 22 ديسمبر.
عمرو منسي المدير التنفيذي لمهرجان الجونة، قال في تصريحات له مشوقاً الجمهور: (بعد خمس سنين سيني جونة، والدعم والتمويل من شركات إنتاج كتيرة ده الوقت إن يكون فيه سوق إنتاج سينمائي.
(هى مغامرة بنحاول نبدأ حاجة جديدة وهدفنا نوصلها لحاجة عالمية، فيه ناس بتقول مش حاجة سهلة ومش هينجح من أول سنة بس احنا متحمسين جدا لده).
نجمة افتتاح (مهرجان الجونة)
وأعود لحفل الافتتاح الذي غنت فيه (إليانا)، وهى نجمة تشيلية من أصل عربي، حيث غنت شدت بأغنية تحكي عن الأشقاء العرب في ظل أزمة في فلسطين المحتلة التي تعاني ويلات الحرب العنصرية التي راح ضحيتها أكثر من 20 ألف شهيد وأكثر من 50 ألف جريح.
كانت الإطلالات هى أول ما يتصدر فعاليات مهرجان الجونة على مدار السنوات الماضية، فبمجرد انطلاق فعاليات المهرجان كانت إطلالات النجمات تتصدر حديث منصات التواصل الاجتماعي ما بين الجرأة والغرابة والأناقة.
إلا أن هذا العام لفتت النجمات الأنظار بإطلالات ناعمة هادئة، ناسبت الأجواء التي يقام فيها المهرجان، فظهرت بإطلالات لامعة بفستانين مرميد مطرز بلمسات ضخمة لفتت بها الأنظار ونسقته مع تسريحة شعر مرفوع.
وتألقت (يسرا) فخطفت الأنظار بإطلالة بالأسود كلاسيكية ونسقتها مع تسريحة شعر مرفوع زادت من نعومة إطلالتها، وعبرت بكلمة قصيرة عن تضامنها مع شعب فلسطين، مؤكدة أن الفن مهمته أن يفكرنا بإنسانينا، باعتباره سلاحا قويا ومؤثرا.
والملاحظ تألق بعض النجمات المشاركات بإطلالات هادئة ابتعدت عن الجرأة أو الغرابة، لتصبح الأفلام هي البطل الأول لمهرجان الجونة السينمائي بوجبة سينمائية دسمة متنوعة بطلها الأساسي أفلام عن الواقع الفلسطيني وصمود الشعب.
ولأول مرة تغيب السجادة الحمراء عن مهرجان الجونة السينمائي هذا العام، فعادة ما يبدأ المهرجان بفقرة الإطلالات واستعراض النجوم لإطلالاتهن في المهرجان، إلا أن هذا العام غابت إطلالات السجادة الحمراء وظهرت السجادة بلون رملي.
وأشد على يد المهندس (سميح ساويرس)، مؤسس مدينة الجونة ورئيس مجلس إدارة المهرجان، الذي قال خلال كلمته في افتتاح الدورة، إنه كان يهاب إقامة الدورة قبل انطلاقها، ولكن بعد ما شاهده في الافتتاح من إنجاز جعله يشعر بسعادة كبيرة لقراره الجريء بإقامة الدورة هذا العام.
ووجه ساويرس شكره إلى الحضور، وتمنى أن تكون السنة المقبلة أفضل في ظروفها من العام الحالي.
وفي النهاية لابد لي أن أسجل احترامي وتقديري لإدارة (مهرجان الجونة) على إصرارهم على إقامة هذا المهرجان في ظروف عصيبة تمر بها أمتنا العربية، وفي القلب منها مأساة فلسطين التي تتعرض لأكبر نكبة في تاريخها الحديث.