ثورة الأب على غرام (صباح) ونجيب شماس، ومقتل الأم على يد ابنها! (2/3)
* نجيب شماس يعترف بحبه لصباح في لبنان، وبمجرد أن قالت آلو، صرخ: يالله، يالله أخيرا وجدتك!
* بسبب (شمعة تحترق) اختفت (صباح) عن عيون حبيب القلب
* في أول مقابلة منفردة تمثل لصباح ذلك الرجل الذي يكبرها بنحو عشرين عاما، ومتزوجا لأخرى وله ابن فارس الأحلام الذي سيخطفها من أبيها
* حلمت (صباح) بمقتل والدتها فتحول الحلم لواقع، والصحافة العربية تشعل الرأي العام.
كتب: أحمد السماحي
في لبنان وأثناء تصوير المشاهد الخارجية لفيلم (أول نظرة) حاول رجل الأعمال نجيب شماس تكرار الحديث مع (صباح) تحت ظلال أشجار الأرز، والمناظر الرائعة التى تفتح الشهية على الغرام، لكن الجو لم يخل له بسهولة، إلى أن أنفرد بها لحظة!
وقال لها بلهجته العصبية: يلعن أبوهالعيشة.. يعني ماحأعرف حاكيكي لوحدك؟ ودهشت بنت التاسعة عشر، وقالت له: نجيب شو بدك مني؟ فقال بصوت هامس كله صدق: باحبك يا جانيت!
(صباح).. (حاسب من أول نظرة)
أحمر وجه نجمة السينما الجديدة ومطربة المشاعر الدانتيلا، وتركت المكان مسرعة دون أن تنطق بكلمة!.
ورجعت (صباح) إلى منزلها في لبنان وهى سرحانة، وفي حالة خدر لذيذ، وتوهان ولاحظت والدتها حالتها وسألتها عما بها، فلم تجب ودخلت غرفتها وأغلقت عليها الباب.
وظلت تردد بهمس أغنية فيلمها الجديد (أول نظرة) التى تحمل اسم الفيلم، التى كتبها لها أبوالسعود الإبياري، ولحنها فريد عصن، والتى يقول مطلعها :
أول نظرة يا حلاوتها، أول نظرة يا قساوتها
آه يانا يانا، من حلاوتها، آه يانا يانا من قساوتها
حاسب، حاسب، من أول نظرة
إقرأ أيضا : قصة غرام (صباح) مع الأمير الكويتي (عبد الله المبارك الصباح) !
في اليوم التالي ذهبت (صباح) مع والدها إلى مكان التصوير فوجدت نجيب شماس في انتظارها، وسألها بلهفة بحكم أنه شريك في إنتاج الفيلم عن سر تأخرها، فقالت دون أن تنظر إليه خوفا أن تقضحها عيونها: كان عندي صداع!
وأكد والدها ما تقوله ابنته، وكان اليوم هو آخر أيام تصوير الفيلم في لبنان، لكن تبقى بعض المشاهد القليلة التى سيتم تصويرها في الاستديو بالقاهرة.
وفي هذه المرة اصطحبت (صباح) في رحلتها إلى القاهرة والدتها وشقيقتها الطفلة (سعاد) التى ظهرت في بعض المشاهد القليلة في فيلم (أول نظرة).
وفي القاهرة كان حب (صباح) يتسلل في هدوء إلى أوردة وشرايين نجيب شماس، كان يسري كالكهرباء في روحه، أنها في عينيه شابه جذابة، ونجمة سينمائية قادمة، ومطربة تهفو إليها الأنفس.
فضلا عن شبابها ورشاقتها وأناقتها، في الوقت الذي اقترب هو من الخمسين من عمره.
بمجرد عودتهما من لبنان اتصل بها نجيب في المنزل لكنها لم ترد، عاود الاتصال مرارا دون جدوى! بحث عنها فلم يجدها، سأل عنها زملائها في الفيلم فلم يجد جوابا شافيا، كان نجيب يريد معرفة حقيقة شعورها نحوه..
وأن يخبرها بنيته الزواج منها، لكن الأرض كأنها انشقت وابتلعتها، حيث كانت في هذا الوقت مشغولة بتصوير فيلمها الجديد (شمعة تحترق) مع يوسف بك وهبي.
(صباح).. وموعد فلقاء
في أحد الأيام كان والد صباح أخذ والدتها ليشتري لها بعض الأشياء قبل عودتها مرة أخرى للبنان، وأثناء ذلك رن جرس تليفون المنزل فردت صباح بحكم وجودها لوحدها، وعدم وجود أحد يرد على التليفون.
وبمجرد أن قالت: آلو، سمعت على الطرف الآخر نجيب شماس يصرخ من الفرح ويقول: يالله يالله أخيرا وجدتك!.
ضحكت (صباح)، وتكررت المكالمات، في غياب الأب، وعودة الأم إلى لبنان، وكان لابد أن يأت دور المقابلات اتفقا على اللقاء وأن يكون لقاء يتيما لا يتكرر ولا تذاع أسراره وهمساته!.
في الموعد المحدد حضرت (صباح) لم تتأخر لحظة واحده، ترتدي فستانا من الحرير الأسود الشفاف يطل منه جسدها الأبيض كأنه إشراقة نهار من ثنايا الليل..
بينما تتطاير سلاسل شعرها في كل الاتجاهات، لكن سرعان ما تعود إلى موطنها فوق ظهر النجمة السينمائية، حتى حذائها الأحمر بلون حقيبة يدها كانا يخطفان البصر، موكب متحرك من الجمال تحمله الأرض.
وقف نجيب مبهورا، ضحك من أعماقه، وهو يتقدم لمصافحتها، سألته في دلال مثير عما أضحكه فجأة رد عليها بخبث: واحد بيموت، ووجد الدنيا جاية لغاية عنده يعمل ايه؟ يفرح زي الأطفال وأكثر ولا شو يسوي؟!
فردت (صباح) بضحكة مهذبة: مرسيه، لكن على فكرة أنا مش هاقدر أقعد أكتر من ساعة، رد عليها نجيب: كفاية!
(صباح) وفارس الأحلام
دار لقاء (صباح) ونجيب شماس ترقبه عيون القدر، حكى نجيب وكأنه يعزف أنشودة عمره، وصباح لا تتابع كلماته بأذنيها فحسب، بل تقرأها في عينيه، ويبدو أن الحديث أطربها إلى الحد الذي لم تتوقعه، وفي نهاية حديثه أعترف لها بحبه.
وهنا تمثل لها ذلك الرجل الذي كان يكبرها بنحو عشرين عاما، والذي كان متزوجا من أخرى وله منها ابن في نحو الثالثة، تمثل لها في صورة فارس الأحلام الذي سيخطفها من أبيها..
ويحملها على جناحي الحب إلى دنيا ساحرة كلها حب وحرية وسعادة، تستمتع فيها بمجدها وشهرتها وثروتها، وتكون لها شخصيتها المستقلة في الحياة.
فقد كبرت (صباح) وأصبح يخيل لبنت التاسعة عشرة أنها لم تعد في حاجة إلى وصاية من أحد، حتى من والدها الذي ترك كل أعماله، وتفرغ لها ليوقع العقود بآلاف الجنيهات لهذه الدجاجة التى تبيض لها الذهب، والتى يأخذها وينفقها على الراقصات في الملاهي الليلية.
(صباح) .. شمعة تحترق
عندما سمعت (صباح) كلمة الحب مجددا من نجيب شماس، بعد أن سمعتها من أفواه زملائها الممثلين على الشاشة عشرات المرات، أحست بسعادة غامرة، فقد كان نجيب يقولها من قلبه وبكل مشاعره وجوارحه بلا تمثيل.
فشعرت (صباح) بنشوة كبرى، ولكنها بغريزتها الأنثوية راحت تتدلل عليه وتقول: إذا كنت بتحبني حقيقي اطلبني من بابا!.
واستكملت كلامها قائلة: على فكرة أنا انتهيت من تصوير فيلمي (شمعة تحترق) وراجعة بكره لبنان، لكن بابا سيظل في القاهرة، ليباشر أعمالي، ويوقع بدلا مني بعض العقود، ويتفق على ملابسي في أفلامي القادمة!
سافرت (صباح) مع والدتها وشقيقتها الصغرى إلى لبنان، وبمجرد أن طلب نجيب شماس من الأب يد ابنته، حتى ثار وهاج وتوعده بالضرب والقتل إذا فكر أن يعيد الطلب مرة أخرى!، وقام بطرده وكاد أن يضربه!
زواج (صباح) ونجيب شماس
فكر نجيب سريعا وقرر أن يسافر إلى لبنان ويتزوج (صباح) دون علم الأب الطاغية، وبالفعل سافر وطلب (صباح) من والدتها التى ترددت كثيرا، لكنها وافقت على مضض عندما وجدت السعادة على وجه ابنتها.
ونظرا لإرتباط (صباح) بعقود أفلام جديدة في القاهرة، عادت مجددا إلى القاهرة في صحبة زوجها نجيب شماس، وما أن علم الأب بالزواج حتى انهال بالضرب على ابنته، لكن الزوج منعه من تكملة الصفعات.
وأجر نجيب شماس لزوجته (صباح) فيلا في منطقة الزمالك تحيط بها حديقة صغيرة، ومضت الحياة سعيدة بالزوجين، وبدأ يخيل لـ (صباح) أنها ولدت من جديد واستعادت حريتها، وأصبحت ذات شخصية حرة مستقلة تدير شئونها وتنظم حياتها كما تشاء.
وفي أحد الليالي بعد انتهاء شهر العسل قامت (صباح) من النوم فزعة، وسألها نجيب: مالك يا جانيت؟! فقالت له: شفت كابوس فظيع، شفت أمي ميتة وهى غرقانة في الدم، وأخويا أنطوان بيغسل ايديه في دم أمي!
فأحتضنها (نجيب) وطيب خاطرها ببضع كلمات وقال لها: يبدو أنها وحشتك كتيررررر!.
في اليوم التالي بدأت (صباح) تستكمل مشاهدها في فيلمي (صباح الخير) مع محمد فوزي، تأليف وإخراج حسين فوزي، و(أنا ستوتة) مع حسين فوزي أيضا وبطولتها مع بشارة واكيم واسماعيل ياسين.
(صباح) وأعنف مأساة
لم يكن الحلم أو الكابوس الذي حلمت به صباح مجرد حلم، ولكنه كان واقعا حيث وقع في حياة (صباح) أعنف مأساة يمكن أن تقع في حياة نجمة ساطعة تسلط عليها الأضواء من مكان، وتترقب الصحافة أي خبر عنها.
وقع لـ (صباح) مأساة مروعة زلزلت حياتها وكيانها، وملأت حياتها السعيدة الهانئة بالألم والدموع، وأي مأساة أعنف من أن تختارها الأقدار لتكون أختا لأوديب الذي قتل أمه، ليس في أسطورة سوفوكليس، وإنما في الحياة.
وهنا أترك المؤرخ الفني المصري (محمد السيد شوشة) يحكي لنا ما شاهده بنفسه حيث يقول: لقد قابلت (صباح) في ذلك الوقت، وكان ذلك في شهر سبتمبر عام 1947 وكانت تمثل أحد أفلامها الكوميدية الغنائية مع محمد فوزي في ستديو الأهرام.
وكان نبأ مصرع أمها يملأ كل الصحف التى أبرزته في صدر صفحاتها الأولى حيث كتبت (شقيق صباح يقتل أمه وعشيقها بالرصاص).
وصحيفة أخرى تقول: (هروب أنطوان فغالي قاتل أمه وعشيقها)، وثالثة تقول: (البوليس يبحث عن شقيق صباح القاتل الهارب)، ورابعة تنشر: (كيف قتلت والدة صباح وعشيقها بيد ولدها!).
وغيرها من تلك العناوين الضخمة اللافتة للأنظار، الأمر الذي جعلني أعتقد أن (صباح) تعلم كل شيئ، وأنها في حاجة إلى العزاء، فدخلت عليها حيث كانت تجلس في غرفة المكياج.
ولكن نجيب شماس عندما رآني نهض بسرعة، وانتحى بي جانبا، وقال في همس: أرجوك لا تذكر شيئا أمام (صباح) عن الحادث فهي لا تعرف شيئا.
ونستكمل باقي التفاصيل في الحلقة القادمة:
* كيف تلقت صباح خبر مقتل والدتها؟!
* من هرب (أنطوان فغالي) إلى البرازيل.
* سر طلاق (صباح) من نجيب شماس.