(بوسي) بين حب فاروق الفيشاوي، وتزمت الأب فريد شوقي! (7/8)
* شتان بين علاقات المحبة بين نساء (رصيف نمرة 5)، وأجواء المكائد في (وحوش الميناء)
* المتابع لأفلام بوسي وفاروق الفيشاوي يجد أنها أقل قيمة فنية من أفلامها مع نور الشريف
* عملت كثيراً مع الفنان فريد شوقي، لكن لا يمكن اعتبارهما ثنائياً، من طراز الثنائيات المعروفة
*سعد عرفه هو الذي قدمها في أهم الأدوار في السينما
بقلم الباحث والناقد السينمائي : محمود قاسم
ما زالنا نواصل تحليلنا لأفلام النجمة الجميلة (بوسي)، وتأثير جمالها على هذه الأفلام، وفي الحلقة الماضية توقفنا عند الثنائي الفني الذي كونته مع النجم الراحل فاروق الفيشاوي.
وفي هذه الحلقة نواصل الرحلة، حيث قدمت (بوسي) عام 1983 فيلم جديد مع النجم فاروق الفيشاوي، والفنان الكبير فريد شوقي بعنوان (وحوش الميناء) سيناريو وحوار عبدالحي أديب، وإخراج نيازي مصطفى.
(بوسي).. وحوش الميناء
(بوسي) في فيلم (وحوش الميناء) تجسد دور (فاطمة) التى تدخل بيت الصول (خميس، العجوز/ فريد شوقي)، وتتزوجه من أجل أن تنقل أخباره إلى أفراد عصابة المهربين التى تنتمي إليها!.
أما (فاروق الفيشاوي) فهو سلامة، ابن زوجها الصول خميس، الذي انضم أيضاً إلى قوات الأمن في جمرك الإسكندرية.
إذن، فالعلاقات هنا تسودها الكراهية، من طرف فاطمة، التي تريد الانتقام لموت أبيها على يدي الصول خميس في مغامرة سابقة.
إقرأ أيضا : (بوسي) كانت مثيرة في (قطة على نار) ورومانسية في (حبيبي دائما).. (4)
وبمرور الأحداث نعرف أن الفيلم بمثابة تكملة لفيلم (رصيف نمرة خمسة) الذي قدم عام 1955، وشتان بين علاقات المحبة والإخلاص بين نساء العريف خميس في الفيلم القديم.
وأجواء المكائد التي تدبرها (فاطمة/ بوسي) ضد زوجها وابنه في أجواء الثمانينيات! حيث تنتهي الأحداث بمعركة في مخزن للوقود ، وينفجر المخزن، ويموت أغلب أطراف الصراع.
بالطبع هناك فارق واضح بين حدود وشكل العلاقات بين الأطراف في العقدين، عقد الخمسينيات ثم الثمانينيات، فالأولى مليئة بالدفء، والنبل، والتوحد، والثانية غارقة في أجواء العلاقات الأسرية المتنافرة.
(بوسي).. الشيطان يغني
انعكست العلاقات المتنافرة بين الأطراف أيضاً في أفلام أخرى جمعت الثنائي (فاروق ـ بوسي) مثل فيلم (الشيطان يغني) سيناريو وحوار وإخراج ياسين إسماعيل ياسين، والذي قدم عام 1984.
فـ (بوسي) في الفيلم تؤدي شخصية كاريمان، زوجة الكاتب القصصي (عاصم لطفي/ محمود ياسين)، أما الفيشاوي فهو (عماد عبدالفتاح) الرجل الذي يطارد زوجها عاصم.
ويحاول إقناعه أنه هو الذي ألف له مؤلفاته، من خلال علاقة تخاطر بينهما، هي علاقة متوترة بين الرجلين ، أما كاريمان فإنها تقف في منطقة الذهول! .
إقرأ أيضا : بوسي .. قطة السينما وأيقونتها الرومانسية الحالمة
إلى أن يصاب الزوج بانهيار عصبي، فيموت منتحراً ، ونظل في حالة حيرة طوال أحداث الفيلم حتى تكتشف الشرطة أن كاريمان مريضة وأنها وراء جريمة قتل عاصم زوجها.
وأنها فعلت ذلك انتقاماً من أمها التي تتهمها بقتل أبيها، ولذا قامت (بوسي) باستغلال خطيبها القديم عماد، وكانت تمده بجميع المعلومات الخاصة عن مؤلفات زوجها.
(بوسي) والفيشاوي.. أفلام تجارية
المتابع لأفلام (بوسي) وفاروق الفيشاوي يجد أنه ليس هناك قاعدة ثابتة يمكن تعميمها عن هذه الأفلام، لكنها بشكل عام كانت أفلام أقل قيمة فنية من أفلامها مع نور الشريف.
وقدمت (بوسي) في زمن ازدهار أفلام الفيديو، والإقبال على إنتاج ما يسمى بأفلام المقاولات، وكما أشرنا فإن الثنائي عمل معاً في عام 1985 في ستة أفلام، من بين تسعة أفلام هي جميعها من النوعية نفسها.
(بوسي) وفريد شوقي
لو توقفنا عند (بوسي)، من خلال التعرف على أفلامها من خلال النجوم الكبار الذين شاركتهم البطولة، نجد إنها قدمت كثيراً مع الفنان فريد شوقي ابتداء من فيلم ( قطة على نار) عام 1977.
لكن لا يمكن اعتبارهما ثنائياً، من طراز الثنائيات المعروفة، فهي ابنته في أكثر من فيلم ، منها (مرزوقة، ودموع في ليلة الزفاف) وكلاهما من إخراج سعد عرفه.
وفي أغلب هذه الأفلام، فإن الأب رجل متزمت، وهو يحاول حمايتها من نزق الرجال، مثلما حدث في الفيلم الأول.
إقرأ أيضا : (بوسي) .. قطة الشاشة التى غزت القلوب منذ طفولتها (1)
أما في فيلم (دموع في ليلة الزفاف)، فإن الأب عبدالحكيم يفرض على ابنته الجميلة أن تتزوج من زميله في العمل غير رغبة منها، و(أمينة) هذه ، تذهب في رحلة مدرسة إلى البحر الأحمر.
وهناك تقابل المهندس (شريف/ عمر خورشيد) الذي يبادلها نفس المشاعر، تفشل (أمينة) في إقناع أبيها أن يفسخ خطبتها، وتهرب وتذهب إلى شريف الذي يعقد عليها قرانهما.
ويقوم الأب المتزمت وزميله (جاد الحق) بمطاردة ابنته وزوجها ويلحقان الأذى بشريف، وتنهار (أمينة) وتفقد الذاكرة ويتم القبض على الأب الذي يوصي جاد الحق بها..
فيقوم (جاد الحق) باغتصاب أمينة، وينتحر بعد أن يشعر بعقدة الذنب.
وبعد فترة يتم الإفراج عن عبدالحكيم وتدخل أمينة مستشفى للأمراض النفسية، وينجح شريف في إعادة الذاكرة لأمينة ويتمسك بها كزوجة.
التشابه بين أمينة ومرزوقة!
هناك نقاط تقارب واضحة بين (مرزوقة) و(أمينة) التي قدمتهما (بوسي)،فكلاهما من إبداع المخرج نفسه، وهى ابنة لرجل متزمت، ليست لديها أم، كما أن الأب لم يتزوج.
وفي حياة كل منهما رجل تريد أن تتزوجه ضد رغبة أبيها، وهى في كلتي الحالتين تهرب مع هذا الرجل، حتى وإن كان أحدهما وغداً.
والرجلان متزمتان والفتاة متمردة، وهما متقاربان في المستوى الاجتماعي، فإذا كان الأب متسولاً في (مرزوقة)، أو متزمتا في (دموع في ليلة الزفاف) ويتم حل المشاكل هنا عن طريق العنف.
كأن يلجأ الشحاذ إلى خنق (سرسق) في المقابر، وكان يضرب عبدالحكيم وجاد الحق، الشاب (شريف) إلى درجة فقدان الذاكرة، يعني هذا أننا أمام فيلم واحد، له تنويعتان متقاربتان!.
وقد اجتمعت (بوسي) مع فريد شوقي أيضاً في فيلم (فتوة الجبل) لنادر جلال، والسيناريو قريب من مسرحية (رغبة تحت شجرة الدرداء) ليوجين أونيل.
حول العجوز (حسن الوحش)، الذي يقع في غرام (عزيزة) ويتزوجها، دون أن يعلم أنها على علاقة حب مع ابنه شقيقه عمر الشاب الذي يتمتع بالشباب والوسامة.
(بوسي).. الأستاذ يعرف أكثر
إذن، فشخصية (بوسي)، في بعض هذه الأفلام كانت تتباين، وهى تجسدها أمام فريد شوقي، فهو تارة أبوها المتزمت..
أوالزوج العنين، الذي تفصله عنها مرحلة زمنية طويلة تجعلها تنام في أحضان رجل آخر!..
وذلك مثلما حدث في فيلم (الأستاذ يعرف أكثر) حيث تهرب (مشتهى / بوسي) من بلدتها، عقب انحرافها، وتقابل سائق التاكسي (زكي / فاروق الفيشاوي) الهارب من العدالة.
يعمل كل منهما في وظيفة، إلى أن تتقابل (مشتهى) مع الثري العجوز (صادق / فريد شوقي) الذي يتزوجها، بعد أن أقنعها زكي أن تفعل ذلك من أجل استغلال أمواله.
الزوجة التي جسدتها (بوسي) أمام فريد شوقي، تتشابه أدوارها، فهي إما تخونه مع الشاب الذي يجسده الفيشاوي، أو هي تدبر له المكائد انتقاماً منه!.
فهنا مثلاً: يتردد (زكي) على بيت عشيقته مشتهى، ويصاب الزوج بالشلل عقب اكتشافه خيانة الزوجة، ويرى محاولات زكي لمعرفة كيفية فتح الخزينة..
وفيما بعد، يتضح أن الزوج العجوز المشلول كان يمثل دور العاجز حتى يمكن إيقاع العشيقين وهما في حالة تلبس!.
(بوسي).. دموع في ليلة الزفاف
إذا أردنا أن نتوقف في نهاية هذه الدراسة عند علاقة (بوسي) السينمائية بأسماء بعينها من المخرجين، فلاشك أن (سعد عرفة)، وهو أحد أجرأ المخرجين في السينما المصرية..
هو الذي قدم أهم الأدوار لها في السينما ، منذ أن منحها دور البطولة المطلقة الأولى عام 1972، وهي بطولة لم تتح لها بالقوة نفسها من قبل.
(سعد عرفة) أيضا هو الذي قدمها في أدوار مشابهة في أفلام من طراز (دموع في ليلة الزفاف)، ثم (مرزوقة).
(بوسي).. الملائكة لا تسكن الأرض
كما قدم سعد عرفة (بوسي) أيضا في واحد من أهم أدوارها الأخيرة وهو فيلم (الملائكة لا تسكن الأرض).
ففي هذا الفيلم تجسد شخصية (أمينة) التي تعيش مع أسرتها على شاطئ البحر في مدينة الإسكندرية ، فهي ابنة العم للشاب (علي / ممدوح عبدالعليم) الذي يقسو عليه أبوه (الشيخ عمران / إبراهيم عبدالرازق)..
إنه ابنه الوحيد، لكن الأب يتعامل بتزمت ملحوظ ، وهي سمة للأب المتسلط دوماً في سينما سعد عرفه، وهي سمة واضحة في كافة الأفلام التي قامت (بوسي) ببطولتها من إخراج سعد عرفة.
الأب هنا متزمت دينياً، يطلق لحيته، ويقوم بتكفير الآخرين، وهو يجبر ابنه على أداء الفروض بالقوة، فهو يوقظه من النوم ، ويضع رأسه تحت المياه الباردة كي يتوضأ، ويذهب لصلاة الفجر!.
و(أمينة) تعاني من الضغوط النفسية لابن عمها، فهي ابنة لرجل معتدل، وتحاول التواصل مع (علي) لكنه عاجز عن التواصل معها، ويصاب بعقدة ذنب حين يقبلها!..
ويحس أنها معصية، و(أمينة) هى التي تحاول أن تعيد (علي) إلى توازنه، بعد أن جرب حياة التشرد مع صديقه صابر الذي تم القبض عليه، ومن خلال هذه العلاقة، فإن (علي) يتغير نحو الأفضل.