(عمرو أديب): سعودي الجنسية.. مصري الهوى والهوية
كتب: محمد حبوشة
لست أدري لماذا كل هذه الموجة من الجدل، بعد إعلان الإعلامي المصري (عمرو أديب) حصوله على الجنسية السعودية؟، وذلك في أعقاب أن كتب عبر حسابه الرسمي بمنصة (X) الثلاثاء الماضي:
(بصدق شديد أود أن أشكر الشعب السعودي الجدع الكريم على الحفاوة التي غمرونى بها في الساعات القليلة الماضية..
حقيقة تأثرت جدا من الكلمات والمواقف وهذا أمر ليس غريبا على أهل الشهامة والفروسية، أشكر كل القامات التي أعرفها وأشكر الأحباء الذين لا أعرفهم وإن شاء الله أكون عند حسن ظنكم).
وأضاف (عمرو أديب): (منذ فترة تم منحي الجنسية السعودية، الآن أنا مواطن لدي الجنسية المصرية والجنسية السعودية، وأود أن أتقدم بالشكر للملك سلمان بن عبدالعزيز.. وولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هذا التكريم وهذا التشريف).
وفور إعلان (عمرو أديب) حصوله على الجنسية السعودية، أثار الإعلان جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتقد البعض القرار، فكتب أحد مستخدمي موقع ((X:
(الواقع يقول اللي يستحقها اللي عاش فيها واتربى فيها واتعلم فيها وعاش كل أحداث البلاد فيها، عمرو أديب ما يستحقها)، وفي الوقت ذاته، أشاد آخرون بالخطوة، حيث كتب معلق: (يستاهل الإعلامي الكبير عمرو أديب كل خير).
وعلق أحد الأشخاص: (أصبح عمرو أديب سعوديا ولا نسمح لأي مخلوق أن يمسه بكلمة، من يسيء له يعتبر أنه أساء للشعب السعودي).
إقرأ أيضا : (يا كسفتكم في حادثة عمرو )
ولأن (عمر أديب) إعلامي مثيرا للجدل دائما وأبدا بمهنيته فعلى أثر حصوله على الجنسية السعودية تصدر التريند في موقع التدوينات المصغرة (X) خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي خلق حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض ومنتقد ومبارك.
الداعمون لموقف (عمرو أديب)، يرون أنه استحق الجنسية السعودية نتيجة مواقفه ودفاعه الواضح والمستمر عن المملكة العربية السعودية ومصالحها.
منتقدي (عمرو أديب)
في الجهة المقابلة فإن منتقدي (عمرو أديب) يرون أن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، لم يخطئ حينما قال إن عمرو أديب صناعة سعودية، وها هو الآن يحصل على الجنسية السعودية لتتضح الصورة.
وذهب فريق ثالث إلى تحدي (عمرو أديب) أن يتحدث بصراحة عن الوضع في المملكة العربية السعودية وأن يكف عن الحديث في الشأن المصري بعد أن أصبح مواطنا سعوديا.
(أهلا وسهلا بك بين أهلك وناسك).. رسالة ترحيب نشرها حساب (سلطان القحطاني) على (X)، بحصول عمرو أديب على الجنسية السعودية، مختتمًا: (الله ينفع بك البلاد والعباد).
حساب آخر يحمل اسم (فهد)، علق على الأمر قائلا: (لا يقيم في السعودية، ولم يقدم لها ابتكارا علميا أو خدمة وطنية كبرى، فلماذا مُنح الجنسية السعودية؟، وغيره الآلاف يقيمون في المملكة منذ عقود ودعموها بخبراتهم العلمية وكفاءاتهم المتميزة، ولم يحلموا حتى بالحصول عليها).
بينما دافع العديد من السعوديين عن القرار وأعربوا عن تأييدهم له، مثل مستخدم آخر كتب عبر (X) وقال: (عمرو أديب يستاهل الجنسية السعودية لأنه سعودي قبل أن لا يحصل على الجنسية).
وأضاف: (رأيناه دائما في الصف الأول في الدفاع عن السعودية خلال السنوات الماضية لما يكنه لنا من حب وإخلاص برابط العروبة والدين).
إقرأ أيضا : عمرو أديب يحتفي بـ (ملوك البلطجة) بطريقة استفزازية
وكتبت مواطنة سعودية تدعى (خديجة) في تعليقها قائلة: (منور أديب خلاص صار مننا ويقدر بعد يستلم الضمان وحساب المواطن..
اللي استغربه الناس ترون الأرض للجميع بس مقسمة، ويحق لأي كائن يأخذ الجنسية أبسط مثال الأجانب شوفو كيف يرحبون بأي إنسان).
المثير للدهشة فعلا في حصول (عمر أديب) على الجنسية السعودية، هو تعليق إعلامي زميل له (محمد الباز)، الذي شن هجوما عنيفا على زميله (عمرو أديب)، متهما إياه بـ (العمالة) لصالح الحكومة السعودية، وكأن السعودية ليست شقيقة لنا.
فقد قال (الباز) الذي يترأس مجلس إدارة صحيفة (الدستور) في فيديو نشره على صفحته الشخصية عبر (فيسبوك): إن (عمرو أديب) يبث الرعب والذعر في نفوس المصريين، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي.
وأضاف أن (عمرو أديب) مذيع في قناة غير مصرية، يخرج بتنطع شديد يقول إنه خائف على نفسه وأولاده، بكلام هزل.
الباز و(عمرو أديب)
وتابع (الباز): لو في مشكلة ضخمة فـ (عمرو أديب) لن يتأثر لا هو ولا عائلته، آخرها يأخذ نفسه إلى السعودية كونه عنده كفيل سعودي، وتلك مغالطة كبرى فقد أصبح الرجل سعودي الجنسية ولا يحتاج إلى كفيل!
وفي هذا الصدد أعيد ماكتبته منذ ما يزيد اعلى الشهرين على المدعو (محمد الباز) وغيره من رواد السوشيال ميديا السفهاء: يعتبر الإعلامي (عمرو أديب) – المثير للجدل الآن وفي كل حين دائما – واحدا من المذيعين الذين يملكون حرفية الإعلام عن كثب، طبقا لمفهوم الإعلام.
كما أفصح عنه (غريغوري باتسن): هو التباين الذي يصنع التباين، وفي زمن يشهد تسارع وتيرة انتشار الأخبار، ازدحام الجرائد وكثافة التدوينات.
وفي بيئة عربية يتحكم في إعلامها، أوجد الإعلام للكل فضاء للتعبير، للإخبار، كسرا للزمكانية تصلنا المعلومات والأحداث أولا بأول.
إقرأ أيضا : (حجر عمرو وبيض العرافة)
وبهذا يعتبر الإعلام الجديد مرحلة متطورة فتحت الفرص من خلال وسائله وأدواته للكل أن يكون إعلاميا، لكن ليس على وتيرة (عمرو أديب) الاحترافية في مخاطبة الجماهير العريضة.
فهل يدرك فعلا إعلاميوا اليوم المسؤولية المنوطة بهم؟ إن الإعلام من وجهة نظر (عمرو أديب) ليس مهنة من لا مهنة له كما تعرف اليوم القنوات توظيفا للأجمل والأكثر رشاقة، بدل الأكفا.
ينتهج (عمرو أديب) بعد أصبحت الرداءة تسحوذ على أغلب ما يبث، لغة خاصة تعتمد على الموضوح والشفافية في معالجة القضايا على جناح الفكاهة تارزة والسخرية من الواقع المرير تارة أخرى.
فـ (عمرو أديب) يعمد أن يصنع الإعلامي وعيا ويغير قناعة ويغرس سلوكا بات يقاوم ضحالة الفكر، فالجهود الإنتاجية تضيع اليوم بسبب السياسيات الفاشلة بدل أن توجه لنهجِ تخطيط إعلاميٍ رشيد يحترم المتلقي ويعتبره محوراً هاماً في العملية الإتصالية.
لهذا فهو يضع نصب عينه ضرورة إرضاء المشاهد الذين أصبح مشتتا في ظل تعدد القنوات ومصادر المعرفة المتنوعة، وذلك تلبية للحاجياته الفكرية، الثقافية والمعرفية، التي يتعطش لها المشاهد.
(عمرو أديب) مصري والهوية
نعم الإعلامي (عمرو أديب) السعودي الجنسية، مصري الهوى والهوية، هو من النوع الذي نريد اليوم، هو من يؤمن بأن الرسالة الإعلامية الهادفة يجب أن تصل للمتلقي عبر مرسل يقدس حدود الموضوعية.
كما أنه في الوقت ذاته يتقن معالجة الأخبار والمعلومات بعقلية لا تؤمن بسياسة الولاءات، بل بروح المبادرة مع الإحساس بجسامة المسؤولية الاجتماعية التي تفرضها المهنة أخلاقيا.
لابد أن (الباز) وغيره ممن شنوا هجوما على (عمرو أديب) قد لاحظوا أنه يسير في العادة على الأشواك الصعبة، مدركا أننا نحن نعيش رحلة البحث عن إعلامين يؤمنون بالحرية والاستقلالية، يملكون من الجرأة، النزاهة والشفافية قدراً شاسعا.
نحن ياسادة نبحث فعلا عن إعلاميين يحترمون العقول باحترام الأذواق والخصوصيات، وإعطاء الثقافة، اللغة، القيم والأخلاق مبلغها الحقيقي في كل مادة إعلامية تنتج عبر الشاشة التي أصبحت مفتوحة على مصراعيها.
يؤمن (عمرو أديب) أننا نريد إعلاما متقيدا بضوابط أخلاقيات المهنة، والثقافة البناءة التي تساهم في بناء الإنسان وتحفظ موروثه.
نحن بحاجة ماسة اليوم لإعلامي يوسع سعة نظره بدقة وشمولية في آن واحد وهو ما يفعله من خلال إطلالته المميزة عبر برنامج (الحكاية) على قناة mbc – مصر.
وفي الواقع ياسيد (الباز) أنت وأمثالك أقول: إن (عمرو أديب) دأب على أن يكون صاحب السبق في قيادة التحولات المجتمعية والسياسية والاقتصادية وكل القضايا المفصلية، ليسير بأوطان ينشد أبنائها التغيير كمواطنين.
وهكذا نأمل وجود إعلامي مثله يسعى لتقديم محتوى فني مناسب، يليق بتحديات المرحلة التي نعيشها، يقف مسؤولا أمام التحديات متبنيا صورة إيجابية لحركة التنمية مع الاعتراف الكامل بالمشاكل أو الإخفاقات.
وإذ نحتاج إلى رسالة تعالج المحتوى الإعلامي ليكون إعلاما معبرا عن كل فئات المجتمع واهتماماته في إطار الحفاظ على القيم والمبادئ التي تحفظ للمجتمع وحدته وتصون للوطن خصوصيته.
فإن (عمرو أديب) يقوى على تقديم إعلاما قادرا على النقد والسهر على المصلحة العامة.
وأخيرا أقول مرة أخرى لـ (الباز) وغيره: المهنة الإعلامية لها من القدسية التي تحفظ لها أهدافها النبيلة ووظائفها التنموية والتوعوية عند (عمرو أديب)، فالإعلامي الذي لا يتحلى بالموضوعية وكثير من المصداقية لا يخول له أن يلبس عباءة الإعلامي المميز الذي يحمل على عاتقه هم الأمة.
و(عمرو أديب) بلاشك واحدا من هؤلاء الذين يدركون تلك القدسية، ومن ثم كفوا عن المزايدات الرخيصة التي تنال منه أوغيره ممن يحبون هذا الوطن بصدق وينتمون انتماء حقيقيا، مهما حصلوا على جنسيات الدنيا كلها.. فقط تمنوا له الخير!