كتب : محمد حبوشة
كثيرة هى الرسائل التي أطلقها مسلسل (حارس القدس) – الذي انتج قبل 3 سنوات – من خلال خطب ولقاءات المطران (كابوتجي) الكثيرة مع الجاليات العربية سواء داخل القدس من خلال توليه منصبه الكنسي، أو من منفاه الإجباري في روما وبعض دول أمريكا اللاتينية.
(حارس القدس) المطران (كابوتجي) يعيد لنا التذكير بقضية فلسطين التي كانت قضيته المركزية التي أفنى حياته من أجلها، لكن تبقى كلمته التي ألقاها في بلاغة وقوة ورباطة جأش بمقر النادي السوري اللبناني في كراكاس بفزويلا، بحسب الحلقة 26 هى أهم رسائله على الإطلاق في الحلقات الثلاثين من مسلسل (حارس القدس).
ومن هنا أراها تعتبر الـ (ماستر سين) على مستوى الأداء الاحترافي الذي جسده الفنان الكبير (رشيد عساف) في براعة منقطعة النظير ليغدو مسلسل (حارس القدس) من أفضل الدرامات العربية كلها خلال موسم رمضان 2020، وماتزال آثاره تنسحب على أحداث (طوفان الأقصى) الحالية، وقد جاء المشهد على النحو التالي:
ينظر المطران في البداية من خلف الزجاج بينما يقول مقدم الحفل : في حضرته تطأطأ الهامات، وترتبك الكلمات، أقدم لكم سيدنا مطران القدس في المنفى، المطران المقاوم، المطران الفدائي: (إيلاريون كابوتجي).
حارس القدس) والعصى المقدسة
تصفيق حار من جانب الحاضرين بالقاعة، بينما يتقدم (كابوتجي) المطران (حارس القدس) الصفوف في ثقة وخيلاء، متشحا بثيابه الكنسي حاملا كالصقر عصاه المقدسة، يهز رأسه تحية تقدير واحترام للمصفقين من أبناء الجاليتين السورية واللبنانية.
إقرأ أيضا : حارس القدس وحراس الدراما السورية
ويرفع يده اليسر، وفي يده يمسك بقبضة حديدية العصي المقدسة في جلال وهيبة لاستكمال رد التحية، وفي إشارة لتهدئة القاعة قائلا، وكأن روح السيد المسيح عليه السلام ترفرف في أرجاء المكان : أخواتي .. إخوتي، بناتي .. أبنائي .. أهلى الأحباء، يا من اخترت محبتكم طريقا إلى الله، لأن محبة القريب من محبة الله، ومن يدعي أنه يحب الله ولا يحب أخاه فهو كاذب.
ويستطرد في حديثه (حارس القدس) قائلا: شرفني مقدم الحفل، إذ قدمني كفدائي وكان محقا .. أنا فدائي وأفتخر أنني فدائي، دروسي الفدائية تلقيتها من مدرسة المسيح الفادي .. معلمي هو الفدائي الأول.
لقد حمل المسيح آلام شعبه، وعلمني أن أحمل آلام شعبي الفلسطيني، هذا هو قدري الذي انتدبت من أجله، عن طريق الله (رافعا يده مشيرا إلى السماء في جلال روحاني بالغ الأثر).
ويشير بإصبعه إلى البعيد قائلا: عن طريق الله رأيت فلسطين ثم يحني رأسه مغمضا عينيه في وجل، ثم يرفعها ثانية في فخر مضيفا: وفي عيون فلسطين الحبيبة والجريحة رأيت جراح يسوع على الصليب.
ويعلو بصوته قائلا: وأنا تحت التعذيب والسجن والإهانات رفضت التبرأ من تهمتي بحب فلسطين وخدمة شعب فلسطين.
(حارس القدس) يرفع يده
وفي نوبة صحيان مجللة يرفع (حارس القدس) يده مبرزا إصبعين في مناجاة للخالق قائلا: كيف يواجه الإنسان ربه بوجهين.. أنا عربي بمشيئة الله ومحبته، قوميتي هى الأساس لمسحة المسيحية، مسيحيتي واهية عقيمة مالم أكن عربيا خالصا وحتى النهاية.
إقرأ أيضا : تحفة الدراما السورية “حارس القدس” .. الفن في خدمة الدين
يصفق الحاضرون في حرارة من جديد ويرفع هو يده وعصاه في إشارة للهدوء ثم يعاود بحديث ذو شجون : قد يظن البعض منكم أني أزج الدين في السياسة، ولكن هذا وهم، هذا باطل، فأنا لاأرى في القضية الفلسطينية أي وجه سياسي .. قضية فلسطين قضية إنسانية.. قضية حق وعدالة.
وإذا كان هناك من إنسان يقدم نفسه في سبيل هذه القضية فهو أنا، لأني مطران القدس أؤمن بعروبتها، وبأنها مهد المسيحية وأرفض تهويدها كما وأقدم نفسي في سبيلها.
ويرفع (حارس القدس) صوته عاليا من جديد رافعا يده في تحد: إذا قلت وأعيد إن سجني على أرض القدس العربية أحب إلى قلبي من إطلاق سراحي بعيدا عنها، ثم تذهب القاعة في نوبة تصفيق حاد في وداع قداسته.
ويذهب للجلوس على كرسي للراحة بينما يهمس له أحد القساوسة قائلا : (الإسرائيليين راح يعتبرو كلامك انتهاك لإطلاق سراحك المشروط، فيرد المطران (كابوتجي)بثقة المؤمن الواثق: هذا موقفي وماراح يتغير لينتهي المشهد بنهاية الحلقة 26 من مسلسل (حارس القدس).
(حارس القدس) جدير بالمشاهدة
جدير بالذكر أن مسلسل (حارس القدس) كان هو العمل العربي الوحيد الأجدر بالمشاهدة في خارطة رمضان 2020، حيث جاء في وقت حساس تراوح القضية الفلسطينية مكانها بالإهمال والنسيان من جانب الشعوب والقادة العرب، في ظل جائحة كورونا التي لم توقف الآلة العسكرية الإسرائيلية من ممارسة أعمال التنكيل بالشعب الفلسطيني وتهويد القدس
لذا فقد حمل مسلسل حارس القدس) على عاتقه مسئولية إحياء أعدل وأهم قضية عربية، حاملا في طيات حلقات كل ملامح الدراما العربية التى ننشدها، دراما إنسانية تتصدى للتعبير عن أهم قضايا الإنسان العربي، ويجد فيها انعكاسا لواقعه فى جانبيه التراثي والمعاصر.
إقرأ أيضا : حارس القدس يحقق نبوءة بوابة “شهريار النجوم”
والمسلسل من تأليف (حسن. م. يوسف)، وإخرج (باسل الخطي)، وبطولة رشيد عساف، سامية وصباح جزائري، أمل عرفه، إيهاب شعبان، يحيي بيازي، نادين قدور، آمال سعد الدين).
والواقع أن كل العاملين فى هذا العمل التاريخي الخالد الذي يحكي قصة كفاح المطران (إيلاريون كابوتجي) يستحقون التحية والتقدير، وينبغي أن يتم استثماره في أن يدرس لطلاب التعليم في المراحل الإعدادية والثانوية،وحتى الجامعة
وهو ما يتسنى لنا حفظ القضية الفلسطينة في عقل ووجدان شباب هذه الأمة إلى حين عودة فلسطين المسلوبة لأصحابها، على أن تكون القدس هى عاصمتها حتى نهاية المدى.