* بسبب الرئيس العراقي نوري السعيد أطلق علي جلال معوض أنني المتحدث الغنائي لجمال عبدالناصر
* التقينا أنا وعبدالحليم حافظ على حب الوطن وعبدالناصر، وأول لقاء بيننا كان في منزل محمد عبدالوهاب.
* كتبت أغنية (كلمة عتاب) بناء على أمر من أم كلثوم ليلحنها فريد الأطرش لها
* عملي الدبلوماسي أعطاني فرصة كبيرة للمعرفة، وقربني من شخصيات كثيرة من نوعيات مختلفة من البشر
* توطدت الصداقة بيني وبين الشيخ الشعرواي أثناء عملنا في السعودية أنا كسفير لمصر هناك وهو كمدرس في الجامعة
* قابلت الشيخ كشك عن طريق صديق لسؤاله في فتوى فقال لصديقي: لماذا أتيت بهذا الفاسد هنا؟!
أجرى الحوار: أحمد السماحي
في الحلقة السابقة تحدثنا عن الجزء الثاني من مشوار الشاعر المبدع (أحمد شفيق كامل)، والذي يعتبر رمز من رموز الكلمة، وقدم العديد من الروائع الوطنية التى لا تنسى للمكتبة الغنائية التى تشهد على قوة موهبته.
وتطرقنا إلى كيف منع جمال عبدالناصر أغنية (باسم مين) لأم كلثوم وأخواتها حتى يمنع التلاسن بين المحطات الإذاعية المصرية والسورية، ورأيه في أن محمد عبدالوهاب كان ثوريا حتى على نفسه، ويحب الجديد، عكس كوكب الشرق (أم كلثوم).
وهذا الأسبوع ننهي مشوار (أحمد شفيق كامل) من خلال الحوار الذي قمت بإجرائه مع شاعرنا الكبير عام 2001 في مجلة (الأهرام العربي)، ونسترجعه لأهميته الشديدة، ولأنه لا يوجد نسخة منه على شبكة الإنترنت فإلى تفاصيل الحوار:
عبدالحليم ابن جيلي
* المحطة الثالثة في مشوارك الغنائي كانت أعمالك الوطنية الكثيرة للعندليب السمر عبدالحليم حافظ متى تم أول لقاء بينكما؟
** (أحمد شفيق كامل): عبدالحليم ابن جيلي وأعمالنا وأفكارنا متقاربة، وقد التقينا على حب الوطن وعبدالناصر، وأول لقاء بيننا كان في منزل محمد عبدالوهاب عام 1958.
وفي نفس العام غنى عبدالحليم من كلماتي وألحان عبدالوهاب (غني يا قلبي) بمناسبة الوحدة بين مصر وسوريا.
* لوحظ أن نشيد (الوطن الأكبر) له أكثر من تسجيل بأصوات مطربيين مختلفين، كيف تم ذلك؟
** (أحمد شفيق كامل): قدم هذا النشيد حوالي أربع مرات، الأولى عام 1959 في دمشق أيام الوحدة، وغنى فيه (عبدالحليم حافظ، وصباح، وفايدة كامل) فقط.
ثم قدم مرة أخرى بمناسبة وضع حجر الساس للسد العالي في التاسع من يناير عام 1960، واشترك في الغناء (عبدالحليم حافظ، صباح، هدى سلطان، نجاة، شادية).
وكتبت أبيات جديدة للنشيد تناسب المطربات الجدد، ثم قدم مرة أخرى وحلت (وردة) مكان (هدى سلطان) فتغيرت الكلمات التى كانت تقولها هدى بكلمات جديدة تناسب وردة.
واستغليت كون (وردة) جزائرية فكتبت كلمات عن بلدها تقول:
وطني يا ثورة على استعمارهم
أملا جزايرك نار دمرهم
لو نستشهد كلنا فيه
صخر جبالنا راح يحاربهم
لا في الجزائر ولا عمان تهدى الثورة
على الطغيان إلا بنصر الشعب العربي
قوميتنا اللي بنحميها
* كان الراحل جلال معوض يردد دائما إنك المتحدث الغنائي للزعيم جمال عبدالناصر ماذا كان يقصد؟
** ضحك (أحمد شفيق كامل) وقال في هدوء: في إحدى المرات كنا في سوريا، وتلقى الرئيس عبدالناصر تقريرا من المخابرات مؤداه أن الرئيس العراقي (نوري السعيد) يتهكم على الوحدة ومستاء منها.
وإنه سيحطمها، فعلق عبدالناصر في كلمة افتتاح الحفل الفني، وقال إنه لن يرد على (نوري السعيد)، وسيتركه لشعب العراق الشقيق، فالتقطت كلمات عبدالناصر وكتبت بسرعة:
قوميتنا اللي بنحميها، واللي حياتنا شموع حواليها
جنة بتضحك للي يسالم وجحيم ثاير على أعاديها
نقول للإخوة اللي في بغداد أنتم أمل أجيال
وبلاد مهما ضلام الليل هايطول فجر النور
هايعود الأول ويملا حياة الوطن الأكبر.
وأدخلت هذه الكلمات في نشيد (الوطن الأكبر) وغناها عبدالحليم حافظ، ولاقت إعجاب الرئيس عبدالناصر، وعقب انتهاء الحفل، قال جلال معوض هذه الجملة.
* لحن كمال الطويل تقريبا كل أغنياتك الوطنية مع عبدالحليم حافظ، ما ذكرياتك معه؟
** (أحمد شفيق كامل): كان عبقريا ولديه حس وطني قوي، وعندما يقتنع بالكلام المعروض عليه يمكن أن يلحنه في ساعات أو أيام قليلة.
فمثلا: هل تعلم أنه لحن أغنية (حكاية شعب) الشهيرة بـ (قولنا هنبني وادينا بنينا السد العالي) في ساعات.
إقرأ أيضا : (أحمد شفيق كامل): عبد الوهاب كان ثوريا وأم كلثوم تخشى الجديد (2/3)
والحكاية باختصار كان في أحد الأيام وبالتحديد كان يوم خميس عام 1960 نجلس أنا وكمال الطويل وعبدالحليم في فندق (شبرد) وفجأة مر علينا (ثروت عكاشة).
وقال: (انتوا قاعدين بتعملوا ايه، يوم السبت في حفل في أسوان سيحضره الرئيس جمال عبدالناصر وبعض الرؤساء والزعماء العرب والأجانب).
وانتفضنا نحن الثلاثة، وذهبنا إلى بيت كمال الطويل، حيث صنعت في نفس الليلة أغنية (قولنا هنبني وادينا بنينا السد العالي) التى حققت نجاحا ضخما، وكانت سببا في ضحك عبدالناصر بسبب جملة (ضربة كانت من معلم).
كما لحن كمال الطويل أيضا في ساعات قليلة أغنية (خلي السلاح صاحي) لعبدالحليم في حرب أكتوبر.
* لماذا لم تلتق مع عبدالحليم حافظ عاطفيا؟
** (أحمد شفيق كامل): لأنني مازلت حتى الآن ورغم كل ما كتبت هاويا، ولم أتقاضى مليما، ولا أستطيع أن أكتب أغنية في وقت معين، وعبدالحليم في فترة من الفترات كانت أغانيه من خلال أفلامه.
وكان من الصعب أن أنجز ما يريدونه في وقت معين.
* لكن عبدالحليم حافظ قدم أغاني كثيرة بعيدا عن أفلامه؟
** (أحمد شفيق كامل): في الفترة التى قدم فيها أغاني حفلات كنت مشغولا بعملي في السلك الدبلوماسي، وتنقلي إلى عدة دول عربية وأجنبية.
فريد الأطرش (كلمة عتاب)
* غنى لك فريد الأطرش (كلمة عتاب) وطرحت في الأسواق بعد رحيله لماذا تأخر لقاؤك به؟
** (أحمد شفيق كامل): هذه الأغنية كتبتها بناء على أمر من أم كلثوم، ففي عام 1960 كنا في مدينة جدة، وطلبت مني أن أكتب لها أغنية يلحنها فريد الأطرش على أن يتكتم الخبر.
ولا يعلنه في الصحف، وبدأ (فريد) يلحن الأغنية، وكان في هذا الوقت يصطاف في لبنان، وبعد انتهائه من تلحينها جاء إلى القاهرة.
وعرض ما لحنه على أم كلثوم، فطلبت منه أن يغير بعض الأشياء في اللحن، لكنه رفض رفضا باتا واتهمها بأنها حاقدة عليه وتتلاعب به.
كما أنها لا تريد أن تغني له انتقاما منه لأنه شقيق (أسمهان) التى كانت يوما من الأيام منافسة لها بقوة، فغضبت أم كلثوم وظلت الأغنية في درج فريد حتى خرجت بصوته على العود بعد رحيله ثم أكملها بليغ حمدي وغنتها وردة.
* ماذا أضاف العمل الدبلوماسي إليك كشاعر؟
** (أحمد شفيق كامل): أعطاني فرصة كبيرة للمعرفة، وقربني من شخصيات كثيرة من نوعيات مختلفة من البشر، فضلا على أنني في كل مكان كنت أنتقل إليه للعمل، كان يوحي إلي بأغنية وأكثر.
* هل عطلك عملك كسفير عن كتابة الأغنية؟
** (أحمد شفيق كامل): إطلاقا لسبب بسيط وهو أنني طول عمري أكتب الأشعار الغنائية كهواية وليس احترافا، وظل هذا بداخلي طول الوقت.
* متى تعرفت على الشيخ محمد متولي الشعراوي؟
** (أحمد شفيق كامل): في بداية الستينات وبعد ظهوره مباشرة في برنامج (نور على نور) لأحمد فراج، تعرفت عليه وأعجبتني أفكاره وعلمه، وتوطدت الصداقة بيننا أثناء عملنا في السعودية أنا كسفير لمصر هناك وهو كمدرس في الجامعة، وظلت الصداقة بيننا حتى رحيله.
الشعرواي والأغنية العاطفية
* هل كان وراء اعتزالك كتابة الأغنية العاطفية؟
** (أحمد شفيق كامل): نعم فبعد عودتي من الحج لأول مرة سألت الشيخ سيد سابق، وكان أحد شيوخ الإذاعة : هل أحصل على الفلوس التى تأتيني من حق الأداء العلني عن الأغاني التى كتبتها؟
فقال لي: نعم خذها لكن زكها، فساورني الشك، وسألت الشعراوي فابتسم وقال لي : الشيخ سيد وسعها شوية، فاعتبرت كلامه هذا اعترافا بالابتعاد عن الأغنية العاطفية!.
* وما حقيقة علاقتك بالشيخ كشك الذي تضع صورته على مكتبك؟
** قال (أحمد شفيق كامل) ضاحكا: علاقتي بالشيخ كشك بدأت في نفس الأسبوع الذي شدت فيه أم كلثوم (أنت عمري) عام 1964، فبعد أن استمع إليها هاجمها بشدة، وقال مصير صانعيها جهنم وبئس المصير.
وبعد أيام من هذا الهجوم قابلته عن طريق صديق لسؤاله في فتوى فقال لصديقي: لماذا أتيت بهذا الفاسد هنا؟!، لكنه بعد أن تعرف بي توطدت صداقتنا حتى مات، وما كان يميزه خفة دمه وروحه المرحة.
* أي من أغانيك الوطنية تعتز بها؟
** (أحمد شفيق كامل): كلها لأنها كتبت بصدق.
* لماذا لا تعيش الأغاني الوطنية هذه الأيام؟
** (أحمد شفيق كامل): لأنها مزيفة رغم أنها كتبت بذكاء!
