بقلم: محمد حبوشة
تحتل الدراما مرتبة متقدمة بين تلك المضامين المقدمة عبر القنوات التليفزيونية الفضائية؛ عند الشاعر والروائي والناقد وكاتب السيناريو الدكتور (وليد سيف) لما تمثله الدراما من أهمية خاصة.
فالجمهور يجد فيها المحتوى الذي يشبع الكثير من حاجاته ودوافعه، كما تعد الدراما مصدرا بديلا للمنتجين السينمائيين في ضوء ما يتكبده قطاع الإنتاج السينمائي من خسائر أمام التليفزيون كوسيلة منافسة أفقدت السينما الكثير من جمهورها.
وبالتالي يتحتم على التليفزيون الفضائي بقنواته المختلفة – بحسب وليد سيف – إحداث حالة من التوازن بين العنصر الفني والاجتماعي، بتناول القضايا الاجتماعية الشائكة.
لاسيما التي تعاني منها المجتمعات العربية بشكل عام، خاصة قضايا الصراع في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إقرأ أيضا : جمال سليمان : لا يوجد كاتب عربي ارتقى إلى مستوى كتابات وليد سيف في الأعمال التاريخية
وهناك العديد من الأعمال الدرامية التي اهتمت بالصراع الاجتماعي في القضية الفلسطينية التي عني بها (وليد يوسف)، وتناولت هذا الصراع من خلال عرض المشكلات والخلافات الدائرة داخل هذا الكيان الاجتماعي الأساسي.
وقد برز نوعان رئيسان لهذا الصراع، صراع قيمي مادي وصراع قيمي أخلاقي، وهذان النوعان من الصراع داخل الأسرة لم يكونا منفصلين عن بعضهما في جميع الأحوال في منهج (وليد سيف).
بل يتباريان حتى يتغلب أحدهما على الآخر أحيانا، أو يسيران متلازمين بحسب طبيعة الموضوع والمعالجة والحتمية الدرامية في أحيانٍ أخرى.
كثيرا ما تتجسد مصادر الصراع في الطموحات والنوازع الفردية عند (وليد سيف) والتي ينعكس تأثيرها على البناء الاجتماعي الذي بدوره يحدد الشكل الذي تبدأ من خلاله الصراعات الاجتماعية المادية والقيمية.
كما يحدد أنماط الحلول التي يتخذها (وليد سيف) لوضع حد لتلك الصراعات، إلا أن منبع الصراع الاجتماعي الأساسي لا يكمن في البناء الاجتماعي بحد ذاته، بل يكمن في مصادر أخرى على رأسها أعضاء هذا البناء وأفراده.
إلى جانب ما يلعبه التعارض بين مصالح أو قيم أو مباديء الجماعات أو (الأفراد) المتصارعة من دور حاسم في الصراع، الأمر الذي تعكسه الدراما التليفزيونية التي يصنعها (وليد سيف) بوضوح الدراما بما في ذلك المسلسلات.
(وليد سيف).. وتجسيد الصراع
ففي الأعمال الدرامية يتصاعد الصراع (Conflict) حتى يصل إلى الذروة أو العقدة، ثم الحل، وتجد الدراما التليفزيونية في الصراع داخل الأسرة معينا لا ينضب من الأفكار التي تجذب انتباه المشاهدين.
ويحرص كاتب السيناريو (وليد سيف) على (تجسيد) هذا الصراع، ويتخذه مدخلا حيويا في تناول القضايا الكبرى والفترات التاريخية الحاسمة في تاريخ الأمم والشعوب.
وقد تجسدت هذه الفكرة بوضوح في الأعمال الدرامية لت (وليد سيف)، والتي من بينها مسلسل (التغريبة الفلسطينية)، ومسلسلات (ثلاثية الأندلس) ففي مسلسل (التغريبة الفلسطينية) نجد تناولا مكثفا وعميقا لأحداث كبرى.
وقعت تلك الأحداث خلال الفترة من نكسة (1937 – 1967)، فهو يتناول أحداث وتناقضات الوقت المعاصر ويتفق المسلسل في أنه يتخذان من الصراع داخل الأسرة الفلسطينية – بما في ذلك صراع القيم – مجالا واسع المدى لمعالجة قضايا المجتمع.
إقرأ أيضا : (التغريبة الفلسطينية).. أيقونة دراما (فلسطين) بلا منازع (2)
كان المسلسل يتناول أحداثا في فترة زمنية مختلفة، من هنا تتبلور عملية تحليل صراع القيم مع النماذج السلبية المضادة لها داخل الأسرة الفلسطينية.
ويدخل في عداد ذلك أنماط هذا الصراع ومجالاته وأسبابه ومظاهره، وأوجه الشبه والاختلاف فيه مع ربط ذلك بالفترة الزمنية التي تدور فيها أحداث المسلسل.
ولد (وليد سيف) في (طولكرم) في الضفة الغربية وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة والأدب العربيين من الجامعة الأردنية؛ كما حصل على شهادة الدكتوراة في اللغويات من المدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن عام 1975.
وقد عمل بعد هذا التاريخ محاضرا في قسم اللغة العربية في الجامعة الأردنية مدة ثلاث سنوات قبل أن يترك القسم ليعمل كاتبا متفرغا للدراما التلفزيونية، وقد عمل في الدراما التلفزيونية السورية.
هكذا، خلق (وليد سيف) من خلفيته الأكاديمية والفكرية وأبرز محطات حياته وتجاربه الشخصية حيزا إبداعيا شاسعا يمتد (من الخاص الذاتي إلى العام الإنساني، ثم (يعود) بالعام إلى الذاتي) ونهجا شيقا سلكه خصيصا عند كتابة سيناريوهات أعماله الدرامية.
حفز (وليد سيف) من خلاله نفوس المشاهدين وأبرع في كثير من الأحيان في جعلهم جزءا من مآزق التاريخ الغابر كما لو أنها الواقع الحاضر.
إلا أن رؤيته تلك لم تسلم من مجابهة الإشكاليات الفكرية والتاريخية الكبرى، نظرا لأن التاريخ الإنساني مادة شائكة وماكرة بطبعها، يلزمها أساليب حاذقة من أجل معالجتها وتقديمه، في حضرة البطل الجمعي.
(وليد سيف).. ومخيم اللاجئين
فكان شاهدا على مخيم اللاجئين بالقرب من البيت الذي نشأ فيه، وترسخت بذلك مشاهد البؤس والمعاناة في وعيه صغيرا، وما فتئت جولاته في المخيم صبيا ومغامراته في سهول المدينة وفوق تلتها تصطدم بتلك الحدود الفاصلة بينه وبين الأرض المحتلة.
مخلفة مشاهد محزنة لن تبرح وعيه ومخيلته، ليعود بعد أعوام طويلة فيصورها في اثنين من أعماله التلفزيونية: (الدرب الطويل – 2000) من إخراج صلاح أبو هنود، والنسخة الأخرى المطورة منه وهي (التغريبة الفلسطينية) عام 2004، من إخراج المبدع الراحل حاتم علي.
نال وليد سيف نصيبه من إرث جدته، فأثرت مخيلته بالحكايات الشفوية التي لم تغنه – كما قال – عما اكتسبه من قراءات في مجالات الأدب والتاريخ والفلسفة خلال نشأته في طولكرم، بل ظلت هالة سحرية تضيء مخيلته بالحكايا والخرافات الشعبية.
إقرأ أيضا : محمد حبوشة يكتب : نحن بحاجة ماسة لتوظيف الدراما سياسيا
أما عن أولى محاولاته البريئة في صناعة الأفلام صبيا، فيقول: (حين لم يكن في وسعنا أن نذهب إلى دار السينما لنشاهد واحدًا من تلك الأفلام، كنا نصنعه! فكنت أخرج مع بعض رفاقي إلى سهل طولكرم، وهناك ننخرط في تمثيل قصة مرتجلة نحشد فيها من المعارك ما نتمنى أن يحشده أي فيلم حقيقي نشاهده.
كما كان لروابط وليد سيف العائلية، وصداقاته في أرجاء المخيم دور واضح في كتابة مسلسل (التغريبة الفلسطينية)، إذ لم تكن مشاهد المخيم لتكتمل دون العنصر الإنساني الذي برع في تصويره انطلاقا من تركيزه على حياته الخاصة.
فكان في اتكائه على تلك التفاصيل الشخصية، وفي دقة ملاحظته لطبائع الناس وعاداتهم في المخيم ما أضفى على شخصياته الدرامية في المسلسل بعدًا واقعيًا مؤثّرًا يعكس مهارة بديعة في التخيل والتبصر
(وليد سيف).. والدراسة في الأردن
في أيلول عام 1966 غادر وليد سيف طولكرم إلى عمان للدراسة في الجامعة الأردنية، فألفى الجامعة بيئة خصبة، أتاحت له الانخراط في الأجواء السياسية والثقافية والنضوج فكريا واجتماعيا.
وسرعان ما أنهى عامه الأول في الجامعة، حتى كان صباح الخامس من يونيو عام 1967 صدمة أنسته فرحة نجاحاته، فما كان منه إلا أن مضى وجماعة من زملائه في الجامعة ليتطوعوا في الجيش الأردني رغبةً في القتال على الجبهة.
لكن المهمة انتهت قبل أن تبدأ، إذ أعلن وقف إطلاق النار، وانسحب الجيش الأردني إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن.
في عام 1970 تخرج وليد سيف من كلية الآداب في الجامعة الأردنية، ثم انتقل إلى بيروت في صيف العام ذاته بعد تعيينه معيدا في قسم اللغة العربية في الجامعة الأمريكية في بيروت.
لكنه لم يكمل مشواره فيها، وآثر العودة إلى الجامعة الأردنية ليخوض منافسة قوية من أجل تعيينه معيدا هناك، وفي أيلول عام 1972 ابتعث إلى لندن للحصول على الدكتوراه في علوم الصوتيات واللّسانيات في (معهد الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS).
كما أتيح له العمل في إعداد البرامج الثقافية والأدبية في القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية في لندن أثناء دراسته.
عاد وليد سيف بعد ذلك إلى الجامعة الأردنية ليدرس فيها، وفي صيف 1979 فصل منها إثر قرار سياسي أمني على خلفية احتجاجات طلابية سياسية حدثت في الجامعة آنذاك.
عمل بعدها في جامعة الإمارات في مدينة العين، ثم عين مديرا لدائرة تطوير المواد التعليمية في جامعة القدس المفتوحة عام 1987 حتى عام 1990.
وفي تلك الأثناء، كان لتغير الظروف السياسية ورفع الأحكام العرفية في الأردن دور في عودته إلى التدريس في الجامعة الأردنية مرة أخرى، فمكث فيها إلى أن استقال أخيرًا عام 2007.
ورغم السنوات الطويلة التي قضاها مقيدا بالحياة الأكاديمية وقوانينها الصارمة، إلا أن معتقداته الفكرية ومواقفه السياسية، باعتقادي، ظلت تعكس جزءًا من المقاومة التي عهدها شابًا، وإن اختلفت طرقها واتّسعت أهدافها.
عمل منذ عام 1987 م مديرا للإنتاج التعليمي في جامعة القدس المفتوحة التي ساعد في إعداد برامجها التحضيرية، وتنهل الدراما التلفزيونية التي يكتبها من التراث العربي الغني.
وهو يكتب أيضا مسرحيات ومقالات تتناول المأساة الراهنة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، كتب عملا بعنوان الدرب الطويل، وهو دراما تلفزيونية مسلسلة تحكي حياة أجيال متعددة لعائلة فلاحة فلسطينية.
(وليد سيف).. شاعر معني بالأصالة
و(وليد سيف) شاعر يلفت شعره بجدة موضوعه الشعري وأصالة تناوله، ويعترف الكثير من الشعراء بتأثير شعره عليهم، نشر حتى الآن ثلاث مجموعات شعرية (قصائد في زمن الفتح – 1969) و(وشم على ذراع خضرة – 1971)، و(تغريبة بني فلسطين – 1980).
الدكتور (وليد سيف) هو من أشهر مؤلفي الدراما التاريخية له الكثير من الأعمال في هذا المجال ومنها مسلسل (الخنساء)، إخراج صلاح أبو هنود – 1977، ويحكي قصة الخنساء في الجاهلية وفي الإسلام بطولة (منى واصف – نبيل المشيني – محمد حسن الجندي).
مسلسل (عروة بن الورد)، إخراج صلاح أبو هنود – 1978، يحكي قصة عروة بن الورد وتزعمه لصعاليك قبيلته ومعاناته بسبب ذلك بطولة (أسامة المشيني – قمر الصفدي).
مسلسل (شجرة الدر)، إخراج صلاح أبو هنود – 1979، يحكي قصة الملكة (شجرة الدر) منذ كانت زوجة للصالح أيوب وتملكها مصر حتى مقتلها بطولة (نضال الأشقر، محمد حسن الجندي، أحمد مرعي، نبيل المشيني، أديب قدورة، عماد فريد).
مسلسل (طرفة بن العبد)، إخراج صلاح أبو هنود 1982، يحكي قصة الشاعر الجاهلي (طرفة بن العبد) وحياته في قومه ثم ترحاله حتى مقتله بأمر عمرو بن هند، بطولة (محمد العبادي – عبير عيسى – داوود جلاجل – جولييت هاكوبيان – تيسير عطية).
مسلسل (المعتمد بن عباد)، إخراج عبد الوهاب الهندي 1982، يحكي قصة (المعتمد بن عباد) آخر ملوك إشبيلية من بني عباد، وكيف حكم إشبيلية حتى أسره المرابطون ونفوه مع من بقي من أهله إلى أغمات، بطولة (أسامة المشيني – نضال الأشقر – محمود سعيد).
مسلسل (جبل الصوان)، إخراج صلاح أبو هنود – 1983 قصة فانتازية عن أميرتين تعيشان في منطقة تدعى جبل الصوان، في المنطقة نبعان أحدهما لها والآخر لعامة الناس، تضطر إحداهما لشرب الماء من النبع الخاص بعامة الشعب، فتصاب بمرض.
يؤكد أحد الأطباء على أن علاج المريضة لا بد له من تضحية من قبل الشقيقة الأخرى، تضحية ستؤدي إلى تغيير في وجه الأميرة المعافاة.
وقد استلهمها (وليد سيف) من مسرحية (حكاية حب) للكاتب ناظم حكمت والذي استقاها من قصة (فرهاد وشيرين)، بطولة (عبير عيسى، ربيع شهاب، شفيقة الطل، روحي الصفدي).
مسلسل (بيوت في مكة)، إخراج علاء الدين كوكش – 1983، يحكي قصة السيرة النبوية بطريقة الدخول إلى كل بيت من بيوت مكة ومعرفة ردة فعلهم تجاه دعوة الإسلام ومتابعة الأحداث معهم حتى فتح مكة ووفاة محمد رسول الله. بطولة عدد من الفنانين منهم (رفيق سبيعي، نبيل المشيني).
(وليد سيف).. و(الصعود إلى القمة)
مسلسل (الصعود إلى القمة)، إخراج صلاح أبو هنود – 1985، يحكي قصة محمد بن أبي عامر (المنصور)، وكيف تدرج في المناصب حتى غدا ملك الأندلس)، بطولة (محمد وفيق، أشرف عبد الغفور، محمد العربي، أحمد ماهر، محسنة توفيق)
مسلسل (ملحمة الحب والرحيل)، إخراج وفيق وجدي – 1987، يحكي قصة الزير سالم وحرب البسوس، بطولة عدد من الفنانين منهم (جلال الشرقاوي – صلاح السعدني، هناء ثروت، أحمد خليل).
مسلسل (الدرب الطويل)، إخراج صلاح أبو هنود – 2000، يحكي قصة فلسطين من عام 1933 وكيف خاضت البلاد ثورة فلسطين 1936، ومرورا بعام النكبة (1948م)، وانتهاء بعام النكسة (1967م).
ويقدم كل ذلك عبر تصويره لإحدى العائلات في إحدى القرى وكيف واجهت كل تلك الأحداث)، من بطولة (عباس النوري).
مسلسل (صلاح الدين الأيوبي) إخراج حاتم علي – 2001، يحكي قصة السلطان (الناصر صلاح الدين الأيوبي)، منذ ولادته حتى استعادته للقدس، بطولة (جمال سليمان، سوزان نجم الدين، باسم ياخور، نجاح سفكوني، وائل رمضان، محمد مفتاح.
مسلسل (صقر قريش) إخراج حاتم علي – 2002، يحكي قصة (عبد الرحمن الداخل) وكيف هرب من العباسيين حتى وصل الأندلس وبنى هناك واحدة من أعظم الدول العربية الإسلامية.
ويعد هذا المسلسل المسلسل الأول ضمن ما عرف باسم السلسلة الأندلسية أو (رباعية الأندلس)، بطولة (جمال سليمان، أمل عرفة، سلاف فواخرجي، محمد مفتاح، باسم ياخور).
(ربيع قرطبة)، إخراج حاتم علي – 2003، المسلسل الثاني من السلسلة الأندلسية فبعد عهد عبد الرحمن الداخل يعرض المسلسل نهضة الأندلس في عهد الخليفتين الأمويين عبد الرحمن الناصر والحكم المستنصر.
ثم ما جرى من سعي محمد بن أبي عامر (المنصور) لتملك الأندلس وصنع عهد آخر لنهضة الأندلس، وأخذ وليد سيف بعض من السيناريو والحوار لمحمد بن أبي عامر من مسلسله القديم الصعود إلى القمة، بطولة (جمال سليمان، تيم حسن، محمد مفتاح، مي سكاف، نسرين طافش).
(وليد سيف).. و(التغريبة الفلسطينية)
(التغريبة الفلسطينية)، إخراج حاتم علي – 2004، وهو نسخة مطورة لمسلسله القديم (الدرب الطويل) بطولة (جمال سليمان، خالد تاجا، حسن عويتي، جوليت عواد، يارا صبري، تيم، حس، باسل خياط، نادين سلامة، نسرين طافش، خالد القيش، قيس شيخ نجيب، مكسيم خليل).
مسلسل (ملوك الطوائف)، إخراج حاتم علي – 2005، وهو المسلسل الثالث في السلسلة الأندلسية حيث عصر دويلات ملوك الطوائف وصراعاتهم بينهم وضفعهم أمام مملكة قشتالة.
مع التركيز على مملكة (بني عباد) في إشبيلية إلى أن دخل المرابطون الأندلس وهزموا القشتاليين، وأسقطوا ملوك الطوائف، وقد أخذ وليد سيف معظم السيناريو والحوار لفترة المعتمد بن عباد من مسلسله القديم (المعتمد بن عباد)، بطولة جمال سليمان، أيمن زيدان، تيم حسن، سلاف فواخرجي، سوزان نجم الدين، محمد مفتاح).
مسلسل (آخر أيام غرناطة)، إخراج حاتم علي – 2007، يعد هذا العمل ختاما للسلسلة الأندلسية، ويحكي قصة آخر ممالك الأندلس الإسلامية سقوطا بيد القشتاليين وهذا المسلسل لم يرى النور.
مسلسل (عمر) إخراج حاتم علي – 2012، يحكي المسلسل قصة عمر بن الخطاب وكيف تحول من رجل ذا شأن في قريش إلى خليفة عظيم من خلفاء الإسلام، وقد أخذ معظم الحوار والسيناريو لفترة عهد النبي من مسلسله القديم بيوت في مكة.
بطولة (غسان مسعود، سامر إسماعيل، مهيار خضور، مي سكاف، برناديت حديب، قاسم ملحو، فادي صبيح، محمد حداقي، نادرة عمران، خالد القيش، هشام بهلول، عبد السلام بو حسيني).
هذا ويصنف الكثير من النقاد ثلاثيته الأندلسية على أنها العمل الأبرز في التاريخ الفني في المنطقة العربية حتى الآن، حيث شكل مع المخرج حاتم علي والممثلون (تيم حسن وجمال سليمان ومحمد مفتاح) رباعيا نال إعجاب الكثيرين، بالرغم من تأجيل العمل الرابع للسلسلة الأندلسية آخر أيام غرناطة لأكثر من مرة لظروف مختلفة.
يتميز (وليد سيف) بغزارة وتنوع الإنتاج الفكري والإبداعي، تعددت إصداراته الأدبية شعرا ونثرا، وحصل (وليد سيف) على العديد من الجوائز؛ منها جائزة عرار عام 1981 وجائزة غالب هلسا للإبداع الثقافي عام 1985.
وجائزة أفضل كاتب دراما في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون لأربع سنوات متتالية عن أعماله: (صلاح الدين الأيوبي – 2001، (صقر قريش – 2002، (ربيع قرطبة – 2003، و(التغريبة الفلسطينية – 2004، كما حصل على جائزة تايكي عن مسلسل (عمر) عام 2012
أشهر أقوال (وليد سيف):
** دونت سيرتي الذاتية والفكرية في كتابي (الشاهد المشهود) الصادر عن (دار الأهلية للنشر والتوزيع) عام 2016، فيما يزيد على خمسمئة صفحة.
** حسبي أن أقول إنني ولدت ونشأت في مدينة طولكرم في الضفة الغربية، وهي بلدة حدودية تبعد عن الساحل الفلسطيني ما يقرب من خمسة عشر كيلو مترا فقط.
** أصل الكتابة الإبداعية موهبة طبيعية تولد مع الإنسان، ويستشعرها في نفسه منذ وقت مبكر من عمره في العادة، أو هو بمثابة نداء غامض ملح لا يملك له صاحبه دفعاً حتى يصبح جزءاً مركزياً من هويته التي يتعرف بها، وتصقلها الثقافة والتجارب.
** ينبغي هنا التنبيه إلى أن المدونة التاريخية القديمة لا تقدم لنا صورة متكاملة وموضوعية للفترة التاريخية، فهي تركز في العادة على الأخبار والوقائع والأحداث والشخصيات الكبرى، وتهمل الكثير من الجوانب الاجتماعية العامة التي تمثل البنية التحتية العميقة للكثير من الوقائع.
** ليس هناك قراءة متجردة للمادة التاريخية، والتاريخ ليس رواية ثابتة، وإنما هي رواية متجددة ومتنوعة نسهم في تشييدها من خلال القراءة التحليلية والتأويلية التي تنطلق من محتوى وعينا ومواقفنا الفكرية وأدواتنا المعرفية وهمومنا وأسئلتنا المعاصرة.
** يكفي القول إن المشاهد العربي ما يزال يعيد مشاهدتها ويستدعي مقاطع منها على وسائل التواصل الحديثة ويسقطها بنفسه على واقعه، بل يعمد الكثيرون إلى تفريغها كتابة، محتفين بمعانيها ولغتها في السياقات الراهنة.
** التحدي الأكبر عند الكاتب الدرامي والروائي فهو التحلي بتلك الأمانة العلمية والنزاهة في إطار المحددات التي ذكرتها، مع القدرة على تحويل المادة التاريخية إلى عمل سردي ينسجم مع شروط العمل الفني وطبيعته.
(وليد سيف).. رائد الدراما التاريخية
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للشاعر والروائي وكاتب السيناريو المحترف، فوليد سيف هو كاتب الدراما التاريخية الأميز عربيا، ما يعود إلى أنه لم يكن أبدا مؤرخا.
ولا معنيا بتقديم وقائع من الماضي وتشخيصها في سيناريوهات وحوارات، لتكون مشاهد على شاشة التلفزيون، وإنما ظل معنيا، في مجمل أعماله، بصناعة جمال إبداعي من هذه الوقائع.
وإذا كانت دراما (وليد سيف) التاريخية حافظت على المركزي والجوهري من وقائع التاريخ التي انشغلت به، فإنها، في الوقت نفسه، أحاطته بكثير مما أبدعته مخيلته الثرية، من وقائع أحيانا وشخصيات أحيانا أخرى.
وذلك لإحداث مزيد من التفاعل الحي والإيجابي مع مسار الأحداث وصعودها، وانعطافاتها، والتوترات والصراعات فيها.
ولم يلجأ (وليد سيف) إلى كتابة التاريخ تمجيدا للماضي ولا تباكيا على أمجاده، بل بحثا عن (المعاني الفكرية، فضلا عن الفنية، للمادة التاريخية، بما يفضي إلى مخاطبة الذائقة، وشحذ الوعي بالشرط الإنساني عامة، وأسئلة الواقع خاصة.
ولهذا تجتمع الجوانب الفكرية والفنية والتوثيقية في رواية (وليد سيف) للتاريخ عبر توظيفه للعنصر التخييلي، ولا يقتصر ذلك على ما ظهر من أحداث خارجية، مثل حبك تفاصيل المعارك.. فتحية تقدير واحترام له على ماقدمه من روائع درامية.