تعرف على مرثية حب (عليا) و(حلمي بكر) التى أغمى عليها وهى تغنيها !
كتب: أحمد السماحي
من أجمل الأصوات العربية التى جاءت إلى مصر، صوت المطربة (عليا) التونسية، فهي صاحبة صوت جميل وجذاب وله شخصية تستطيع أن تتعرف عليه من أول كلمة تنطق بها.
صوت (عليا) صوت عاشق يجذبك إليه دفئه الخاص، المميز وشجنه، كما أنه صوت مليئ بالأنوثة التى تشبه أنوثة سيدات الحارات الشعبية المصرية.
ولكن يبدو أن (عليا) كان ينقصها الذكاء الفطري الذي تتمتع به نساء الحارة الشعبية الذين يلوعن شباب ورجال الحارة دون أن يأخذ أي شاب منهن غير النظرات.
والتنهيدات والضحكة الخجولة المستترة التى تشعل الحب في قلوب الشباب والرجال.
إقرأ أيضا : بخيت بيومي : كتبت (حبيبة وأكتر من حبيبة) وأنا وموفق بهجت ومحمد ضياء نعيش حالة حب !
من أجمل الأغنيات التى قامت بغنائها المطربة (عليا) أغنية عاطفية لم تنل نصيبا من الشهرة، رغم جمال وقوة الكلمات، وعذوبة وجمال اللحن، ليس لعيبا في الأغنية لكن لأنها لا تذاع!.
الأغنية اسمها (طبع الحب) كلمات الشاعر الغنائي المظلوم بخيت بيومي، وألحان الملحن المتميز حلمي أمين، والتى يقول مطلعها:
حتى القلب اللى ارتحناله فاتنا ياقلبى
ياقلبى وراح، راح، راح ولا جاش
ياما فيه ناس بتلاقى نصيبها
واحنا ياعينى، ياعينى، يا عيني مابنلقاش
هو ده طبع الحب ياقلبى
ناس ليها بخت، وناس ملهاش
طلاق عليا من حلمي بكر
عن ظروف ولادة هذه الأغنية للنور ذهب (شهريار النجوم) لشاعر الألف موال وفزورة (بخيت بيومي) الذي سرح قليلا ورجع برأسه للوراء.
وقال: (فكرتني يا شهريار بواحدة من أجمل الأغنيات التى كتبتها، لقد كتبت أغنيات لـ (ليلى مراد، وأحلام، ووردة، ومحمد عبدالمطلب، ومحمد العزبي، وشهر زاد)، وغيرهم.
لكن أغنية (طبع الحب) لها معزة خاصة في قلبي، والحكاية يا سيدي ترجع إلى فترة السبعينات، بعد طلاق (عليا) من الملحن الكبير حلمي بكر.
في هذه الفترة كانت (عليا) تعيش مرحلة صعبة من حياتها الفنية والإنسانية، مرحلة أنثى تم حرمانها من حبيبها الذي أحبته بقوة وضحت من أجله.
وأثناء ذلك قدمت بعض الأغنيات لكنها لم تحقق نجاح أغنياتها مع (حلمي بكر) سواء (حبايب مصر، المشهورة بإسم ماتقولش أيه إديتنا مصر)، أو الأغنية الثانية (علي اللي جرى من مراسيلك).
الصديق المجهول في حياة (عليا)
في هذه الفترة كان يوجد رجل أعمال مهندس ومقاول اسمه (مجدي فؤاد)، هذا الرجل كان مفتونا بصوت (عليا)، وبعد طلاقها ارتبط معها بعلاقة صداقة وطيدة، وأجر لها فيلا في الدقي.
وكانت تربطني بالمهندس (مجدي فؤاد) صداقة رائعة، حيث كان الراحل رجلا طيبا جدا وكريما كرم مبالغ فيه !
وفي أحد الأيام اتصل بي وطلب مني كتابة أغنية لصديقتنا (عليا)، وذهبت إليهما ووجدت (عليا) حزينة رغم ضحكها.
وحكت لي (عليا) بعض همومها الشخصية والعاطفية، أثناء خروج مجدي لشراء بعض متطلبات السهرة.
وبعد حضوره، قال لي: (أيه يا بطل هتسلم لنا الأغنية إمتى، وخد بالك دي هتكون من إنتاجي) فقلت له: ربنا يسهل، قال لي: سيب كل حاجة بتعملها وأكتب لنا الأغنية.
وحتى يتأكد أنني سأتفرغ لكتابة الأغنية، أجر لي شقة في الزمالك لمدة شهر، وكان يزورني يوميا ومعه كل متطلبات الأكل والشرب والمزاج!.
شكوكو أهداني جملة في الأغنية
وقعت في حيرة تكتب ايه يا أبو الأبخات تكتب ايه؟!، فجأة فتحت الإذاعة، سمعت منولوج لمحمود شكوكو، لفت نظري فيه جملة تقول (ناس لها بخت، وناس مالهاش).
هذه الجملة كانت بمثابة مفتاح مغارة علي بابا، بعدها مباشرة استحضرت في خيالي قصة حب (حلمي بكر) و(عليا) وانفصالهما، فكتبت على الفور، مطلع الأغنية.
حلمي أمين ملحن الأغنية
بعدها اتصلت بصديقي الملحن الكبير (حلمي أمين) الذي رباني موسيقيا، وأسمعته ما كتبته، فجاء لي شقة الزمالك، وبمجرد حضوره كنت انتهيت من كتابة الأغنية.
وقام (حلمي أمين) بتلحين الكلمات بشكل رائع، مليئ بالعاطفة والشجن، وبمجرد أن استمعت (عليا) للأغنية وقعت في غرامها، وحفظتها مباشرة.
وقمنا بحجز (ستديو 46) في الإذاعة، وحضرت الفرقة الموسيقية، وحضرت أنا وحلمي أمين ومجدي فؤاد، وبدأت (عليا) تغني، وعندما وصلت للكوبليه الثاني الذي أقول فيه:
اول قلب فى عمرى قابلته، وبإخلاص طوعت هواه
من حنيه قلبى الطيب، لف الدنيا بحالها وراه
ويغنيله أحلى كلام فى الحب انقال
ونصحيله الليل فى عينيا ليالى طوال
ويتوهنى فى دينا بعيدة ويرجعنى بجرحى وحيدة
ماطلناش من حبه ياقلبى غير الدمعة والتنهيدة
وقولنا حانلقى معاه قسمتنا قلنا حانفرح مافرحناش
ياما فيه ناس بتلاقى نصيبها، واحنا ياعينى مابنلقاش
هو ده طبع الحب ياقلبى
ناس ليها بخت وناس ملهاش.
إنهيارعليا بالبكاء
فجأة انهارت (عليا) بالبكاء، ووقع مغشي عليها، وسط دهشة كل الموجودين، فأجلنا تسجيل الأغنية ليوم ثان.
وبعد أن طمئننا الطبيب الذي كان في انتظارنا في فيلا (عليا) بالدقي، سألناها: ايه اللي حصل؟! فقالت: الكلام صعب أووي.
وبخيت ضغط على الجرح، وأنا سرحت وأنا بأغني الأغنية، وذهبت لمكان تاني ولم أشعر إلا بوجودي في السرير وأنتم حواليا، واعتبرت كلامها هذا وسام على صدري!.
الإذاعات تتخاطف (طبع الحب)
تم تسجيل الأغنية مرة ثانية، وبمجرد إذاعة الأغنية في الإذاعة المصرية، كسرت الدنيا يا (شهريار)، وكانت المحطات الإذاعية تتخاطفها من بعض، ورسائل المستمعين يطلبونها.
وفجأة يا محترم نامت الأغنية في أدراج الإذاعة، وتوقفوا عن إذاعتها ولا أدري ما السبب؟! يا تري يا (شهريار) تعرف السبب؟!، فضحكت وقلت لأبو الأبخات: خلي الطابق مستور يا مبدعنا!.