كتب: محمد حبوشة
بداية لابد لي من تسجيل إعجابي الشديد بكل ما قال الفنان الصادق في مشاعره الرائع في أدائه الكوميدي الفاتن (بيومي فؤاد)، حيث بدا لي حريصا على زملائه في مسرحية (زواج اصطناعي) وحريصا على صورة الفن المصري في موسم الرياض أوأينما ذهب على خارطة الدنيا.
كل جريمة (بيومي فؤاد) التي وجوهت بعاصفة حادة على مدار اليومين الماضيين أن عواطفه غلبته في الوقوف على المسرح، وربما رأي البعض أن هذا تزلفا لا يليق، بينما أرى أنه لم يخطئ في حق أحد حتى (المدعو محمد سلام)، حيث قال (من حق أي أحد أن يعتذر، لكن بما لايسبب ضررا لزملائه، أو يسئ للفن المصري).
وبغض النظر عن موقفي الشخصي من (محمد سلام) الذي أراها أرعنا وعديم المسئولية في قراره الذي أعلنه على الملأ، دون مراعاة لحساسية اللحظة، فكان ينبغي أن يعتذر بعيدا عن صخب مواقع السوشيال ميديا، فهذه ليست أخلاق المهنة التي تتعامل مع عواطف الناس وتخاطب إحساسهم بميزان دقيق.
المهم أن موقف (بيومي فؤاد) من وجهة نظري الشخصية كان موقفا إنسانيا بامتياز، فباعتباره أكبر النجوم المشاركين في مسرحية (زواج اصطناعي) أراد أن ينوب عن زملائه الذين يحبونه ويحترمونه في كشف الحقيقة المؤسفة جراء اعتذار (محمد سلام) الذي تسبب له ولفريق العمل نوع من الحرج.
(بيومي فؤاد) أراد ألا يغادر (موسم الرياض) وفي حلق الجمهور السعودي غصة تجاه بعض فنانينا، باعتبارهم سفراء فوق العادة لبلادهم، وخاصة أن هناك غالبية عظمى من نجوم مصر الذين سيقومون بعمل عروض خلال الأيام القادمة من عمر موسم الرياض، مما يتطلب قدرا من الحكمة حتي لا يتم ضرب (إسفين) في العلاقات المصرية السعودية.
(بيومي فؤاد): كتر خيركم
كلمات (بيومي فؤاد) جاءت دافئة ومن القلب وتنم عن إحساس بالمسئولية، فأراد تدفئة الأجواء الخريفية بكلمات تخاطب جمهورسعودي هو في الحقيقة تواق إلى الفن المصري، علما بأن موسم الرياض في دروته هذه تحديدا يشارك فيه عدد كبير من نجوم مصريين من الصف الأول من خلال العروض التي سيقدمونها.
وليكن معلوما لدى بعض الحمقى الذين لا يدركون حقائق الأمور، أن الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية على مدار فعالياتها المختلفة في موسم الرياض وغيره، تحتفي بالفن المصري بشكل خاص حبا وليس لغرض آخر، ولعلنا لمسنا هذا من خلال الليالي التي خصصتها هيئة الترفيه لعمالقة الموسيقى والغناء خلال السنة الأخيرة على الأقل.
إقرأ أيضا : بيومي فؤاد .. شهبندر الدراما والسينما المصرية
كما أن تلك الهيئة ذاتها تفتح بيوت فنانين مصريين كثر، كانت قد أغلقت بسبب سياسة الاحتكار التي تمارسها الشركة إياها، لذا كان طبيعيا جدا أن يقول (بيومي فؤاد): (كتر خيركم.. كتر خيركم) ويؤكد عليها مصحوبة بدموع تبرر نبله الكبير في شكر الشقيقة المملكة العربية السعودية وهيئة الترفيه.
نعم (كتر خيركم.. كتر خيركم)، ليست استجداءا أو تزلفا أو نفاقا، كما أراد أن يخرجها بعض الكارهين والحاقدين من الطابور الخامس عن سياقها الطبيعي في رد الجميل لدولة عربية شقيقة تدعم وتساند الفن المصري فوجب شكرها على الملأ، لكنهم قاموا بالنيل من أخلاق (بيومي فؤاد) ونعتوه بالتهم التي لا تليق بفنان عظيم أمتعنا كثيرا بفنه الراقي.
ولأنني لست من هواة النفخ في النار التي تستعر بلا سبب، لذا أرى وجاهة فيما قاله الفنان والكوميديان الموهوب جدا (بيومي فؤاد) – والذي يعد علامة بارزة في الكوميدية المصرية الحديثة – انتصارا للفن المصري العريق، لذا تصدر اسم الفنان (بيومي فؤاد)، الوسوم (هاشتاج) المتداولة عبر موقع (إكس).
وذلك بعد تصريح له عن أنه السبب وراء استبعاد الفنان محمد سلام، من مسرحية (زواج اصطناعي) المعروضة ضمن موسم الرياض، في السعودية، وليس كما ادعى أنه اعتذر مسجلا موقفا يتنافي مع قيم المهنة ورسالتها النبيلة تجاه الجمهور الذي يمنح الشهرة ويحجبها بمحض إرادته، وبوازع من ضميره.
كلمة (بيومي فؤاد)
فقد خرج (بيومي فؤاد)، على جمهوره في نهاية عرض المسرحية مساء أول أمس ليوضح موقفه من الفيديو المنتشر لمحمد سلام بشكل واضح وصريح، وهو الفيديو الذي اعتذر فيه عن بطولة المسرحية، وقال فيه إنه لا يتخيل نفسه يرقص ويضحك في العرض المسرحي ومئات الأطفال والنساء يتم قتلهم في غزة.
وجاء نص تصريحات بيومي فؤاد، والتي ردد بعضها باكيا من فرط تأثره على النحو التالي:
** بنشكر دعمكم وبنشكر مساندتكم لأنور ولينا أنا فنان مصري وليا الشرف.
** اسمحولي أشكر معالي المستشار تركي آل الشيخ لوقوفه الدائم جانبنا، وأشكر (الدكتور راكان) وكل رجال صلة وعلى رأسهم صديقي (عدنان الكيال)، المسرحية إنتاج اتنين لسه مقبضوناش لحد دلوقتي (محمد نصار وصلاح الجهيني)، تأليف وإخراج عيل ولا له لازمة. * جيت المملكة العربية السعودية، وليا الشرف عشان نقدم فننا، مش جايين نضحك احنا جايين نقدم فننا، احنا بنحترمكم وانتم بتحترمونا.
** شيء عظيم إن الفنان يكون له جمهوره في كل الدول، شيء عظيم إني أخرج اتصور مع شاب سعودي أو سيدة سعودية وهي تعلم اني مصري أنا بشرف بلدي.
** من حقك أن تعتذر عن المسرحية لكن مش من حقك انك تغلط في فنك، إحنا مش بنيجي عشان نضحك احنا بنقدم فننا المصري، انتوا بتحترمونا واحنا بنحترمكم جدا.
** أنا وكل زملائي بنحترمكم وبنحبكم وهنفضل طول عمرنا معاكم، كتر خيركم.
** إحنا بنقدم فن بنتعب ونشقى عشان نقدم فن مش عشان نيجي نضحك، لو الموضوع كده يبقى فيه فنانين من أيام نجيب الريحاني لحد محمد أنور المفروض ينتحروا، احنا بنقدم فن تحياتي لحضراتكم أنا آسف.
** أقسم بالله احنا مش بتوع فلوس والله العظيم مش بتوع فلوس، العرض ده لو قعد 15 يوم تاني بدون أجر، سيادة المستشار يعلم احنا يبقى لينا الشرف ونبقى فرحانين جدا، تحياتي لحضراتكم وأنا آسف.
** إحنا اتظلمنا واتهانا واحنا جايين نقدم فن.
(بيومي فؤاد) ومواقع التواصل
وعلى أثر كلمته تلك، تم تداول مقطع فيديو لـ (بيومي فؤاد) بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، توجه فيه للجمهور في ختام إحدى عروض مسرحية (زواج اصطناعي)، وبدا فيه منفعلا وهو يؤكد على ما تعرض له فريق المسرحية من (ظلم) على حد قوله.
معروف أنه كان اعتذار (سلام )عن عدم المشاركة في موسم الرياض قد قوبل أيضا بالكثير من الجدل، وقد كتبت شخصيا مهاجما استهتاره وعدم مسئوليته، أيضا كان السيناريست سيد فؤاد، قد علق على ذلك قائلا عبر حسابه على فيسبوك: (كامل احترامي لموقفك).
لكن مهنيا كان من الممكن أن تعتذر عن العمل مثلما تقوم مع أفلام ومسرحيات ومسلسلات كثيرة، ولا تصنع حرجا للزملاء في نفس المسرحية أو مسرحيات أخرى)، واعتبر الناقد الفني، طارق الشناوي أنه كان من الأفضل أن يؤدي سلام بطولة المسرحية ويتبرع بأجره لفلسطين.
ومن أجل كل ما مضى: لست مع المخرجة (كاملة أبو ذكري) – التي أكن لها كل التقدير والاحترام جراء فنها الراقي – بل أعتب عليها هذا التسرع والانفعال الزائد عن الحد، والذي بدوره أشعل نار الفتنة على صفحات (التباعد الاجتماعي)، وجعل كل من هب ودب يدلي بدوله، ويجعل نفسه وصيا على (بيومي فؤاد) وعلى الفن المصري عموما.
كلمات (كاملة أبو ذكري) الجارحة والموجعة أصابتني بالصدمة: (فالأستاذ الفنان إللي كنتي واحدة من محبيه)، لا ينبغي أن نسقط عنه فجأة وبلامقدمات ذلك الحب لمجرد أنه اجتهد في تقديم الشكر للجمهور السعودي، ولا يصح أبدا أن نتهكم على عمل حتى ولو تم صنعه في يوم وليلة، لأن وراءه جهد فريق عمل من زملائك يجب أن يحترم.
كما أنه لاينبغي أن يصدر من مخرجة كبيرة مثل (أبو ذكري) وصف الأعمال التي تقدم على مسرح موسم الرياض بالتفاهات، وأنها لا تشرف الفن المصري، خاصة أنها مخرجة كبيرة وبالتأكيد نرفض أن يطلق لفظ (التفاهة) على أي من أعمالها.. إنها وجهات نظر لا يصح الإجهار بها كي تستغلها الغوغاء، فقط كان ينبغي وضع (اللياقة) في الاعتبار.
وإذا كان الإحساس والفن نعمة، كما ذكرتي في تهكمك أيتها العزيزة (كاملة أبو ذكري)، فيجب أن تتحلين أنت أيضا بهذا الإحساس الذي تسبب في ضيق (بيومي فؤاد) وزملائه الفنانين المصريين، ولي رجاء: لا تصادري عزيزتي على حق غيرك في الانتماء للفن من عدمه ولا تنصبي نفسك قاضية تملك ميزان العدل، لأن الجمهور في النهاية هو الحكم.
ياسادة: ماحدث من ردود أفعال غاضبة وجارحة سواء من جانب المخرجة (كاملة أبو ذكري) أو غيرها من الجمهور يشكل نوعا من الخطر على الفن المصري في هذه اللحظة الفاصلة من عمر الوطن، ومن ثم لابد أن يكون لنقيب الفنانين المصريين (الدكتور أشرف زكي) موقفا حاسما يضع الأمور في نصابها.
لابد من إجراء تحقيق موسع وتفعيل لوائح النقابة بوضع معايير في حالات الاعتذار التي يتشدق بها البعض، والتعدي على حقوق الغير بسبب أو دون سبب، حتى لاتعج الساحة الفنية بالفوضى والعشوائية التي تنال في النهاية من قيمة الفن المصري العظيم الذي ساند كل قضايا الأمة بوعى كامل ويقظة من ضمير.. انتبهوا يرحمكم الله.