كتب : أحمد السماحي
مازالنا نتابع موضوع (من ليلى مراد إلى محمد سلام) نجوم دفعوا ثمن مواقفهم السياسية) فأحيانا كلمة أو تصرف أو موافقة أورفض فنان على دور أو فيلم تجلب عليه المشاكل، كما حدث مع (سوسن بدر) و(نور الشريف).
ومن ثم فتحت عليهما النار، تحدثنا أمس عن ما سببه حديث (محمد سلام) الذي جعل منصة (شاهد) تطالب بعدم التعاون معه في الجزء الجديد من مسلسل (الكبيرأوي) !.
كما رجعنا بالذاكرة إلى الشائعة الخبيثة التى أطلقها البعض على الفنانة الكبيرة ليلى مراد، والتى كادت أن تجلسها في منزلها بدون عمل!.
واليوم نستكمل مواقف أخرى لبعض النجوم من خلال أعمالهم الفنية التى كادت أن تقضي على مستقبلهم الفني مثلما يحدث مع (محمد سلام) الآن.
حكاية (سوسن بدر)
في عام 1980 كانت الفنانة الشابة (سوزان أبوطالب) تخطو أولى خطواتها الفنية، ولم يخطر في خيالها أن تكون بدايتها من خلال بطولتها لفيلم عالمي.
ولم تكن تعلم أنها مثل الفراشات التى تصرعلى ملامسة النور، تسعى له سعيها للحياة، تمس طرف الضوء الحارق.
وتبتعد للحظات، ترشف حريقها وحيدة كمن يلعق ألمه مستمتعاً منفرداً، لكنها سرعان ما تنسى وتعود إليه، إلى الضوء، مستلبة بلا وعي.
ولا إدراك سعياً للنور وللموت حتى تحترق، هذا ما كاد أن يحدث للفنانة الشابة (سوزان أبوطالب) التى عرفناها بعد ذلك باسم (سوسن بدر)!
إقرأ أيضا : من (سناء يونس) وصولا إلى (سوسن بدر) .. نجمات في قلب الدراما الخليجية
والحكاية ببساطة أن (سوسن بدر) كانت تتلمس خطواتها الفنية الأولى في عالم الفن، وصادف أن جاء الكاتب الصحفي والمخرج البريطاني (أنطوني توماس) إلى مصر لعمل فيلم (موت أميرة).
وأجرى اختبارا لعدد من الممثلات الشابات من بينهن (سوسن بدر) الذي وقع اختياره عليها بسبب ملامحها العربية وبشرتها السمراء، كما أن سنها كانت قريبة للغاية من سن الأميرة الحقيقية عند وفاتها.
أما بالنسبة لـ (سوسن بدر) فقد كان الفيلم بالنسبة إليها فرصة ذهبية في بداية مشوارها الفني، خاصة وأنه فيلم عالمي، وإنتاج بريطاني.
ودورها هو الدور الرئيسي في العمل الذي تدور حوله الأحداث، فلعبته، وهى معتقدة أنه سيفتح لها أبواب النجومية!.
أزمة (سوسن بدر) مع الأميرة
كل هذا جميل، لكن ماهى المشكلة؟!
المشكلة أن الفيلم يحكي قصة حقيقية حدثت لإحدى الأميرات العربيات أرغمت على الزواج في سن مبكرة من أحد أبناء عمومتها، كما جسدتها (سوسن بدر) في الفيلم الذي تسبب لها في أزمة!
لكن سرعان ما تركها وذهب للدراسة في الولايات المتحدة، حيث كان يعيش حياة صاخبة هناك بينما هى حبيسة داخل قصر أسرتها لا متعة لها سوى النميمة والرقص مع قريباتها ومشاهدة أفلام الفيديو.
ومع تطور الأحداث، تتعرف الأميرة على شاب من خارج الأسرة، ونشأت بينهما علاقة حميمة، ولأنه كان من شبه المستحيل طلبها الطلاق من زوجها لتتمكن من الارتباط بالشاب الذي أحبته!.
لذا قررت أن تهرب معه، فقامت بتزييف حادث موتها غرقا في مياه البحر بجدة، وبعدما ظلت العديد من الجهات تبحث عنها وسط المياه، اكتشفوا أنها مازالت على قيد الحياة وأنها تختبئ في مكان قريب، فبدأوا البحث عنها بشكل مختلف.
كانت خطة الفتاة أن تهرب بأوراق مزورة خارج بلدها بصحبة الشاب، ولكنها وبدلا من أن تتنكر في شخصية لا يسهل اكتشافها، خانها تقديرها.
إقرأ أيضا : أحمد فؤاد سليم يعيش قصة حب مع سوسن بدر
وقررت أن تتنكر في زي شاب من أهل بلدها! وفي المطار افتضح أمرها بسهولة، وعندما ألقي القبض عليها اكتشف رجال المطار أنها الأميرة المختفية.
وعندما تم الإمساك بالأميرة في المطار، وافتضح أمرها علنا، شعر أحد الأمراء الذي يشغل موقف حساس في المملكة بإهانة بالغة، وثارغضبه بشكل غير مسبوق!
وقرر الأمير إعدام الأميرة فورا ودون أي محاكمة، فأمر حراسه بالتوجه إليها وقتلها هي والشاب.
وبالرغم من أن ملك البلاد كان يرفض هذا الإجراء الذي يخالف القانون والشرع، إلا أنه لم يتمكن من فعل أي شيء مع شقيقه الأكبر الذي كان أحق بالملك منه، فاستسلم لغضبه ورغبته الجامحة.
وبالفعل وفور وصول حراس الأمير إلى مكان وجود الأميرة والشاب، اقتادوهما إلى ساحة انتظار سيارات، وأطلقوا عدة رصاصات على رأس الفتاة، بينما وجهوا 5 ضربات قاتلة بالسيف على رقبة الشاب.
فيلم بطولة (سوسن بدر)
كانت الشخصيات التي جمع منها الصحفي (أنطوني توماس) هذه المعلومات، ترفض الكشف عن أسمائها لعدة اعتبارات، لذا صعب عليه إجراء فيلم وثائقي تقليدي عن الواقعة.
ما دفعه في النهاية إلى عمل فيلم وثائقي درامي يتضمن مشاهد تمثيلية لرحلة البحث عن قصة الأميرة التي جسدت شخصيتها (سوسن بدر)، وما توصل إليه الصحفي في النهاية، مع استخدام أسماء مستعارة لكل الشخصيات.
ودون قول اسم المملكة التي تقع فيها الأحداث صراحة في الفيلم أو الإشارة إلى الاسم الحقيقي للأميرة.
وبالفعل تم تصوير الفيلم في مصر وشارك فيه عدد من الممثلين المصريين بينهم (سوسن بدر، سمير صبري، نبيل الحفاوي، محمد توفيق، صلاح جاهين، تهاني راشد).
وفور عرض الفيلم في بريطانيا وأمريكا تحت عنوان (موت أميرة) ثار غضب المملكة التى وقعت فيها الأحداث بشكل غير مسبوق!
وقامت بطرد السفير البريطاني من أراضيها واستدعاء سفيرها لدى لندن بشكل فوري، وشنت حملة شديدة ضد الفيلم، وصناعه وعبلى رأسهم (سوسن بدر)، واعتبرته إساءة متعمدة بحق المملكة، خاصة وأنه تناول الحياة الخاصة للنساء داخل الأسرة الحاكمة.
إقرأ أيضا : مشهد رومانسي فارق بين (سوسن بدر وأحمد فؤاد سليم) في حكاية (رق الحبيب)
كما قررت منع جميع الممثلين المصريين المشاركين في الفيلم من دخول أراضيها أو عرض أي أعمال لهم بأي صيغة كانت بسبب تصرف (سوسن بدر).
ونتيجة هذه الضغوط، اعتذر وزير الخارجية البريطاني معبرا عن أسفه الشديد لعرض فيلم يسيء إلى دولة صديقة.
كما نشرت شركة (موبيل) إعلانا على صفحة كاملة في صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، شجبت فيه الفيلم واعتبرت أنه يعرض علاقات أمريكا مع المملكة التى تدور فيها الأحداث للخطر!.
فيما قيل أن المملكة التى تدور فيها الأحداث عرضت 11 مليون دولار مقابل وقف عرضه وسحبه من جميع القنوات.
كان رد فعل المملكة التي تدور فيها أحداث فيلم (موت أميرة) عنيفا، وكاد يدمر مستقبل (سوسن بدر) الفني، حيث رفض المنتجون إشراكها في أي عمل بعد الحظر الذي فرضته المملكة على أعمالها.
وكان وجود اسم (سوسن بدر) كفيلا بمنع أي عمل فني من التوزيع في دول الخليج، فاقترح عليها المخرج الراحل شادي عبدالسلام أن تغير اسمها من (سوزان أبو طالب) إلى (سوسن بدر).
حيث كان من المفترض أن تؤدي دور نفرتيتي في فيلم (إخناتون) الذي كان يستعد شادي عبدالسلام لإخراجه إلا أنه توفي قبل البدء في التصوير.
وبالرغم من ذلك لم تتمكن (سوسن بدر) من المشاركة في أي أعمال فنية طوال السنوات الأربع التالية سوى في الفيلم التلفزيوني (رجل اسمه عباس).
قبل يصفح عنها المنتجون بعدما نسي الجميع قصة فيلم (موت أميرة) وصاحبته، ونسوا أيضا اسم (سوزان أبو طالب) التى أصبحت الآن واحدة من نجومنا الذين نفتخر بهم باسم (سوسن بدر)
نور الشريف وناجي العلي
تعاطفا مع فنان الكاريكاتير الفلسطيني (ناجي العلي) الذي رحل في أغسطس 1987 وتم إهدار دمه وتقييد قتله ضد مجهول بالرغم من إبداعه كفنان إلى جانب وطنيته.
تحمس الفنان (نور الشريف) لقضيته وقرر إنتاج فيلم عن (ناجي العلي) تأليف بشير الديك، إخراج عاطف الطيب، وتم عرضه في إفتتاح مهرجان القاهرة السينمائي عام 1992.
جسد الفيلم قصة مواطن فلسطيني من داخل الأرض المحتلة اعتقل، وسُجن، وأُخرج من وطنه إلا أن فلسطين ظلت في أعماقه.
وعبر عن ذلك في رسوماته بالصحف والمجلات منتقدًا الأنظمة العربية وتفككها إلى أن تم اغتياله في لندن وقصف قلمه وريشته.
وأثار فيلم (ناجي العلي) ردود فعل واسعة للغاية، وظهرت اتهامات لنور الشريف وعاطف الطيب بخيانة الوطن بسبب تجاهل الفيلم لدور مصر في حرب 73 وتوجيه الاتهامات للرئيس السادات بإهمال القضية.
منع عرض (ناجي العلي)
بعد عرض الفيلم في مهرجان القاهرة قام أغلب الدول العربية بمنع عرضه، كما تعرض الفنان نور الشريف لحملات شرسة من الانتقاد في الصحف العربية والمصرية بصفته بطل الفيلم ومشاركًا في إنتاجه، مع مجلة (فن) اللبنانية.
ووصل الحد إلى اتهام (نور الشريف) بالعمالة لأمريكا، وأنه تقاضى مبلغ 3 ملايين دولار مقابل إنتاج الفيلم من أمريكا.
تزعمت جريدة (أخبار اليوم) ورئيس تحريرها الكاتب إبراهيم سعدة الهجوم على نور الشريف ونصب المشانق لمحاكمته.
وفى المقابل أعلن نور الشريف حماسه وتأييده الكامل لكل ما جاء في الفيلم ليدخل فى صراع قوي وشرس مع بعض الكتاب والصحفيين.
وحكى نور الشريف في حديث له مع الكاتب والشاعر (مدحت العدل) في برنامجه (أنت حر): أن ياسر عرفات جاء بنفسه لغرض مقابلة الرئيس مبارك.
وذلك لمنع عرض الفيلم في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى، وقال: علمت أن أسامة الباز أخبر الرئيس وقتها أن الفيلم لا يحمل أى إساءة لمصر، وبالتالى تم عرض الفيلم.