* جائزة المهرجان الكاثوليكي أشعرتني أن ربنا راضي عن تمثيلي
* على استعداد لتقديم أي دور حتى لو شاذ جنسيا شرط ألا يمارس شذوذه على الشاشة.
* قبل تجسيدي لأي شخصية أصنع لها تاريخ درامي بيني وبين نفسي
* الزعيم عادل إمام ورهاني الشخصي سبب عدم تقديمي لشخصيات شبه بعض.
* أنا محظوظ بالعمل مع الشباب الجدد في أفلامهم الروائية القصيرة.
حوار : أحمد السماحي
غيب الموت، قبل 4 ساعات الفنان المبدع والصديق (طارق عبد العزيز)، إثر تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة داخل موقع تصوير فيلم (وبقينا اثنين)، نقل على إثرها إلى مستشفى زايد التخصصي.
وكان (طارق عبد العزيز) قد سقط أثناء تصوير أحد مشاهده في الفيلم، وأصيب ببعض التشنجات، وتوقف نبض قلبه وعاد مرة أخرى، لينتقل للمستشفى رفقة نجله، قبل أن يفارق الحياة هناك.
وكما هو معروف كان (طارق عبد العزيز) قد تعرض لأزمة صحية في يونيو الماضي وخضع لعملية قسطرة في القلب، وكانت آخر أعماله مسلسل (أعمل ايه؟!) الذي عرض قبيل موسم رمضان 2023 حيث جسد دور (شوقي) المحامي صديق بطل المسلسل (عبدالله الفولاني / خالد الصاوي) الذي خاض مع الأسرة العديد من الظروف الصعبة.
وبعد عرض المسلسل كتبنا عنه، ويومها اتصل بي يطمئن على أدائه، وقال لي أيه رأيك؟، فقلت له: (عظمة والله يا طارق، والمسلسل كله ممتع جدا لولا المط والتطويل، لكن لو كان عدد حلقاته أقل كان سيكون أكثر تماسكا).
كانت تربطني بالنجم الراحل صداقة وطيدة وأتذكر أنني أطلقت عليه لقب (صلاح منصور العصر) بعد أدائه الرائع لدور (سيد الوكيل) في مسلسل (رحيم) وكتبت هذا اللقب في جريدتنا (الأهرام) ويومها اتصل بي يشكرني.
الغريب أنني عندما سمعت خبر رحيله لم أصدق، وعندما بحثت عن عمر رحيل نجمنا العبقري (صلاح منصور) وجدته توفى في نفس سن (طارق) بالضبط وكأن بينهما عناصر كثيرة مشتركة حتى في عمر الرحيل .
واليوم ونحن نودع النجم المتميز (طارق عبد العزيز) لانملك له سوى الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وننتهز الفرصة بإعادة نشر حوار له قبل نحو مايزيد على الثلاث سنوات في بداية انطلاق بوابة (شهريار النجوم) وتحديدا في العاشر من مارس 2020، قد جاءت التفاصيل على النحو التالي:
يمتلك الفنان (طارق عبدالعزيز) عينان معبرتان، لا تكذبان دراميا، ففي كل عمل فني يقدمه تجده صادقا جدا، وهذا الصدق يظهر في عينيه المعبرتان عن كل المشاعر، فمرة تجدهما مليئتان بالحب، ومرة بالكره، وثالثة بالغطرسة والغرور، حتى لو كان الدور خفيفا أوبسيطا، تجده منصهر فيه تماما، فهو يضع إحساسه في خدمة موهبته ليقدم فنا مميزا بخصوصيته.
طارق عبد العزيز والتفاصيل الإنسانية
أعماله تجيد العزف على المشاعر، وتتطرق لأدق التفاصيل الإنسانية، ومن خلالها ينسج لنا أعمالا تحولت مع الأيام إلى علامات بارزة فى تاريخ الفن المصري، من منا لا يتذكر “صعيدي في الجامعة الأمريكية، فيلم ثقافي، أصحاب ولا بيزنس، دكان شحاته، فبراير الأسود، ساعة ونص”، وغيرها الكثير وصولا لـ”جريمة الإيموبليا”.
استطاع (طارق عبد العزيز) أن يفرض نفوذ امكاناته كممثل على كل دور قدمه، ونجح فى تجسيد شخصيات مختلفة عبر اعماله الفنية سواء الدرامية أو السينمائية، فهو يراهن طول الوقت على عدم تكرار أدواره، أو تشابهها.
منذ أيام حصل على جائزة خاصة من لجنة التحكيم فى المهرجان الكاثوليكي في دورته الـ68، وبعدها تم تكريمه في (قصر السينما) عن مجمل أعماله، عن هذا كله يتحدث لنا فى حوار سريع الطلقات، مليئ بالحب كله لممثل مثل فأجاد.
فى البداية أعرب (طارق عبدالعزيز) لـ (شهريار النجوم) عن سعادته الغامرة بالجائزة التى حصل عليها مؤخرا من مهرجان المركز الكاثوليكي التى تعني له الكثير، لأنها من جهة محترمة تتميز بالصدق والإلتزام، فالمهرجان الكاثوليكي لا ينافق ولا يكذب، لأنه فى الأساس مهرجان أخلاقي.
ولقد سعدت جدا باختيار المهرجان لفيلمي (جريمة الإيموبليا) للمشاركة فى فعاليات الدورة الـ 68، كما سعدت من قبل عندما وقع اختيارهم على فيلمي (فبراير الأسود، وساعة ونص)، وكان يكفي اختيار هذا المهرجان الراقي لفيلمي، لكن عندما حصل على جائزة (لجنة التحكيم الخاصة).
(طارق عبد العزيز) شعر بالسعادة الغامرة وبالامتنان والشكر لأعضاء لجنة التحكيم الذين قدروا تعبه فى تجسيد دور (حبيب) فى (جريمة الإيموبليا)، وسعادته كانت طاغية بهذه الجائزة.
لهذا قال أثناء استلامه الجائزة: (في الرحلة اليومية، وانشغال الواحد منا بالعمل، دائما ماكنت أتساءل بيني وبين نفسي: يا ترى أنا باتجاوز ولا أنا ماشي صح؟، حتى جاءت جائزة هذا المهرجان فشعرت إن ربنا بيقولي إنت ماشي صح).
(طارق عبد العزيز) و(صورة سيلفي)
وأعتبر (طارق عبد العزيز) تكريمه منذ وقتها من قبل (قصر السينما) فى جارن سيتي، عن مجمل أعماله، خاصة فيلمه القصير (صورة سيلفي) بمثابة وردة حلوة يشكر القائمين على (القصر)عليها، خاصة الفنان (تامر عبدالمنعم)رئيس القصر على هذه اللفتة الحلوة منهم، خاصة إنهم أرتأوا أنه قدم أعمال جميلة وراقية ومختلفة، لهذا قاموا بتكريمه.
وعن مسلسله الجديد (ما لا يعرفه الرجال عن النساء) الذي يقوم ببطولته حاليا قال (طارق عبد العزيز) : المسلسل قصة الكاتب الصحفي (يسري الفخراني)، سيناريو وحوار (عبير سليمان) إخراج أحمد شفيق.
وتدور أحداثه في 60 حلقة، وهو عبارة عن مجموعة من القصص المستقلة كل قصة منها تدور فى 10 حلقات، وتسرد تلك القصص وقائع وأحداث حقيقية تتعرض لموضوعات تهم المجتمع بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة.
ورفض (طارق عبد العزيز) الإفصاح عن دوره، لكنه أكد أنه محتلف وجديد تماما عليه، ولم يجسده من قبل، وبسبب سلوكياته الأخلاقية الخاطئة يسبب مشاكل لمن حوله، وهذه “التركيبة الإنسانية” لم يجسدها من قبل، لهذا فهو متحمس جدا لهذا الدور، ويتمنى أن ينال إعجاب المشاهدين.
رهان (طارق عبد العزيز) في الحياة
وأكد (طارق عبد العزيز) أن رهانه في الحياة ألا يقدم دور شبه الثاني، وهذا الرهان الشخصي أخذه منذ بداياته، خاصة عندما قابل الزعيم (عادل إمام) أثناء تمثيله لفيلم مع صديقه المخرج (علي إدريس) وذهب ليبارك لإدريس فيلمه الجديد فنادى عليه وقال له: (مشكلة الجيل الحالي من النجوم إنهم شبه بعض).
وهذه الجملة اعتبرها (طارق عبد العزيز) دستور حياته الفنية، لهذا يعتز بأن كل دور قدمه بعيد تماما عن الآخر، حتى عندما جسد شخصية الصعيدي أكثر من مرة، حيث قدمها في مسلسل (موعد مع الوحوش)، وفيلم (دكان شحاته)، قدم كل شخصية بشكل مختلف تماما عن الأخرى، لأن كل شخصية مختلفة من حيث البيئة واللغة والتركيبة.
طارق عبد العزيز).. خطوط حمراء
وعن كيفية تحويل السيناريو الذي يعرض عليه من مجرد كلمات على الورق لشخصية من دم ولحم تنبض بالحياة قال (طارق عبد العزيز): عندما يعرض على سيناريو وينال إعجابي أبدأ قبل التصوير بعشرة أيام في المذاكرة والتركيز، ووضع تصور من خيالي وبنات أفكاري للشخصية التى أجسدها.
وذلك من حيث النشأة والتربية والبيئة التى تعيش فيها، بمعنى أعمل تاريخ درامي للشخصية في خيالي، كيف ستتكلم؟، كيف ستمشي؟، ما هى الملابس والإكسسوارات الملائمة للشخصية، وأعمل بيني وبين نفسي “خط”، بعد هذا ترسم المشاهد على هذا “الخط” الذي وضعته.
وصرح أنه ليس لديه خطوط حمراء لتجسيد أي شخصية فى الحياة، سواء كانت منحرفة أو حتى شاذة جنسية، بشرط ألا تمارس شذوذها أو فجورها أو انحرافها أمام المشاهد، لأنه لا يستطيع تجاوز الخطوط الحمراء فى الأخلاقيات وفى الآداب العامة.
خاصة إننا نعيش فى مجتمع كبير مختلف الثقافات، فيه المتعلم، وغير المتعلم، الشاب، والطفل، والعجوز، وبعض هؤلاء يتخذه قدوة ومثل أعلى، فلا يصح أن يغوص فى التفاصيل المشينة التى تجعل العين تشمئز مما أقدمه، هنا يضع خط أحمر!.
وعن أصعب شخصية جسدها حتى الآن قال (طارق عبدالعزيز): هتصدق لو قلت لك كل دور أجسده أشعر أنه صعب جدا، لو شعرت أنه سهل لا أعرف تجسيده، (انفصل عنه)!، حتى الدور الذي أجسده حاليا وهو دور (رجل عينيه زايغه) يمكن أن يراه البعض حاجة سهلة.
لكن بالنسبة لي صعب، و(فورم) جديد على لابد أن أقدمه للمشاهد بشكل جيد ولا (أعرج) أو أستسهل أثناء تقديمه، لابد أن يراني المشاهد بكامل لياقتي التمثيلية في تجسيد هذا الدور أو غيره.
(طارق عبد العزي) يشعر بالرعب
وأضاف (طارق عبد العزيز): (أي دور أقدمه أشيل نفس الهم والتعب)، حتى أن أهلي وأصدقائي عندما يقابلونني ويعرفون تفاصيل الدور، خاصة لو دور بسيط، يقولون لي: (ده دور خفيف انت ليه شاغل نفسك وشايل هم كده)، لكن أنا هكذا!، أشعر بالرعب عند تقديم أي دور، يجوز هذا غير جيد على الصحة العامة، لكن أنا هكذا مريض بالتمثيل!.
وصرح أن لديه ثلاثة أفلام روائية قصيرة سعيد بالعمل فيهم جدا ستعرض خلال الفترة القادمة مع مجموعة من الشباب الجدد فى مجال الإخراج والتأليف، أول هذه الأفلام هى (الخد الآخر)، تأليف كوثر يونس وساندرو كنعان، وإخراج ساندور كنعان، هذا الفيلم سيشارك قريبا في مهرجانات هامة؟
والفيلم الثاني بعنوان (ألوان) تأليف جوزيف فوزي، إخراج محب وديع، وتشاركه البطوله منال سلامه، وهو فيلم إجتماعي يتحدث عن البيت المصري والعائلة المصرية والتغييرات التكونولوجية التى حدثت فى المجتمع المصري، وغيرت من شكل وطبيعة العلاقات الأسرية، وهو موضوع هام يعالج ما يحدث حاليا من تشتت في البيوت المصرية بسبب سوء استخدام التكنولوجيا.
الفيلم الثالث لطالب في كلية الإعلام بعنوان (الطريق) تأليف وإخراج أشرف محمود، وهو يعمل مصور إعلانات، وهذا الفيلم مشروع تخرجه وحلم حياته.
وأكد (طارق عبدالعزيز) أنه لا يخاف أو يتردد فى التعاون مع الشباب الجدد فى أفلامهم الروائية القصيرة، طالما أن أفلامهم تحمل أفكار جديدة ومبتكرة، ولديهم حماس ورغبة في تقديم شيئ مختلف، كما أن العمل معهم فيه متعة شديدة ومناقشات جادة على الورق حتى يصلوا لحلول مرضية للطرفين، والنتيجة دائما تكون رائعة.
والدليل حصول فيلم (صورة سيلفي) على العديد من الجوائز الهامة فى كثير من المهرجانات التى شارك فيها، وهو بهذا الدعم يساعد على دفع وتقديم مجموعة من الشباب الموهوبين للساحة الفنية، والحمد الله أنه كان محظوظ بالتعاون مع (محمد أمين، وعلى أدريس، ومحمد جمعه، ومحسن الشوادفي، محب وديع)، وغيرهم من المخرجين الذين كانت أول تجاربهم السينمائية معه.