(عثمان محمد علي).. رحيل رائد المسرح المدرسي، ومؤلف (فن صناعة الكلام)
* عمله مستشارًا فى كلية الإعلام لتصحيح اللغة والنطق أمام الكاميرا، جعله يألف كتابًا بعنوان (فن صناعة الكلام).
* المؤلف قام بإهداء كتابه لأساتذته الذين علموه فنون الإلقاء والتمثيل والإذاعة مثل (زكي طليمات، وجورج أبيض، وأحمد بدوي، وفتوح نشاطي).
* يوضح الكتاب الشروط الواجب توافرها في الخطيب منها أن يكون رابط الجأش.
* يختتم المؤلف كتابه بعدد من الصفحات خصصها للمسرح الشعري في مصر.
كتب : أحمد السماحي
رحل عن عالمنا مساء أمس الأحد الفنان الكبير والقدير (عثمان محمد على) بعد تعرضه لأزمة صحية، عن عمر ناهز الـ 88 عاما، وهو أحد أبناء جيل عمالقة الفن الكبار، وواحد من الذين عشقوا اللغة العربية، وحرص على تعليمها للكبار والصغار طوال رحلته الطويلة في الفن المسرحي بالمدارس على وجه التحديد.
ومن هنا اكتشف الفنان (عثمان محمد على) العديد من كبار النجوم ومنحهم الدفعة الأولى فى طريق الفن والنجومية، ومنهم أميرة السينما مديحة كامل التى شجعها منذ كانت طالبة فى المدرسة الإعدادية، حيث كان ضمن لجنة التحكيم التى منحتها الجائزة الأولى فى التمثيل على مستوى المدارس بالأسكندرية.
(عثمان محمد علي).. عاشق اللغة العربية
تميز (عثمان محمد علي) بصوته المميز وعشقه وإجادته للغة العربية، ووسامته، وطيبة قلبه، ومع ذلك لم يشفعوا له القيام بأدوار البطولة الأولى ولا حتى الثانية، ربما لأنه لم يركز فى فن التمثيل فى شبابه، وربما أيضا لأنه كان يريد تأمين مستقبل أسرته الصغيرة!.
لا نعرف ما الذى حال دون قيام (عثمان محمد علي) بالأدوار المناسبة له ولإمكاناته الفنية؟، واقتصاره على الأدوار البسيطة التى لا تتناسب مع ثقافته وخبرته وحبه لفن التمثيل، لكن ما نعلمه أنه قضى فترة طويلة من حياته وبالتحديد من عام 1959 وحتى عام 1989 مسئولا عن المسارح المدرسية فى محافظة الإسكندرية.
وكان مسئولا عن أعياد الطفولة هناك واكتشاف المواهب، ولم يقتصر نشاطه على المؤسسة التعليمية فقط، ولكنه اكتشف المواهب فى ملجأ الحرية للأيتام، وكون أول فرقة موسيقية نحاسية، واستطاع هؤلاء الأطفال المشاركة عام 1971 فى أعياد الطفولة مع طلاب المدارس فى الإسكندرية.
مسلسلات (عثمان محمد علي)
وبعد أن شعر أنه أدى رسالته التعليمية بشكل يرضيه، بدأ يلتفت إلى موهبته الفنية فشارك نجمنا (عثمان محمد علي)، في العديد من المسلسلات، منها: (محمد رسول الله، لا إله إلا الله، القضاء فى الإسلام، الحب فى عصر الجفاف،، أبنائي الأعزاء شكرًا، الكهف والوهم والحب، رأفت الهجان، حارة المحروسة، لن أعيش فى جلباب أبي، عائلة الحاج متولي).
فضلا عن مسلسلات: (الصقر شاهين، السلطان والشاه، السيدة الأولى، العراف، أخت تريز، بفعل فاعل، رقم مجهول، قضية معالي الوزيرة، قصة حب، الأدهم، ألف سلامه، جبل الحلال، يتربى فى عزو، الإمام الشافعي، أفراح إبليس، هوجان، الدولي) وغيرها وكان آخرها مسلسل (فى يوم وليلة) بطولة (أحمد رزق، وداليا مصطفى).
ولم يقتصر نشاط (عثمان محمد علي) على الدراما فقط فقد قدم العديد من المسلسلات الإذاعية سواء فى إذاعة الإسكندرية أو القاهرة، كما شارك فى بطولة العديد من الأفلام السينمائية نذكر منها (دنيا، رجل وإمرأتان، شجيع السيما، شبكة الموت، ثمن الغربة، أقوى الرجال، أمن دولة، خادمة ولكن، ليه يا دنيا، مهمة فى تل أبيب، أبناء الشيطان) وغيرها.
كما عمل (عثمان محمد علي) مستشارا فى كلية الإعلام لتصحيح اللغة والنطق أمام الكاميرا، وهذا العمل تحديدا جعله يؤلف كتابا بعنوان (فن صناعة الكلام)، وقام بتسجيل كلمات ومرادفات القرآن الكريم كاملًا لغير الناطقين باللغة العربية.
ورفض (عثمان محمد علي) الحصول على أجر مادي مقابل ذلك، وأصر على أن يكون هذا العمل صدقة جارية، رغم أنه ظل ثلاث سنوات يسجل القرآن الكريم، وساعده في ذلك حفظه للقرآن وهو بسن 14 أو أقل.
(عثمان محمد علي) و(فن صناعة الكلام)
وفي مناسبة رحيله، نكشف عن جانب مجهول لكثيرين وهو طرحه لكتاب مهم جدا لكل من يستخدم الكلام فى مهنته، مثل (الفنانيين، والمحاميين، والإذاعيين) وغيرهم من أصحاب المهن التى تحتاج إلى طلاقة فى الكلام وفصاحة فى اللسان، الكتاب بعنوان (فن صناعة الكلام) الذي يشرح فيه أهمية الكلمة، وكيفية صناعتها بشكل سلس لايخلو من مضمون قوي ومعانٍ بلاغية.
الكتاب صدر عن دار (فنون برنت)، عام 2013 وهو من ضمن إصدارات نقابة المهن التمثيلية المصرية، استهله المؤلف بإهدائه لأساتذته الذين علموه فنون الإلقاء والتمثيل والإذاعة مثل (زكي طليمات، وجورج أبيض، وأحمد بدوي، وفتوح نشاطي).
يطرح (عثمان محمد علي) في كتابه تساؤلاً: هل الإلقاء علم أم فن؟ شارحاً الفرق بين الاثنين، فالعلم يندرج تحت مظهر الفكر فهو يتصل بالحقائق واكتساب المعارف وجدولة المعلومات، أما الفن فيدخل تحت مظهر الوجدان حيث إن للشعور الإنساني ثلاثة مظاهر هي الفكر والوجدان والإرادة.
ويؤكد أن الفن أقرب إلى الاتصال بالإحساس الروحي والتعبير عن العواطف والمزاج وهو يهتم بالآثار النفسية والإبداع والخلق، ويرتكز على الإدراك العقلي الذي يصل إلى المتلقي عن طريق إحساس الفنان وأسلوبه في التعبير والإيضاح.
(عثمان محمد علي) والمسرح الشعري
يوضح الكتاب الشروط الواجب توافرها في الخطيب: (أن يكون رابط الجأش، ساكن الجوارج، متميز اللفظ، متقناً لقواعد الإلقاء، ملماً بنفسيات الناس، يحسن استعمال الإشارات في مواضعها التي تساعده على توضيح قوله وترسيخ بيانه، عارفاً بمقتضى الحال، ملماً بأحكام صناعة الكلام وسهولة المخرج وجهارة المنطق.
لا يأخذ منه الغضب ولا يفرغ عنده الصبر، سيداً على أهوائه، مالكاً زمام نفسه فإذا احتاج إلى الغضب فليكن غضبه خطابياً، قادراً على أن يخلع على سحنته ووجهه ما يريد من الملامح من دون أن يخل بموقفه الطبيعي).
ويختتم (عثمان محمد علي) كتابه بعدد من الصفحات خصصها للمسرح الشعري في مصر، مشيراً إلى أن المسرح المصري في العصر الحديث غلب عليه تياران أحدهما تيار الترجمة والتمصير للمسرحيات الكوميدية، خصوصاً كوميديات (موليير) والتيار الآخر يستمد موضوعاته من الحكايات الشعبية.
وأيضا من (ألف ليلة وليلة) ويمتلئ بمقطوعات الشعر التي تؤدي الغناء، موضحاً أنه في أعقاب الحرب العالمية الأولى ظهر تيار ثالث نتيجة لتزايد الاتصال بين مصر والثقافة الغربية بعد عودة بعض المبعوثين الذين درسوا أصول المسرح وفن التمثيل والذين أرادوا أن يطبقوا ما درسوه عن فن المسرح فقدموا المسرحيات الجادة لكبار الكتاب الغربيين أمثال (شكسبير وكورني وراسين).
(عثمان محمد علي) يجيد فن الكلام
رحم الله الفنان القدير والعظيم كثير العطاء في مجال اللغة العربية والأداء التمثيلي الرصين (عثمان محمد علي) الذي له الكثير من الأعمال الفنية المميزة، كما أن له الكثير من المواقف في حياته، لا سيما عن أعماله الخيرية والثقافية التي لا يعلمها الكثير عن حياته.
ومن بين الأنشطة الخيرية التى قام بها الفنان (عثمان محمد على بالاسكندرية) عدد من الأنشطة بدور الأيتام، حيث كان أول من شكل فرقة موسيقى نحاسية من أطفال الملاجئ بالإسكندرية عام 1973، عندما كان يتولى النشاط الثقافى والفنى.
وهذا الصدد يقول (عثمان محمد علي): فى زيارة لأحد دور الأيتام وجدت مدرس يدرب الأطفال على الألات النحاسية ، فذهبت للمحافظ وطلبت منه أن أكون فرقة من هؤلاء الأطفال وبالفعل عملت أول فرقة ، قبل سليم سحاب.
وتابع: (المسرح المدرسى والتربية المسرحية خرجت ناس كتير مش فنانين فقط ولكن متذوقين للفن ودى الرسالة اللى حاولت أن أؤديها فى الاسكندرية).